إلى كل أم صنعت الحياة ، إلى كل أم نظرت بعين العز في ابتسامة ابنها الشهيد ، إلى كل أم على امتداد هذا الوطن الذي تتمزق فيه أكباد الأمهات ، إلى كل أم كانت ستصبح أما ولكنها قدمت أمومتها قربانا للوطن
أمـــــــي
هل تنحني هاماتنا إلا لها؟ هل نرتقي نحو العلا من دونها ؟ أماه ....وانتصر الزمانْ أماه ..... وانتشر الأمانْ أماه .... وابتدأ الربيعْ أماه .... يا أحلى ربيعْ وعلى ضفاف الكون ينساب الحنانْ لولاك يا أم الحياةْ ما كان في الدنيا وجودْ ما نسّمت نسمات عطر للورودْ ما كان في الدنيا وطنْ ما رفرف الطير المغرد في الفضاءْ إلا إذا احتضن الجمال جمال وجهك والضياءْ أماه كالينبوع بذلا في العطاءْ تعطي الحياة لكل حي في سخاءْ والقلب يعزف حبه في كبرياءْ لحن الخلود لكل حي في البقاءِ وفي النماءْ حين ابتسامات الأمومة تزدهي تتراقص الأزهارفي الكون البديعْ تتناغم الأفنان في فرح الربيعْ وتهامس الكونَ السواقي مفرحات ضاحكات يا دفء حضنك في الليالي المثلجة يا قبلة الزمن الذي يحنو على الافاق في عبق الوهادْ في لمسة من كفك الحاني الرقيقْ أجد الأمان .... امان نفسي في الحالكات من الزمانْ في بسمة .... في قبلةٍ لجبينك الحاني المعطر بالإباءْ فعطاء أمي لا أفيه مدى الحياة إني لأقسم إنني ها قد عجزت عن الوفاءْ يكفيك فخرا في الصباح وفي المساءْ أنت التي أرضعتنا حب الوطنْ وزرعت في أحداقنا كيف التحدي للمحنْ ؟ أنت التي قد زغردت في يوم أعراس الشهيد ْ انت التي من صنعها ولدت بطولات الرجالْ وعلى يديك تعلم العظماء صدقا في التحدي للمحال وتعلمت منك الدنى كيف الشموخُ ؟ وما الإباءْ؟ فلتكتبوا وعلى صفائح قبرها فلتكتبوا رقدت هنا أم مقدسة الرفاتْ كانت على مر الزمان سخية ً تلد الحياة كريمة ً شهداؤنا من صنع هاتيك الأنامل قد اينعت كل الحقول وأينعت كل السنابلْ هيا نحج لقبرها .... ندعو لها رباه خل الأم في العلياء في جنات عدن ٍ في صفوف الأنبياء
إهداء
* إبراهيم حسون
لأمي ...
أيقظت عصافير الروح ,
طيرتها صوب السفوح
... لتغسل الليل ...؟
: عن عيون الصباح ,
وهدب زهور البراري ,
وسَرَحتْ في مناكبها
تلملم النشور .
آهات ....؟
: حتى يورق الحطب ْ.
لصباحات " القرندح ",
لتلال الندى ,
تُهِيْوِنُ أسفل الوادي ,
تكحل خافقات الأرض ,
لأبي يجالس تينة أمي ,
بعد صلاة الفجر ,
يلف ورق تبغه ,
بادئاً يومه ,
بالصلاة على محمد وآله ,
على الدنيا وما فيها ,
متكئأً على أبي تراب ْ.
لموسيقى الندى
على جفون القرى
لنهدةِ نهدٍ
فوق ضامرٍ
آه....؟
: تنعش رميم الروح .
لعشقٍ عتيقٍ ,
بين عتبات الطيبين .
لياسمينٍ يوزع بوحه ُ,
على مرايا الجفون العاشقة .
لنسيم الشرفات السهرانة
آهات ....؟
: تفتح شبابيك العمر
لرفيقةٍ ....
