آخر 10 مشاركات
العلة في العروض(علل الزيادة) (الكاتـب : - )           »          الزحاف الجاري مجرى العلة في القصيدة (الكاتـب : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          دمـوعٌ خـرســــــــــاء .. !!!!! (الكاتـب : - )           »          محبك في ضيق..وعفوك اوسع ... (الكاتـب : - )           »          الزحاف المركب ( المزدوج) في العروض (الكاتـب : - )           »          الزحاف المفرد في العروض (الكاتـب : - )           »          أسماء القافية باعتبار حركات ما بين ساكنيها (الكاتـب : - )           »          في السماء بلا حدود (الكاتـب : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الإيمان > نبع الإيمان

الملاحظات

الإهداءات
عواطف عبداللطيف من أهلا وسهلا : بالشاعر خالد صبر سالم على ضفاف النبع يامرحبا منوبية كامل الغضباني من من عمق القلب : سنسجّل عودة الشاعر الكبير خالد صبر سالم الى منتدانا ************فمرحبا بالغائبين العائدين الذين نفتقدهم هنا في نبع المحبّة والوفاء وتحية لشاعرنا على تلبية الدّعوة

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 06-23-2015, 04:04 AM   رقم المشاركة : 21
عضو هيئة الإشراف





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :بسمة عبدالله غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من عبق الصحابة رضي الله عنهم

سير عطرة لأصحاب أطهار أبرار

كفاهم فخراً أنهم عايشوا سيدنا محمد المصطفى

عليه الصلاة والسلام

جزاك الله خيراً أخي الفاضل رياض ، وأثابك الجنة إن شاءالله

كل عام وأنتم إلى الله أقرب







  رد مع اقتباس
قديم 06-23-2015, 09:56 AM   رقم المشاركة : 22
نبع فضي
 
الصورة الرمزية رياض محمد سليم حلايقه





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :رياض محمد سليم حلايقه غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من عبق الصحابة رضي الله عنهم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منوبية كامل الغضباني نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
   جعل الله لك هذا في ميزان حسناتك .
استفدنا والله من عطر سيرة صحابة رسول الله...

الاخت الراقية منوبية
من دواعي سروري
كل الاحترام
بارك الله فيكم












التوقيع


الجنة تحت أقدام الأمهات

  رد مع اقتباس
قديم 06-23-2015, 09:58 AM   رقم المشاركة : 23
نبع فضي
 
الصورة الرمزية رياض محمد سليم حلايقه





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :رياض محمد سليم حلايقه غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من عبق الصحابة رضي الله عنهم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بسمة عبدالله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
   سير عطرة لأصحاب أطهار أبرار

كفاهم فخراً أنهم عايشوا سيدنا محمد المصطفى

عليه الصلاة والسلام

جزاك الله خيراً أخي الفاضل رياض ، وأثابك الجنة إن شاءالله

كل عام وأنتم إلى الله أقرب

اللهم امين جميعا ومعا وبرفقة الحبيب المصطفى عليه افضل صلاة واتم تسليم
بارك الله فيكم












التوقيع


الجنة تحت أقدام الأمهات

  رد مع اقتباس
قديم 06-23-2015, 10:20 AM   رقم المشاركة : 24
نبع فضي
 
الصورة الرمزية رياض محمد سليم حلايقه





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :رياض محمد سليم حلايقه غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من عبق الصحابة رضي الله عنهم

