ألأستاذ رئيس الجلسة الموقر
ألأساتذة الأفاضل
تحية واحترام
ربما لم أصب المعنى في قراءتي هذه ، لكني مؤمن بأن النص المعافى هو القابل للتأويل ، وتعدد القراءات .. لذا أستميح الأستاذة رائدة زقوت عذراً إن كنت قد ابتعدت عن منطقة اشتغالها.
قبلت ظاهر اليد قبلتين
وفي الباطن زرعت الورد
وضممت اليد
وكففت الدمع المنهمر
ببناء السد
وأقمت الليل في سرداب
يضم رفات المجهولين
المظلومين
و المقهورين
وتناهي لسمعي في السرداب عدة كلمات
الأول قال : لقد عاد إليها الرشد
والأخر قال: هذا جزاء التطاول على الأسياد
وآخرهم التزم الصمت و فك الأسر
وبقي القيد
بقي السرداب
نما الورد
فاحت بالجو روائح عطر
نما الورد بذات اليد
شكرت اليد
قبلتها بدل القبلة
عدة قبلات
أو ليس عطر الورد
ثمن القيد ؟؟
ثيمة القيد متعددة الدلالات ، فمن الممكن وضعها في خانة الإتفاقات المشترطة بأن يكون سواراً مختوماً بعقدِ وداد ، أو يكون قيداً بمعناه التقليدي .. وفي الحالتين هو أسر .. ( قمعي كان أم رضائي ).
وهنا أراه قد اشتمل على الحالتين ، حيث رسمت الكاتبة حالة تمردٍ على المألوف بنص مقنَّن لغوياً وفائض معنوياً ، بإشارات حلمية ، حيث استخدمت اللغة الرمزية مهمازاً للوصل .. بابتعاد واضح عن الهَمز الشيطاني كتعبير عن حالة جنون.
لو تأملنا النص لوجدناه يبتدئ بقبلتين ..
ترى لماذا قبلتين تحديداً ؟.
إذاً هو اعتراف ضمني بوجود عنصر آخر مقصود بعينه ، شاءت أم أبت ، إذ كان عليها أن تقبِّل اليدين ، لكنها قبَّلت اليد قبلتين ، لتمارس الأخرى وظيفة كفكفة الدموع .. وهنا اشتغال على تكوين صورة ثنائية متشطرة ، ( يدان – قبلتان – شخصان ) وكلها بواعث على فعل واحد .. لتقول لنا أن هناك أناوات لاوريث لها في دستور الألم الدائم ، وعليكم تشخيصها ، قبل الحكم.
أما الدمع الذي قال عنه الشاعر ( وأمطرت لؤلؤاً من نرجس فسقت .. ورداً وعضت على العنّاب بالبَرَد ) ، فهو المطهِّر المتوثب لغسل غبار القهر ، والدافع على الشروع لفعل مستقبلي يساوي المسبب بالجنس ويفوقه برد الإعتبار.
تؤكده بواطن اليد الفاعلة / القابضة على ماض أو حلم مُتمَـنّى التحقيق .. وهذا ماأعلنه النص جهاراً ، لكنه يقودنا إلى سبر أغوار الروح لاستكشاف مكنونات بالغة السرية والتحفظ.
فاهتمت الكاتبة بتزويق الذائقة البصرية بمشهد سريالي مبهر متمثل بالقبض على ورد تربى على ماء الدمعات المالح.
ألمثابات أعلاه كلها أدلة ثبوتية على ارتكابات الآخر وتسببه بجرح معنوي ، المُـطالـَب بالتعويض.
كفكفت الدمع المنهمر .. ببناء السد ..
دعونا نتأمل هذه الجملة المختصرة ، فهي أول إشارة إلى أول انعطافة نحو الواقع ، والخروج من عالم الحلمية بضروبها الرمزية .. فهي تراكيب حروفية باعثة على استخلاص معنى من صورة مدركة حسياً ، بغية إدراكه شعوريا .. وهذه بداية للغة مُخاتِلة ، حيث لاتفشي بمعناها القصدي التوصيلي إلا عن طريق رأس الرجاء الصالح ، غير مبالية بوجود قناة السويس.
