ثنائية (أناشيد الجداول الأزلية) د. كوكب البدري& د. أسعد النجار

أنستني دجلة ضفاف الشط

وملاعب صباي وشبابي

واندرست ضحكاتي بين الشجرات

ابتلعتني رمال الظلماء فتكاسلت خطواتي

وضعت بين الموجة والأصداء

وسنين العمر مرتحلة

ونفثات الحسرة تقيد يداي من اليمين الى الشمال

منعوني من البكاء

حرموا علي الضحك

وألمي كالسكين يشق رفيف الروح

تحاصرني ذئاب الحسرة

فلا ليل أرقبه ولاصبح ألقاه

ايه بغداد

أهكذا أضحت أيامك حالكة بعد الابتسامات

جدبة بعد الخصب

ولكني عشقتك في هذا وذاك

ضميني بين ذراعيك

خذيني الى صدرك

فأنت أم رؤوم حنون

حين وجدت أختي الفاضلة كوكب البدري قد تأخرت في الرد وهي معذورة لظرفها الخاص


قمت من جذر ندي

يلفني الى التراب ملحه

وتعلي بي الى عل أثماره

فيبدو على صوتي وجع المدى

وتجتاح قلبي ر عشة

وأنا أرى الجداول قد جف ماؤها

وغادرتها طيور السلام وبلابل الحب

وكأن في جفافها بدء النشور

آه
يابغداد

كنت أراك كاعبا تنظر الي

نظرة يحز في قلبي سحرها

فرسمت على جسدك

همسات الأشواق

وأطلقت ضحكات السخرية من العابثين

لأني على ثقة من عودة البهاء لك

ونحن بانتظار هذا الموعد

وانه آت ولاريب

أيها المنسوج من شِعرٍ وغيم
أيها المسافر والمتطوّف بين أقاصي الحبر والسّطور
وإلغائر في موسم أحزان الرّعد
آن للنّدى أن يغسل وجه الشّمس
ويريح الوردة من عناء الحروب التي تراكمت على قلبي
آن للحب ومواعيده ان يستريح من خوف الغياب والرحيل
لممالك ( ايرشكيگال)
آن للشعر أن يقتفي أناشيد فيروز في عيوني
حين قالت:

عيناك يا بغداد أغنية يغنى الوجود بها ويختصر

أيمكن أن أبكي جناحا كسرته الشياطين

أو يمتار من وجع الليل صباح الساجدين

نعم سأبكي حواري الماء

وصبايا النجم والغيوم الصهباء

نعم سأبكي نوارس دجلة والنخيل على شواطئه

وأحلاما غافية على الجداول

بغداد

أبكيك وأنا أرى الوهج المتلألأ في عينيك

وكف دجلة تناديك

أتخشين يابغداد نعيق الغربان

وأنت من مد للعالم أكف السلام

سيرحل عن معابرك الأغراب ووحوش الغاب

فقد أضحى الخوف فاكهتهم

يقودهم من دهليز الى سرداب

وستعود آلهة الحب تغني في ميادينك

وتتفتح الأوراد

ويندفع الماء مجددا في جداولك

بغداد التي أعرفها ؛ كانت تكتبني قصيدة
بغداد التي أعرفها
وإن سكنت في زمان غير ذي بهجة
لكن
عَنَت لها وجوه الغاصبين والبائعين
والجلادين والطغاة وأولي الوزر والخطايا

فمن تلكم المدينة المتسربلة بعباءة الليل ونقاب الشوك؟
من تلكم المدينة اليشعل السكارى ليلها بعظام أبنائها؟
من تلكم المدينة التي تشبه فاتنة لاتحسن الكلام ؟

من تلكم المدينة التي تشبه جرحا لاينام ؟

بغداد

تعالى اسمك عزة وأشرق في سماء العلياء هلالا

ياألق الليالي نتيه دلالا بزهو روعتك

تيمنا هواك وفي خيالنا تجول رؤاك

نمرح في ضفافك ونرشف ماءك

لانقوى على البعد عنك

تضمك عيوننا وتحتضنك قلوبنا

بغداد

ستبقين طودا منيعا لن تقلقك الخطوب

وجنة غناء تجلي المرارة والحزن

ولن ينالك مخرف وغد عفن

وجداولك ان تعكر ماؤها يوما

ستعود رقراقة صافية

تعوم فيها الطيور وتغني فوقها البلابل

بغداد انت الهنا

بغداد انت المنى

وروضك هاديء
بغداد انت السنا

فتنحني الأشجار

وترقص الأوراق

وتردد السجب الغناء

ويعيش الكل في هناء

بغداد أنا
سأفتّش كل الألواح السّومرية عن بخور يعيد أبنائي
وكل مسلات التّاريخ عن نبوءة لميلادي
واستفتي أوتونبشتم
عن ذا الذي سيقلع السّحر من عين حسّادي
فمالي أردد نحيب عشّاقي :
(بغداد أنت ، ولكن لستِ بغدادي )
ومالي أكتّم بالعذاب خوف جلادي؟
ومن يكون جلادي ؟
جندي المارينز ؟
مسلح مجهول؟
كلاب جنرالات الحروب ؟
حارس زنزانتي
إم ذاك الذي قال :
كوني ثكلى
وفرّق شمل أولادي

دعيني معجبا بأزهار تألقك

وأرقص على موسيقاك

أنت كاللغة جمالا وأصالة

تستوطنين الألفاظ وتهمسين بذهولي

خارج القواميس

تستبدلين الأصوات

تقدمين وتؤخرين

تضحكين وتبكين

تميتين وتحيين

ويبقى حبي لك يابغداد

خالدا خلود اللغة

ومثل الجسد تطعمه الأرض

وتنضجه الشمس

ويذوب في الماء

بغداد لاتلومي شجني

في جوف الظلمة

فان تهاليل ظلال النخيل تتراقص

على ضفة مياه جداولك

كما يتراقص الحب على شقاه العشاق

بغداد

تتراقص رغباتي في قبة روحي

كأحلام باذخة

في رأس عاشق ولهان

من ذا يلوم عاشقا في حب فاتنته

قسما بغداد الجميلة

بدجلة وشواطئها

قسما بضفاف الأعظمية

قسما بأروقة الكاظمية

أحبك

وأحب حادينا العراق

قسما بنخيلك الباسق

قسما ببساتين الكرادة

أحبك

وأحب معطينا العراق

قسما بفجرك الندي

قسما بشذى زهورك

أحبك

وأحب حامينا العراق

قسما بصباحك الجميل

وليلك العاطر

أحبك

وأحب هادينا العراق

من يعذل الرحال في حب حاميه وهاديه ومعطيه

العراق

العراق

العراق

شكرا للأخت كوكب البدري

وأنا أرى حرفها ينفي جرف الموت

عن الشاطيء

وتفيض الموسيقى

ناعمة مبتهجة

كموج الدفء

منبعثا من وجع الأيام

كان حرفا جميلا

جمال دجلة وجداولها الحالمة

شكرا وألف شكر

لسيدة النبع

ولأحبتي في النبع