جعفر بن ابي طالب رضي الله عنه
نسبه
هو «جعفر بن أبي طالب (واسمه عبد مناف) بن عبد المطلب (واسمه شيبة) بن هاشم (واسمه عمرو) بن عبد مناف (واسمه المغيرة) بن قصي (واسمه زيد) بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر (واسمه قيس) وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة (واسمه عامر) بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان». هذا هو المتفق عليه من نسبه، وهو نسب الرسول محمدٍ نفسُه تقريباً، فكلاهما من نسل عبد المطلب بن هاشم. أما ما فوق معد بن عدنان ففيه اختلاف كثير، غير أنه ثبت أن نسب عدنان ينتهي إلى إسماعيل بن إبراهيم.وجعفر ابن عم الرسول محمد، وأخو علي بن أبي طالب لأبويه، وكان أسن من علي بعشر سنين، وأخوه عقيل أسن منه بعشر سنين، وأخوهم طالب أسن من عقيل بعشر سنين.
أمه: «فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية القرشية»، وهي أمه وأم إخوته طالب وعقيل وعلي، وقد أسلمت وهاجرت إلى المدينة، وتوفيت بها، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، وهي أيضاً أول هاشمية ولدت خليفة.
إسلامه
منظر عام لمكة، حيث وُلد جعفر وترعرع
أسلم جعفر بن أبي طالب قبل أن يدخل الرسول محمدٌ دار الأرقم ويدعو فيها، فقد أسلم بعد إسلام أخيه علي بقليل، وهو أحد السّابقين إلى الإسلام، فقد أسلم بعد خمسة وعشرين رجلاً، وقيل أسلم بعد واحد وثلاثين إنساناً، فكان هو الثاني والثلاثين.
وقد رُوي أن أبا طالب رأى النبيَّ محمداً وعليّاً يصليان، وعلي عن يمينه، فقال لجعفر: «صِلْ جناحَ ابن عمك، وصلِّ عن يساره».
هجرته إلى الحبشة
 طالع أيضًا: هجرة الحبشة
عندما رأى النبيُ محمدٌ ما يصيب أصحابَه من البلاء، وأنه لا يقدر على منعهم مما هم فيه من البلاء قال لهم: «لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكاً لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه»، فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب الرسولِ إلى أرض الحبشة، مخافةَ الفتنة وفراراً بدينهم، فكانت أولَ هجرة في الإسلام.
الحبشة أو مملكة أكسوم، حيث كانت أولُ هجرة في الإسلام سنة خمس من النبوةوكان
أول من خرج من المسلمين إلى الحبشة عثمان بن عفان، معه امرأته رقية بنت الرسول محمد، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، معه امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو، والتي ولدت هناك محمد بن أبي حذيفة، وكذلك الزبير بن العوام، ومصعب بن عمير، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سلمة بن عبد الأسد، معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية، وعثمان بن مظعون، وعامر بن ربيعة، معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة، وأبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى، ويقال: بل أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس (ويقال: هو أول من قدمها)، وسهيل بن بيضاء، وهو سهيل بن وهب بن ربيعة. فكان هؤلاء العشرةُ أولَ من خرج من المسلمين إلى أرض الحبشة. قال ابن هشام: «وكان عليهم عثمان بن مظعون، فيما ذكر لي بعض أهل العلم».
ثم خرج جعفر بن أبي طالب، ومعه امرأته أسماء بنت عميس، والتي ولدت له بأرض الحبشة ابنه عبد الله.وتتابع المسلمون حتى اجتمعوا بأرض الحبشة، فكانوا بها، منهم من خرج بأهله معه، ومنهم من خرج بنفسه لا أهل له معه.كان جميع من لحق بأرض الحبشة وهاجر إليها من المسلمين، سوى أبنائهم الذين خرجوا بهم معهم صغاراً وولدوا بها، ثلاثة وثمانين رجلاً، إن كان عمار بن ياسر فيهم، وهو يُشك فيه. أي يُشك فيه أكان خرج إلى الحبشة أم لا
وكان مما قيل من الشعر في الحبشة، أن عبد الله بن الحارث حين أمن المسلمون بأرض الحبشة وحمدوا جوار النجاشي، وعبدوا الله لا يخافون على ذلك أحداً، وقد أحسن النجاشي جوارهم حين نزلوا به،
قصَّت أم سلمة بنت أبي أمية قصة رسولَي قريش إلى أرض الحبشة فقالت: لما نزلنا أرض الحبشة، جاورْنا بها خيرَ جارٍ النجاشيَّ، أمِنَّا على ديننا، وعبدنا الله تعالى لا نؤذى ولا نسمع شيئاً نكرهه، فلما بلغ ذلك قريشاً ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين منهم جلدين، وأن يهدوا للنجاشي هداياً مما يُستطرف من متاع مكة، وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم (أي الجلود)، فجمعوا له أدماً كثيراً، ولم يتركوا من بطارقته بطريقاً إلا أهدوا له هدية، ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة، وعمرو بن العاص، وأمروهما بأمرهم، وقالوا لهما: «ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم، ثم قدِّما إلى النجاشي هداياه، ثم سلاه أن يسلمهم إليكما قبل أن يكلمهم»، فخرجا حتى قدما على النجاشي، ونحن عنده بخير دار، عند خير جار، فلم يبقَ من بطارقته بطريقٌ إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي، وقالا لكل بطريق منهم: «إنه قد ضوى (أي لجأ) إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينكم، وجاءوا بدين مبتدع، لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بَعَثَنَا إلى الملك فيهم أشرافُ قومهم ليردهم إليهم، فإذا كلمنا الملك فيهم، فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم، فإن قومهم أعلى بهم عيناً، وأعلم بما عابوا عليهم»، فقالوا لهما: «نعم».
ثم إنهما قدَّما هداياهما إلى النجاشي فقبلها منهما، ثم كلماه فقالا له: «أيها الملك، إنه قد ضوى إلى بلدك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عيناً، وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه»، ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع كلامَهم النجاشيُّ، فقالت بطارقته حوله: «صدقاً أيها الملك، قومهم أعلى بهم عيناً، وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم»، فغضب النجاشي، ثم قال: «لاها الله، إذن لا أسلمهم إليهما، ولا يكاد قوم جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي، حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم، فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما، ورددتهم إلى قومهم، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما، وأحسنت جوارهم ما جاوروني
قالت: ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فدعاهم، فلما جاءهم رسولُه اجتمعوا، ثم قال بعضهم لبعض: «ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟»، قالوا: «نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا صلَّى الله عليه وسلَّم كائناً في ذلك ما هو كائن»، فلما جاءوا، وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله، سألهم فقال لهم: «ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الملل؟»أو قال: «ما هذا الدين الذي أنتم عليه؟ فارقتم دين قومكم ولم تدخلوا في يهودية ولا نصرانية»، فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب، فقال له:
بسم الله الرحمن الرحيم
جعفر بن أبي طالب أيها الملك، كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، فصدقناه وآمنَّا به، واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده، فلم نشركْ به شيئاً، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك. جعفر بن أبي طالب
فقال له النجاشي: «هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟»، فقال له جعفر بن أبي طالب: «نعم»، فقال له النجاشي: «فاقرأه علي»، فقرأ عليه صدراً من سورة مريم: كهيعص ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا - الايات - وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا - فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا
قالت: فبكى والله النجاشي حتى اخضلت لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال النجاشي: «إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا، فلا والله لا أسلمهم إليكما، ولا يكادون»
فلما خرج رسولا قريش من عنده، قال عمرو بن العاص: «والله لآتينه غداً عنهم بما أستأصل به خضراءهم»، فقال له عبد الله بن أبي ربيعة: «لا نفعل، فإن لهم أرحاماً، وإن كانوا قد خالفونا»، قال: «والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد». ثم غدا عليه من الغد فقال له: «أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولاً عظيماً، فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه»، فأرسل إليهم ليسألهم عنه، فاجتمع القوم، ثم قال بعضهم لبعض: «ماذا تقولون في عيسى بن مريم إذا سألكم عنه؟»، قالوا: «نقول والله ما قال الله، وما جاءنا به نبينا، كائنا في ذلك ما هو كائن»، فلما دخلوا عليه قال لهم: «ماذا تقولون في عيسى ابن مريم؟»، فقال جعفر بن أبي طالب:
جعفر بن أبي طالب نقول فيه الذي جاءنا به نبينا صلَّى الله عليه وسلَّم، هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول. جعفر بن أبي طالب
فضرب النجاشي بيده إلى الأرض، فأخذ منها عوداً، ثم قال: «والله ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود» (أي أن قولك لم يعد عيسى بن مريم بمقدار هذا العود)، فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال، فقال: «وإن نخرتم والله، اذهبوا فأنتم شيوم بأرضي (أي آمنون)، من سبكم غرم»، ثم قال: «من سبكم غرم»، ثم قال: «من سبكم غرم، ما أحب أن لي دبراً (أي جبلاً) من ذهب، وأني آذيت رجلاً منكم، ردوا عليهما هداياهما، فلا حاجة لي بها، فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي، فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه»، قالت: فخرجا من عنده مقبوحين مردوداً عليهما ما جاءا به، وأقمنا عنده بخير دار، مع خير جار
الحبشة (إثيوبيا)، التي هاجر إليها بعض الصحابة قبل الهجرة إلى المدينة المنورة
وفي رواية أخرى أن قريشاً بعثت عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد (وليس عبد الله بن أبي ربيعة كما في الرواية السابقة)، بعثتهما بهدية، فلما دخلا على النجاشي سجدا له ثم ابتدراه عن يمينه وعن شماله ثم قالا له: «إن نفراً من بني عمنا نزلوا أرضك ورغبوا عنا وعن ملتنا»، قال: «فأين هم؟»، قالا: «في أرضك، فابعث إليهم»، فبعث إليهم، فقال جعفر: «أنا خطيبكم اليوم فاتبعوه»، فسلم ولم يسجد، فقالوا له: «مالك لا تسجد للملك؟»، قال: «إنا لا نسجد إلا لله عز وجل»، قال: «وما ذاك؟»، قال: «إن الله بعث إلينا رسولاً ثم أمرنا أن لا نسجد لأحد إلا لله عز وجل، وأمرنا بالصلاة والزكاة»، قال عمرو: «فإنهم يخالفونك في عيسى بن مريم»، قال: «فما تقولون في عيسى بن مريم وأمه؟»، قال: «نقول كما قال الله: هو كلمته وروحه ألقاها إلى العذراء البتول، التي لم يمسها بشر، ولم يفرضها ولد»، فرفع عوداً من الأرض ثم قال: «يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان، والله ما يزيدون على الذي نقول فيه ما سوى هذا، مرحباً بكم وبمن جئتم من عنده، أشهد أنه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنه الذي نجد في الإنجيل، وأنه الرسول الذي بشر به عيسى بن مريم، انزلوا حيث شئتم، والله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أكون أنا الذي أحمل نعليه»، وأمر بهدية الآخرين فردت إليهما.
واجتمع أهل الحبشة يوماً فقالوا للنجاشي: «إنك قد فارقت ديننا»، وخرجوا عليه، فأرسل إلى جعفر وأصحابه، فهيأ لهم سفناً، وقال: «اركبوا فيها وكونوا كما أنتم، فإن هُزمت فامضوا حتى تلحقوا بحيث شئتم، وإن ظفرت فاثبتوا»، ثم عمد إلى كتاب فكتب فيه: «هو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، ويشهد أن عيسى بن مريم عبده ورسوله وروحه، وكلمته ألقاها إلى مريم»، ثم جعله في قبائه عند المنكب الأيمن، وخرج إلى الحبشة، وصفوا له، فقال: «يا معشر الحبشة، ألست أحق الناس بكم؟»، قالوا: «بلى»، قال: «فكيف رأيتم سيرتي فيكم؟»، قالوا: «خير سيرة»، قال: «فما بالكم؟»، قالوا: «فارقت ديننا، وزعمت أن عيسى عبد»، قال: «فما تقولون أنتم في عيسى؟»، قالوا: «نقول هو ابن الله»، فقال النجاشي، ووضع يده على صدره على قبائه: «هو يشهد أن عيسى بن مريم»، لم يزد على هذا شيئاً، وإنما يعني ما كتب، فرضوا وانصرفوا عنه. فبلغ ذلك النبيَ محمداً، فلما مات النجاشي صلى عليه، واستغفر له
هجرته إلى المدينة
لما هاجر الرسولُ محمدٌ إلى المدينة المنورة، وآخى بين المهاجرين والأنصار، آخى بين جعفر بن أبي طالب ومعاذ بن جبل، وكان جعفر بن أبي طالب يومئذ غائباً بأرض الحبشة.
قدِم جعفر بن أبي طالب على الرسولِ محمدٍ يوم فتح خيبر، فقبَّل الرسولُ بين عينيه، والتزمه وقال: «ما أدري بأيهما أنا أسر: بفتح خيبر، أم بقدوم جعفر؟» أو قال: «ما أدري بأيهما أنا أشد فرحاً: بقدوم جعفر أم بفتح خيبر؟»، وأنزله الرسولُ إلى جنب المسجد.
وقد روي عن أبي موسى أنه قال: بلغنا مخرج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه أنا وأخوان لي أنا أصغرهم، في بضع وخمسين رجلاً من قومي، فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب فأقمنا معه حتى قدمنا جميعاً، فوافقْنا النبي صلَّى الله عليه وسلَّم حين افتتح خيبر، فكان أناس من الناس يقولون لنا -يعني لأهل السفينة- سبقناكم بالهجرة، ودخلت أسماء بنت عميس وهي ممن قدم معنا على حفصة زوج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم زائرة، وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر، فدخل عمر على حفصة وأسماء عندها، فقال حين رأى أسماء: «من هذه؟»، قالت: «أسماء ابنة عميس»، قال عمر: «الحبشية هذه؟ البحرية هذه؟»، قالت أسماء: «نعم»، قال: «سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم منكم»، فغضبت وقالت: «كلا والله كنتم مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنا في دار -أو في أرض- البعداء والبغضاء بالحبشة، وذلك في الله وفي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأيم الله لا أطعم طعاماً ولا أشرب شراباً حتى أذكر ما قلت للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأسأله، ووالله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه»، فلما جاء النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قالت: «يا نبي الله إن عمر قال كذا وكذا»، قال: «فما قلت له؟»، قالت: «قلت كذا وكذا»، قال: «ليس بأحق بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان»، قالت: «فلقد رأيت أبا موسى وأهل السفينة يأتوني أرسالاً يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شئ هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم».
إمارته في غزوة مؤتة ومقتله
شهد جعفر بن أبي طالب غزوة مؤتة التي دارت رحاها في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة بين المسلمين والروم، وقد أمَّره الرسولُ محمدٌ على جيش المسلمين في حال أصيب قائدهم الأول زيد بن حارثة، إذ قال: «إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس». فتجهز الناس ثم تهيئوا للخروج، وهم ثلاثة آلاف، فلما حضر خروجهم ودَّع الناسُ أمراءَ الرسول وسلموا عليهم.
بقايا لآثار بُنيت على الأرض التي حدثت عليها غزوة مؤتة
ثم مضوا حتى نزلوا معان من أرض الشام، فبلغ الناسَ أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء، في مائة ألف من الروم، وانضم إليهم من لخم وجذام والقين وبهراء وبلي، مائة ألف منهم. فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا على معان ليلتين يفكرون في أمرهم وقالوا: «نكتب إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فنخبره بعدد عدونا، فإما أن يمدنا بالرجال، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له». فشجع عبدُ الله بن رواحة الناس وقال: «يا قوم، والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون: الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين: إما ظهور وإما شهادة»، فقال الناس: «قد والله صدق ابن رواحة»، فمضى الناس.
مضى المسلمون، حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب، بقرية من قرى البلقاء يقال لها "مشارف"، ثم دنا العدو، وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة، فالتقى الناس عندها، فتعبأ لهم المسلمون، فجعلوا على ميمنتهم رجلاً من بني عذرة يقال له قطبة بن قتادة، وعلى ميسرتهم رجلاً من الأنصار يقال له عباية بن مالك (ويقال عبادة بن مالك). ثم التقى الناس واقتتلوا، فقاتل زيد بن حارثة براية الرسولِ حتى شاط في رماح القوم، أي سال دمه فمات.
«رأيت جعفراً يطير في الجنة مع الملائكة»
—النبي محمد
ثم أخذ جعفر الراية فقاتل بها، حتى إذا ألحمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء (أي رمى بنفسه عنها)، فعقرها، ثم قاتل القوم حتى قُتل، فكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر في الإسلام ومعنى عقرها: أي ضرب قوائمها وهي قائمة بالسيف، وذلك مخافة أن يأخذها العدوُّ فيقاتلَ عليها المسلمين، قال السهيلي: «لم يعب ذلك عليه أحد، فدل على جوازه إذا خيف أن يأخذها العدو فيقاتل عليها المسلمين، فلم يدخل هذا في باب النهي عن تعذيب البهائم وقتلها عبثاً، غير أن أبا داود قال: ليس هذا الحديث بالقوي. وقد جاء فيه نهيٌ كثيرٌ عن الصحابة...».
وقد رُوي عن عبد الله بن الزبير، وكان في غزوة مؤتة أنه قال: والله لكأني أَنظر إلى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء، ثم عقرها ثم قاتل حتى قُتل وهو يقي
ورُوي أن جعفر بن أبي طالب قد أخذ اللواء بيمينه فقطعت، فأخذه بشماله فقطعت، فاحتضنه بعضديه حتى قُتل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة،وقيل كان عمره إحدى وأربعين سنة، وقيل غير ذلك. ويؤمن المسلمون أن الله تعالى قد أثابه بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء، فقد قال الرسولُ محمدٌ: «أبدله الله جناحين يطير بهما في الجنة». ويُقال إن رجلاً من الروم ضربه يومئذ ضربة فقطعه بنصفين.ولما قُتل جعفر وُجد به بضع وسبعون جراحة ما بين ضربة بسيف، وطعنة برمح، كلها فيما أقبل من بدنه، وقيل: بضع وخمسون، والأول أصح.وقال عبد الله بن رواحة: «كنت فيهم في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى ووجدنا في جسده بضعاً وتسعين من ضربة ورمية» ورُوي عن ابن عمر أنه وقف على جعفر بن أبي طالب يومئذ وهو قتيل فعد به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها شيء في دبره.
وقال ابن إسحاق: «فلما أصيب القومُ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيما بلغني: «أخذ الراية زيد بن حارثة، فقاتل بها حتى قتل شهيداً، ثم أخذها جعفر، فقاتل بها حتى قتل شهيداً»، ثم صمت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتى تغيرت وجوه الأنصار، وظنوا أنه قد كان في عبد الله بن رواحة ما يكرهون، ثم قال: «أخذها عبد الله بن رواحة، فقاتل بها حتى قتل شهيداً»، ثم قال: «لقد رفعوا في الجنة على سرر من ذهب، فرأيت في سرير عبد الله ازوراراً عن سريري صاحبيه، فقلت: عم هذا؟ فقيل لي: مضيا وتردد عبد الله بعض التردد، ثم مضى»».
ورُوي أنه لما التقى الناس بمؤتة جلس الرسول محمد على المنبر «وكُشف له ما بينه وبين الشام، وهو ينظر إلى معتركهم»، فقال: «أخذ الراية زيد بن حارثة، فجاءه الشيطَان فحبّب إليه الحياة وكرّه إليه الموت وحبّب إليه الدّنيا، فقال: «الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين يُحَبّب إليّ الدّنيا»، فمضى قُدُمًا حتى استشهد»، فصلى عليه النبي محمد وقال: «استغفروا له، وقد دخل الجنة وهو يسعى»، ثم أخذ الراية جعفر بن أبي طالب، فجاءه الشيطان فمنّاه الحياة وكرّه إليه الموت ومنّاه الدّنيا، فقال: «الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين تمنّيني الدّنيا»، ثم مضى قُدُمًا حتى استشهد، فصلى عليه الرسول محمد ودعا له، ثم قال الرسول محمد: «استغفروا لأخيكم فإنه شهيد، دخل الجنة فهو يطير في الجنة بجناحين من ياقوت حيث يشاء من الجنة»، ثم أخذ الراية بعده عبد الله بن رواحة، فاستشهد، ثم دخل الجنة معترضًا، فشق ذلك على الأنصار، فقيل: «يا رسول الله ما اعتراضه؟»، قال: «لما أصابته الجراحُ نَكَلَ فعاتب نفسَه فشَجُعَ، فاستشهد فدخل الجنة»، فَسُرِّيَ عن قومه.
حزن المسلمين على مقتل جعفر
أسماء بنت عميس
أسماء بنت عميس بن معد بن الحارث بن تيم بن كعب بن مالك بن قحافة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن معاوية بن زيد بن مالك بن بشر بن وهب الله بن شهران بن عفرس بن خلف بن أفتل وهو خثعم بن أنمار، وأمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث الكنانية. أسلمت قديماً، وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب، فولدت له بالحبشة عبد الله، وعوناً، ومحمداً، ثم هاجرت إلى المدينة، فلما قُتل عنها جعفر بن أبي طالب تزوجها أبو بكر الصديق، فولدت له محمد بن أبي بكر، ثم مات عنها فتزوجها علي بن أبي طالب، فولدت له يحيى، لا خلاف في ذلك. وأسماء أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي محمد، وأخت أم الفضل امرأة العباس، وهي أخت سلمى بنت عميس زوجة حمزة بن عبد المطلب، وكانت أسماء بنت عميس أكرم الناس أصهاراً، فمن أصهارها النبيُّ محمدٌ وحمزة والعباس وغيرهم. وقال لها عمر بن الخطاب: «نِعم القوم لولا أنا سبقناكم إلى الهجرة»، فذكرت ذلك للنبي فقال: «بل لكم هجرتان إلى أرض الحبشة وإلى المدينة».













التوقيع


الجنة تحت أقدام الأمهات

آخر تعديل رياض محمد سليم حلايقه يوم 06-23-2015 في 10:34 AM.
  رد مع اقتباس
قديم 06-23-2015, 03:01 PM   رقم المشاركة : 25
كاتب
 
الصورة الرمزية قيس النزال





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :قيس النزال غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: من عبق الصحابة رضي الله عنهم

أتحفتنا أخي رياض بنفائس الكلام فجزيت عنا خيرا وبوركت...







  رد مع اقتباس
قديم 06-24-2015, 11:32 AM   رقم المشاركة : 26
نبع فضي
 
الصورة الرمزية رياض محمد سليم حلايقه





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :رياض محمد سليم حلايقه غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من عبق الصحابة رضي الله عنهم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قيس النزال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
   أتحفتنا أخي رياض بنفائس الكلام فجزيت عنا خيرا وبوركت...

