؛
؛
شيءٌ ما يحضرني مِنك،
يوثّق الحُب على خارطة الوجع، ويطهّر إيماني بكَ من خطيئة الهجر ..،
الليل القاطن في العظام حدّ مسقط النخاع،
غواية الريح للأوراقِ الصفراء للتسكّع في شوارع تحبل برائحةِ الشقاء ..،
عِراك الساعات في الوجوه الذاهبة للاشيء..،أحلام الصغارِ المُلتصقة
بكسرة خبزٍ يابسة ..
وذاك البحر الغائب في البكاء ريثما يهشّ المطر الأخرس أكواز الملح الثقيلة
عن جسده المكوم بين أطلال النوارس المهاجرة ..
تهبّ بكلّها من بحة صوتك المأسور في حائط المنفى ..
أبحثُ عن نفسي الضائعة فيك مُنذ الصرخة لآخر حقيبة تحمل في أحشائها غبار المطارات
وتسبح فوق لمعة الدمعِ في العيون الملوّحة بالأسى ..
أفتشُ فيك عن أراجيح الطفولة ..،
عن لون الأرض المخصّب بعرق الأجداد ..، وعن قصيدة عودة يغني الحمام على مآذنها نشيد الوفاء ..
قومي ياقطرة الحبر،
فلن أهتك ستركِ البارد بحمى أصابعي،
قومي وتناوبي هذا المساء التشريني الحزين ،
فقد تمدّد بملء الأرق في مساماتي وخنق هدير الوتر الخافت ..!
أنا لاأكتب ، بل أشهق هواءَ الإختناق من الطرفِ الآخر من حياة ،
أنا لاأُكدّس الشوق لخريرِ ينابيعك الغائرة في الطين ،
لكنّي أستدرج المعنى المُخبأ في سريرة الحلم المدفون هناك في معابدِ الذاكرة ،
وقتَ كنتَ الزّند الحاني الذي أُخبئ فيه رأسي الصغير،
وأعلّق عليه أملي في غدٍ يبخّر الأرض بزغاريدِ الشمس ،
وقتَ كنتُ أُطْلق في مداك الشامخ طائرتي الورقيّة وأنا أعلم أنها لن تهبط إلا على ظهرِ السحاب ..
أجترُ قلبي الراحل في بقايا ضمائر أقسمت لك على الولاء حدّ انتهاء الدماء ،
في محاولة يائسة لقطف ندف الفرحِ من حُنجرة الوقتِ المتشبث
بتلويحةِ الضّوء البعيد ..
أتمرسُ مساءً يشبهك كثيرا ياحبيبي ،
مساء كسنبلة لاتكسر مخالب الجوع النّاشب في ريق الوهن ..
مساء غائما كلونِ الأشياء العالقة في سُرة فمك ، كخَطْوك الغامض في الحبّ ..
كطعمِ الرجفة التي تتقاسمها مع ظلالٍ بلا هوية وتخرج منها بلا ملامح
غير وجهي النّابت على ستائرك الفاضحة ،
غير حفنة زعفرانٍ أورقتْ على شفتيّ حين كنتُ أردد إسمك
كلّما قبض الحنين صدري ..
تشرين يُشبهنا كثيراً حين يكوّر الشمسَ في عُبّ الضباب وكأنّه يقتص من رعشةِ يديْنا
التي لم تعدْ تتوضأ بمسّ من حميميةِ الدّفء ،
تفرك صَبار الإنتظار الملتف حول المعاصم ..
وتتذوق لذة الإنسكابِ القدري في محطةِ وصولٍ بعد عُمريْن من التّشرد في الذبول ..
تشرين رصاصة زيّفوا لها وجهتها فاحترقتْ وهي تبصُق مسيرتها العمياء .. !!
تشرين صوت الجسدِ الكهل الباحث عن قِبلته، وصراخ أرواحٍ مازالت طريّة
ترسم الآن فوق جثتينا جسراً للعبور .
/