حنيـن
لا تُكثر المُكثَ في الأشجانِ مُنتظِـرا
واسلكْ طريقاً إلى الأحباب مُختصَـرا
في غيْبةِ الفجر أَوْجدْ في الدُّجى أملا
ولـــوِّنِ الليــلَ حتى يبـــزُغ القَمـــرا
هُوجُ العواصف تخبـو بعد قسـوتها
ويَكسـر الموجَ من في اليمِّ قد صبرا
*******
هــا قد أتاكَ عبيـرُ الشَّـوقِ مُعتـذرا
بعد الغيـابِ , فلا تظلمْ من اعتَـذرا
فرَّتْ نسـائمه - يا قلبُ - من وطنٍ
أضحتْ قـلائدُهُ الأصفـادَ لا الــدُّررا
تمضي به الرّيحُ من عسـفٍ لعاصفةٍ
فلا ترى العينُ إلا الـدَّمــعَ والكـــدَرا
وتتـــرك الأرض أوصـــالاً مُقطَّعــةً
فإنهـا الظبيُ , والجزارُ من أَســـرا
وأصبــحَ الأهلُ في أوطـانهمْ مِزَقـــاً
بين الحواجـز يقضي بعضهم وطـرا
*******
هـبَّ النَّسـيمُ من الأقصى وجارتِـهِ
كعـايق الورد فيضـاً طاهراً عطـراً
يُفجِّــرالوجـد في أنفــاس ذاكـرتي
ويبعث الشـوق لحنـاً عانقَ الوتـرا
فاسـتَنفر القلـبُ أشـجاناً مُؤرِّقـــةً
وسـاخنُ الدَّمع من أحداقيَ انحـدرا
والذكــريات تــداعت فــي مُخيِّلتي
فأيقظتْ في دمي الأطيـافَ والصُّوَرا
كأنهـــا الغيـد هبَّـتْ من مخادعهـا
تترى وتشـعل في أعمـاقي الفِكَـرا
أو كالفراشـات حطَّـت في مخيلتي
كأنمــا الثلـج فوق الزهـر قـد نُثـرا
تزهو بها النفـس أيامـاً على وطنٍ
في راحتيه أذابَ الشَّمـسَ والقَمـرا
حتى بدا العشب مثلي حين أبصـره
يختـال تيهـــاً طفوليـاً ومـا كَبــــرا
يا أيهـا الشـوق لَملمْ بين أوردتي
كل الحكايـــا وأمعن بينهـا النَّظــرا
هل من حباكَ كطُهر الأرض راحلـةً
أو من رعاك إذا أمسـيت منكســـرا
أو مثل أرضي بها الأديان قد نُسجت
أو مثل أرضي بهــا التاريخ قد بَـذرا
في باطن الأرض أسـفارٌ وخارجهـا
ما يُنطق الماءَ والأشـجارَ والحجَرا
وتُسعف الحرف إن ضنت معاجمـه
بين الحروف وإن ضاقت به اندحـرا
آثـــارهم بقيت تتـرى وليــس لهـم
بعد الغروب سوى ما غاب واندثـرا
مــن عهـــد آدم والأيــــام تطلبهــا
فهي الغزالـة يزهو منْ بها ظفـــرا
من عهـد آدم والأشـجان تسـكنها
لكنهـــا أبـــدا للغــدر من بتـــــرا
كل الحكايــــا أحافيـــــر يورثهــا
ليث لشـبل إلى أمجادهـا انتصـرا
بوابة الشـرق كيف النهــر يحجبهـا
وضفة النهر تشكو السمع والبصـرا
تســـتل من وجـع الأيـام جذوتهـــا
وتشـــعل الليل كي لا تفقـد الأثـــرا
هـذي فلســـطين لـــم تركـع لعاديــة
مهما علا الخطب في الأحلام وانتشرا
هـذي فلســـطين والأيـــام شـــاهدة
كم مر عنها وكلٌ خـاب أو خســـرا
فــالثـم ثراهـا ولا تيـأس فــإن بهـا
خير الرسـالات خطت فوقها العبـرا