الاخ قيس
سرني متابعتكم بارك الله فيكم












التوقيع


الجنة تحت أقدام الأمهات

  رد مع اقتباس
قديم 06-24-2015, 11:35 AM   رقم المشاركة : 27
نبع فضي
 
الصورة الرمزية رياض محمد سليم حلايقه





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :رياض محمد سليم حلايقه غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من عبق الصحابة رضي الله عنهم

خالد بن الوليد رضي الله عنه

(1) ميلاد خالد
ولد خالد بن على أصح الأقوال في سنة ستة وثمانون وخمسمائة من الميلاد أي بعد ميلاد النبي ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم بما يقرب من ستة عشر عاما ، وكعادة العرب في قريش أرسل إلي إحدى القبائل في الصحراء ، وذلك لتقوم أحد المرضعات على تربيته والاعتناء به ، ويستنشق هواء الصحراء النقي والذي أدي إلي تمتع خالد بصحة جيدة طوال حياته ، وكذلك ليتعود على حياة الخشونة في البادية ويتقن اللغة العربية ، وبذلك عاش طفولته بين عرب الصحراء ، ولقد أصيب خالد في طفولته بمرض الجري الذي أدى إلى ظهور بعض البثور في وجهه طوال حياته ، وعندما بلغ سن الخامسة عاد إلى منزله أبويه في مكة .
(2) عائلة خالد
كان والد خالد هو الوليد بن المغيرة أحد سادات قريش وزعيم بني مخزوم إحدى أشرف بطون قريش ، وكان والده يلقب بالعدل أو الوحيد لأنه كان يكسو الكعبة وحده سنة وتكسوها قريش سنة ، وكان عمه هشام قائد بني مخزوم في حرب الفجار ، و بوفاته أرخت قريش كما ت}رخ بالأحداث العظام ، وكان عمه الفاكه بن المغيرة من أكرم العرب في زمانه ، وكان عمه أبو حنيفة أحد الأربعة الذين أخذوا بأطراف الرداء وحملوا فيه الحجر الأسود إلي موضعه من الكعبة كما أشار النبي صلي الله عليه و سلم قبل الإسلام ، وكان الذي فض هذا النزاع هو عم أخر من أعمام خالد هو أبو أميه بن المغيرة الملقب ب " زاد الراكب " أما أمه فهي لبابه بنت الحارث الهلالية وهي أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين زوج النبي صلي الله عليه و سلم .
(3) بني مخزوم وقريش
كانت قريش من بين عرب الجزيرة لها امتيازات ومسئوليات خاصة وشريفة إذ أنها تحيا في عاصمة الجزيرة بجوار البيت العتيق ، وكان لبني مخزوم مسئولية هامة حيث كانوا أحد أشرف بيوت قريش ، وكان بني مخزوم مسئولين عن تشئون الحرب والقتال ، وكانوا مسئولين عن تربية الخيل التي تمتطيها قريش للقتال ، كما كانوا يتخذون الترتيبات والتجهيزات اللازمة للحملات ، وكانوا يقدمون الضباط لقيادة جماعات الفرسان القرشية في المعركة مما هيأ الجو الذي ترعرع فيه خالد .
يتضح أن بني مخزوم كانوا في ثروتهم وعدتهم و بأساهم أقوى البطون القرشية حيث ينفرد كل بطن عن سائر بطونها ، ولكنهم لم يستأثروا بالزعامة القرشية لأنهم كانوا ينافسون بني هاشم وبني أمية وبني عبد الدار الذين كانوا يلتقون في جد واحد أقرب من الجد الذي يجمعهم ببني مخزوم ، وقد تبين ذلك في مواقف كثيرة قبل الإسلام حيث قاموا وحدهم ببناء ربع الكعبة بين الركنين الأسود و اليماني و اشتركت قريش كلها في بناء بقية الأركان وكان لهم في وقعة بدر ثلاثون فرسا من مائه فرس لقريش .
(4) تعلم خالد مهارات القتال وفنونه
مما سبق يتضح أنه كان علي خالد وهو مخزومي أن يصبح فارسا ماهرا ، وقد بدأ خالد يتعلم ركوب الخيل وهو طفل وسرعان ما أتقن أعمال الفروسية ، ولم يكن كافيا أن يركب الخيل المدربة فقط ولكن كان عليه أن يركب أي حصان ، ولذلك كان يعطي خيلا صغيرة السن غير مروضة و يروضها ويجعلها رهن إشارته ، وكان فرسان بني مخزوم أفضل فرسان العرب وأصبح خالد من أفضل فرسان بني مخزوم ، وقد ساعد على ذلك غنى وأبيه الوليد الذي جعله ليس في حاجة إلي كسب رزقه فانصرف إلي تعلم ركوب الخيل و المبارزة ، وكما كان عليه أن يحسن ركوب الحصان فكان عليه أن يكون ماهرا في ركوب الجمال أيضا ، وذلك لأن الحصان كان يستخدم في القتال ، والجمل يستخدم في المسيرات الطويلة وذلك عند العرب .
تعلم خالد مهارات القتال جنبا إلي جنب مع ركوب الخيل ، وقد تعلم استخدام جميع الأسلحة والمزراق و الرمح و الرمح و القوس والنشاب والسيف ، كما تعلم القتال علي ظهر الحصان ، ومترجلا ، وكان يتفوق في استخدام الرمح وهو علي صهوة جواده واستخدام السيف راكبا أو مترجلا ، وهو كمصارع ارتقى سلم المجد عاليا حيث جمع بين المهارة والقوة .
(5) دور أبيه في تدريبه
كان الوليد أبو خالد مدرب خالد العسكري الأول وقد تعلم منه خالد أول دروسه في فنون الحرب ، لقد تعلم كيف يتحرك بسرعة في قلب الصحراء وكيف يقترب من قرية معاديه وكيف يهاجمها ، وتعلم منه أهميه أخذ العدو على حين غرة ، ومهاجمته في وقت غير متوقع ، ومطاردته عندما يلوذ بالفرار .
إن العرب عرفوا جيدا قيمة السرعة , وخفة الحركة ، كما أن الحروب القبلية كانت تعتمد بشكل رئيسي على تكتيكات القتال ، وعندما وصل خالد إلي النضج أصبح اهتمامه الرئيسي هو الحرب وأصبح هذا الاهتمام مسيطرا عليه بدرجة كبيرة ، وكانت أفكاره أفكار قتال ، وكان طموحه طموح النصر ، وكانت دوافعه عنيفة وكان تركيبه النفسي عسكريا وكان يصبو إلي خوض معارك كبيرة وإحراز انتصارات عظيمة .
(6) إسلام خالد
( أ ) بني مخزوم والدين الجديد
كان ظهور الدين الجديد يأتي علي مجد مخزوم من القواعد حيث كان لهم السيادة في قريش وهذا الدين انتزع السيادة منهم ، ولذلك كان معسكرهم أولى المسكرات أن يصمد في معاركه مع هذا الدين الجديد لأن بلاءه بإدبار الجاهلية أكبر من كل بلاء وموقفهم أمام الإسلام موقف من ينافح عن عزته وعزه بيته وعزه آبائه وأجداده ، وعزه النظام الاجتماعي كما قررته الجاهلية أحقابا بعد أحقاب .
( ب ) دور أبو خالد في الصراع
لقد بذل أبو خالد في الصراع قصارى ما في وسعه و هو الذي صاح بانفعال عندما جمع النبي صلي الله عليه وسلم قريش لدعوته قائلا " لماذا تنزل النبوة علي محمد ولم تنزل علي وأنا أكبر رجل في قريش منزلة وسنا " وهو الذي بذل ولده عماره بن الوليد ليستبدله بالنبي صلي الله عليه وسلم من أبي طالب حتى يقتلوا النبي ويكون نفسا بنفس ، وكان علي خالد وهو من بني مخزوم أن يعادي الدين الجديد ويقف منه نفس الموقف الذي وقفه أهله وعمومته وهذا ما حدث .
( ج ) تغير تفكير خالد
بعد مضي بعض الوقت حدث تغير في تفكير خالد ففي البدء كان يفكر في الأمور العسكرية والأهداف العسكرية والتي تحطمت علي صخرة الإسلام ، وبدأ الشك يحاصر خالد فيما يتعلق بمعتقداته الدينية ، وهو الذي لم يكن في يوم من الأيام متدنيا وميالا إلى آلهة الكعبة وكان فكره دائما متفتحا ، وها قد بدأ التفكير بإمعان في الأمور الدينية ، ولكنه لم يفصح عن أفكاره لأحد إلى أن شعر أن الإسلام هو الدين الحقيقي ، حدث ذلك بعد عمرة النبي بحوالي شهرين والتي كانت في العام الذي تلا صلح الحديبية .
كان إسلام خالد ضربا من التسليم ، التسليم بمعناه العسكري المصطلح عليه بين القادة ورجال الكفاح ، وذلك لأنه أسلم أو سلم تسليم القائد البصير بحركة القتال بين المد والجزر وبين النصر والهزيمة ، الخبير بموضع الإقدام وموضع الإحجام ، إذ أنه يتساءل من أين لمحمد ذلك النصر المبين بعد النصر المبين ؟ ومن أين له ذلك العون الذي يدركه وقد أحاطت به الهزيمة من كل فج ؟ ومن أين للمسلمين ذلك الأدب وذلك الخشوع ؟ ومن أين للنبي بينهم ذلك السلطان الصادع والصوت المسموع ؟
( د ) رسالة أخيه الوليد
في تلك الفترة التي بدأ يتغير فكر خالد جاءت إليه رسالة من أخيه الوليد يقول فيها " أما بعد :- فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام ، وعقلك عقلك ، ومثل الإسلام يجهله أحد !......" ثم مضى يقول "سألني رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : ما مثل خالد يجهل الإسلام ، ولو كان نكايته وحده مع المسلمين علي المشركين لكان خيرا له ،و لقدمناه علي غيره ,فاستدرك يا أخي ما فاتك منه ، فقد فاتك مواطن صالحه " .
تلك كانت هي الدعوة التي جاءت في أوانها , وكان إسلام خالد هو الجواب .
( هـ ) إظهار ما يراوده من أفكار حول الإسلام
بعد تفكير خالد جيدا ، استقر رأيه حول الإسلام ، وقابل عكرمة وآخرين وقال لهم " من الواضح للعقل النير أن محمدا ليس شاعرا و لا ساحرا كما تزعم قريش ، ورسالته من عند الله ، ومن واجب كل ذي بصيرة أن يتبعه " .
صعق عكرمة بهذه الكلمات وقال "هل ستتخلى عن ديننا " ، فقال خالد " قررت أن أومن بالإله الحقيقي " فقال عكرمة " من الغريب حقا أن تقول أنت هذا القول من بيت القرشيين " ، فقال خالد " لماذا ؟ " فقال عكرمة "لأن المسلمين قتلوا الكثير من أبناءنا في المعارك و بالنسبة لي فإنني لن أومن بمحمد ، ولن أكلمك حتى تتخلى عن هذه الفكرة غير المعقولة ، ألا ترى قريش تطلب دم محمد ؟ " ، فأجاب خالد إنها مسألة جهل .
كما غضب أبو سفيان عندما علم عن تحول خالد عن عقيدته وهدد خالد بالعواقب الوخيمة التي تترتب على ذلك ، ولكن عكرمة على الاختلافات الدينية بينه و بين خالد وقف إلي جانبه ضد أبي سفيان و قال " اهدأ يا أبا سفيان فإن غضبك سيقودني أيضا إلي الانضمام لمحمد ، فخالد حر في أن يختار الدين الذي يرغبه" .
( و ) هجرة خالد
بعدما حدث مع أبي سفيان ، أخذ خالد درعه وسلاحه وفرسه وانطلق إلي المدينة وفي الطريق قابل عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة ، الذين كانوا متوجهين إلي المدينة لنفس الغاية ، وقد استغربوا أمر ذهابهم للمدينة لأن كل واحد منهم يعتبر الاثنين الآخرين من ألد أعداء المسلمين .
وصل الثلاثة المدينة في الحادي والثلاثين من أيار " أغسطس " عام تسع وعشرون وستمائة و ذهبوا إلي منزل النبي ، ودخل خالد أولا و أسلم ثم تبعه عمرو و عثمان و قد رحب بهم النبي و صفح عن عداواتهم السابقة للإسلام .
كان خالد بن الوليد وعمرو بن العاص من ألمع عقلين عسكريين في زمانهما ، ودخولهما الإسلام حقق النصر للمسلمين في السنوات التالية .


