هذا الجبل الشامخ
كنتُ أرصده عن كثب ، مرة أجلس في مكان مقابله
وتارة أنتهز فراغ المقعد المجاور فأسرع مكانه ...
لأدنو منه أكثر ....في ظل تمسك عبد الكريم سمعون
الذي تمسمر قرب سيدة النبع ...وكل مرة اوشوشه :
اترك المقعد لغيرك ...يرد : لو كل الدنيا اجتمعت ما قمت من مقعدي
اريد ان ابقى بجانبها ....بس الليلة يا سمعون ، بداويك !!
بدي اول واحد اكون في المكان احجز مقعد ...وأخليك جنب نياز المشني ...
شاكر السلمان ...
كان صامتا ، منصتا لحديثنا ، رجل فارع الطول ــ ما شاء الله ــ له نبرة صوت فيها الشجن العراقي ..
يتكلم بهدوء ، كلامه رزين ، يُشعرك وأنت تتحدث معه ، بأهمية كلامك وحديثك ...تعمدتُ أن أقول الشعر
أمامه مرتين لأرى ردة فعله وكيف يستقبل القصيدة ..قرأتُ أمامه وأمام السيدة :
قد قال يوما صاحبي .....وكذا المعلم من زمن
أبنيَّ ارفع هامةً ...واجعل غناءك للوطن
......................الخ
كانت ردة فعله : قال : الله ...الله ...ونظرت له السيدة ، ونظر لها ..وحديث صامت طويل دار بينهما
وكانت كلمات اسامة الكيلاني تسافر في اذني : الله ..الله
فرد مسالمة في قصيدة ...كانت رائعة جدا ...
كنا على هذه الطاولة ...السلمان / السيدة / حلايقة / مسالمة / المشني / كيلاني
وكان سمعون منهمكا في الحديث مع الأكثر من رائع
فارس النبع الجديد / نزار السرطاوي
بس شو كانوا بيحكوا ( ما عرفت ) وكل شوي اطلع ع سمعون فيضحك ويقول : الوليد يتجسس علينا !!!
فريد مسالمة حظي الجميل كان بجانبي عند وجبة الطعام ....يعني كان متوصي بي كويس ...
ونزار السرطاوي كان مقابل عواطف ...يحكي معها وهي تحكي معه ، قلت لها : اتركيك من الحكي
القصة علشان تتركي الأكل وتحكي ....خاصة زوجته الرائعة جنبك ..
نياز المشني حسبها صح ، قعد جنب سمعون ، وكل شوي سمعون يقول لي : يا ريت يا الوليد تحكي لنا شعر ...
قلت له : محسوبك لا بيحكي شعر ولا بيعرف شي ...عند الأكل ما بعرف غير اسمع ....ضحك كثيرا شاكر السلمان
أطال الله عمره ....
رياض الحلايقة كان جنبي
وكان شاكر السلمان معنا ...
ومحمد ذيب كل شوي يغير مقعده ...
لما اجا جنبي كانت الإمدادات ...
تصل بسهوله ...وشوشت ابن شاعرنا الرائع محمد ذيب : قلت له : زي الصاروخ
جيب صحن بطاطا لي هنا ...اوعى سمعون يشوفه ....
وعاد بالصيد النفيس ...
ربما أحتاج من الوقت الكثير لأكتب عنه ، فالحديث عنه رحلة ، والرحلة مليئة بالزهور ، شاكر السلمان رجل لا يتكرر مرتين
لا تملك سوى أن تحبه لدرجة التعلق ...عندما قرروا أن يذهبوا ...( محمد سمير ، نزار ، عواطف ، وكان يجب أنا ) فقلت :
سأبقى حتى أتزود أكثر من شاكر السلمان ( تزود من الأقمار قبل أفولها ) لكنها عقارب الساعة كانت قاسية جدا ...
كانت أسرع ما يكون ...وكأنها في سباق للسرعة ...اعتذرت منهم وقلت سأبقى ...وقلت ل سمير : احنا نروح ونترك السلمان ، يجب ان أبقى معه اكبر وقت ممكن ...قال سمير : نعم الرأي ، اعتذر معنا وغادر مكاننا اسامة الكيلاني ) ..
شاكر السلمان ...مسافة طويلة تلك التي قطعها ، وسهر معنا حتى ما بعد الواحدة من منتصف ليل عمان البارد جدا ....جدا
لكن حرارة اللقاء ..كان لها دور في تجاوزنا لحالة البرد الجامد ...