ولو تأملنا ما تبع تلك الجملة مباشرة .. لتأكدنا مما ذهبنا إليه
وأقمت الليل في سرداب
يضم رفات المجهولين
المظلومين
و المقهورين
أي انها قامت بتوظيف المُجتـَزأ ، المتراكم قبالة التلقي البصري المألوف ، وأرجأت البوح لتشي به ليال وسراديب ومظلومون .. ونعود هنا لنتأكد من صدق البوح ، فهل هذا هو المقصد الغايوي أم أنها مخاتلة أخرى.. أنه صراع بيني مركَّب ، يثير مقدرة التساؤلات .. فهي لاتقترب من التضاد ولا تبتعد عن المقصد.
إذاً علينا مسايرة النص حتى النهاية ، كي نستخلص اعترافاً صريحاً بالمعني المتخفي بقصدية كجاسوس محترف.
ألأول قال .. لقدعاد إليها الرشد ..
يا ألله .. هذا أول مفتاح ، دحسته تحت وسادتها ..
ألرشد .. معنى متشظ لكنه يعكس ضوءا واحداً .. .
ولكن أي رشد تقصد ؟.
هل هو الإدارك العقلي بعد جمهرة مشاكسات الصبا أم إدراك الحزن بعد ربوات القهر .. أم إدرك الحيلة الغائبة عن حلبة الصراع؟.
إذاً صار لزاماً علينا فك القفل الثاني ..
والأخر قال: هذا جزاء التطاول على الأسياد
وهذا مفتاح ألقته الكاتبة في الطريق عن قصد للإفصاح عن المكنون ، كعنصر استهلالي للمعرفة .. لكن أي أسياد تقصد ؟. ألأسياد .. إسم واحد لمقصودات شتى .. ألأهل ، القيم ، الأعراف ، القانون ، التابو ، الجن .. إلخ.
ألمصيبة أنها قدّمت لنا مفتاحاً ثالثاً مكسوراً .. على طبق خزفي أنيق .. وهذا لايحل ولا يقفل .. مفتاح مكسور ملتزم للصمت!.
وآخرهم التزم الصمت و فك الأسر
كريمة انت يا ابنة زقوت ..
مفتاح أعمى ، على طبق خزفي !!.
والغريب انه على طبق ابيض ..
إذن هنا سر الإنعتاق ، وهذا المفتاح الأعمى هو مفتتح الرائي
فعدنا فوراً على خاصرة جسد النص .. لتكون الداعم اللوجستي لنا في حفر الكلمات واستخراج المعنى الباطن كجفر في نص مطلسم ، مرسوم بقصدية التمعن والتأمل ، وهذه هي جمالية النص القابل للتأويل ، الباعث على التحليل والتمحيص.
نما الورد
فاحت بالجو روائح عطر
نما الورد بذات اليد
إذاً هي ثورة اشتراكية جديدة على كل الأنوات المتمثلة بالرجل والقانون والعرف والجن وكل ماله علاقة له بالجنس الآخر .. لتعلن من قبو القهر المظلم ثورة بيضاء حالمة لإزاحة أنواع القهر ، وبناء مؤسسة للرفق بالإنسان.
قبلتها بدل القبلة
عدة قبلات
أو ليس عطر الورد
ثمن القيد ؟؟
ملحوظة : لم أتناول الأسباب الداعية لهذه القناعة بشرح أطول ، حيث اكتفيت بالإشارت التي وشمتها على جسد النص .. بغية فسح المجال للأساتذة اعضاء اللجنة التعرض لها ، ومكاشفتها علناً.
أخيراً أود تسجيل إعجابي بهذا النص الذي أثار كل ممكناتي ، وأيدتُ انتخابه لوضعه على مائدة التشريح .. وتحية كبيرة لصديقتي الغالية الأستاذة رائدة زقوت المبجّلة.