( 1 ) غزوة أحد"خريطة 1,2"

(أ) ماذا بعد بدر
لقد عاشت قريش فرحة لم تتم وهذة الفرحة التى كان سببها نجاة قافلة أبي سفيان الكبيرة والتى كانت فى خطر كبير بسبب قرار المسلمين أن يهاجموها ولكن بفضل مهارة أبى سفيان وقيادته نجت القافلة من الوقوع فى الأسر ،وقد حققت القافلة ربحا مضاعفا.
لم تتم هذة الفرحة وذلك بسبب عودة جيشهم من بدر يجر أذيال الخيبة والفشل ،وذلك الجيش الذي إندفع إستجابة لطلب النجدة منأبى سفيان عندما علم بنية المسلمين فى مهاجمته، وقبل أن يصل جيش قريش إلي مكان الإشتباك ، إستطاع أبو سفيان أن ينقذ القافلة ،وأرسل رسالة إلى قريش ليعودوا إلى مكة ، لكن أباجهل قائد الجيش أمرأن يقيموا حتى تسمع به العرب وعند ئذ تورط فى معركة مع المسلمين ،وخرج المشركون من هذة المعركة بهزيمة منكرة وكان ذلك فى أذار عام ستمائة و أربعة وعشرون للميلاد.
كانت معركة بدر نصرا مؤزرا للمسلمين حيث قتل من المشركين سبعين فردا ، وأسر سبعون أخرون ، و كان من بين قتلى المشركين سبعة عشر قتيلا من بنى مخزوم و كان معظمهم من أبناء عم و أبناء شقيقان خالد بن الوليد كما قتل أبو جهل و أسر الوليد شقيق خالد ، وكان أبرز أبطال المسلمين فى المعركة هم على بن أبى طالب ، حمزة بن عبد المطلب .
(ب) الأسباب الرئيسيه لمعركة أحد .
ﺇن اهم أسباب المعركة هو رغبة المشركين فى الثاْر من المسلمين و النيل منهم لما حدث فى معركة بدر ، و السبب الثانى هو محاولة ﺇعادة هيبة قريش بين قبائل الجزيرة العربيه ، و السبب الثالث هو محاولة تحقيق رغبتهم فى القضاء على ذلك الدين الجديد ، و السبب الرابع هو تهديد مسار تجارة قريش الدائم من قبل المسلمين .
(ج) ﺇعداد القرشيين للمعركة .
قررت قريش أن تقوم بعمل عسكرى و حاسم ضد المسلمين و ذلك للأسباب السابقه و قامت باﻹعداد لهذا العمل العسكرى كالأتى :-
1* تخصيص ربح القافلة التى نجت من المسلمين فى بدر كله ﻠﻺعداد للحمله .
2* التفاوض مع القبائل المجاورة و العمل على حشدها ضد المسلمين و لذلك أخذت الاعدادات ﺘﺄتى من كنانه وثقيف .
3* وضع الجيش تحت قيادة أبى سفيان قائد القافله الناجيه و وضع الفرسان تحت قيادة خالد
بن الوليد .
و بذلك تم لقريش مرادهم فقد تجمع لديهم جيش قوامه ﺛﻼثه ألالف مقاتل بينهم سبعمائه درع و كان معهم ثلاثه ألالف بعير و مائتان فرس كما أصطحبوا معهم خمسة عشر ﺇمرﺃه و ذلك لرفع معنوياتهم و تذكيرهم بقتلاهم يوم بدر ، و عندما تم لهم مرادهم بدؤا بالمسير الى أحد و وصلوا الى قرب المدينه و عسكروا على بعد بضعة أميال عنها فى منطقه تكثر فيها الأشجار تسمى السبخة .
(د) علم النبى بالحمله و ﺇعداده لها .
1* فى أثناء ﺇعداد القرشيين للحمله وصلت رساله الى النبى من عمه العباس يخبره فيها بما أعدد له قريش و عند وصلولهم الى معسكرهم أرسل النبى كشافين لرصد القرشيين ، وقد عاد الكشافان و أعطيا تقريرا عن القوة الحقيقيه لهم .
2*كان النبى صلى الله عليه وسلم يريد أن ينتظر المشركين حتى يقاتلوه فى المدينه و بالتالى يختار هو أرض المعركة ولكن نزولا على رغبة أصحابه خرج النبي لملاقاتهم خارج المدينة ، ولذلك غادر النبي المدينة ومعه ألف رجل ومعهم مائة درع ولم يكن معهم سوى فرسين وكان هذا القرار خطيرا حيث كانت قريش لديها تفوق ساحق فى القوات والذي يقارب عشرة إلى ثلاثة من جانب قريش.
3*أثناء المسير حدث ما لم يكن فى الحسبان إذا أخذ عبد الله بن أبي كبير المنافقين ثلاثمائة رجل وتركوا الجيش بحجه أن قتال القرشيين خارج المدينة لن يكتب له النجاح وبذلك أصبح عدد المسلمين سبعمائة رجل.
4*سار النبي صلى الله علية وسلم لا يمر على طريق بمعسكرات العدو وذلك خلال مرة بنى حارثة ومزارعهم متجها شمالا نحو جبل أحد تاركه جيش قريش عن يساره غربا ووصل جيش المسلمين مستندا بمؤخرته على جبل أحد المطل على وادى قناة حيث عسكر جيش قريش وتمركز جيش المسلمين مستندا بمؤخرته على جبل أحد ومواجها المدينة ، وبذلك أصبح جيش قريش بين المدينة وجيش المسلمين وبذلك تم للنبى ما أراد حيث اختار هو أرض المعركة .
(هـ) طبيعة أرض المعركة
إن أحد عبارة عن هضبة طبيعية كبيرة تقع شمال المدينة على مسافة أربعة أميال ،وترتفع إلى علو ألف قدم عن مستوى السهل المحيط بها ،ويبلغ طولها خمسة أميال ،وفى الجزء الغربىمن أحد يوجد بروز كبير يهبط بإنحدار شديد نحو السهل كما يوجد إلى يمين هذا البروز واد يرنفع بشكل طفيف ويضيق وهويبتعد حتى يصل إلى مضيق يبعد ألف متر عن نهاية البروز،وكان بجوار الهضبة تل صغير يبلغ إرتفاعه أربعون قدما ويسمى تل عينيين والذى سمىفيها بعد بجبل الرماة.
(و) خطة المسلمين لخوض المعركة:
1*حيث أنه كانت ظهر جيش المسلمين لجبل أحد وكانت ميمنتهم مؤمنة لكن ميسرتهم كانت غير مؤمنة حيث كان الألتفاف حولها من وراء تل عينيين ولذلك وضع النبى مفرزة مكونا من خمسين راميا على هذا التل وذلك لمنع المشركين من تطويق جيش المسلمين وأوصى النبى الرماة بالأتى :-
"إنضحوا الخيل بالنبل ،لا يأتونا من خلفنا"
"إحموا ظهورنا لا يأتونا من خلفنا وارشقهوم بالنبل فإن الخيل لا تقدم على النبل ،إنا لا نزال غالبين ما ثبتم مكانكم على الجبل"
"إن رأيتمونا تتخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم حتى أرسل إليكم وإن رأيتمونا ظهرنا على القوم ووطاناهم فلا تبرحوا حتى إرسل إليكم نفرا ،إن رأيتمونا غنمنا فلا تشاركونا،وإن رأيتمونا نقتل لا تعينونا ولا تدافعون عنا"
وبتلك الأوامر الدقيقة إطمان الرسول صلى الله عليه وسلم من حماية ميسرته.
2* نظم النبى السلمين فى تشكيل متلائم تبلغ جبهته ألف ياردة ونظم قواته فى صفوف كما خصص كتيبة قوية بقيادة الزبير بن العوام لمواجهة فرسان خالد بن الوليد و ذلك بالتعاون مع الرماه .
3* ترتيب قوات المسلمين يهدف الدخول فى معركة جبهيه موضعيه مما أدى الى ﺇستثمار المسلمين قواتهم و هى الشجاعة و المهارة فى القتال ، و بذلك أحبط النبى صلى الله عليه وسلم خطة أبى سفيان لخوض المعركة فى أرض مفتوحة يستطيع فبها المناوره بقواته ضد مجنبات المسلمين و مؤخرتهم بواسطة الخياله و الذى أدى الى قتالهم فى جبه محدده لا يستفيد فيها بتفوقه العددى .
4* اعتمدت خطة المسلمين على ﺇتخاذ موقف الدفاع و صد ضربات العدو القوية مع تكبيده أكبر خسائر ممكنه ، و خاصه بواسطة سهام الرماه ثم التحول الى الهجوم عندما تضعف ضربات العدو.
(ز) خطة قريش لخوض المعركه .
1* رتب أبو سفيان جيشه بحيث يتكون من قوة رئيسيه من المشاه فى الوسط و من جناحين متحركين .
2* وضع خالد بن الوليد على الجناح اليمين ، ووضع عكرمه غلى الجناح الأيسر .
3* عزز الجناحان كل بسريه من الخياله قوامها مائة محارب و عين عمرو بن العاص مسؤولا عن جميع الخياله كما كان مسئولا عن التنسيق بين قوى الجيش المختلفة .
4* وضع مائه نبال على رأس الصف الأمامى من أجل اﻹشتباكات الولى و بذلك أعد أبو سفيان للمعركة على أساس توجيه ضربه قوية بالمواجهه للمسلمين .
(ح) سير الأعمال القتاليه .
1* المرحلة الأولى .
بدأت المعركه برشق النبال من الجانبيين و كان هذا االإجراء بمثابة مبارزة فى المدفعية بين نبالة قريش ونبالة المشلمين ،وفى هذة المرحلة تقدم حالد تحت تغطية النبالة على رأس سريته لمهاجمة الجناح الأيسر للمسلمين ولكنه أجبر على التراجع بسبب الرمايات للنبالة المسلمين الدقيقة وتكررت تلك العملية من خالد ثلاث مرات ولكنها بادت بالفشل فى كل مرة.
2* المرحلة الثانية :
بدأت تلك المرحلة بمبارزات بين أبطال الجيشيين ،فخرج طلة حامل راية قريش من الصف الأمامي وطلب البارزة فخرج إليه على رضى الله عنه وهزمه كما خرج أبوسفيان للمبارزة فخرج إليه حنظلة بن أبي عامر وأنتصر عليه وقبل أن يقتله طلب أبو سفيان النجدة فجاء أحد رجاله وأشتبك فى مبارزة مع حنظلة فقتله حنظلة وبعد تلك المبارزات بدأت قريش فىالهجوم وعم القتال وإلتحم الجشيان ،وكان المسلمون يتفوقون بالشجاعة و بإستخدام السيف لكن هذا التفوق لم يبد أثرا بسبب تفوق قر يش العددي ،وعندما إشتد القتال ،حاول خالد مهاجمة جناح المسلمين الأيسر مرة أخرى ولم ينجح أيضا بسبب نبالة المسلمين على الجبل .
3* المرحلة الثالثة:
بعد فشل هجمات المشركين بدات قواتهم فى الأرتداد والتقهقر وعند ذلك اصدر الرسول صلي الله علية وسلم أوامره بالهجوم المضاد مركزا مجهوده الرئيسي ضد قوات المشركين حول لوائهم ،وذلك لأن الاطاحة باللواء تحسم المعركة وتعجل بالنصر، وتساقط حاملى اللواء واحد تلو الأخر حتى حملها عبد لبنى عبد الدار ثم قتل هو الأخر وعندئذ سقطت الراية، و عندئذ بدات تتهاوى قوات المشركين ، و بدأ الذعر يصيب قواتهم و أخذت تلك القوات فى الفرار ، وﺇختل تشكيل قتالها ، و عند ذلك دخل المسلمون معسكرهم و بدؤا فى جمع الغنائم .
فى هذه المرحله حدث ما لم يكن فى الحسبان ، وذلك أنه عندما رأى النباله المسلمين الموجودين فوق تل عينين نصر المسلمين ﺇندفعوا الى أرض المعركة لجمع الغنائم ، و ذلك بالرغم من رفض قائدهم عبد الله بن جبير ذلك ﺇطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، و بذلك ترك معطم النباله الجبل و نزلوا الى ساحة القتال و كانت الكارثه !
4* المرحله الرابعه :-
عندما كان المسلمون يطاردون القرشيين و يدخلون مخيمهم ، كان جناحا المشركين المتحركان يقفان بثبات ، و تحرك خالد بن الوليد و عكرمه الى الوراء قليلا من مواقعهما السابقه ، لكنهما كانا مسيطرين على الموقف ، و لم يسمحا لرجالهما بالتراجع ، و ظل خالد بن الوليد حائرا ماذا يفعل لصد المسلمين ، و تحلى بالصبر بدرجه كبيره .
# دور خالد بن الوليد فى هذه المرحله :-
ﺇنتظر خالد بن الوليد فرصه مواتيه ، و سرعان ما جاءت تلك الفرصه ، ﺇذ ﺇنه عندما رأى النباله المسلمين يتركون مواقعهم ، ﺇنتظر حتى وصلوا الى أرض المعركه ، و عندئذ بدا خالد بن الوليد ضربته ، و ذلك يشن هجوما على بقية النباله الذين لم يتركوا الجبل بهدف اﻹستيلاء على مواقعهم حتى يستطيع القيام بالمناورة و قام خالد بن الوليد بالقضاء على النباله الذين قاتلوا ببساله و فى تلك الأثناء جاءت سرية عكرمه أيضا لمشاركه مع سرية خالد ز
بعد القضاء على النباله قام خالد بن الوليد و مجموعته بشن هجوم على المسلمين من الخلف ، و كان خالد واثق من النصر و أنه سيدمر المسلمين ﺇذ أنه فاجاْهم ، و أدى ذلك بالفعل الى حدوث بلبه شديده فى صفوف المسلمين .
# عودة المشركين الى القتال
فى تلك الأثناء رأت ﺇحدى النساء الذين كانوا مع قريش ما فعله خالد بن الوليد فقامت بأخذ رايه المشركين و رفعها و عند ذلك رأتها القوة الرئيسيه أو مشاة جيش المشركين ، و استطاع أبو سفيان السيطرة على المشاة عندما رأى الخياله و تحركها ، أعاد رجاله للقتال ، و عند ذلك وضع المسلمون بين شقى الرحى ، مشاة المشركين من الأمام و فرسانهم من الخلف .
5* المرحلة الخامسة .
تغير الموقف تماما فى المعركة ، و بدأ تشكيل المسلمين يختل و فقدوا توازنهم و عمت الفوضى و عندئذ ﺇنقسم جيش المسلمين الى ثلاثة أجزاء كالاتى :
* الأول :- جزء بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم و كان معه ثلاثون رجلا و أمرأتين رفضواأن ينساقوا لاغراء جمع الغنائم .
* الثانى :- جزء لم يتمكن المشركين من تطويقهم و كان عددهم ما يقرب من مائتى رجل .
* الثالث :- القوة الرئيسيه لجيش المسلمين و التى كانت محاصره و ظلت تقاتل بعنف ضد المشركين و فى وسطهم بدأت ترتفع الخسائر و لكنهم قاتلوا ببساله.
فى هذه المرحله أدرك النبى صلى الله عليه وسلم خطورة الموقف حيث ام يستطيع السيطره على القوة الرئيسيه لبعدها عنه و عرف أن موقعه ليس محمى ، و لذلك قرر التحرك الى سطح البروز الكائن خلفه و عندما قطع مسافه ربع ميل فى طريقه الى البروز ، قطع عكرمه و رجاله الطريق عليه ، و هنا قرر النبى صلى الله عليه وسلم الوقوف و القتال حيث وصل ، و شكل الرجال الذين كانوا مع النبى صلى الله عليه وسلم سياجا حوله و بدأ القتال يشتد ، و قاتل كل واحد منهم ثلاث او أربع رجالمن المشركين و ظلوا صامدين أمام المشركين .
6* المرحلة السادسة .
* لقد أصيب النبى صلى الله عليه وسلم فى هذه المعركة و قد وخضب وجه الشريف بالدماء و لقد ابتلى المسلمين فى هذه المعركه بلاءا شديدا ، و اشتد القتال حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ومن خلال الهجمات المتتاليه للمشركين أجهدوا و أصابهم التعب . كما أن ﺇغراء السلب و النهب كان قويا من قبل المشركين كما كان من قبل بالنسبه للمسلمين فتوقف القتال لفتره قصيره .
فى هذه الفتره تجمع عدد كبير من المسلمين حول النبى صلى الله عليه وسلم و قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم اﻹرتداد بهم الى مواقع حصينه فى جبل أحد ، و رأى خالد بن الوليد تحرك النبى صلى الله عليه وسلم نحو المضيق الجبلى لكنه لم يحاول ﺇعتراضهم ، و ذلك لأنه كان مشغولا بمطاردة القوة الرئيسية لمشاة المسلمين ،وهكذا لم يجد النبى صلى الله عليه وسلم صعوببة فى الوصول إلى المضيق ،وكان وقت سابق قد أشيع قتل النبى صلىالله عليه وسلم ولكن عندما وصل إلى المضيق رأه أحد المسلمين وهو كعب بن مالك وكان قوى الصوت فصاح بأعلى صوته "يا معشر المسلممين أبشروا هذا رسول الله " وأشار بيده نحو النبى وأدى ذلك إلى أن تحركت مجموعات كبيرة من المسلمين نحو التلال وانضمت إلىالنبى .
* لما رأت قريش أان تسعين بالمائة من جيش المسلمين قد نجح فى الإنسحاب والتحصن بالجبل ،دفعت بمفرزة قوية بقيادة خالد بن الوليد للقضاء عليهم ولكن الهجوم فشل فشلا ذرعا وتكبدت قريش فيه خسائر فادحة ،وهنا أدرك خالد أن الهجوم فاشلا ليس بسبب وجود المسلمين بأرض مرتفعة فقط ، ولكن لأن فرسانه لم يتمكنوا من المناورة فى هذة االأرض الصعبة ،وأنسحب خالد وكامت هذةأخر مناورة تكتيكية لخالد فى معركة أحد.
7*إنتهاء المعركة :
بعد المناورة الأخيرو للمشركين قرروا ترك ميدان المعركة وتجمعوا فى معسكرهم القديم ، وعندما بدؤا بمغادرة أرض المعركة بعث النبى صلى الله عليه وسلم دورية إستطلاع بقيادة على بن أبى طالب لمعرفة نواياهم وماذا يريدون وقال له "أخرج فى أاثار اللقوم فانظر ماذا يصنعون وماذا يريدون ،وإن كانو قد جنبوا الخيل وركبوا الأبل فإنهم يريدون مكة ، وإن ركبوا الخيل وساقوا الأبل فإنهم يريدون المدينة ، والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرن أليهم فيها ثم لأنا جزيهم" فخرج على رضى الله عنه فى أثارهم فوجدهم ركبوا الإبل وامتطوا الخيل وساروا إلى مكة ، وعند ذلك بدأالمسلمون فى التحرك صوب المدينة بعد أن إطمأنوا إلى أن قريش قررت اللعودة إلى مكة.
(ط) نتائج المعركة:-
* سقوط سبعون مسلما قتلى فى هذة المعركة
* قتل فى هذه المعركة اثنان وعشرون مشركا
* أدى انتصار قريش فى المعركة إلى التأثير على كيان المسلمين فى المدينة فبدأ اليهود والمنافقون يفكرون فى إنتهاز الفرصة وضرب قاعدة المسلمين من الداخل .

