على منْ يا ترى تبكي
بدمعٍ شجّ كالشوكِ
على أهلٍ بلا إلِّ
صغارٍ في يد النذلِ
صحارى في رؤى الناس
بلا وبْلٍ ولا طلِّ
وهل تبكي على وطنٍ
بلا ظلِّ
وحلمٍ صار كالطللِ
مضى يفنى على عجلِ
لمن ذا القول والكلمُ؟
لأهلٍ في الدجى نعموا
وما في وسعهم شبْرٌ
من الإقدام أو قدمُ
لمن في ذا الورى أشدو؟
وقد ماتتْ أخي الأسْدُ
وليلي كلما أعدو
كمثل البيد يمتدُّ
ولكني
برغم عواصفٍ ثارتْ
وزلزالٍ وإعصارِ
خيول الحرف قدْ سارتْ
ولمْ تعبأْ بإنكارِ
ولمْ تفزعْ لتسويفٍ
وتعليلٍ وأعذارِ
إن البيان من الفجيعة مرهقُ= لا الدمع يجدي لا الحروف ستنطق
صُب الجحيم على العروبة وانتهى= فصل جميل للحضارة مشرق
هذا الربيع أم الدمار أتى به= أعداؤنا نحو الحمى ليفرقوا
وهلِ العروبة بعد يأس تعتلي= عرش البرية في يديها البيرقُ
ما عاد في أيامنا حلم يرى= إلا غرابٌ بالمكاره ينعق
مالي أرى الثورات تدعو للردى=راياتها ولكل حسن تمحق
هذي العروبة قد تهاوى نجمها= وبكت على عهد الحضارة جلق
بغداد ما عادت أميرة ربعنا= عهدي بها فوق النجوم تحلق
صنعاء تلك الدار دار كرامة= كيف اعتراها في الزمان تمزق
مالي أراكم أهلنا في غمة= لا نجمة في أفْقنا تتألق
إن لم تهبوا للتجمع هبة= لا الغرب يبقى في غد أو مشرق
فدعوا التفرق إخوتي وتلاحموا= ودعوا الجدال فلن يفيد تشدق
لا تستجيبوا للغراب إذا دعا= فإذا استجبتم فالجميع سيغرق
سأبقى أسأل العرب = عنِ المجد الذي ذهبا
عنِ الأرض التي اغتصبتْ = وصارتْ في يد الغربا
عنِ الشمس التي أفلتْ = وما حنتْ لنا عجبا
لمَ الفرسان قدْ جبنوا= وسيف العُرْب قدْ تعبا
فلا فعل لنا يسمو= ولا قول لنا عذبا
وصرنا مثل قينات = نجيد الرقص والطربا
ملكنا النفط والذهبا= وعشنا نشتكي السغبا
قتلنا بعضنا بعضا = وأشبعنا الورى خطبا
سأبقى أسأل العربا= إلى أن أعرف السببا
وأدعو خيل همتهم= بعيد اليأس أن تثبا
فيغدو بعد غفوته = إباء العُرْب ملتهبا
ونغدو بعد كبوتنا = أباةً سادةً نجبا
أين دهر مرّ يسري بالجمال= يوم كان الحلْم ميسور المنالِ
يوم كنا نزرع الأيام ورْدا = ونرى التحنان موفور الظلالِ
لا فلاة الصد أبدت ناجذيها = أوْ غراب البين يدعو للقتال
ولّتِ الأفراح ويلي لا ربيع = يسكب الإلهام في قلب الخيال
فطيور الحسن ملّتْ منْ أساها =وجيوش الصبر صارتْ لاعتلالِ
وربوع الأنس أضحتْ مقفراتٍ= وفؤادي صار في أوج اشتعال
إنني أصبحت رهنا لاكتئاب = ومعين الحسن يجري للزوال
فدع الأوهام قلبي لا تبال = إنما أمر الأسى نحو انتقال
لا تهيج يا فؤادي نار شجوي = أو تراقبْ آملا بدر الوصال
غابتِ الأقمار ويلي ما دهاها= كيف تجفو قربنا شمس المعالي
فظلام الحزن أودى بالأماني = وطوتْ أحلامنا سود الليالي
ليس في الأقْق سوى رجْع النواحِ= وغرابٍ صاح في كل النواحي
أيعود العُرْب مثل الأمس قوْما= ليعيدوا سالف العز المباح
أم ْترى الأمجاد ولتْ دون عوْد= وبقينا نشتكي ضر الجراح
يابني الأعراب قوموا نحو مجْد = أطلقوا للعزم ميمون السراح
قدْ توارى ما عهدناه وولى = وغدا الديجور سلطان البطاح
بعدما كنا نجوم الكون صرنا = نلعق الأقدام في ذل انبطاح
واجترحنا ما اجترحنا من خنوع = ورفعنا لأخ أقوى السلاح
أيها الليل ألا فاترك حمانا = إننا اشتقنا إلى ضوء الصباح
قومنا الأبطال ماتوا= لمْ تعُدْ فيهمْ حياةُ
ندّدوا مثل قطيطٍ = ولهمْ في ذا لغاتُ
ومشوا مثل نساءٍ = وهمُ القوْم الأباةُ
بيعتِ القدْس بفلسٍ = ضيّع القدسَ الحماةُ
لا تقولوا نحن أسْدٌ = إنما أنتمْ بناتُ
مالكمْ في العير جحْشٌ = مالكمْ في الأمر شاةُ
بعْتمُ الأرض لفسْلٍ = فلكمْ منه فتاتُ
فجزاء النذل ركلٌ = وبصاقٌ يا بغاةُ
ملك الأمر أباما = وله يدعو الدعاةُ
وإذا ما رام أمْرا = نفّذ الأمرَ الولاةُ
فنصيب العُرْب خزيٌ = وشخيرٌ وسباتُ
ضاقتِ الأرض علينا = ويلتي كيف النجاةُ
حالُ العروبة جذّ حبل رجائي = لمّا غدتْ في الناس مثل هباء
هذي الحياة تهين كل مسود = وتمد كف العوْن للقطاء
اين الأباة ببأسهمْ وبجاههمْ = تركوا الربوع لسلطة السفلاء
فالليل طاغٍ والمصائب جمّةٌ= والعُرْب في ذا الكوْن مثل إماء
صهيون صالتْ واستبد عرامها = نالتْ منَ العلياء كل سناء
وبنو العروبة في ظلامٍ دامسٍ = ألقوا عنان الأمر للسفهاء
خافوا اليهود تمسحوا بضلالهمْ = قدْ قدّموا للعلج كل ولاء
فلمَ البكاء على العروبة إنكمْ = أصل المصاب معين كل بلاء
منْ ذا يرد عن البلاد كريهة = ويعيد صبح الخير للبؤساء
منْ ذا يزيح عنِ البلاد دياجيا = فتطل شمْس العُرْب بعْد خفاء