حين تكون مرادات الرب الجليل واضحة في موقف من المواقف أو معضلة من المعضلات
فإنه لا يسع المسلم سوى العمل عليها ومن أجلها
ولكن الواقع أن الخير المحض نادر والشر المحض نادر
ومعظم اﻷمور إما خير يخالطه بعض الشر وإما شر يخالطه بعض الخير
وهنا يأتي دور الموازنة بين المصالح والمفاسد للصيرورة إلى خير الخيرين ودفع شر الشرين.
أهل الغلو واﻷفق الضيق لا يعرفون هذه الأصول والمعاني الشرعية فيسارعون إلى التكفير والتفسيق.
هدانا الله وإياهم إلى الصواب. ...
مايفت في العضد
أن العوام ، وطائفة عريضة من الإسلاميين ، وطبقات من المثقفين المنصفين , وفئام من المتعلمين المخلصين ....
كلهم يرون أن الإخوان - كجماعة دينية وسياسية - قد أصابها الجمود
حتى يظن الكثيرون - لفرط ما تصلبت عليه - انها باتت تستعصى على النمو النوعي والتطور الطبيعي
وان الكثير من مواقفهم الأخيرة (العملية) المجانبة قد كرست لهذا الفهم ووثقته بأدلة دوامغ لا تعتريها شبهه
..
ورغم هذا ...
ترى الإخواني ( الأصيل ) ينظر إلى استدراكات هؤلاء على جماعته نظرة المسلمين الأولى لتخذيل كفار قريش ومنافقي المدينة
ما يعني = انه يرى أن جماعته لا تمثل الإسلام فقط ..بل هي الإسلام كله !
مايلزم عن ذلك أن أي نقص أو تِدِارُك هو نقض صريح لعرى الإسلام ( الجماعة )
وأن سادتهم وكبراءهم الأفاضل لا يرد في حقهم الخطأ فعليا ، وإن قالوا به نظريا مقالة أقرب للـ (ديكور ) ...
وحتى إن ورد خطأ (مرة ) ، فسوف تغرق امامه في سيل هائج من تبريرات الكثيرين منهم ... تلك التبريرات التي تختلف باختلاف قائلها ومبلغ علمه
مايعني ان التبرير ليس واحدا لخطأ وارد .. بل هو ثقافة الدفع التلقائي لدي أفراد الطبقات الدنيا ، و الذي يلبس دائما ثوب إحسان الظن .. وما أبلاه من ثوب في هذه المواطن ...
جادلت احدهم - وبئس مافعلتُ - وكنت ( احسن به الظن ) فآلمني الحديث معه جدا ...
وختم بخاتمة سوء حين قال ...
(مافعلناه هو عين الصواب وإن عادت الأيام كرة أخرى فسوف نفعل الأفعال نفسها ) (*)
تألمت كثيرا ...
قلت ... صلى الله عليه وسلم ..
فقد قال ذات مرة :
«لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أمْري مَا اسْتَدْبَرتُ مَا سُقْتُ الهَدْيَ» ( * *)
أي لو علمت في مبتدأ امرى ما علمته في خاتمته لما فعلت كذا وكذا ...
اللهم خذ بوناصينا إليك أخذ الكرام عليه وارزقنا الفهم الإصابة والرشاد
وانصر المستضعفين وفك كرب المكروبين وأعد المأسورين إلى ذويهم في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة وفي عفو وعافية ...
----------------
(*) انصافاً .. هناك قلة ذات وعي باتت تدرك هذه الأخطاء جيدا ، قال لي احدهم ذات حديث
( مشكلة كثير من الإخوان .. مازالت هي [التنظيم أولا])
(**) حديث: "لَوِ اسْتَقْبَلْتَ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدبَرْتَ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَلَجعَلْتهَا عُمْرةً".
متّفق عليه من حديث جابر بلفظ: "مَا أَهْدَيْتُ، وَلَولا أَنّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْت". لفظ البخاري
..
تشنج ..
