ثنائية (أحبك في كل خريفٍ مرتين ) دوريس سمعان & شاكر السلمان

.




على وقعِ أمطارِ حروفِك غفوْتُ
والطهرُ يشاطِرُني انكساراتي
كيف أتنفّسُك ورياحُ البعدِ تزغردُ بالأفقِ ؟
كيف أتباهى باحتضانِك وامتدادُ المسافاتِ يشعلُ
حرباً ضروس بأعماقِ الروحْ

ما همني بوحُ الوليدِ والحداد
ولا هرطقاتُ سمير وليلاه الحبلى بالوجدِ
ولا حروفٌ رسمتْها لك الحسانُ الفاتناتُ بليالٍ مقمرةْ
فقد انشطرَتْ مراياهُنّ وتبعثرتِ الشظايا
بدهاليزِ الزمنِ وموانئِ النسيانْ
وما تبقى سوى .... نظراتٍ ترتشفُ عبيرَ همسِنا
وتعزفُ بالخبايا ألحاناً جنـائزيةً
فوق وسائدَ بالدمعِ تبللتْ

قلْ لهم أني أنثاك منذ دهورٍ ..
أخبرهم أن إنائيَ المملوءَ حبا وفرحا
وحده يروي ظمأَ سطورِك
فأنت العمر كلّه .. ما مضى وما سيأتي
وبين تفاصيلِ الكلامِ حروفٌ سقطت سهوا بدروبٍ قاحلة

أنت كلُّ حرفٍ صاغتْه أقلامي
أنت .. قيثارةٌ تلونتْ أوتارُها بلون عينيكَ
أنت لوحةٌ بهيّةٌ .. لا تبصِرها سوى سطوري
ولا تتفنّنُ برسمِها إلا ريشتي أنا ..
أنا ..
أناااااااا

سأرسمُ من ملامحِك شمسا وضّاءة
تشعلُ بلهيبها جنونَ صمتيَ الغارق بالذهول
كلّي أنتظرُك .. تحت جنحِ الصّقيعِ
لتزُجّني بسجنِ هطولكَ
حتى ترتعشَ أركاني
وتزلزلَ الأشواقُ فرحا
حين يضمُّنا الليلُ الساكنُ
تحت أشجارِ الجوزِ العتيقةْ
لنثبتَ للكونِ أن القلوبَ النقية
تُعشَقُ في كلِّ خريفٍ مرتينْ



دوريس (1 نوفمبر 2018 )

يا عندليب وجعي ولغتي

موبوءةٌ بك رئتاي

مسيّجٌ عشقي بشذاكِ ومقيّدٌ بعطركِ الشجون..

يسألني عنك جلاّسي......
يسألوني.... ويرَوْكِ دمعاً في العيون

يا رئة الحب

لهزّة لقاءك ارتدادات

تتوالى بشهقات يتلعثم بها ضادي

تُحْدِثُ تياراً من موجات لايتوقف مدُّها

تأتي محملةً بصدى وشْوَشاتك التي تتسرب في أعماق الروح

تنبش رماد هيامها بك

ويسألوني إنْ كنت أحبك

وهم يرَوْكِ في حرفي وبين سطوري وفي بؤبؤ الأحداق

ويسمعوا التلميح في أغنيتي

(شقراء مِنْ قوم عيسى مَنْ أباح لها

قَتْلَ امْرِءٍ مسلمٍ قاسى بها ولها)

