رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
( ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ) (49)الدخان
ثم يقال له : ( ذق ) هذا العذاب ( إنك ) قرأ الكسائي " أنك " بفتح الألف ، أي لأنك كنت تقول : أنا العزيز ، وقرأ الآخرون بكسرها على الابتداء ( إنك أنت العزيز الكريم ) عند قومك بزعمك ، وذلك أن أبا جهل كان يقول : أنا أعز أهل الوادي وأكرمهم ، فيقول له هذا خزنة النار ، على طريق الاستحقار والتوبيخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
تفسير البغوي
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
۞ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ۞(64) غافر
يقول - تعالى ذكره - : ( الله ) الذي له الألوهة خالصة أيها الناس ( الذي [ ص: 410 ] جعل لكم الأرض ) التي أنتم على ظهرها سكان ( قرارا ) تستقرون عليها ، وتسكنون فوقها ، ( والسماء بناء ) : بناها فرفعها فوقكم بغير عمد ترونها لمصالحكم ، وقوام دنياكم إلى بلوغ آجالكم ( وصوركم فأحسن صوركم ) يقول : وخلقكم فأحسن خلقكم ( ورزقكم من الطيبات ) يقول : ورزقكم من حلال الرزق ، ولذيذات المطاعم والمشارب . وقوله : ( ذلكم الله ربكم ) يقول - تعالى ذكره - : فالذي فعل هذه الأفعال ، وأنعم عليكم أيها الناس هذه النعم ، هو الله الذي لا تنبغي الألوهة إلا له ، وربكم الذي لا تصلح الربوبية لغيره ، لا الذي لا ينفع ولا يضر ، ولا يخلق ولا يرزق ( فتبارك الله رب العالمين ) يقول : فتبارك الله مالك جميع الخلق جنهم وإنسهم ، وسائر أجناس الخلق غيرهم ( هو الحي ) يقول : هو الحي الذي لا يموت ، الدائم الحياة ، وكل شيء سواه فمنقطع الحياة غير دائمها ( لا إله إلا هو ) يقول : لا معبود بحق تجوز عبادته ، وتصلح الألوهة له إلا الله الذي هذه الصفات صفاته ، فادعوه أيها الناس مخلصين له الدين ، مخلصين له الطاعة ، مفردين له الألوهة ، لا تشركوا في عبادته شيئا سواه ، من وثن وصنم ، ولا تجعلوا له ندا ولا عدلا ( الحمد لله رب العالمين ) يقول : الشكر لله الذي هو مالك جميع أجناس الخلق ، من ملك وجن وإنس وغيرهم ، لا للآلهة والأوثان التي لا تملك شيئا ، ولا تقدر على ضر ولا نفع ، بل هو مملوك ، إن ناله نائل بسوء لم يقدر له عن نفسه دفعا .
وكان جماعة من أهل العلم يأمرون من قال : لا إله إلا الله ، أن يتبع ذلك : ( الحمد لله رب العالمين ) تأولا منهم هذه الآية ، بأنها أمر من الله بقيل ذلك .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال : سمعت أبي ، قال : أخبرنا الحسين بن واقد قال : ثنا الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : من قال لا إله إلا الله ، فليقل على إثرها : الحمد لله رب العالمين ، فذلك قوله : ( فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ) . [ ص: 411 ]
حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري قال : ثنا محمد بن يزيد ، عن إسماعيل ، عن سعيد بن جبير قال : " إذا قال أحدكم : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، فليقل : الحمد لله رب العالمين ، ثم قال : ( فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ) .
حدثني محمد بن عبد الرحمن قال : ثنا محمد بن بشر قال : ثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن سعيد بن جبير أنه كان يستحب إذا قال : لا إله إلا الله ، يتبعها الحمد لله ، ثم قرأ هذه الآية : ( هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ) .