-------------
ومن أمارات التطرف المقيت والتشدد البغيض = ان يلتقف الدّعيّ العبارة
ثم ياخذ منها ما يناسب سواده .. فيتجلبب بها
ثم يزفر سما ( معدا سلفا ) على الغافلين الطيبين بزعم سوء العبارة التي تهوي بهم سبعين خريفا في جهنم = ليذهل العالم (بسنيته المتفردة ) البيضاء ،
وليروي ظمأ قلبه بوصم المخالفين بالمروق عن سدة الدين والولوغ في حمأة الهوى ...
كم أجرم (المصلحون ) حين تخاذلوا عن الأخذ بنواصي الشباب الفائر المائر لئلا يتهافتوا في نار التعصب فيَحرقون ويُحرقون
مع القريض .. من بعيد ..
-----------------------
.
..
ربما كنت مولعا بشعر المعلقات حين لامست أسماعَنا في وقت مبكر من صبانا
وحين دار فينا االزمان دورته ،خلصنا إلى معانيها نحفظها ونحرزها ونستظهرها
وحقا ... أدهشتني العقلية الشعرية القديمة في تراكيبها النافذة وامتزاجها بما حولها في غير تكلف او اسراف
وجاءت صورهم البسيطة لتعبر عن العفوية الرائعة الموشاة بالحرف الوثير
كما أن بساطة الحياة وندرة مقتنياتها في ذلك العصر قد جعلت الشعر وقتئذ ينطلق متخففا غير عابئ في الشعاب والوديان وبين الصخور والجنادل وأفواه السكك وعند الطلول الدوارس وفوق الكثيب ونحو بطن خِبت ذي حقاف عقنقل ووسط الخيام وحولها النؤي بالمظلومة الجلد
كما حلق بالأرواح إلى سامق .. وعالج الجوارح ورصدحركاتها ونوازعها في بطشها وصلادتها وليونتها وداعب الأحاسيس والمشاعر برقة طاغية في غير غفلة من حياء... فكانت له نكهته الطازجة
ومازال الأوائل يسقون بمعينهم من تابع الخطو على دربهم ممن اتوا على إثرهم وتوافروا على طريقتهم ..حتى كان عصر بني العباس ، حيث رياض الشعر قد استوت نبتتها على سوق الجمال وعبقت بالأزاهير من كل لون
ثم خلفت من بعد ذلك خلوف ركبت شططا وحادت ومادت ولم تزل .. حتى هوى الشعر في قرارات الحداثة السحيقة
فمُسِخ وأصبح مخلوقا شائها لا ينتمي إلى ذوق ولا ينتسب إلى عرق
....
لا أدعي الشعر رغم انني قد درسته طويلا .. وأكتفي بحجز مقعدي بين المتذوقين ..
وحين يستفزني معنى جميل ؛ قد ألهث في مسارب القريض لأصنع منه البيت والبيتين والثلاثة
فإن زاد عن ذلك فنادر ..
وقد قطعت طمعي منذ زمن طويل عن غشيانه .. ذلك لأنني متذوق شره أعرف قدر شعري ولا أرضى أن ينزل في أعين الناس غير منزلته في عيني ... كما تأبى عليّ امانة التذوق أن أكون مكثرا هزرا انظم الدر والبعر في سلك واحد ..
قلت :
الأمنية هي حلم يناوش الواقع ..
وفكرة تستعلى على الجواذب
ونور يتمدد في أفق الطموح
وحتى نتحيز هذه المساحات البكر غير المأهولة لا بد أن نطغى في المسير ..
ونجاوز الرؤى في العبور .
. ولا يكون ذلك إلا بوأد المسافات التي تحُول ..
وقطع المفاوز التي ترعب القدم ..
ويحدث ألا تلتقي الأرواح إلا حين تفترق
وألا تقترب أكثر إلا حين تنأى وتبعد
وألا تنصهر - حبا وشغفا - إلا في بوتقة الحنين
حين يطرحها الشوق .. ويضنيها البين .. ويمضّها الأسى
فتحترق على رمضاء النوى
وتنضج على لهب الشوق المستعر ... فـ تمتزج أكثر فأكثر
وربما صحت الأجساد بالعلل
ولولا الحرمان ما ادركت الروح نعمة الوجدان
وعند العطش تصبح القطرات سقفا ممردا من خيال