يا درة حرفي الناعسة

أين أنتِ مني الآن؟

أوَ لستِ من عمّدَ أناملي حين امتدّت بشغفٍ

تمشِّط شعركِ على نغم أغنيةٍ تتسلل من شرفاتك

تتمادى في مجونها

فتلاعب شحمة أذنك الطرية بالعطر

وهسهسة قرطها يتناغم مع نبضي

الذي تدغدغه يسراكِ

وهي تداعب عشب مرفأك باشتياق

تُمَوْسِقُ دندنةَ الآه ولواعجَ صدرِيَ الحَرّى

أوَ لستِ من حطّ برحالهِ وما حوى على خافقي

تتحَسّسي نبضاته

شاخصة بعينيك الجميلتين

الى تجاعيدٍ تزدان بعناوين شغفٍ وعشقٍ لوجهك القمري

أيتها المعطرّة بالنقاء

والموشومةُ بطهرِ قُبْلَةٍ حانيةٍ

حطّها على خدكِ رساّمٌ أدمن لون الدمعةِ

وفِعْلَ الريشة

فما الحيلة؟

ونزق الشباب في دمي يغويني

أوَ لستِ من نقش على مرآتي دمعة وعْدٍ

ورسمتُ على مرآتك عناقيدَ وفاءْ

فهل تسأليني يا أنثى دواويني

كم مرة أقرأ همسك بحرفٍ يستهويني؟

وهل تعلمين يا أنثى زهراتي

كيف أذوي حنيناً وشوقاً لشمِّك؟

وهل تدرين يا أنثى اشتهائي

كم أحبك؟

/
/
/

قبل اليوم في كل خريفٍ مرتين

/

/

واليوم أحبك الفاً

ومرتين

بعيونٍ ذابلةٍ .. أرنو صوبَ السماءْ
أتحسّسُ أبعادَ وجهكَ الوضّاء
وقد تناثرتْ فوق تضاريسِه خطوطَ الزمنِ العابرِ
كلُّ خطٍّ حمل حكـايةَ اختزلت تجربة عمرٍ
ينسابُ تحت أناملي كـ خيوطِ الحريرِ
فتعودُ بيَ الذكرى موغلةً بأيامٍ
غرقتْ فيها الشفاهُ بماءٍ مالحٍ
وأمنياتٍ وأدعيةٍ رتلها قلبٌ ما برِحَ يلهجُ باسمكَ مع كلِّ فجرٍ

أستحلفُكَ بحقِّ الدمعِ المنثالِ
بحقِّ الصباحاتِ التي لم تكتملْ إلا بشدوِكَ
بحقِّ كلِّ المشاعرِ المخبأةِ بين الضلوعِ
لا تدعْني أقترفُ جريمةَ الرحيلِ إلا والعيونُ غافيةٌ فوق صدركْ
لا تتركْني أقرعُ ابوابَ السماواتِ قبل أن أودِعَ بين راحتيكَ مفاتيحَ الروحْ
فما قادني لدروبك سوى فوضى مشاعرٍ سجينةٍ
هبّتْ من غفوتِها فجأةً
ولصباحاتِ الهوى فتحتْ ذراعيْها
تداعبُ بـ غنجٍ سطورَ البوح

أهي ثورةُ سهامٍ اخترقتِ القلبَ ذاتَ حلمٍ ؟
أم أهازيجُ هوى عصفتْ بالخافقِ
فمزّقتْ أشرعتي وزلزلتْ حصوني المنيعة ؟

أخبرني يا مهجةَ الروحْ .. لمَ يتراقصُ النبضُ طرباً على ألحانِ قدومِك ؟
لمَ تتطايرُ خصلاتُ شَعري حين تهبُّ رياحُ البوحِ من صوبِك ؟
يا من بهِ أتفرّدُ ... وبـ حبِّهِ أتنعّمُ
ناشدْتُـكَ أن تشعلَ بدمي جذوةَ الفرح
لأقيمنَّ على مداخلِ الوريدِ
مآدبَ بوحٍ عامرةٍ بأبجدياتِ الربيعِ
أشعِلْ فتيـلَ اشتياقي
وأذِبْ ثلوجَ العروقِ
لأحبك كلّ يومٍ وكلّ وقتٍ
وكلّ فصلٍ من فصولِ الحبِّ الأربع