تكتبني ...؟
صفحاتٍ حارةْ ,
دمعاً على مهل ْ,
معلماً على درب ْ,
زهراً على سفح ْ,
نقشاً على صخر ْ,
حكايا في مقل ْ,
سكابا بمنجيرة قصب ْ,
آه....؟
: وحتى ينقطع النفس .
لدروبٍ تغرينا ...؟
بنهدٍ وطفلٍ وتفاحةْ
تسرق خطونا ..؟
إلى كهوفِ الثرى ,
غير ملتاعة ْ
هو تابوت العمر ,
والأيام خشبه المر,
وأقدامنا الخْيّال ,
والأرض رماحة ْ.
صحيح يا أمي إنني سافرت كثيراً
وكبرت وتغيرت نظرتي للحياة
ولكن لا أزال أحتفظ بمنديلك الحريري الأبيض
ولا زلت أذكر نغم خطواتك الصباحية ونحن صغار
أفيقوا يا أبنائي حان وقت الذهاب إلى المدرسة
( العتبة نصف الطريق يا ولدي )
الآن نعود للنوم يا أمي ليتك تأتي وتوقظينا
حتى لا يسبقنا الزمن الذي لا يقف لأحد
يونس يوسف
أبو هاشم
ظلّت أمّي تعتقد إلى هذا الوقت أنّ ما تحتفظ به من أشياء في خزانتها وفي صندوقها الخشبي كنوز نفيسة لا يمكن اتلافها ...
وكم كان غضبها يشتدّ وأنا لا أتراجع عن الحاحي لتتّخلص من بعضها كلّما زرتها بالبيت ...
لازالت إلى سنّها هذا حريصة على تعهدّها وصيانتها من التّلف ...تراقبني عند مساعدتها على ذلك وتصرّ على سرد تفاصيلها وتواريخها ....وتظلّ بياناتها تتقاذفني وهي تحدثني عنها وقد بلغت سعادة قصوى
ولأمّي قدرة فائقة تجعلني منبهرة مشدودة ومتابعة حتى أشعر أحيانا أنّي أهتزّ وأغرق وأستوضح وأصفّق وأعضُّ على شفتيّ حسرة...فلا أخفيها ألفة وحبّا لأشيائها وهي تحدّثني عنها...
في المطبخ تصفّف الجرار الفخاريّة كمهرجان إذ تذكّرها بزمن العولة والسّواعد المغناج التّي قد تفنّنت في اعداده ، والبخور يعبق والزّغاريد تملأ الجو وصحون الحمّص المقليّ المتوهّج يطوف على صويحباتها
و في القبو جلود وأنطعة وأواني من النّحاس وأصص مزركشة طارت عرى بعضها وبهت لون بعضها الآخر ومازالت تفوح منها نبتة الزّعتر الجبليّ والاكليل وستّ مريم والعطرشاء والحبق وفلّ الغدران تحتفل بها روحها وتتخفّف من أحمالها وهي تتوهم أنّ القمر يلقي وشاحه عليها ليدثّرها بحلم ما
مضى من حياتها
وفي ركن من أركان غرفتها صندوق خشبي من الخشب الرّفيع يفضح ويبوح بالأسرار
تشتاق أمّي إلى فتحه فلذكرياتها فيه مذاق...
هذا عقد من العنبر والمستكة والصّندل وعود القرنفل وكوكتال من العطور الخامة أهرمه النسيان بعد موت أبي
فلم يتدل على جيدها ولم يعد لرائحته أثر ...
وهذا عقد من الخرز الملوّن قد يحنّ قلبها وتبكي أذا رأته فتصير مترددّة في أن تهبه اليّ ...أو لا تهبه
وشمعدان ومكحلة متقادمة ...
وفوضى أخرى من الأشياء القديمة ....
وماذا عن كرسيّي كاد يدخل التّاريخ الأثّري بساقه المقطوعة..... ينتصب في السّقيفة في أبّهة من جلس عليه تحاصرها ذكريات وذكريات وهي تجلس قبالة أبي والجمر يولول في الكانون واعدا بدفء الحياة بينهما ....
