لا تَعتذِرْ
لا تَبتَسِرْ سِحرَ اللِّقاءْ
كلٌّ بِصُحبتِنا سَواءْ:
لا الحزنُ عكَّرَ صَفوَنا
أو زادَ فينا الفَرحُ شيئا حينَ شاءْ
نَحنُ ابتسامُ الرُّوحِ حينَ تَبوحُ بينَ مَواجعِ الأشياءْ
وبِعشقِنا يَغدو الزمانُ يَمامةً
طارتْ إلى أحلامِنا دَيمومةً
أزليّةً أبديّةً لا تَرهَـبُ الأنواءْ
لا فَرقَ بينَ سُـكوتِنا
أو شَدوِنا أو ضِحكِنا
كلُّ المعاني دُونَنا مجهولةُ الأسماءْ
لا تَعتذرْ
لا تَعتذرْ
لا شيءَ يَفصلُ بينَنا كي تَبتَدِرْ
إنّي احتضَـنتُكَ نَبضةً في صيحةٍ لم تَنفجرْ
إنّي نَزفتُـكَ رِقّةً في لَهفةٍ لم تَنتَـظِرْ
ورأيتُ في عينيكَ تَحناني انعكاسًا
لارتجافٍ زارَ عينيَّ انعكاسًا
مِنْ غُيومٍ في فَضائكَ تَنتـشِرْ
لا تَعتذرْ
الوهمُ جاءَ وقدْ عَبَرْ
ما عُدتُ أذكرُ بَعدَ حبِّـكَ ما الخَبرْ
ما عدتُ أذكرُ أيَّ شيءٍ غيرَ أنّكَ لي أنا دُونَ البَشرْ
وإذا أردتَ فحينَ تَطعنُني، فُؤادي كالحَجَرْ
مُدَّ البصرْ:
لا النَّصلُ مَرَّ ولا انكسَرْ!
وأردتَهُ أو لَمْ تُرِدْه: هوَ الرَّقيقُ لِنَبضِ قلبِكَ، كالأغاني للوَترْ
وهو السَّخِيُّ على رُبوعِكَ بالحَـنانِ كما المَطرْ
وهو انفجارُ النارِ دُونَكَ حينَ يَقربُكَ الخَطَرْ
هو مِلكُ أَمرِكَ، أنتَ فيهِ سكنتَ يا أغلى البَشَرْ
فاسْـعَدْ بِمُلكِـكَ ما تَشاءُ كما الأميرِ المُنتَصِرْ
لا يا أنا: لا تنكَسِرْ
لا تَعتذِرْ
لا تَعتذِرْ
محمد حمدي غانم
18/5/2013
تَناءى سَنا الحُـلمِ عنّي وفَـرّْ ... وسافرَ في العمرِ هذا القَفَـرْ
ولم يَبقَ في القلبِ غيرُ الشجونِ، وذِكرَى شعورٍ بِشِعري انضَفَرْ
تُسائلُ طيفَ التي لم تُبالِ بهذا الذي في الفؤادِ انحَـفَـرْ:
لماذا تلاعبتِ بالعاشقينَ، وحطَّمتِ في الوهمِ بَعضَ نَفَـرْ؟
وأَرديتِ بالغدرِ قلبَ الحبيبِ، وللبدرِ في لَهَفٍ قد طَفَـرْ؟
وكنتِ عليَّ أنا صعبةً، ومَن لم يُعانِ هَواكِ ظَفَـرْ؟
وإنّي الذي أشعلَ الشِّعرَ شوقا بتنهيدةٍ، واللهيبَ زَفَـرْ
وإنّي الذي مزّقَـتْهُ الجُروحُ، ومِن فَرطِ تَهيامِهِ قد غَفَـرْ!
ووفّيتُ في الهجرِ رغمَ الظنونِ، وآمنتُ بالحبِّ حتّى كَفَـرْ!
فَهَا أنتِ ـ يا أنتِ ـ كِذْبٌ جميلٌ، وإنَّ الدليلَ عليه وَفَـرْ
فلم تَنهَـلي من عُيونِ الحَياءِ، ولم تَعرفي قَـطُّ معنى الخَفَـرْ
فَـلُمّي حقائبَ هذا الشعورِ، وهيا فهذا أوانُ السَّـفَـرْ
ولا تَذكريني إذا هلَّ صُبحٌ، وطيرُ الربيعِ لإلْفٍ صَفَـرْ
لقد زالَ عنكِ قِناعُ الجمالِ، ومنكِ فؤادُ المُحبِّ نَفَـرْ
فَعيشي مَدَى الدهرِ بينَ الحُـفَـرْ ... فـإنَّ الخيـانــةَ لا تُغـتَـفَـرْ
محمد حمدي غانم
17/1/2013
____________________
* القَفْـر: الأرض الخالية.. والقَفَر مصدر الفعل قَفِرَ.
* ظَفَرَه: أنشبَ أظفاره في لحمه.. بينما ظَفِرَ به: أي فاز به.
* الخَفَر: الحياء.
* صَفَرَ: أطلق صوت الصفير.
الموتُ في هذي البلادِ
يأتيكَ حتّى لو تُغنّي "تَسلَمُ الأيادي"!
يأتيكَ عَدْوًا في قِطارِ المزلقانِ المُستباحِ من الفَسادِ
أو في عَـقارٍ خَـرَّ يَحضُنُ ساكِنيه بلا مَعادِ
يأتيكَ حَرقًا:
• بالوقودِ على الطريقِ بليلِ طنطا والضحايا في ازديادِ
• أو بالقنابلِ حينَ تَفويضٍ مَنحتَ لِفَضِّ رابعةٍٍ لِتندَحرَ الأعادي!!