(ى)الدروس المستفادةمن غزوة أحد :-
1* إن الاستخدام الجيد للأرض والأستفادة مما قد توفره بعض التضاريس من مميزات تكتيكيه بعد عاملا رئيسيا فى كسب المعركة و بعد ﺇختيار الرسول صلى الله عليه وسلم لجبل عينين مكانا للرماه مثلا رائعا لحسن استخدام الأرض و ذلك لنا يتميز به هذا الجبل من ﺇشراف جيد على ميدان المعركة و تامينه لمؤخرة جيش المسلمين .
2* أهمية الضبط و الربط فى نجاح المعركة ، والضبط والربط معناهما الصحيح هو حسن فهم أسباب هزيمة المسلمين فى أحد هو مخالفة مفرزة الرماه لتعليمات القائد و أوامره فتركوا مكانهم فى جبل عينين و انكشف أجناب و مؤخرة جيش المسلمين ووجد خالد بن
الوليد ثغره نفذ منها الى مؤخرتهم مما أدى الى هزيمتهم .
3* المبادرة و أتخاذ القرار المناسب تبعا للمواقف الطارئه، وهذا ما فعله خالد بن الوليد ياتخاذه القرار المناسب فى استغلال ترك الرماه لاماكنهم والتف بفرسانه و هاجم مؤخرة المسلمين, ومن ذلك أيضا قرار النبى صلى الله عليه وسلم فى الأرتداد بمن معه من جند الى شعب جبل أحد كموقع حصين يقى به ظهر قواته و أجنابها .
4* المفاجئة عامل رئيس فى كسب المعركة فلقد كان هجوم خالد على مؤخرة المسلمين بعد مناورته البارعة و هذه من أمثلة المفاجأة التكتيكيه كما أن خروج النبى صلى الله عليه وسلم على رأس مفرزة لمطاردة جيش قريش بعد الهزيمه تحقيق لمبدأ المفاجاه التعبويه .
5* الروح المعنوية العالية عامل مهم فى تحويل الهزيمه الى نصر فما حدث فى معركة أحد لجيش المسلمين كان كافيا لتحطيمه و القضاء عليه لو لا ما يتسم به المقاتل المسلم من ﺇيمان و روح معنويه عاليه .

(2) غزوة الخندق"خريطة 3"

( أ ) خطه يهود خيبر للقضاء علي المسلمين
1* بعد معركة احد اخذ النبي صلي الله عليه وسلم في توطيد دعائم الامن والاستقرار للأمن المسلمين السياسي داخل المدينه , وكان قد اخرج يهود بني النضير ويهود قينقاع من المدينه بعد ان خانوا العهود والمواثيق التي كانت بينهم وبين المسلمين ولم يبق في المدينه من طوائف اليهود الثلاث سوى يهود بني قريظه الذين عاشوا في سلام وهدوء مع المسلمين
2* كان ابو سفيان قد إتفق مع النبي أن يتلاقوا بعد عام في بدر مره أخرى ولكن هذه المعركة لم تتم بسبب خوف القرشيين من المعركة واشتداد الحرارة في هذا العام وكان بنو قريظه ينتظرون هذه الحمله بفارغ الصبر لرغبتهم في القضاء علي المسلمين , وعندما لم تتم قرروا ان يقوموا بعمل مباشر لتأليب القرشيين ومحاربتهم 0
3* بعد انتهاء صيف عام 626م ذهب وفد من يهود خيبر إلي مكة بزعامة حيي بن أخطب وهو الذي كان زعيم بني النضير في المدينة وذلك للتفاوض مع أبي سفيان حتي يثير قلقة ومخاوفه من الخطر الذي سيواجهه القرشيون نتيجة انتشار الإسلام في الجزيرة العربية, وإذا وصل المسلمون لليمامة فإن طرق تجارة قريش الى العراق والبحرين سوف تغلق ووافق أبو سفيان علي قتال المسلمين إذا انضمت إليهم قبائل عربيه أخري 0
4* ذهب نفس الوفد إلي قبائل غطفان وبني أسد وتفاوضوا معهم أيضا ونجحوا في تأليبهم وقبائل أخري علي المسلمين وذلك للاشتراك في حمله كبيرة ضد المسلمين للقضاء عليهم 0
(ب) إعداد القرشيين للقضاء علي المسلمين:
بسبب خوف المشركين من القضاء علي تجارتهم وإحداث المسلمين ضربه إقتصادية لهم قرروا الإعداد لحملة قوية للقضاء عليهم كالاتي













التوقيع


الجنة تحت أقدام الأمهات

  رد مع اقتباس
قديم 06-25-2015, 04:53 PM   رقم المشاركة : 28
نبع فضي
 
الصورة الرمزية رياض محمد سليم حلايقه





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :رياض محمد سليم حلايقه غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من عبق الصحابة رضي الله عنهم

ابو ايوب الانصاري رضي الله عنه
هذا الصحابي الجليل يدعى خالد بن زيد بن كليب ، من بني النجار. أما كنيته فأبو أيوب ، وأما نسبته فإلى الأنصار.
ومن منا معشر المسلمين لا يعرف أبا أيوب الأنصاري !
فقد رفع الله في الخافقين ذكره ، وأعلى في الأنام قدره حين اختار بيته من دون بيوت المسلمين جميعا لينزل فيه النبي الكريم لمّا حل في المدينة مهاجراً ، وحسْبه بذلك فخراً.
ولنزول الرسول صلوات الله عليه في بيت أبي أيوب قصّة يحلو تردادها ويلذ تكرارها.
ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام حين بَلغ المدينة تلقته أفئدة أهلها بأكرم ما يتلقى به وافد...
وتطلعت إليه عيونهم تبثه شوق الحبيب إلى حبيبه...
وفتحوا له قلوبهم ليحل منها في السويداء...
وأشرعوا له أبواب بيوتهم لينزل فيها أعز منزل.
لكن الرسول صلوات الله عليه ، قضى في قباء من ضواحي المدينة أياما أربعة ، بنى خلالها مسجده الذي هو أول مسجد أسس على التقوى.
ثم خرج منها راكبا ناقته، فوقف سادات يثرب في طريقها، كل يريد أن يظفر بشرف نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته ....
وكانوا يعترضون الناقة سيدا إثر سيد، ويقولون: أقم عندنا يارسول الله في العَدَدِ والعُدَدِ والمَنَعَةِ.
فيقول لهم: ( دعوها فإنها مأمورة ).
وتظل الناقة تمضي إلى غايتها تتبعها العيون، وتحف بها القلوب...
فإذا جازت منزلا حزن أهله و أصابهم اليأس، بينما يشرق الأمل في نفوس من يليهم.
وما زالت الناقة على حالها هذه، والناس يمضون في إثرها، وهم يتلهفون شوقا لمعرفة السعيد المحظوظ حتى بلغت ساحة خلاء أمام بيت أبي أيوب الأنصاري، وبركت فيها ...
لكن الرسول عليه الصلاة والسلام لم ينزل عنها...
فما لبثت أن وثبت وانطلقت تمشي، والرسول مرخ لها زمامها، ثم ما لبثت أن عادت أدراجها وبركت في مبركها الأول.
عند ذلك غمرت الفرحة فؤاد أبي أيوب الأنصاري، وبادر إلى رسول الله صلوات الله عليه يرحب به، وحمل متاعه بين يديه، وكأنما يحمل كنوز الدنيا كلها ومضى به إلى بيته.

