1ـ نايات:
نسق يتحلق في شفتيك
أراجيحٌ تتهادى
شجر في وسن الرحلة لاح
تجدد في بهو يديك
أقاليمَ رواء
و أغانيَ
و قميصَ مياهٍ،
مطرٌ يحضن شفق الخزف المنداح
شموسا خضراء
و ياقاتٍ تبرق
و كياناتٍ شهدت سمرة آخر عِذْق،
و أراك كأنك تأتين
أساطيرَ
منائرَ حلْمٍ
تأتين كما هي نايات الأشياء.
2ـ نجم:
أهازيج المدى كفاك
عيناك الأضابير
تجيئين النهارَ
فتدخلين رواق تجربة
و منها تخرجين
و كنت فاتحة البهاء
يصول في هدبيك ومض
للأهازيج الجميلة
سوف أدعوك الوضاءة
بل سأدعوك الحقيقة
فوق ثغرك أينع الموج المتيّم
تحت قلبك عربدتْ نُدَفُ الهوى
آهٍ أيا نجم الصبابة
يا مناط الشوق
هل صارت عيون النخل
تنسج للصباح عباءة العمر الجميل؟
وامتطينا الشوق حيناً
تمازجْنا
تركْنا للأهازيج
فصول الشوق
لم نفتأ
نحبُّ القبرات
ثم نغضي
إن رأينا للأساطير جناحا
خفية يمقت سهو الياسمين.
لم أزل أعلن
أن الخندق الثالث
لا ثأر لديه
وكأني لم أضع قفلا
على ما فاض عن أجزائنا ،
كان جدي
يرتدي عالم الحكمة
مما قاله لي :
"إنما الشوق غدير
تعتريه رعشة الأشياء
و الباقي
ْرماد الأمكنةْ "
و أنا سقف
من الماء
ْأقاصيه رخامٌ يستعير الأزمنة.
عجبا
كيف تحمَّلَ قلبك
أن يصمد فيك إلى هذا العمْر
و أنت مصاب بهموم العالم،
لا شيء يواسيك
سوى سنبلة تطلع من كفك
تنشر في واقعنا أملا
راسمة في الأفْق
مواعد أحلام ما زالت تتأجل.
ــــ
لما تمت عولمة الحلم
رأى الأشباح نهارا
تتسكع في الطرقات
لقد كان يراها ليلا
و هي الآن نهارا
تمشي معه و تحادثه.
ــــ
لي صديق
ليس من طينتنا
إذ أنه يفتل حبل الافتراء
و يرائي
يحتسي الخمر
لديه شهوة نحو النساء
و يرى في نفسه شخصَ ملاك
زرعتْه بيننا كف السماء.
المسرحية لم تقل كل الحقيقة
فالرقابة كبلت قلم المؤلف
و انثنت تغري الذباب به على اليوتْيوبِ يقصفه
و تغري المخبرين...
و مزمني العاهات
حتى صار ينهش صدره التضييق
لم يفهم الجمهور ما يجري
لذلك في يديه تجمد التصفيق.
ــــــ
مدينتي التي تيَّمها
ساحلها القرنفليُّ المحيّا
لم تعدْ مدينة النوارس
و ميناء البواخر المطرّزة
بالحلم الجميلِ
بعد أن صارت عيونها الكحيلة
محطة فيها يرابط الأسى
كما في طرقاتها
ترابط المناظر العليلةْ
/
لي حربان
أخوض الأولى ضد القبح
لكيلا يكتسح العالمَ
و أخوض الأخرى داخل أعماقي
كيلا يغتالوا فيها الإنسان.
ـــ
لا حظّ لك اليوم
فقف خلف الصف
و لا تنزع قفازات الشعر
إذا صرتَ ترى النثر يسمى شعرا
و النثريون يصولون...يجولون
و حولهم الشعراء
غدوا لا حول لهم...لا قوةْ.
لا تنزع قفازات الشعر
فإن الزمن الأحدب يرحل
و القبح برفقته يحذو حذوهْ.
ـــ
أنحت شعري
من صخر الواقع
و لذا لا يقع الحافر فيه
على الحافرِ.
ـــ
السيارة تلك المارة
في الشارع
تخشى شيئين:
مطبّا يعشق أكل العجلات
و نزوة بعض إشارات مرور.
ويح الأزد
أتطرد من خيمتها شاعرها الفذَّ
و لا تطرد غاصبها؟
قال العارف:
الأزد قبيلة عري
لم تشهر سيفا في وجه مغير
لم تركب خيلا
تحسو الضيم طوال اليوم
و في الليل
تحب معاقرة الخمر
ولا ترغب في من يفضح مغتصبيها.
ـــــــــــــــــــ
*الأزد:قبيلة عربية مشهورة
غسّان زقطان
شعر: مصطفى معروفي
ـــ
حين سألت الشعرَ:
من الشاعر فينا؟
رد بزهوٍ:
غسّانُ.
فقلت:
هناك غساسنةٌ كثْرٌ،
أيُّهمو؟
فأجابَ:
هو الفذُّ الماجدُ زقطان.
مسك الختام:
للشعر باب فدقَّ البــــــاب ثم ادخلْ
أو دعه عنك إذا لم تستطعْ و ارحلْ
فمن يلجْهُ بلـــيلٍ من نـــــــــوافذه
فذاك من لا يعي ما قـــــاله جرولْ*
ـــــــــ
*جرول:هو الشاعر الكبير الحطيئة القائل:
الشعر صعـبٌ و طويلٌ سُلَّمهْ
متى ارتقى فيه الذي لا يعلمهْ
زلَّت به نحو الحضيض قدمهْ
نالتْ من الحـسـن النصيبَ الأوفرا
لـــو نــاظِــــرٌ مـــرَّتْ عـليه كـبَّـرا
لا عـيـبَ فـيـها غـيـرَ أنَّ لِحاظها
في قلب من قصدته تعملُ خِنجرا
ـــ
أبــدا لــن يـجرَّني حـب نـفـــسي
لــلــجـاجٍ يـصـيـبـني بــالـصـداعِ
أنـــا لا أقـــرب الـلـجاجَ لـِعـلْـمي
ســلـفـــــاً أنـــه ســلاح الرعـاعِ
ـــ
طـوبــى لـه مـــن فتىً يبقى لمبــدئه
عـلـى الـوفـاء و لا يـسـعى كـحرباءِ
إن الـذميمَ الـذميمَ الـمــــدَّعي شرفاً
وهْوَ الذي عن معاني ما ادّعى ناءِ
ـــ
صفوة القول:
في باحة شعري
تهطل أسراب معان شتى
لكني منها لا أصطاد سوى
ما يشهد لي الإبداع بعذريته.