لو لم تكن ابن مصلح بذاته لقلت هذا المبدع يشبه عمر
قراءة متوقعة من صديق لا يقترب للنص قبل أن يستحضر كل قواه العقلية ومقدراته الأدبية
اقتربت من منطقة الجنون في هذا الحفر يا صديقي
من القلب شكراً لك أيها الأديب المبدع
تحية وود
عناية الأستاذة المكرمة راعية هذا المنبر الثقافي والفكري ( النبع ) الغالية ماما عواطف ..
حضرة الأستاذ الكريم عمر مصلح
حضرة الأستاذة الكريمة أمـــل الحداد
سيادة رئيس اللجنة المكرم الأستاذ الوليد دويكات
أساتذتي الزميلات والزملاء أعضاء اللجنة الكرام
الأستاذة القديرة صاحبة النص رائدة زقوت
أخواتي وأخوتي الحضور القراء والمداخلين الكرام
لجميعكم تحياتي وتقديري ومحبتي .
أمّا بعــــــــــــد:
(ثمن القيد)
قبلت ظاهر اليد قبلتين وفي الباطن زرعت الورد وضممت اليد وكففت الدمع المنهمر ببناء السد وأقمت الليل في سرداب يضم رفات المجهولين المظلومين و المقهورين وتناهى لسمعي في السرداب عدة كلمات الأول قال : لقد عاد إليها الرشد والآخر قال: هذا جزاء التطاول على الأسياد وآخرهم التزم الصمت و فك الأسر وبقي القيد بقي السرداب نما الورد فاحت بالجو روائح عطر نما الورد بذات اليد شكرت اليد قبلتها بدل القبلة عدة قبلات أو ليس عطر الورد ثمن القيد ؟؟
نحن هنا أمام نص مختلف ..
مختلف على الصعيدين الأسلوبي والبنيوي من ناحية ومن ناحية أخرى على صعيد المضمون والمحتوى والمعنى
سأعرّج قليلا على الشكل الفني للنص من حيث التجنيس الأدبي .
النص مُسمى خاطرة .. وحقيقة هو ليس خاطرة كما اعتدنا أن نقرأ الخاطرة .
من حيث الشكل يقترب كثيرا من قصيدة النثر ولكن يبتعد عنها من حيث الأسلوب وذلك بالحضور الذاتي الواضح للكاتبه
فهذا الحضور الذاتي عادة نجده في الخطب والمقالات ..
ومن ناحية ثانية النص عبارة عن سيناريو لمشهد سينمائي ويقترب من الحوار القصي علما أن المحاور شخص واحد هو البطل
من حيث اللغة النص شعري بامتياز ..
فلو جاز لي إعادة تجنيس النص سأقول هو النص الحداثوي المفتوح ..
لأنه عبارة عن حالة ذاتية نثرتها الكاتبة بلغة رجراجة تقبل التأويل وتعدد القراءات والرؤى وهذا ذكاء وبراعة شديدين وفهم كبير للمهمة الملقاة على عاتق الكلمة ككلمة فنحن في زمن يجب فيه استخدام الانزياح .. وجميعنا يعلم أن الكلمة منذ أقدم العصور حتى عصرنا حافظت على دلالتها المعجمية كأداة لإيصال رأي الكاتب أو معنى فكرته .. أما الآن فالكلمة يجب أن تكون رجراجة وتقبل عدة قراءات ليقرأها المتلقي ويفهمها حسب العالم المحيط بذهنه و حسب حالته النفسية وقد يقرأها مرة أخرى ويختلف مفهومه لها عن المرة السابقة ..
وأيضا هذه براعة وتمكّن من الكاتبة أهنئها عليها .
وأعود للنص .
عنوان النص هو : ثمن القيد .. العنوان موفق ومفسر يشرح الكثير من نتيجة النص أو الحكمة المرادة من النص ولكن لو جاز لي سأقترح عدة عناوين أخرى ..
سيناريو الموت .. سيناريو لحياة أخرى ..ضريبة القناعة ..