لم أكن لأدرك عوالم السّعادة التي ترفرف هنا في بيتنا بأشياء قديمة...لولا توافدي المستمرّ على بيتنا وانصرافي لترتيب البيت وتنظيفه ...ولولا نبضها في نفسي بما نقلته أمّي بمعدنها الجميل البسيط لما كان الأنفلات هذا لحروفي رنّة وتر فجّرتها فيّ أمي وخوافيها الدّافئة
فكم أحبّ أشياءك يا أمّي.....
إلى أمي التي
ما زالت تعتبرني طفلا...
أحبو على سجادة صلاتها..
إلى أمي التي
سألتني ذات ربيع باك :ما الشعر..؟
قلت :هو شيء شبيه بصلاتك..
فراحت تصلي لإله بعيد..
ورحت أصلي ..!
يا صوت عقلي وقلبي ..
يا حضن السلام وشعلة الإيمان...
ويا شموع الأمل البسام ...
يا سرب نساء في امرأة واحدة ..
يا جمعا بصيغة مفرد ..!
ها هوذا عيدك .. سيمفونية الحياة .. وها هي ذي الكلمات عاجزة عن التعبير عن نفسي التواقة إلى نجم جريح .. فتغردين لي بالأمل وتذرفين أخيلة ملائكية .. تعلنين انبعاث الفينيق من رماده ليحلق بعيداً في سماء الحب الأول ....
أمي التي :
تلوذ بظل الحنـان وتشـدو
لديها الأمومة مهـد ولحـدُ
تطوف بأشواقهـا كـل واد
على شفتيهـا صـلاة ووردُ
تنام وسادتها الحب ، تصحو
فكل الوجود رضيـع ونهـدُ
هي الأم أمي التي من عبيـر
له من صداها خلود ومجـدُ
خلقت من الحب كلـك حـب
فلا أرتوي منك قبـل وبعـدُ
قوافي الطبيعة حولـك عقـد
فنجم يـروح وآخـر يغـدو
وأنت الصباح المضرج عطرا
على راحتيك سرور وسعـد
فأنت الطبيعة خصبا عطـاء
ووجهك برق وقلبـك رعـد
وأبقى على العهد أرفو خطاي
على طرقات الطفولة أعـدو
أنـا طفلـك الأبـدي انــا
بقلبك حيـن الزمـان يشـد
ألوذ أجل كـل شـيء لديـه
حدود وحبـي لهـا لا يحـدُّ
أمي التي عجزت عن تخويفي من العيون والعفاريت والخرافات الجميلة...
لم تعجز عن تفجير نبع الحب حتى آخر غريق..
ترى :لو خلت الدنيا منها هل كانت ثمة دنيا..؟
مهما أوتيت من الكلام شعرا ونثرا فلن أستطيع أن ألبي أوامر القلب ونواهيه... هذا القلب النابض بعيدك .... هذا العيد الذي يضفي على الوجود معنى فريدا .. تزينه سنابل الفرح وعناقيد الأمل .
لذلك ظلي أمي الأبدية لأظل طفلك العابث اللاهي بفراشات الطفولة والأمومة .. لأظل أزرع الحبق على ضفاف العمر... أجل ظلي أمي الخالدة… لتبقى طفولتي مرحة.. بريئة.. بعيدة عن سنابك الزمن وتجاعيد الأيام …!