دوريس ... 5 نوفمبر 2018

لي بين الهمس ودندنتي
قيثارةُ حبٍ

يتواترُ لحنها على سلّمٍ موسيقيٍّ

يُصابُ بالتأتأةِ
كلما داهمني نسيمُك المشتهى

اليوم

ومنذ وجهك الباكر وحتى الساعة العاشقة

مرهونٌ

بقراءة الشجن في حبيبَتَيَّ الذابلتين

حتى أشْعَلَ الشوقُ بأحداقي شموعاً

تلقفْتُ من شدْوِهِما بسبابة روحي
بعضَ مِداد

جُبْتُ خطوطَ يديكِ
بحثاً عن مرفأٍ لقصيدة عشقٍ مجنونة

أعتقها وروحي هناك

فلم أهتدِ
إلاّ اِلى مساحةِ ضوءٍ مياسة
ببطن كفّيْنِ

طالما احتضَنا شفاه مجوني

في خريف ماضٍ
سألتيني (ما منزلتي عندك)
فنقشتُ فيه
أحبك وبيتاً من مهجتي

وما أنتِ مني منزلاً الا كما

حاذى لسانكِ يا حبيبة فاكِ

ملأتِ كفيكِ ماءَ عشقٍ

من صنبورٍ عتيق

فأشرتُ اليكِ أن لاتشربيه

دعيه في فمكِ لأتَذَوَقُه ..

حجةُ عاشقٍ لعوب!!!...

فشرِبْتَهُ منكِ مَمْزوجاً بشهدِ ثغركِ

عطِشٌ أنا

ومارُوِيت

أسكرني .. ثملت

قلتِ يامجرم..
وشوشتيها بهدوووووء

وجلستِ

على حافة ساقيةٍ تشهدُ لقيانا

وراحتَيْكِ تحتضنُ وجْهَكِ المُحْمَرّ حياءً

ومُذّْاك المزيج

ثغرك يغريني والرضاب

فهل نعيدُ الكرّةَ عند الساقية تلك

وخريفنا مبتهجٌ بزقزقة البوح

لتبتسم روابيك

ويشتعل فتيل الروح

فتقيمي
على مداخل الوريد مراسيم فرح

تهيم بها جوارحي

وفي كل خريفٍ
احبك

مرتين

.





ما بين قصيدةٍ جُنّتْ فوق سطورِها الحروفُ
ومناهل عشقٍ لم تعدْ دفقاتُها تروي
رعشاتِ الشوقِ المتراقصة على أعتاب العمرِ .. أكتبُ إليك
ومدادُ الوَلَهِ يرسِمُ فوق صدرِك دوائرَ بلونِ السماءْ
تدغدغُ أطرافَ البوحْ
مرسلةً نغماتٍ لذيذة تشبعُ نهمَ الروح

وهناك على ضفةٍ ملأى بالحنينِ تنتظرُ الشفاهُ
وصولَ توأمِها
لتختمَ بدفئها جوازَ العبورِ إلى أعماقِ الروح
وتبني مدنَ عشقٍ لا تغيبُ عن سمائِها شموسُ الحبْ

مقيّدةٌ بك أنا يا سيدي .. أتساءلُ
أما زال الخريفُ يرمقُنا بنظراتٍ ملؤها الغيرة ؟
هل تراجعتْ جحافلُ أوراقِه الصفراءَ أمام زحفِ جيوشِنا ؟
هل دُكَّـتْ قلاعُ العمرِ حين غمرتْها حممُ بوحِنا ؟
فزلزلتِ الأرضُ وانكفأتْ رماحُ الحسانِ تنعي خيبتها

أفلا يدركون ؟؟؟ .. !!!!!
قد هزّني إعصارُ حُبك قبل بزوغِ الدهرِ
وأشعلتْ نيرانُ همسِك شراييني الخامدة
فأتيتكُ بكلِّ جوارحي أزهو كـ نجمةٍ
بخافقِها المشتعلِ شوقا تستفزُّ مَلاكَها الجميل

أخبرهم ...
كيف صرختْ خلايايَ وجْداً حين احتضنتَ وجهي براحتيْكَ
وكيف انصهرتِ الأنفاسُ حين تغلغلتْ بثنايا جِيدِكَ
فخريفُنا تعمّدَ بماءِ بوحٍ مقدسٍ
تنحني له الحروفُ خاشعةً وتبقى تحبكَ
في كلِّ خريفٍ مرّتين





دوريس ( 8 نوفمبر 2018 )