سيناريو الانعتاق .. الانتقال .. التحوّل ... إلخ
سأقرأ النص بعين الجنون وليس بعين العقل وقبل هذا أرجو أن تتقبلوا جنوني بالقراءة
(ثمن القيد)
قبلت ظاهر اليد قبلتين
حمدت الله وأثنيت عليه على السراء والضراء ..قبلتي قد تكون إشارة إلى الحالتين السراء والضراء أو إشارة من الكاتبة لنطق الشهادتين
ولكن نحن أما مشهد بصري أنها قبلت ظاهر يدها .. وفي الباطن زرعت الورد
وقلبت يدها لتضعها على خدها فالورد هنا إشارة للخد وضممت اليد وكففت الدمع المنهمر ببناء السد
ضممت اليد بحسرة وأسف وكفكفت دمعي وأصبحت كمن صح فيه القول القابض على دينه كالقابض على جمرة من نار وهنا قد يكون إشارة من الكاتبة لجملة المبادئ والأفكار أو الدين أو أو أو أو
وبناء السد أعتقد أن الكاتبة أشارت هنا للحد الفاصل بين الحياة والموت انتهاء مرحلة وبدء مرحلة أخرى ( البرزخ)..
وأقمت الليل في سرداب يضم رفات المجهولين المظلومين و المقهورين
ربما هنا يصح القول رحلة البرزخ والسرداب هو القبر وهو بداية رحلة الموت أو الحياة الجديدة فالإشارة بكلمة رفات المجهولين هي ما وضعنا بهذا التصور كنا كلمة سرداب أيضا تشير إلى القبر ..
والقبر هنا مجازي ربما تعني فيه الكاتبة حالة الزمن الحالي أو زنزانة في سجن أو حالة ذاتية وعلى الأرجح كما تفضلت الأخت سلوى الذاكرة .. وتناهى لسمعي في السرداب عدة كلمات
هنا مازلنا في رحلة البرزخ بين الحياتين أو المرحلتين تضعنا الكاتبة بمشهد دقيق التصوير ببراعة وقد بدأت تروي لنا الأحداث بالمرحلة الجديدة. الأول قال : لقد عاد إليها الرشد
إشارة لتعدد احتمالات موت البطلة ومن جهة لتوصلنا للمعنى المراد والموجود في الجملة التالية والآخر قال: هذا جزاء التطاول على الأسياد
وهنا بدأت الثورة
فالتطاول على الأسياد ونيل العقاب وضعنا أمام ثائرة رفضت وقامت لتحطم عروش الأسياد والظلم والقهر والاستبداد
ونالت عقابها الظالم والجائر بالالقاء بالزنزانة أو القبر .. وآخرهم التزم الصمت و فك الأسر
وهذا الآخر الذي التزم الصمت هو يشبهها ووصل لذات المكان كما وصلت هي لأنه ثائر وليس كسابقيه من أزلام الأسياد
ولذلك التزم الصمت وفك الأسر لمجرد وجوده معها شعرت أنها لم تعد وحيدة وبهذا هو فك الأسر علما أنه لم يفعل شيء لأن القيد قد بقي كقيد مادي يقيد يكبلها ..وقد يكون الأسر هنا كناية عن الانعتاق من الجسد وانتقال الروح
وبقي القيد بقي السرداب نما الورد
وهنا تفاخر الثائرة بأن رسالتها قد وصلت للأجيال الآتية رغم بقاء القيد والسرداب حولها لأنها انعتقت وتحررت من أسرها ولكن القيد المادي بقي
والورد نما ( الثورة ) رغم أنف القيد والسرداب والأسياد والظلام ..
وربما القيد كناية عن الجسد والسرداب هو الحياة الدنيا فاحت بالجو روائح عطر نما الورد بذات اليد
تتابع البطلة الثائرة المفاخرة بثورتها فاحت بالجو روائح عطر انتقلت المبادئ والقيم التي تؤمن بها والتي كانت هي ضحية لاعتناقها ولكنها وصلت للابناء وللأجيال الآتية ليسيروا على نفس النهج شكرت اليد قبلتها بدل القبلة عدة قبلات
وهنا الشكر لليد متعدد المعاني ربما إشارة للقناعة بما وصلت إليه وربما اليد هي الرسول الذي أوصل الرسالة للمعني بها فاليد رمز العطاء ورمز الدلالة بالإشارة لطريق ما ..