أنـت يـا أمـي نبـع كـل حـنـان ورفيـف المنـى طــوال الـزمـانِ فإلـى صـدرك الشـفـوق مــلاذي وعلـى قلبـك الخـفـوق مكـانـيِ أي شـيء يفـوق وجهـك نــورا وعلـيـه كـواكــب و أغـــانِ أي وصـف يليـق بـالأم .. أمــي إنـهـا فــوق قــدرة الـفـنـان أنـت يـا أمـي سـر كـل جـمـال عـبـقـري مـعـطـر فــتــان أنت عنـدي سنابـل الحـب تتـرى وأكالـيـل كــل قـلـب قـــان أنـت عـيـد و بهـجـة لـفـؤادي ورفـيـف الأشــواق و الألـحـان فـي يديـك الصبـاح يجـري نقيـا فكـأنـي بــه يـشـق عنـانـي حين ينساب صوتك العذب في عـمـ ق فـؤادي يهزنـي مــن كيـانـي حيـن أرنـو إلــى النـجـوم أراك لا أراهـا فـأنـت نـجـم الأمــان حيـن أبقـى مضرجـا باغتـرابـي أحتسي مـن خطـاك نبـع الجنـان أنـا فـي عيـدك العظيـم أغـنـي و معـي كــل عـاشـق حـيـران أنـا فـي حضـرة الأمومـة طـفـل يتهـادى فـي أجـمـل الأحـضـان آه لـولاك مــا شــدا أي طـيـر أو تبـاهـى بقبـلـة عـاشـقـان فاعذرينـي إذا أنــا لــم أنمـنـم واعذرينـي علـى قصـور بيـانـي آه أمـي.. ظلـي بقلـبـي ضـيـاءً و أفيضـي عـلـيّ كــل حـنـان وأعيـدي طفولتـي مــن جـديـد ضقـت ذرعـا بشيبتـي و هوانـي و اقذفينـي علـى المـروج لألـهـو مـع قــط و أرنــب و حـصـان بـك أمـي تزهـو الطبيعـة حسنـا بـك صــدري يـضـج بالإيـمـان ليـس للدنيـا أي طعـم و معـنـى دونـمـا ثـغـر أمــي الـمـلآن كلـمـا دب فـــي داء عـضــال كنت لي البلسـم الـذي كـم شفانـي كـل عـام و أنـت حلـم حيـاتـي كـل عـام و أنـت فـي وجـدانـي أنـت فـي خاطـر الزمـان نشـيـد يتـراءى لـكـل إنــس و جــان أنـت و الـحـب تـوأمـان فــأي مـنـكـمـا أول و أي ثـــــان؟ لا تغيبـي فإنـنـي قــد تـعـود.. ت علـى رؤيـة النسيـم الحـانـي لـيـت آذار لا يغـيـب طـويــلا فـأنـا لا أطـيـق غـيـر ثــوان ليـس عنـدي هديـة غيـر حـبـي يتغـنـى بلـحـنـه الأصـغــران كل أرض من دون خطوك سجـن.... ضقت ذرعا........... بخطوة السجان حين ضاع المكان........ كنت مكاني حين ضاع الزمان........ كنت زماني
تمنع الريح عني
وموج السغب
ثم تنفض عني
غبار التعب..
وتموج عواطفها
كسنابل من فضة وذهب
وأنا الولد المستحيل..
أحوك مداي بأغنية ولهب
وأفيض كما النزف
أسرج أخيلتي
وأروض وحش التعب
تسوق قطيع الغيم التائه
في مراعي آذارالجريح
تصب الأمومة في قدح العمر
فيغدو الكون أوسع من الكون
ويغدو قلبي مغدى للفراشات
ومراحا للنيازك ...
علياء محرابها
وأنا أتساءل:عما بها...!
وأمد الكلام الجميل
بساطا على بابها
لأنك أمي..
تصير الطبيعة أحلى
ويغدو جميع الشعوب..
جميع القبائل أهلا
وأصير أنا
زيزفونا وفلا
آه..آذار..
يا وجع القلب.. والذاكره
يا سماء مضرجة بصلاة الأمومة..
ونكهتها العاطره
يا هبوب الدم في الروح
يا مطرا..
لم يعد كسماواته الماطره
ثم نجم بعيد.. يضيء
إنه وجه أمي الذي
حفرته السنون
فصار ملاذا ..مزارا
لرؤاي الضليلة والحائره..!