* * *
- كان منزل أبي أيوب يتألف من طبقة فوقها عُلِّيَّة ، فأخلى العُلِّيةَ من متاعه ومتاع أهله لينزل فيها رسول الله ...
لكن النبي عليه الصلاة والسلام آثر عليها الطبقة السفلى، فامتثل أبو أيوب لأمره، وأنزله حيث أحب.
ولما أقبل الليل، وأوَى الرسول صلوات الله عليه إلى فراشه، صعد أبو أيوب وزوجه إلى العُلِّيَّةِ وما إن أغلقا عليهما بابها حتى التفت أبو أيوب إلى زوجته وقال: ويحك، ماذا صنعنا؟ أيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفل، ونحن أعلى منه.
أنمشي فوق رسول الله صلى الله عليه وسلم. أنصير بين النبي والوحي إنا إذن لهالكون. وسُقِطَ في أيدي الزوجين وهما لا يدريان ما يفعلان. ولم تسكن نفسهما بعض السكون إلا حين انحازا إلى جانب العلية الذي لا يقع فوق رسول الله صلى الله عليه و سلم، والتزماه لا يبرحانه إلا ماشيين على الأطراف متباعدين عن الوسط.
فلما أصبح أبو أيوب؛ قال للنبي عليه الصلاة والسلام: والله ما أُغمِضَ لنا جفن في هذه الليلة لا أنا ولا أُم أيوب.
فقال عليه الصلاة والسلام: ( ومم ذاك يا أبا أيوب ).
قال: ذكرت أني على ظهر بيت أنت تحته، وأني إذا تحركت تناثر عليك الغبار فآذاك، ثم إني غدوت بينك وبين الوحي.
فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: ( هون عليك يا أبا أيوب، إنه أرفق بنا أن نكون في السفل ، لكثرة من يغشانا من الناس ).
قال أبو أيوب: فامتثلت لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن كانت ليلة باردة فانكسرت لنا جرة وأُريق ماؤها في العلية، فقمت إلى الماء أنا وأم أيوب، وليس لدينا إلا قطيفة كنا نتخذها لحافا، وجعلنا ننشف بها الماء خوفا من أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما كان الصباح غدوت إلى الرسول صلوات الله عليه، وقلت: بأبي أنت وأمي، إني أكره أن أكون فوقك، وأن تكون أسفل مني، ثم قصصت عليه خبر الجرة، فاستجاب لي، وصعد إلى العلية، و نزلت أنا وأم أيوب إلى السُّفلِ.

* * *
- أقام النبي عليه الصلاة و السلام في بيت أبي أيوب نحواً من سبعة أشهر، حتى تم بناء مسجده في الأرض الخلاء التي بركت فيها الناقة، فانتقل إلى الحُجُراتِ التي أقيمت حول المسجد له ولأزواجه، فَغَدا جارا لأبي أيوب ، أكرِم بهما من متجاورين.

* * *
- أحب أبو أيوب رسول الله صلوات الله عليه حبا ملك عليه قلبه ولبه، وأحب الرسول الكريم أبا أيوب حباً أزال الكلفة فيما بينه وبينه، وجعله ينظر إلى بيت أبي أيوب كأنه بيته.

* * *
- حدَّث ابن عباس قال: خرج أبو بكر رضي الله عنه بالهاجرة ( أي في نصف النهار ) إلى المسجد فرآه عمر رضي الله عنه، فقال: يا أبا بكر ما أخرجك هذه الساعة ؟
قال: ما أخرجني إلا ما أجد من شدة الجوع.
فقال عمر: وأنا والله ما أخرجني غير ذلك.
فبينما هما كذلك إذ خرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( ما أخرجكما هذه الساعة ).
قالا: والله ما أخرجنا إلا ما نجده في بطوننا من شدة الجوع.
قال عليه السلام نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة وأنا – والذي نفسي بيده – ما أخرجني غير ذلك ، قوما معي ).
فانطلقوا فأتوا باب أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، وكان أبو أيوب يدخر لرسول الله كل يوم طعاماً، فإذا أبطأ عنه ولم يأت إليه في حينه أطعمه لأهله.
فلما بلغوا الباب خرجت إليهم أم أيوب، وقالت: مرحبا بنبي الله وبمن معه، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: ( أين أبو أيوب ) فسمع أبو أيوب صوت النبي - وكان يعمل في نخل قريب له - فأقبل يسرع، وهو يقول: مرحبا برسول الله وبمن معه، ثم أتبع قائلاًَ: يانبي الله ليس هذا بالوقت الذي كنت تجيء فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: ( صدقت )، ثم انطلق أبو أيوب إلى نخيله فقطع منه عِذْقاً ( العذق: غصن له شعب ) فيه تمر ورطب وبُسره ( البسرة: ما لم يكتمل نضجه ).
فقال عليه الصلاة وللسلام: ( ما أردت أن تقطع هذا ، ألا جنيت لنا من تمره ).
قال: يارسول الله أحببت أن تأكلا من تمره ورطبه وبسره ، ولأذبحن لك أيضا.
قال: ( إن ذبحت فلا تذبحن ذات لبن ).
فأخذ أبو أيوب جديا فذبحه، ثم قال لامرأته: اعجني واخبزي لنا، وأنت أعلم بالخبز، ثم أخذ نصف الجدي فطبخه، وعمد إلى نصفه الثاني فشواه، فلما نضج الطعام ووُضِع بين يدي النبي وصاحبيه، أخذ الرسول قطعة من الجدي ووضعها في رغيف، وقال: ( يا أبا أيوب بادر بهذه القطعة إلى فاطمة، فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام ).
فلما أكلوا وشبعوا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( خبز، ولحم، وتمر، وبُسر، ورطب!!! )..
ودمعت عيناه ثم قال: ( والذي نفسي بيده إن هذا هو النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة، فإذا أصبتم مثل هذا فضربتم بأيديكم فيه فقولوا: بسم الله، فإذا شبعتم فقولوا: الحمد لله الذي هو أشبعنا وأنعم علينا فأفضل ).
ثم نهض الرسول صلوات الله عليه، وقال لأبي أيوب: ( ائتنا غدا ).
وكان عليه الصلاة والسلام لا يصنع له أحد معروفا إلا أحب أن يجازيه عليه؛ لكن أبا أيوب لم يسمع ذلك.
فقال له عمر رضوان الله عليه: إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تأتيه غدا يا أبا أيوب.
فقال أبو أيوب: سمعا وطاعة لرسول الله.
فلما كان الغد ذهب أبو أيوب إلى النبي عليه الصلاة والسلام فأعطاه وليدة كانت تخدمه، وقال له : ( استوص بها خيرا يا أبا أيوب فإنا لم نر منها إلا خيرا ما دامت عندنا ).

* * *
- عاد أبو أيوب إلى بيته ومعه الوليدة؛ فلما رأتها أم أيوب قالت: لمن هذه يا أبا أيوب!.
قال: لنا... منحنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقالت: أعظم به من مانح وأكرم بها من منحة.
فقال: وقد أوصانا بها خيرا.
فقالت: وكيف نصنع بها حتى ننفذ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال: والله لا أجد لوصية رسول الله بها خيرا من أن أعتقها.
فقالت: هديت إلى الصواب ، فأنت موفق.... ثم أعتقها.

* * *
- هذه بعض صور حياة أبي أيوب الأنصاري في سلمه فلو أتيح لك أن تقف على بعض صور حياته في حربه لرأيت عجبا....
فقد عاش أبو أيوب رضي الله عنه طول حياته غازيا حتى قيل: إنه لم يتخلف عن غزوة غزاها المسلمون منذ عهد الرسول إلى زمن معاوية إلا إذا كان منشغلا عنها بأخرى.
وكانت آخر غزواته حين جهز معاوية جيشا بقيادة ابنه يزيد، لفتح القسطنطينية وكان أبو أيوب انذاك شيخا طاعنا في السن يحبو نحو الثمانين من عمره فلم يمنعه ذلك من أن ينضوي تحت لواء يزيد، وأن يمخر عباب البحر غازيا في سبيل الله.
لكنه لم يمض غير قليل على منازلة العدو حتى مرض أبو أيوب مرضا أقعده عن مواصلة القتال، فجاء يزيد ليعوده وسأله: ألك من حاجة يا أبا أيوب.
فقال: اقرأ عني السلام على جنود المسلمين، وقل لهم: يوصيكم أبو أيوب أن توغلوا في أرض العدو إلى أبعد غاية، وأن تحملوه معكم، وأن تدفنوه تحت أقدامكم عند أسوار القسطنطينيه، ولفظ أنفاسه الطاهرة.

* * *
- استجاب جند المسلمين لرغبة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكروا على جند العدو الكرة حتى بلغوا أسوار القسطنطينة وهم يحملون أبا أيوب معهم.
وهناك حفروا له قبرا و واروه فيه.

* * *
- رحم الله أبا أيوب الأنصاري، فقد أبى إلا أن يموت على ظهور الجياد الصافنات غازيا في سبيل الله.. وسنه تقارب الثمانين













التوقيع


الجنة تحت أقدام الأمهات

  رد مع اقتباس
قديم 06-26-2015, 06:10 AM   رقم المشاركة : 29
نبع فضي
 
الصورة الرمزية رياض محمد سليم حلايقه





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :رياض محمد سليم حلايقه غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من عبق الصحابة رضي الله عنهم

عبد الرحمن بن عوف
هو عبد الرّحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة القرشيّ الزهريّ.
يكنّى بأبي محمّد
ولد بعد عام الفيل بعشر سنوات
كان يسمّى أيّام الجاهليّة عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، وبعد أن أسلم سمّاه الرّسول صلى الله عليه وسلم عبدالرحمن
كان رضي الله عنه من أوائل الّذين أسلموا؛ فهو أحد الثمانية الّذين سبقوا إلى الإسلام في مكّة قبل أن يتّخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم دار الأرقم مكاناً له، ولمن آمن معه.
هو أحد الخمسة الّذين أسلموا على يد الخليفة أبي بكر الصدّيق؛ إذ إنّ أبا بكر كلّمهم ودعاهم إلى الإسلام، وهيّأ نفوسهم لذلك، وجمعهم برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقرأ عليهم القرآن وتأثّروا به ورقّت قلوبهم، ونطقوا الشّهادتين معلنين إسلامهم.
اختار عبد الرحمن ومن آمن معه طريق الإيمان ووطّنوا أنفسهم على حمل رسالته والدّفاع عنه، وقطعوا على أنفسهم العهد بأن يقفوا بجانب الإسلام، وأن يتحمّلوا المسؤوليّة كاملةً نتيجة هذا الاختيار؛ وذلك لأنّ الرّجولة تقتضي ذلك الأمر.
آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن الرّبيع.
هاجر عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ومن معه إلى الحبشة بإذنٍ من الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، لمّا اشتدّ الأذى بالمسلمين في مكّة، وطُردوا من كلّ مكان، وفتنهم المشركون في دينهم.
هاجر عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه ومن معه من المسلمين إلى يثرب لتكون الحضن الأوّل للدعوة الإسلاميّة بأمرٍ من الله تعالى وصل إلى الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وبذلك يكون عبد الرحمن هاجر هجرتين واحدة إلى الحبشة وأخرى إلى المدينة المنوّرة.
استشهد عبد الرّحمن بن عوف في غزوة أحد، وفي جسمه بضعٌ وثمانون ضربةً بسيفٍ أو طعنةٍ برمح أو رميةٍ بسهم
كان عبد الرّحمن بن عوف رضي الله عنه من المهاجرين السّابقين المجاهدين في سبيل الله لإعلاء راية هذا الدّين، فما من غزوة من الغزوات الّتي غزاها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلّا وشهدها عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه، فقد شهد غزوة بدرٍ الكبرى، وغزوة أحد، وبني قينقاع، وبني النّضير، وبني قريظة، والأحزاب، والحديبية، وفتح مكّة، وحنين، والطّائف، وتبوك.
هو من الّذين ثبتوا في غزوة أحد، وقاتل قتال الأبطال، وجرح نيّفاً وعشرين جرحاً، وأصيب بضربةٍ في فمه قد أسقطت أسنانه فصار أهتماً، وأصيب بجرحٍ في رجله فصار يعرج منه
في شهر شعبان من السنة السادسة للهجرة بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على رأس قوّةٍ من المسلمين بلغ عددها سبعمائة مقاتل إلى دومة الجند، وعمّمه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده الشريفة، وسدل عذبة العمامة بين كتفيه، وقال له: إن فتح الله عليك فتزوّج ابنة ملكهم وشريفهم، وكان الأصبغ بن ثعلبة بن ضمضم الكلبي ملكهم وشريفهم، وكان على دين النصرانيّة فأسلم وتابع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على دينه فتزوّج عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه ابنته واسمها تماضر، فولدت له أبا سلمة ابن عبدالرحمن
جاهد عبدالرحمن بن عوف بماله كما جاهد بنفسه؛ فأنفق كثيراً من أمواله على الغزو والغزاة؛ فالجهاد ليس فقط بالنّفس وإنّما يكون بالمال أيضاً، والدّليل قوله تعالى: " إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون”
شطر عبدالرحمن بن عوف أربعة آلافٍ من ماله، وفي مناسبة أخرى تصدّق بأربعين ألفاً، وفي مناسبة ثالثة تصدّق بأربعين ألف دينار، كما أنّه قد حمل ألفاً وخمسمائة راحلة في سبيل الله؛ حيث كان يحصل على ماله من التّجارة.