وتعدد القبلات إشارة للفرح والبهجة فتعددت القبلات أنا سعيدة بما آلت إليه الأمور أو ليس عطر الورد ثمن القيد ؟؟
طبعا ختمت بعبارتين مدهشتين كانتا الزبدة والحكمة المستخلصة من النص وتحققت الدهشة بالخاتمة فهي تقول لنا .. لكل طريق نهاية ولكل سلوك غاية كأنها تريد القول أن الجنة أعدت للمتقين ..
ومن ناحية أخرى تقول لنا لكل فعل ضريبة فعطر الورده سيؤدي لقتلها وقطافها الجائر من قبل ظالم ما أو متهتك
أو تشير للحالة الروحانية بأن عطر الوردة ينتشر بينما هي حبيسة مكان صغير أو جسد صغير
ويفوح عطرها بينما هي تموت
وهكذا تماما كشعر شاعرتنا المكرمة رائدة ينتشر ويملأ العالم بينما هي قد تكون في غرفتها رهن قيود المجتمع أو الأسرة أو العمل أو أوأو
هذا النص يمثل رحلة ثائرة والثورة هنا متعددة الاتجاهات ..
هذا شرحي للنص وأتمنى أن يكون قريبا مما قصدته الكاتبة في النص
وقدمت هذا الشرح وليس تحليلا أو قراءة نقدية فالأساتذة الكرام زملائي باللجنة أقدر وأكفأ ولذلك اكتفيت بشرح النص كما اراه أنا .
تحية كبيرة للجميع وحبا كبيرا ..
الأديب العزيز عبدالكريم
في البداية حمداً لله على سلامتك وأسأل الله أن يحفظك وكل الأهل والأحبة في سوريا
ماذا تبقى لي بعد هذا الجنون المبدع ؟؟
قراءة بعمق وتوغلت في متاهات النص لا تملك غير ريشة تجيد النبش فيها
من القلب شكراً لروعتك وجهودك
تحيتي وامتناني
أما أنا ولكوني لا أجيد القراءة إلّا بعين عاطفتي فقد إتضح لي من الوهلة الأولى
وأنا أقرأ (ثمن القيد) أن عاطفتي كانت ربما ستخونني لولا معرفتي أنه لـ رائدة زقوت ..
ولما عرفت جنس الكاتب إن كان رجلا أو أنثى ...قد يكون هذا الأمر ثانويا أو ليس بالضرورة أبدا عند البعض
فالنص يحكي لا الكاتب...
ولكنني بطبعي أقرأ لأتعلم ماهية الأشياء القابعة خلف ذاكرة الأنثى والرجل ومدى تأثير البيئة على كل منهما ككاتب أو شاعر !
وهذا النص يوحي من وجهة نظري القاصرة إلى الذات الإنسان والإنسان فقط
وهذا أول ما يجعله بالنسبة لي مميزا وحافزا للغوص نحو الأعمق هناك حيث جذور التحوّل ...
المعلوم أننا نقبّل باطن اليد قبلة لنشكر الله ونحمده على ما وهبنا من نعِم تستحق الشكر
ونقبّل ظاهر اليد لنشكره ونحمده على ما لم نأخذ وهو كذلك يستحق الشكر
وقبلة الباطن والظاهر ما هما إلا دليل إيماننا
بما أعطي لنا وما لم يُعط والشكر عليهما أولا وأخيرا لله ...
ولكن بطلة النص (الأنا)...قبّلت ظاهر اليد قبلتين وتركت للباطن مساحة تزرع فيها وردة
ومنْ يزرع وردة...عليه بلا شك أن يسقيها بانتظام في مراحل نموّها الأولى
يتتبع احتياجاتها ويحرص عليها من تقلبات الجو وحرارة الشمس الفائضة والعتمة المفرطة كذلك...
