تتأسى الحروف عبدَ الرسول
وتبكي لحاقاً بها الكلمات
تجأر لله أنفاسنا ،وتصّاعد الدعوات
مكلوم هذا المساء ،والنبأ تجره الأنباء
يعشى بين فمٍ ومسمع
وبين إيهٍ وآه
إيه معلمي!
إيه، علب الوقت تجري لامستقر لها
وطريقنا إلى الرمس الأخير آخر الخطوات
آخر الفيء حيث الهجيع الأبدي
حيث الرحلة التي لاعودة منها
حيث الفراق الغافي
وآخر الصفحات
رحلت
أحقا رحلت؟
تبكيك اللغة، أنت سيدها، يا شوقها الكلمات
يبكيك الشعر يا هامة الشعر وصناجة الأبيات
ياحسرةً على الزمن الجميل يبث لواعجه
ياحسرتاه ،سفرنا قليل الزاد
وراحلتنا سدرة اللحظات
ماهت وتاهت ثم لاهت عواتي الزمن
وهي ذي تكرّ خيلها، تنكز أنفاسها لرحلتها الفاغرة
تجر بلا أرصان، حوافرها والكدمات
صديقي الحبيب
تتوجنا الكلمات وإن أبت
رسل محبة وأنسام سلام
ذرفت الدموع وقلتها "حبيبتي......أنا في انتظاركِ"
أنا المعنّى بوجدك المنتشي ،وكان "رحيل العاشق الأخير"
كحافلةٍ تقفل عائدةً حيث مواعيد الرحلة
وأغبطك سدر الحب، فعامت أراجيح الوتر في "عاصفة قمرية"
ليلها التنائي، وأوقاتها من زجل العمر تبوح البهاء
" مازلت أحبك" كنت أنبأتها، وأن المكان الذي
فتشت فيه عنك "هل تذكرين"
يطلّ الزمان، يهرب المكان، وتضحى خبايا الكلمات
"قلوباً معروضةً للبيع"
لقد أسمعتهم ،وناديت فيهم
وكنت الذي
يشتد عضد النحو به
ويسعى إليك الإعراب، يجلّ المقام، ويستمي من وجارة الكلم
نواصي البهاء
وداعاً أيها المحب ومابك داء
وداعاً
فكل الصحب ينعى
وكل الصحب رثته الدموع، ونعاه وجيب الكلمات
صباحي كله ألمٌ
فكيف اليومَ أرتاحُ
وقلبي قد غدا
يبكي على أوراق
من راحوا
سألتُ النخل عن
رجلٍ تبسَّم عند
أوراقي ...
و أرسل مع خدود
الفجر تاريخي وأشواقي
و قال: اليوم يا ولدي
سأمكثُ عند ريحاني
سأغزلُ من دموع الورد
ضحكتنا.. سأزرع قصفة
الزيتون في أرض الحوارات
سأوقدُ شمعةً أخرى.. لكي
تبقى بأنفاسي..
وأكتبُ عند توقيعي
بصدر النبع.. إن النبع
أشجاني..
بطاقاتٌ سأرسلها لأرض
الشعر يا ولدي
فلا تيأس.. و خذ قلمي
وداعبْه.. و عامله كما أهوى
فإن الحب يحييه ..
وحاذر أن يمرَّ عليك يومٌ
لا تناغيه..
فصوتُ صريرِ ضحكته
أيا ولدي.. يحييني
و لا تَدمعْ عليَّ الآن
إن الدمعَ يُبكيني ...
حبيبي.. يا رسول القلب
قد ماتت شراييني
و جرحي غار في لغتي
و دمعي هزَّ تكويني
أنا طفلٌ أداري دمعتي
خجلاً فكيف اليوم
يا أبتي ستقرأ قصتي
البلهاء ..
عن وطن يواريني
و كيف أصوغ قافيتي
بلا رُبٌان..
فإن البحر يجذبني لناصيةٍ
و يرميني
العين: عشنا في الحياة أحبة
الباء : بانت في الفراق شجوني
الدال : دمعي لا يغادر وجنتي
ألفٌ : تناشدك البقاء
لامٌ : لنا قلبٌ تفطّرَ واحترق
راء : رحل المعلم فجأة
سينٌ : سيظلُ ذكرك خالدا
واوٌ : وجعٌ يسافر في الحروف
لامٌ : ليست حروفي إنما
هيَ بعضُ نبضي والحنين
في كلّ شيءٍ قد أراك
بين الزهور ...
بين الملامح والوجوه
في كلّ حرفٍ أو كلامْ
أو حينَ يُدركنا الظلامْ
أو في الرسائل حينَ يحملها الحَمامْ
أو حينَ أخطئُ في اللغة
لُغتي الجريحة مَنْ يُضَمّدَ جرحها
وطبيبُ هذي الأبجديةِ قد رحلْ
والنجمُ عنّا قد أفَلْ
قد أخطأتني فرحتي
ونسيتُ ما شكل الفرحْ
ما لونه ..
من أين يأتي أو يغادرُ في المساء وفي الصباح
لمّا ترجّلَ فارسُ النجفِ الأخير
ويقول للولد الصغير
شيءٌ هنالك يعتريني يا بُني
ويسيلُ دمعْ
ويفيضُ حُزنْ
في القدس في عمّان في أرض العراق
في الشام في لبنانَ في أرض الحجاز
في كل ركن في العواصم والمدائن والقرى
في كلّ قلب ...
ولُفافة التبغِ الأخيرة
نائمة ...
والطاولة ...
والمقعدُ الليليِ يسألُ في ذهول
أينَ المعلمُ لم يعد هذا المساء
وهُناكَ آلافُ الرسائل في البريد
وغداً سيتبعها المزيد