كان عبد الرحمن بن عوف رجلاً موسراً ، وثرياً من أثرياء المسلمين ، و لكن هذا الثراء لم يطغه ، فلم يتعالى على أحد أو يتكبر على مخلوق ، بل ظل هذا المال الوفير الكثير في يده لم يجد إلى قلبه سبيلاً ، فقد سلطه الله تعالى على هلكته بالحق وفي وجوه الخير ، وكان رضي الله عنه يطوف في البيت الحرام ويقول : اللهم قني شح نفسي ، وقد بكى حينما حضرته الوفاة و قال:أخشى أن أكون ممن عجلت له طيباته في حياته الدنيا ، و أخشى أن أحتبس على أصحابي بكثرة مالي


و من هذه النظرة السليمة للمال انطلق عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه يبذل الأموال الكثيرة بسخاء على الفقراء من قومه بني زهرة وغيرهم، ويجهز المقاتلين


و نسوق إليك عزيزي القارئ بعضاً من المشاهد الدالة على بذله و إنفاقه وصدقته علك تقتدي به إن كنت غنياً موسراً، او تحث غيرك من الأغنياء الموسرين على ذلك ، فإن الدال على الخير كفاعله و له مثل أجر فاعله


عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : إن قافلة لعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قد قدمت من الشام تحمل من كل شيء ، وكانت سبعمائة بعير ، فجعلها رضي الله عنها جميعها في سبيل الله


عن أم بكر بنت المسور قالت: إن عبدالرحمن بن عوف باع أرضاً له من عثمان بن عفان رضي الله عنهما بأربعين ألف دينار ، فقسمه على فقراء بني زهرة وفي المهاجرين و أمهات المؤمنين ، قال المسور : فأتين عائشة بنصيبها فقالت من ارسل هذا ؟ فقلت : عبدالرحمن بن عوف ، قالت : اما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحنو عليكن بعدي إلا الصابرون ، سقى الله عبدالرحمن بن عوف من سلسبيل الجنة


ذكر البخاري رحمه الله في تاريخه من طريق الزهري قال أوصي عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه لكل من شهد بدراً بأربعمئة دينار ، فكانوا مائة رجل


وقد وصل عبدالرحمن بن عوف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بمال بيع بأربعين ألفاً . قال الساعاتي :قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب


و أوصى رضي الله عنه بحديقة لأمهات المؤمنين بيعت بأربعمائة ألف درهم، قال الساعاتي رحمه الله : قال الترمذي هذا حديث حسن غريب


وكان عبدالرحمن بن عوف كثير العتق للارقاء فقد اعتق في يوم واحد وثلاثين رقبة
روى الإمام البخاريّ رحمه الله في صحيحه بإسناده عن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف رضي الله عنهما أنّ عبدالرّحمن بن عوف أتى بطعامٍ وكان صائماً فقال: قتل مصعب بن عمير وهو خيرٌ منّي، كفّن في بردة إن غططت رأسه بدت رجلاه، وإن غطّيت رجلاه بدا رأسه، وأراه قال: وقتل حمزة وهو خيرُ منّي، ثمّ بسط لنا من الدّنيا ما بسط، أو قال: أعطينا من الدّنيا ما أعطينا، وقد خشينا أن تكون حسناتنا قد عجّلت لنا، ثمّ جعل يبكي حتى ترك الطّعام.


مواقف تدلّ على تواضع و خوف عبدالرّحمن بن عوف من الله
كان عبدالرحمن بن عوف متواضعاً مع جميع النّاس على الرّغم من أنّه كان ثريّاً.
كان يقود بغلة أبي بكر الصدّيق أمام النّاس، وهذا يدلّ على تواضعه وعدم اهتمامه بما يقوله النّاس.
كان دائماً مع خدمه وعبيده لدرجة انّ النّاس لا تعرفه من بينهم؛ فقد روى الحافظ الذّهبي في سير أعلام النّبلاء عن حمزة بن ربيعة عن سعد بن الحسن قال: كان عبدالرحمن بن عوف لا يُعرف بين عبيده.
نلمس تواضع عبدالرحمن بن عوف في حديثه أثناء غزوة بدر عن اثنين من شباب المسلمين، وتمنّيه أن يكون في شجاعتهما.
وموقفه في تلك الغزوة كان معروفاً ، ووغيرها يدل على ذه الشجاعة ، وإنما تمنيه كان من قبيل التواضع ليس إلا
كان شديد الشّجاعة؛ حيث حضر جميع غزوات الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وثبت مع المسلمين في أحد.
لم ينافس عليّاً وعثمان في الإمارة مع أنّه كان يمكن له ذلك، والتزم باختيار المسلمين بمن هو أولى وأصلح للإمارة.
كان أميناً جدّاً؛ حيث تروي القصص أنّ عبدالرحمن بن عوف مكث ثلاثة أيّامٍ دون أن يغمض له جفن وهو يطوف على النّاس في بيوتهم يستشيرهم في أحقّ النّاس بالأمانة.

إن الدارس لحياة الصحابة و لحياة عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه بشكل خاص ، يوقن أنه رضي الله عنه بشكل خاص يوقن أنه رضي الله عنه كان سيداً من سادات المسلمين و أميراً من أمرائهم و وجيهاً من وجائهم، يقدم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم و بعد عهده صلى الله عليه وسلم ، عن عبدالرحمن بن عبدالله بن عبدالله بن مجمع أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لأم كلثوم بنت عقبة امرأة عبد الرحمن بن عوف :أقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم :انكحي سيد المسلمين عبدالرحمن بن عوف؟ قالت : نعم


و عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه من العشرة المبشرين بالجنة و هو من الثمانية الذين بادروا إلى الإسلام و سبقوا الناس إليه ، و هو من الستة الذين اختارهم عمر بن الخطاب لما حضرته الوفاة ، و جغل الخلافة فيهم ، و يختارون من بينهم أميراً للمؤمنين ، و قد سموا في كتب السيرة و غيرها بأهل الشورى أو أصحاب الشورى


و عبد الرحمن بن عوف أيضاً من الثلاثة الذين حصرت الخلافة فيهم بعد انسحاب سعد بن أبي وقاص و الزبير بن العوام و طلحة بن عبيدالله


وهو الذي فوضه عثمان بن عفان و علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ليختار أحدهما خليفة للمسلمين


وكان رضي الله عنه أجرأ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكلام مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،يحدثه في أي أمر يهاب أحد من المسلمين أن يحدثه فيه ،فيسمع منه ويتحاور وإياه ويأخذ منه وينصاع للحق الذي جاء به


وكان رضي الله عنه من أعضاء لجنة الفتاوى من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذين كانوا يفتون في عهد أبي بكر الصديق و عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، حيث كان الشيخان يستشيران هذه اللجنة في الفتاوى


وهو الذي غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لغضبه حينما خاصمه خالد بن الوليد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (دعوا لي أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً لم يدرك مد أحدهم ولا نصفيه)


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة يا خالد لا تؤذ رجلاً من أهل بدر، فلو أنففقت مثل أحد ذهباً لا تدرك علمه)

قبل أن يموت عبدالرحمن بن عوف بزمن قليل لا يتجاوز الشهر حدث له ما يلي حدث إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: غشي على عبدالرحمن بن عوف في وجعه، حتى ظنوا أنه قد فاضت نفسه ، حتى قاموا من عنده و جللوه فأفاق يكبر ، فكبر أهل البيت ، ثم قال لهم : غشي علي آنفاً ، قالوا نعم ، قال : نعم صدقتم! انطلق بي في غشيتي رجلان اجد فيهما شدة و فظاظة، فقالا : انطلق نحاكمك إلى العزيزالأمين ، فقال : ارجعا، فإنه من الذين كتب الله لهم السعادة و المغفرة و هم في بطون أمهاتهم ، و أنه سيمتع به بنوه إلى ما شاء الله ، فعاش بعد ذلك شهراً


توفي عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه سنة اثنتين و ثلاثين لهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم عن عمر يناهز خمساً و سبعين سنة ، و قد صلى عليه الخليفة الراشد ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه ، و حمل في جنازته سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ودفن في البقيع وحزن المسلمون على موته حزناً شديداً


روى الإمام أحمد رحمه الله تعالى فضائل الصحابة باسناد صحيح عن سعد بن ابراهيم عن أبيه قال : لقد رأيت سعد بن أبي وقاص في جنازة عبدالرحمن بن عوف عند قائمتي السرير فجعل يقول : واجبلاه


و لقد قال عثمان بن عفان رضي الله عنه في عبدالرحمن بن عوف في حياته : من زعم انه خير من عبدالرحمن بن عوف في الهجرة الاولى و في الهجرة الثانية فقد كذب


و قال الذهبي عن عبدالرحمن بن عوف : هو الغني الشاكر ، و أويس فقير صابر ، و أبو ذر و أبو عبيدة زاهد عفيف













التوقيع


الجنة تحت أقدام الأمهات

  رد مع اقتباس
قديم 06-27-2015, 11:33 AM   رقم المشاركة : 30
نبع فضي
 
الصورة الرمزية رياض محمد سليم حلايقه





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :رياض محمد سليم حلايقه غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من عبق الصحابة رضي الله عنهم