بمعنى آخر أنها كانت مؤمنة
بما أخذتْ فشكرتْ ...وكان لسان حالها يقول...هذه قناعتي وكفى
وستدركون بعد حين...فقه الورد وعطر اليد رغم أنف القيد
لأنها باختصار...كانت مسلّحة بالإنسانيّة في زراعتها/ثورتها الأحاديّة ظاهرا والمتعددة الأبعاد باطنا
نعم هي ذات اليد التي شكرت وزرعت ونوّهت ونبّهت أو ربّما تمرّدت وصبرت حتى موسم الحصاد
أما الأخرى...فكانت لكفكفة الدمع...فالتمرّد قد يولد من رحم القناعة
ولكن الإنسان (رجلا كان أم امرأة) حين يجد نفسه وحيدا وصوته لا صدى له وهو يرتطم بالأصوات الأخرى...يبكي رغما عنه
نعم هو الدمع الذي يغسل القلب ويطهر الروح ويبني السد مابين الأنا والآخرين
ويمنح الذات الحزينة/السعيدة مساحات هائلة للعودة إلى الإنصات وتأمل الوجوه المخبّأة خلف الأصوات
أصوات قد تكون بشعة حدّ فرض نبراتها إرثا وميراثا
وأصوات قد لا تعي أنها كلّما علت وتعالتْ إزداد إصرار الذات والذاكرة على تنقيب معالم الصدى ومواطن
الحقيقة ولو كانت شبه مطلقة !
هكذا فقط ينمو الورد ويفوح عطر الحياة حتى ولو بقي السرداب والليل والعتمة التي تكاد تغزو يومنا هذا
فهل سمعتم يوما أن العتمة تقتل كسرة ضوء أو الهواء يقتل حفنة عطر؟
قرأتُ هنا قضية فرد فأسرة فمجتمع فوطن...
ووصلت إليها وهي...تقبل باطن اليد كما فعلت في البدء مع ظاهرها
الآن ...تقول شكرا لله ولكم...على ما أعطيتموني من عطر إنسانيّ ماكان سيفوح شذاها ...لولا القيد
وما أدراك ما القيد ؟
الغالية أمل الحداد
ما كان لي أن أتوقع غير هذه القراءة التي تفيض بالإنسانية من مبدعة تمتاز برهافة الحس الإنساني لديها
سرحت كثيراً بهذه القراءة وتمنيت لو كنت أنا النص أيتها الرائعة
محبتي الدائمة لك
أطمح أن تقترب قراءتي من منطقة اشتغال الشاعرة القديرة رائدة زقوت فالنص مفتوح لتعدد القراءات وذلك لرمزيته العالية
العنوان .. هذه البوابة التي تقودنا إلى النص ولا يمكننا تجاوزها وهي هنا تحمل معنى شموليا لكنه مموّه
وبما أن العنوان يحمل المعنى المستخلص من النص إذا لأستعين بدلالات النص لعلي أنجح في إزالة الغموض الذي تعمدته الكاتبة
قبلت ظاهر اليد قبلتين وفي الباطن زرعت الورد
وضممت اليد
نجد أن هذه الأفعال جاءت كردة فعل لحدث ما سبق كل تلك الأفعال فجاءت القبلتين كشكر وامتنان لنتيجة الوصول إلى الهدف الذي لم يتحقق بالكامل لكنه قابل للتحقق من خلال الأفعال التي ستتوالى تباعا
وكففت الدمع المنهمر
ببناء السد
هنا تلعب الكاتبة دورا حاسما حيث تكشف عن الخبايا والصراعات النفسية فتعطي إشارات توضح جزءا يسيرا من المعنى بشكل لافت حيث أنها تلاحق الأفكار ممهدة لخطوة الانتقال بيسر إلى المرحلة القادمة
وبناء السد يعني إقامة حاجز الغرض منه التمترس خلفه ليحيل بينها وبين سطوة الآخرين .