موجوعٌ بحرفك سيدتي وليس لهذا الجمال من رد الا أن أعود من سفري
محبتي

ترجع لأهلك وأحبائك بالسلامة

فبأيِّ معجزةٍ تهيم جوارحي ** وبأي أوراقٍ أخطُّ صداكِ

هكذا وبهذه التنهدات

صرخت الحروف فوق آهات أشواقي

وتسطّرت بأشجانها الحرّى

ومازال بين صبابتي وصداك حيّزٌ من الوجع

يتسامى عند هَوَس اللقاء

متوضئاً من جبين الحياء

بَرَداً

ومن غِبطَةِ الحِداق ولمعانها

مداداً

ألوِّن بعضاً من حكايانا المترفة بالآهـ

وأزيّنها بضوء الشموع

وحسراتٍ دغدغتها الدموع

يا سيدة وجعي

من وهج الروح أهديك لحناً صِيغَ بعطر المحبة

يلملم بقايانا ويسكت صافرة الخريف

يليق بدميعات مقلتينا اذا اختلطت فوق الخدود

قبل أن أخطف قبلةً من ثغر الزيتون في عينيك

بصمة وفاء

كم أشتاقك وأنت بداخلي تمرحين

وكم مرة يستدرجني الحلم

وعلى شاطئك تغفو الذكريات

فتتزيّن روحي وتتبرج للقاءك

وأنا الزاخر بالشوق

فالقلب منقوشٌ بعشقين

أحدهما

لعينيك الناعستين

والآخر

لخريفٍ أحبك فيه مرتين

.




كيف لعاشقةٍ مثلي أن تخمدَ نيرانَ الغياب وقد زادَتْها المسافاتُ جنونا ؟
كيف لها أن تحيا بعيدةً عن نسائمِ بوحِك وقد زرعتَ بأعماقِها
بذرةَ نبضٍ ضمّها رحمُ الشوقِ بحناياه ؟

فما برحَ القلمُ ينزفُ .. وما استكانَ القلبُ هنيهاتْ
إلا حين بدّدَ حضورُك حلكةَ لياليها
فهي وجنونُ الشوقِ مرادفانِ لا يفترقان
تشتاقُ للحنك الجميلِ
تتمايلُ أسطرُها على إيقاعِ عزفك حتى تفوحُ الأرضُ عطرا
وتنحني ورودُ الربيعِ خاشعةً لشذا البوح

هيا تعال ... وارسمني بحرا
على شواطئِه تتمدّدُ أبجدياتُك
ارسمني يا فنان معزوفةً ..
ضاعتْ نوتاتُـها على مدخل شريانِك
قصيدةً .. تُقرَأُ بالأديرةِ والمعابد
فأنا يا سيدي أنثى شيّدتْ لك بـ دمِها حصوناً من أبجديات
أنثى على أبوابِ بوحِك تسكّعتْ ليالٍ وليالْ..
تلتقطُ أنفاسَها من نسيمِ ثغرِك المقدّسِ
وتزينُ لك بقلبها صورةً حفرتْـها مخالبُ الحنينِ
تفوحُ منها رائحةُ الياسمين
وعلى ضفافِها زرعتْ لك أسرابا من قُـبَلٍ
تكادُ لا تكفي
حتى تحبكَ في كل الفصول مرتين



دوريس ( 14 نوفمبر 2018)

ها أنذا المفعمُ بك

أتصفح السطور وما بها من رذاذٍ مُمَوْسق

يهطل برقصاتِ دلالْ

ها أنذا المسكون بك

أتيه بين رحيق البوح وحنين الضلوع

أرسم هذياني بباكورة التمني

عطراً على سرير الوصالْ

ها أنذا الموسوم بك

المذاب بتفاصيل مجونك

الممسوس بصوتك الندي وهمسك الساحر

أتلاشى بطيفِكِ

اذا ما الطيفُ جالْ

ها أنذا المتوحد فيك

مشلول الحرف إلا بمداد طرفك

تعالي فقد هيأت لك شواطي المقل

لتروي سطورك

وتغني مشوايري وشجوني واشتياقي

بمقالْ

يا سيدة اللون

رسمك الآن عصيٌّ على ريشتي

فتشت على شواطيء حرفك عن قشة تُنْجِدُ تلعثمي

فغرقت قبل أن أبحر فيه

أبحث عن لونٍ لم يأتِ بعد

لعلي أجده في خريفٍ قادم

فأحبك فيه مرات

وليس مرتين