الباحث عن الحقيقة - سلمان الفارسي رضي الله عنه
«كنتُ رجلا فارسيا من أهل أصفهان من أهل قرية يقال لها (جَيْ)، وكان أبي ذهقان قريته، وكنت أحب خلق الله إليه، فلم يزل حبه إياي حتى حبسني في بيتي كما تحبس الجارية، وأجتهدت في المجوسية حتى كنت قَطِنَ النار الذي يوقدها لا يتركها تخبوا ساعة، قال: وكانت لأبي ضيعة عظيمة، قال: فشغل في بنيان له يوماً، فقال لي: يا بني إني قد شغلت في بنيان هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب فاطلعها، وأمرني فيها ببعض ما يريد، فخرجت أريد ضيعته فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت لا أدري ما أمر الناس؛ لحبس أبي إياي في بيته، فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، قال: فلما رأيتهم أعجبني صلاتهم ورغبت في أمرهم، وقلت: هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه، فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي ولم آتها، فقلت لهم: أين أصل هذا الدين ؟ قالوا: بالشام، قال: ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله، قال: فلما جئته، قال: أي بني.. أين كنتَ ؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت ؟ قال قلت: أي أبتي مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم، فوالله مازلت عندهم حتى غربت الشمس، قال: أي بني.. ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه، قال قلت: كلا، والله إنه خير من ديننا، قال: فخافني فجعل في رجلي قيداً ثم حبسني في بيته، قال: وبعثت إلى النصارى، فقلت لهم: إذا قدم عليكم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم، قال: فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى، قال: فأخبروني بهم، قال فقلت: إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم، فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم، فالقيتُ الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها قلتُ: من أفضل أهل هذا الدين ؟ قالوا: الاسقف في الكنيسة، قال: فجئته فقلت: إني قد رغبت في هذا الدين وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك واتعلم منك وأصلي معك، قال: فادخل، فدخلت معه وكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه منها أشياء اكتنـزه لنفسه ولم يعطه المساكين، حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق، قال: وأبغضته بغضاً شديدا لما رأيته يصنع، ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها إكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا، قالوا: وما علمك بذلك ؟ قال قلت: أنا أدلكم على كنزه، قالوا فدلنا عليه، قال: فأريتهم موضعه، قال: فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقاً، فلما رأوه قالوا: والله لا ندفنه أبداً، وصلبوه ثم رجموه بالحجارة، ثم جاؤوا برجل آخر فجعلوه مكانه. قال سلمان: فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارا منه. قال: فاحببته حباً لم أحبه من قبله، وأقمت معه زماناً، ثم حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان، إني كنت معك وأحببتك حبا لم أحبه من قبلك وقد حضرك ما ترى من أمر الله عز وجل، فإلى من توصي بي ؟ وما تأمرني؟ قال: أي بني، والله ما أعلم أحداً اليوم على ما كنت عليه لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلاً بالموصل، وهو فلان، فهو على ماكنت عليه فالحق به. قال سلمان: فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل، فقلت له: يا فلان، إن فلان أوصاني عند موته أن ألحق بك وأخبرني أنك على أمره، قال فقال لي: أقم عندي، فأقمت عنده، فوجدته خير رجل على أمر صاحبه، فلم يلبث أن مات، فلما حضرته الوفاة قلت له: يافلان، إن فلان أوصى بي إليك وأمرني باللحوق بك وقد حضرك من أمر الله عز وجل ما ترى، فإلى من توصي بي ؟ وتأمرني ؟ قال: أي بني والله ما أعلم رجلاً على مثل ما كنا عليه إلا رجل بنصيبين ديننا وهو فلان فاللحق به، قال سلمان فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فجئته فأخبرته بخبري وما أمرني به صاحبي، قال: فأقم عندي، فأقمت عنده، فوجدته على أمر صاحبيه فأقمت مع خير رجل، فوالله ما لبثت أن نزل به الموت فلما حضر قلت له: يا فلان، إن فلان كان أوصى بي إلي فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي ؟ وتأمرني ؟ قال أي بني، والله ما نعلم أحدا بقي على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلاً بعمورية، فإنه بمثل ما نحن عليه، فإن أحببت فأته فإنه على أمرنا. قال سلمان: فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية وأخبرته خبري، قال أقم عندي فاقمت مع رجل على هدي أصحابه وأمرهم واكتسبت حتى كان لي بقرات وغنيمة، قال ثم نزل به أمر الله عز وجل فلما حضر قلت يا فلان إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي وما تأمرني، قال: أي بني والله ما أعلمه أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجراً إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل. قال سلمان: ثم مات وغيب فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث، ثم مرَّ بي نفر من بني كلب تجار، فقلت لهم: تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي ؟ قالوا نعم، فأعطيتهم البقر والغنيمات، وحملوني حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني فباعوني على رجل من اليهود عبداً، فمكثت عنده ورأيت النخل ورجوت أن تكون البلد الذي وصف لي صاحبي، ولم يحق لي في نفسي، فبينما أنا عنده قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة فابتاعني منه فاحتملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي لها، فأقمت بها وبعث الله رسوله محمداً، فاقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة، فوالله إني لفي رأس عتق أعمل فيه بعض العمل، وسيدي جالس، إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه، فقال يا فلان قاتل الله بني قيلة - يعني الأنصار- والله إنهم الآن لمجتمون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي. قال سلمان: فلما سمعتها أخذتني العرواء - يعني الرعدة- حتى ظننت سأسقط على سيدي، قال ونزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه: ماذا تقول ؟ ماذا تقول ؟ قال فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة، ثم قال مالك ولهذا أقبل على عملك، قلت لا شيء إنما أردت أن أستثبت عما قال. قال سلمان: وقد كان عندي شي قد جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله وهو بقباء فدخلت عليه، فقلت له: إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذو حاجة وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم، قال: فقربته إليه، فقال لأصحابه: كلوا وأمسك يده فلم يأكل، قال سلمان: فقلت في نفسي هذه واحدة، ثم أنصرفت عنه فجمعت شيئاً، وتحوَّل رسول الله إلى المدينة، ثم جئته به فقلت: إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها، قال: فأكل رسول الله منها وأمر أصحابه فأكلوا معه، قال فقلت في نفسي: هاتان إثنتان، ثم جئت رسول الله وهو ببقيع الغرقد وقد تبع جنازة رجل من أصحابه عليه شملتان له وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ثم أستدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي، فلما رآني رسول الله استدرت عرف أني استثبت في شيء، فالقى ردائه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فانكببت على رسول الله أقبِّله وأبكي، فقال لي رسول الله : تحوَّل فتحولت، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس، قال فاعجب رسول الله أن يسمع ذلك أصحابه. ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع الرسول بدرا وأحد، قال: ثم قال لي رسول الله : كاتب يا سلمان، فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له بالفقير وبأربعين أوقية، قال رسول الله: أعينوا أخاكم فأعانوني بالنخل الرجل بثلاثين ودية والرجل بعشرين والرجل بخمس عشر والرجل بعشر يعني الرجل بقدر ما عنده حتى اجتمع لي ثلاثمائة ودية، فقال لي رسول الله : اذهب يا سلمان ففكر لها فإذا فرغت فأتني فاكون أنا أضعها بيدي، ففكرت لها وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت منها جئته فاخبرته فخرج رسول الله إليها فجعلنا نقرب له الودي ويضعه رسول الله بيده فوالذي نفسي بيده ما ماتت منها ودية واحدة، فأديت النخل وبقي علي المال، فأتي رسول الله بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المغازي فقال: ما فعل الفارسي المكاتب، قال: فدُعيت له، فقال: خذ هذه فأدِّي بها ما عليك يا سلمان، فقلت: وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي، قال خذها فإن الله سيؤدي بها عنك، قال: فأخذتها فوزنت لهم منها والذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية، فأوفيتهم حقهم وعتقت، وشهدت مع رسول الله الخندق ثم لم يفتني معه مشهد.»
قال مقبل الوادعي في كتابه «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»: هذا حديث حسن. أنه كان لديه خبرة إلى فنون الأدب والعلم الوارف في الدين
سلمان وغزوة الخندق[عدل]
في غزوة الخندق جاءت جيوش قريش إلى المدينة مقاتلة تحت قيادة أبي سفيان، ورأى المسلمون أنفسهم في موقف عصيب، وجمع الرسول أصحابه ليشاورهم في الأمر، فتقدم سلمان وألقى من فوق هضبة عالية نظرة فاحصة على المدينة، فوجدها محصنة بالجبال والصخور محيطة بها، بيد أن هناك فجوة واسعة يستطيع الأعداء اقتحامها بسهولة، وكان سلمان قد خبر في بلاد فارس الكثير من وسائل الحرب وخدعها، فتقدم من الرسول واقترح أن يتم حفر خندق يغطي جميع المنطقة المكشوفة حول المدينة، وبالفعل بدأ المسلمون في حفر هذا الخندق الذي صعق قريش حين رأته، وعجزت عن اقتحام المدينة. وخلال حفر الخندق اعترضت معاول المسلمين صخرة عاتية لم يستطيعوا فلقها، فذهب سلمان إلى الرسول مستأذنا بتغيير مسار الحفر ليتجنبوا هذه الصخرة، فأتى الرسول مع سلمان وأخذ المعول بيديه، وسمى الله وهوى على الصخرة فاذا بها تنفلق ويخرج منها وهجا عاليا مضيئا وهتف الرسول مكبرا: " الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس، ولقد أضاء الله لي منها قصور الحيرة، ومدائن كسرى، وإن أمتي ظاهرة عليها " ثم رفع المعول ثانية وهوى على الصخرة، فتكررت الظاهرة وبرقت الصخرة، وهتف الرسول : " الله أكبر أعطيت مفاتيح الروم، ولقد أضاء لي منها قصور الحمراء، وإن أمتي ظاهرة عليها " ثم ضرب ضربته الثالثة فاستسلمت الصخرة وأضاء برقها الشديد، وهلل الرسول والمسلمون معه وأنبأهم أنه يبصر قصور سورية وصنعاء وسواها من مدائن الأرض، وصاح المسلمون "هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله".
سلمان والصحابة
لقد كان إيمان سلمان الفارسي قويا، أقام أياما مع أبو الدرداء في دار واحدة، وكان أبو الدرداء يقوم الليل ويصوم النهار. وكان سلمان يرى مبالغته في هذا فحاول أن يثنيه عن صومه هذا، فقال له أبو الدرداء: أتمنعني أن أصوم لربي وأصلي له ؟ فأجاب سلمان: إن لعينيك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا. صم وافطر، وصلّ ونام. فبلغ ذلك الرسول فقال: "لقد أُشْبِعَ سلمان علما".
وفي غزوة الخندق وقف الأنصار يقولون سلمان منا ووقف المهاجرون يقولون بل سلمان منا. وناداهم الرسول قائلا: "سلمان منا آل البيت" وهو حديث ضعفه جمهور العلماء.
في خلافة عمر بن الخطاب جاء سلمان إلى المدينة زائرا، فجمع عمر الصحابة وقال لهم هيا بنا نخرج لاستقبال سلمان. وخرج بهم لاستقباله عند مشارف المدينة.
وكان علي بن أبي طالب يلقبه بـ"لقمان الحكيم"، وسئل عنه بعد موته فقال ذاك امرؤ منا وإلينا أهل البيت، من لكم بمثل لقمان الحكيم؟ أوتي العلم الأول والعلم الآخر، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر، وكان بحرا لا ينزف.
عطاؤه
قيل انه كان في كبره شيخا مهيبا، يضفر الخوص ويجدله، ويصنع منه أوعية ومكاتل كثيرة، ولقد كان عطاؤه وفيرا بين أربعة آلاف وستة آلاف في العام، بيد أنه كان يوزعه كله ويرفض أن ينال منه درهما، ويقول أشتري خوصا بدرهم، فأعمله ثم أبيعه بثلاثة دراهم، فأعيد درهما فيه، وأنفق درهما على عيالي، وأتصدق بالثالث، ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيت.
الإمارة
لقد كان سلمان الفارسي يرفض الإمارة ويقول إن استطعت أن تأكل التراب ولا تكونن أميرا على اثنين فافعل. في الأيام التي كان فيها أميرا على المدائن وهو سائر بالطريق، لقيه رجل قادم من الشام ومعه حمل من التين والتمر، وكان الحمل يتعب الشامي، فلم يكد يرى أمامه رجلا يبدو عليه من عامة الناس وفقرائهم حتى قال له احمل عني هذا فحمله سلمان ومضيا، وعندما بلغا جماعة من الناس فسلم عليهم فأجابوا وعلى الأمير السلام) فسأل الشامي نفسه أي أمير يعنون ؟!ودهش عندما رأى بعضهم يتسارعون ليحملوا عن سلمان الحمل ويقولون عنك أيها الأمير فعلم الشامي أنه أمير المدائن سلمان الفارسي فسقط يعتذر ويأسف واقترب ليأخذ الحمل، ولكن رفض سلمان وقال لا حتى أبلغك منزلك. سئل سلمان يوما ماذا يبغضك في الإمارة ؟ فأجاب حلاوة رضاعها، ومرارة فطامها.
عهده لسعد
جاء سعد بن أبي وقاص يعود سلمان في مرضه، فبكى سلمان، فقال سعد ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟ لقد توفي رسول الله وهو عنك راض. فأجاب سلمان والله ما أبكي جزعا من الموت، ولا حرصا على الدنيا، ولكن رسول الله عهد إلينا عهدا، فقال ليكن حظ أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب ؛ وهأنذا حولي هذه الأساود ! فنظر سعد فلم ير إلا جفنة ومطهرة، فقال سعد: يا أبا عبد الله اعهد إلينا بعهد نأخذه عنك فقال: يا سعد اذكر الله عند همك إذا هممت، وعند حكمك إذا حكمت، وعند يدك إذا قسمت.
فضله
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلِي نَبِيٌّ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ رُفَقَاءَ نُجَبَاءَ وُزَرَاءَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حَمْزَةُ، وَجَعْفَرٌ، وَعَلِيٌّ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَالْمِقْدَادُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةُ، وَسَلْمَانُ، وَعَمَّارٌ، وَبِلَالٌ ".
وقد قال فيه الرسول: "سلمان منا أهل البيت".
وفاته
كان سلمان يملك شيئاً يحرص عليه كثيراً، ائتمن زوجته عليه؛ وفي صبيحة اليوم الذي قُبض فيه ناداها هلمي خَبيَك الذي استخبأتك فجاءت بها، فإذا هي صُرّة مِسك أصابها يوم فتح جلولاء، احتفظ بها لتكون عِطره يوم مماته؛ ثم دعا بقدح ماءٍ نثر به المسك وقال لزوجته انضحيه حولي، فإنه يحضرني الآن خلق من خلق الله، لا يأكلون الطعام وإنما يحبون الطيب. فلما فعلت قال لها اجفئي علي الباب وانزلي ففعلت ما أمر، وبعد حين عادت فإذا روحه قد فارقت جسده، وكان ذلك في عهد عثمان بن عفان. وقد تولّى دفنه والصلاة عليه وتجهيزه علي بن أبي طالب وقد حضر عنده قادماً من المدينة إلى المدائن في العراق. مقامه يقع في مدينة المدائن على بعد 2 كيلو متر من نطاق كسرى؛ وقد سمي المقام باسم "سلمان باك" أي "سلمان الطاهر"، وهو قريب من مشارف بغداد العراق، وقبره عليه قبة ومسجد وصحن كبير، وبجانبه قبر قيل أنه للصحابي حذيفة بن اليمان.













التوقيع


الجنة تحت أقدام الأمهات

  رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حب الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالناصرطاووس نبع الإيمان 10 03-30-2016 10:08 AM
من ألقاب الصحابة رضوان الله عليهم الوليد دويكات نبع الإيمان 11 09-13-2012 10:49 PM
هل أسقطت فريضة الحج عنهم ؟؟؟ هيام صبحي نجار المقال 6 11-13-2011 04:31 PM
ألقاب الصحابة رضوان الله عليهم شاكر السلمان نبع الإيمان 2 08-26-2011 09:31 PM
لا تبحث عنهم .. يا حنيني ..! نور حيدر إنثيالات مشاعر ~ البوح والخاطرة 7 11-04-2010 04:11 PM


الساعة الآن 08:41 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::