وأقمت الليل في سرداب
يضم رفات المجهولين
المظلومين
و المقهورين
وهنا تنتقل من مشهد إلى مشهد ومن موقع إلى آخر للكشف عن بعض جوانب النص غير غافلة عن التركيز في عملية الخداع والتلاعب بالألفاظ لتحقيق المزيد من الشد والتشويق
وما السرداب إلا إشارة لانضمامها إلى كل أولئك الذين عانوا معاناتها وقيدتهم القيود ذاتها وقد وصفتهم بالمجهولين، المظلومين المقهورين، وهم ثلة لاقت لامحال نفس المصير
وتناهي لسمعي في السرداب عدة كلمات
الأول قال : لقد عاد إليها الرشد
والأخر قال: هذا جزاء التطاول على الأسياد
وآخرهم التزم الصمت و فك الأسر
بشكل مباغت تُظهر لنا الشاعرة ثلاثة أشخاص كان لظهورهم أكبر الأثر في الكشف عن الأزمة وظهور هؤلاء الأشخاص لم يكن هامشيا بل يصب في صلب الحدث كما أنه يثوّر الأزمة الاجتماعية التي ينطلق منها النص
وهذا تصاعد حدثي مهم يرجرج الباطن ويظهره رويدا رويدا إلى السطح
الأول قال : لقد عاد إليها الرشد
ربما يفصح هذا القول عن تعاطف ورأي مؤيد للموقف الذي فجر الأزمة
والأخر قال: هذا جزاء التطاول على الأسياد
هنا تظهر السلطة القمعية والفكر المتخلف من خلال النظرة الدونية للمرأة باتباع منهج قديم وبالي
وآخرهم التزم الصمت و فك الأسر
على الأرجح أن الشخص الثالث محور الأزمة الذي يعطي للقيد مغزاه ودلالته
وما الصمت وفك الأسر إلا إشارة للتحرر والانعتاق لكن هل انتهت الأزمة عند هذا الحد ؟
وبقي القيد
بقي السرداب
بقاء القيد والسرداب يرمز إلى بقاء القيود المجتمعية والنظرة المتخلفة للمرأة واستمرار الخنوع والخضوع لتلك الأعراف البالية التي تحتم على المرأة أن تطيق ما لايطاق من أجل إرضاء تلك النظرة المتخلفة لمجتمع يغرق في المتناقضات
نما الورد
فاحت بالجو روائح عطر
نما الورد بذات اليد
شكرت اليد
قبلتها بدل القبلة
عدة قبلات
أو ليس عطر الورد
ثمن القيد ؟؟
وهنا تتوج الكاتبة النص بنمو الورد في أجواء غير ملائمة ، نما الورد والأمل معا في ظروف تتسم بالظلم والقهر فكان النص أشبه بثورة على القيم الاجتماعية
أتوجه بالشكر إلى الأديبة القديرة رائدة زقوت
وأحييها على هذا النص الغني ببنيته الدلالية والفنية
وأعتذر إن ابتعدت عن المعنى في قراءتي هذه
تحياتي للجميع
العزيزة المبدعة سولاف
ماذا أقول بعد هذا الغوص ؟؟
لن أقول كم أنت رائعة فهذا قليل بحقك أيتها البهية المبدعة
سأقول شكراً لهذا الغوص العميق والقريب في النص
من القلب شكراً مرة أخرى
هاقد عدت بعد ان وعدت
وخفت أن تفوتني هذه القراءات في عالم النقد والادب وفي حضرة الاساتذة الكرام
وجئتكم برؤيتي المتواضعة
قلتها قبلا أنّ العنوان عنصر أساسي من عناصر العمل الفني وها هو مرة أخرى يبرهن على أهميته وتميزه
ثمن القيد عنوان يفضي بدلالات عميقة حالت الاديبة من خلاله أخذنا إلى عالمها المجهول والذي رسمته في خيالها بناء على معطيات واقعية .عنوان رمزيّ لا يخلو من التشويق وخاصة أنّنا تعودنا التثمين والتقييم للحرية أو التضحية فإذا بنا إزاء ثمن القيد فزاوجت بين كلمتين كل واحدة لها دلالاتها الخاصة في حقلها المعجمي والدلالي.
