يا عاشقاً ما رسا في سطرهِ كلمُ
إلا ومن شجوهِ في نفسهِ ألمُ
.
ليس الهيامُ الذي إن مسَّ طارفةً
سحَّ الدموعَ التي ما فضّها سقمُ
.
يا سادةَ الوجدِ غورُ الوجدِ مَحرقةٌ
تُصْلي الفؤادَ دواعيها فيحتدمُ
.
فيها من السهدِ حتى الفجرِ ملحمةٌ
لا تستطابُ لمن بالودِّ يتّسمُ
.
الوجدُ ذا موجةٌ في رحمِ زرقتها
تخـتالُ.. من ناهليها ينزفُ الندمُ
.
ليسَ الهوى رغبةً يلهو بها ملِقٌ
في وجههِ ضحكةُ الشيطانِ ترتسمُ
.
ما قيمةُ العشقِ إن بادت مبادئهُ
لا النبضُ يبقى ولا الإحساسُ والقلمُ
.
إنَّ الغرامَ شعورٌ لا يجودُ بهِ
إلاّ الذي فاحَ من إيمانهِ الكرمُ
.
قد ينبذُ القلبُ مَن باجت وسامتهُ
أو تعشقُ الروحُ كهلاً مسّهُ الهرمُ
.
الحبُّ لا ترتدي الديجورَ نشأتُهُ
كالفجرِ من قبضةِ الإعتامِ ينهزمُ
.
الحبُّ كالنجمِ يزهو في مجرّتهِ
ما طالهُ من نهالِ الوهجِ منفطمُ
.
يبقى مدى العمرِ يكسو الروحَ سندسُهُ
ويعبرُ العمرَ لو بالموتِ ينصرمُ
.
حسبي من الحبِّ طهرٌ أستجيرُ بهِ
من وطأةِ الذنبِ بالإعفافِ أعتصمُ
.
غادرتَ يا بدرُ والأوجاعُ أطنانُ
تستهلكُ العمرَ والأيامُ أعوانُ
.
غادرتَ يا بدرُ والظلماءُ فاغرةٌ
فاها، وفي مقلتي ينهارُ بركانُ
.
أضرمتَ في نشوةِ الأيامِ فاجعةً
والذكرياتُ بها الآهاتُ تزدانُ
.
يا هامةَ الحُسنِ يا روحَ الشبابِ ويا
نهجَ الوفاءِ لمن ناموسَهم خانوا
.
يا منْ معانيكَ للإنسانِ مدرسةٌ
فيها من الدرِّ ياقوتٌ ومرجانُ
.
يا من تسرّبَ في الشريانِ نبعَ هوى
حتى ارتقى في بَوارِ الروحِ ريحانُ
.
يا من بهِ فازَ دهري واحتفى أملي
وغرّدَ السعدُ والحسّادُ خِلاّنُ
.
من لي إذا ما تمادى الشوقُ في ألمي
إني بلا أنتَ أعلالٌ وأحزانُ
.
من لي إذا نادتِ الأطيافُ أَخْيِلَتي
أنسيتَ أنَّ حسامَ الجرحِ هجرانُ؟
.
قدْ قيلَ أنَّ لكسرِ العظمِ جابرهُ
فهلْ لكسرِ زجاجِ القلبِ جبرانُ؟
.
يا موتُ كم فيكَ من درٍ قد ائتلقتْ
منه القبورُ وحضنُ اللحدِ نشوانُ
.
يا موتُ كم فيكَ من قلبٍ بهِ علِقتْ
أحلامهُ، ولسانُ الصبرِ ظمآنُ
.
يا موتُ خذني فأجفاني تـؤرّقني
كمْ أشتهي الطيبَ في أعناقِ مَنْ كانوا
.
وكنْ على الوصل معواناً لذي شغفٍ
هلْ يهتدي لسبيلِ الوصلِ إخوانُ؟
غِب إنّ غيابكَ يُغريني
ما عادَ حضوركَ يَرويني
.
ما أقسى وصلَكَ يا رجلاً
ما خُطّ على لوحِ جبيني
.
غِب إنّ غيابكَ يُهرقني
نهراً في باحةِ تدوينِ
.
يتناحرُ، والخصمُ فتورٌ
يَحرسُ أحباري يحميني
.
غِب إذ لا أعذبُ من فقدٍ
يُلهِبُ أمواجَ شراييني
.
يَسلُبُني من نومٍ عاتٍ
يستهلِكُ كلَّ فناجيني
.
واللهفةُ تختالُ بغنجٍ
وذنوبُ هواكَ تسلّيني
.
أن ترحلَ، أو تبقى قربي
هذا أمرٌ لا يَعنيني
.
ما أحلى الليلَ وأشواقي
تَنبُشُ في أرضِ تلاحيني
.
تقطِفُ رمّاناً غجريّاً
أو عِنباً، من نسلِ التينِ
.
تُصغي للّثمِ رياحينٌ
لاحتْ في حزنِ بساتيني
.
تتسلّلُ أمطارٌ أفَلَتْ
من ألفِ خصامٍ وحنينِ
.
تُغرقني جداً في غَدَقٍ
عذبٍ بملامحِ تشرينِ
.
يُشعلني في البعدِ أنينٌ
يُحرقني ثمّ يداويني
.
أن أُحرَقَ، هذا لا يُشجي
أو أُنحَرَ تحتَ السكينِ
.
فأنا عاشقةٌ لا أخشى
نحراً أو موتاً في الحينِ
.
وأنا عاشقةٌ لا أنسى
أنّ المعشوقَ سيُفنيني
.
لأكونَ بلا شكٍ يوماً
سيّدةً، من حورٍ عينِ
.
.