فالموتُ قاضٍ عادلٌ، حقٌ على كلِّ العبادِ
سِيّانِ في ثَكَلٍ لديهِ:
• مَنْ ارتضَى بالذُّلِّ وانتدبَ الطغاةَ إلى التّمادي
• أو مَن أتاهُ شهيدَ صِدقٍ ثَغرُهُ بالحقِّ شادي
• أو طالبٌ في الجامعاتِ يثورُ سِلميًّا فَيُدرجُ بالعِدادِ
• أو أزهريٌّ حافظٌ لكتابِ ربِّ العالمينَ بِشرعِهِ دوما يُنادي
• أو غاضبٌ متظاهرٌ يُغتالُ غَدرا في المَعادي
• أو ألفُ مِسكينٍ بقاعِ البحرِ في عبّارةِ الموتِ التي فاقتْ سواها في المَزادِ
• أو بائسٌ من تحتِ أنقاضِ الدُّوَيقةِ أو سواها من عَوادي!
• أستاذُ جامعةٍ
• طبيبٌ،
• صيدليٌّ،
• عالمٌ،
• خِريّجُ هندسةٍ
• فقيهٌ،
• خيرُ أدمغةٍ يكافئها الرَّصاصُ بلا تفادي!
فَاهْـرُبْ بجلدِكِ ما تشاءُ
وطِرْ على بعضِ الحصيرِ كسندبادِ!!
ما لم تُغادرْ ِبرَّ مصرَ فأنتَ رَهْـنٌ في سجونِ الموتِ والحبسُ انفرادي!!
• في الجامعاتِ،
• على الطريقِ،
• بأيِّ مستشفىً مُهانا،
• في فراشِكِ نائما،
• أو في السجونِ مُعذّبًا،
• بالخنقِ في سيارةِ الترحيلِ،
• قَنْصًا في ميادينِ التظاهرِ،
• في القطارِ،
• مُكبّلا بالصمتِ،
• أو من مانحي التفويضِ،
• أو من طالبي شرعيّةً
• أو مدّعي ثوريّةً
• أو من فلولِ المجرمينَ
هو المصيرُ لنا أُحادي!!
والذلُّ صارَ إليهِ حادي!
فالموتُ في هذي البلادِ
شيءٌ طبيعيٌّ وعادي!!
لا تَنسَ: أنتَ مواطنٌ
دومًا تموتُ كما الجرادِ!!
محمد حمدي غانم
10/12/2013
سأنساها
كأنَّ الشِّعرَ خاصمَها وما غنّى بنَجوَاها
كأنَّ القلبَ من صخرٍ ولا يَهفو لِلُقياها
كأنّي لم أكُنْ حُلمًا تُهدهدُه حناياها
سأنساها
سأُخمدُ نبضةً حَرَّى
تَئِنُّ الآنَ في صدري وتحيا عُمرَ ذِكراها
سأطمسُ نقشَ صورتِها على جُدرانِ أحلامي
وأنزِعُها من القلبِ الذي ما زالَ يَهواها
وأنساها
وآلافًا من الأبياتِ كانَ الحلمُ يَسكنُها وطيرُ الشوقِ غنّاها
ستهربُ من أميرتِها
وتَصمتُ مُرَّ غُصَّـتِها
وتَهجرُ بدرَ لَيلَتِها
وتَنْسَى وصْفَ لَيلاها
ستمحوها
وتذروها
بدربِ مسافرٍ تاهَا
أضاعَ العمرَ يَرجوها
ولا ما ذاقَ حَلوَاها
ولم يَظفرْ ببسمتِها، ولم تَحضُنْهُ عيناها
لقد نَسِيَتْهُ من دهرٍ، وأنَّى كانَ يَنساها؟
أما قد كانَ ناجاها؟
أما بالعشقِ غنّاها؟
أما دَومًا تمنّاها؟
سأنساها
أُصِمُّ الأذْنَ عن شَدوٍ إذا ما الطيرُ ناداها
أَغُضُّ الطَّرْفَ عن زهْرٍ على خدّيهِ أنداها
وأكتمُ هذه الأنفاسَ عن عطرٍ تحلاّها
وأسلو النجمَ والنجوَى ولَذْعَ الشوقِ والآهَا
وبدرَ الليلِ إذْ حاكَى على خجلٍ مُحيّاها
فيَحكيها بروعتِه، ولا ما كانَ حاكاها
سيَبقَى وجهُها أحلى، ألا ما كانَ أحلاها!
فما أدناكَ من بدرٍ، وما في الحُلمِ أقصاها!
سأنساها
أكيدٌ سوفَ أنساها
أأهوَى من يُعذّبُني وهذي النفسَ أشقاها؟
وأرضَى أن أسامحَه، وأحزاني تَولاّها؟
بَخِيلُ القلبِ لا جدوَى، شحيحُ اللفظِ إنْ فاها؟
فما للقلبِ لا يَنسَى، كأنَّ الموتَ لولاها؟!
سأنسَى أُنسَ بَسمتِها ولَهْـفي حينَ مَرآها
وأنسى زهرَ روعتِها إذا آواهُ خدّاها
وأنسى أنّني يوما، فُتِنتُ بِسِحْرِ دُنياها
وأنسى كيفَ أذكرُها وأنسى كيفَ أنساها!
لقد خانتْ محبّتَنا، وإنّي كنتُ أحياها
وأدمتْني بطعنتِها، فماتَ الحبُّ جَرّاها
فقلبي الآنَ يُنكرُها، كما قد كانَ وفّاها
سأنساني لكي أنسى
سأنسانا
سأنساها
محمد حمدي غانم
24/1/2014