ثم استهلت لوحتها بتقبيل اليد فأخذتنا بداية إلى عالم التقدير والاذلال ولكن سرعان ما تغيرت نظرتي لمعرفتي أنّ الاديبة تقصد يدها هي إذن من الاذلال إلى شكر الله على نعمه .ولكن شكر الله وحمده يحدث في ظاهرتي اثنتين :الا وهي تقبيل اليد ظهرها وباطنها ولكنّ الاديبة تعبيرها كان أجمل وأبلغ في موقعين :أولهما بدل قبلة واحدة جعلتها اثنين أي قبلتين وهذا ليس صدفة وإنّما لتأكيد الشكر الذي لا رجعة فيه .والموقف الثاني بدلا من تقبيل باطن اليد زرعت وردا وكأنّها تريد أن تقول الحياة لا تتوقف على الشكر والامتنان وإنّما من أجل حياة أسمى علينا أن نزرع الامل ونفكر في غد أفضل أكثر نقاء ونماء وصفاء.
ثم مسألة ضم اليد كمن يخاف من التراجع والضعف وذلك تحت تأثير الدموع المنهمرة وهي تحاول ايقافها لتكون أكثر ثبات وقوة فالدموع للضعفاء وجعلت من السد رمزا للتماسك والثبات وحسن الاحكام .وفجأة أخذتنا الاديبة إلى عالم آخر يختلف تماما عن العالم الاول وهي فترة من التساؤلات ،فترة من ذكريات الماضي القاسي بأحداثه وشخوصه فكان الليل الرمز الابلغ إذ فيه تستيقظ الاوجاع وتداعبنا الالام في ظلمة المكان وعتمة الزمان ومعاتبة الانسان .
وعلى لسان البطلة اختارت الاديبة رائدة ثلاثة شخصيات لا أظنها إختيارا عشوائية :فالاول راى أنّها عادت إلى رشدها وهذا يعني أنّها قامت بأفعال هي نادمة عنها وتتمنى نسيانها.والثاني رأى أنّها أخطأت في إتخاذ هذا القرارو يلومه عليه.والثالث رفض البوح بم يختلج في نفسه ربما راى رأي الاول أو الثاني وهذا ما زاد العمل تشويقا.وأظن بعد هذا لعب الزمن دوره لان بين الزرع والنمو زمنا ليس بالقليل .أي حدث التغيير واستطاعت البطلة أن تخرج من سردابها وتهرب من ظلمة ليلها وعادت ثانية لتقبل يدها بدل القبلة قبلات تأكيدا على الشكر الذي لا بعده شك .
ما أعجبني في هذه اللوحة أنّها تتميزت بالايحاء والاحياء وكأنّ المشاهد حية أماننا نشاركها الحركة واللون والرائحة
تقديري
ليلى
الأديبة العزيزة ليلى
قراءة رائعة وقريبة للقلب ولروح النص
من القلب شكراً لك صديقتي
تحياتي وتقديري
الأخوة والأخوات أعضاء اللجنة
الأحت أمل
الأخت رائده
تابعت باهتمام نص ثمن القيد
للأديبة رائدة زقوت
والتحليل الأدبي من كافة أعضاء اللجنة
وهذا الزخم الهائل من النقد الجميل
لهم باختلاف وحهات النظر الا أن الجميع
اتفقوا على روعة النص وجماله
والقيد شواء كان سلبا أو ايجابا
وكلام الناس وما يحللون بنظراتهم
المختلفة لوضع معين جمعته الأديبة
في كلمات جميلة رقيقة ومعبرة عن
الواقع جد الدهشة
تحياتي للجميع
الأديب القدير رياض
جزيل الشكر لمرورك الكريم بالنص
تحياتي وتقديري