حدثني محمد بن عمارة قال : ثنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر ، عن سعيد بن جبير قال : إذا قال أحدكم لا إله إلا الله وحده ، فليقل بأثرها : الحمد لله رب العالمين ، ثم قرأ ( فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* المصدر : https://library.islamweb.net/newlibra..._no=50&ID=4357
القول في تأويل قوله تعالى : مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا (23)
يقول تعالى ذكره (مِنَ المُؤْمِنِينَ) بالله ورسوله ( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ) يقول: أوفوا بما عاهدوه عليه من الصبر على البأساء والضرّاء، وحين البأس (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) يقول: فمنهم من فرغ من العمل الذي كان نذره الله وأوجبه له على نفسه، فاستشهد بعض يوم بدر، وبعض يوم أُحد، وبعض في غير ذلك من المواطن (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) قضاءه والفراغ منه، كما قضى من مضى منهم على الوفاء لله بعهده، والنصر من الله، والظفر على عدوّه. والنحب: النذر في كلام العرب. وللنحب أيضا في كلامهم وجوه غير ذلك، منها الموت، كما قال الشاعر:
قَضَى نَحْبَهُ فِي مُلْتَقَى القَوْمِ هَوْبَرُ (1)
يعني: منيته ونفسه؛ ومنها الخطر العظيم، كما قال جرير:
بِطَخْفَــةَ جالَدْنــا المُلُـوكَ وَخَيْلُنَـا
عَشِـيَّةَ بِسْـطامٍ جَـرَيْنَ عَـلى نَحْـبِ (2)
أي على خطر عظيم؛ ومنها النحيب، يقال: نحب في سيره يومه أجمع: إذا مدّ فلم ينـزل يومه وليلته؛ ومنها التنحيب، وهو الخطار، كما قال الشاعر:
وإذْ نَحَّـبَتْ كَـلْبٌ عـلى النَّـاس أيُّهُمْ
أحَــقُّ بِتــاجِ المَــاجِدِ المُتَكَـوِّم? (3)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ) : أي: وفوا الله بما عاهدوه عليه (فمنهم من قَضَى نَحْبَهُ) أي فرغ من عمله، ورجع إلى ربه، كمن استشهد يوم بدر ويوم أُحد (ومنهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) ما وعد الله من نصره والشهادة على ما مضى عليه أصحابه.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) قال: عهده فقتل أو عاش (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) يوما فيه جهاد، فيقضي (نحبه) عهده، فيقتل أو يصدق في لقائه.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عيينة، عن ابن جريج، عن مجاهد (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) قال: عهده (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) قال: يوما فيه قتال، فيصدق في اللقاء.
قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن مجاهد (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) قال: مات على العهد.
قال: ثنا أبو أُسامة، عن عبد الله بن فلان -قد سماه، ذهب عني اسمه- عن أبيه (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) قال: نذره.
حدثنا ابن إدريس، عن طلحة بن يحيى، عن عمه عيسى بن طلحة: أن أعرابيا أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فسأله: من الذين قضوا نحبهم؟ فأعرض عنه، ثم سأله، فأعرض عنه، ودخل طلحة من باب المسجد وعليه ثوبان أخضران، فقال: " هَذَا مِنَ الَّذِينَ قَضَوْا نَحْبَهُمْ".
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، في قوله: (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) قال: موته على الصدق والوفاء.(وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) الموت على مثل ذلك، ومنهم من بدّل تبديلا (4) .
حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن سعيد بن مسروق، عن مجاهد ( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) قال: النحب: العهد.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ ) على الصدق والوفاء (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) من نفسه الصدق والوفاء.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) قال: مات على ما هو عليه من التصديق والإيمان (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) ذلك.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي بكير، قال شريك بن عبد الله، أخبرناه عن سالم، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) قال: الموت على ما عاهد الله عليه (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) الموت على ما عاهد الله عليه.
وقيل: إن هذه الآية نـزلت في قوم لم يشهدوا بدرا، فعاهدوا الله أن يفوا قتالا للمشركين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنهم من أوفى فقضى نحبه، ومنهم من بدّل، ومنهم من أوفى ولم يقض نحبه، وكان منتظرا، على ما وصفهم الله به من صفاتهم في هذه الآية.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، أن أنس بن النضر تغيب عن قتال بدر، فقال: تغيبت عن أوّل مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لئن رأيت قتالا ليرين الله ما أصنع؛ فلما كان يوم أُحُد، وهُزم الناس، لقي سعد بن معاذ فقال: والله إني لأجدُ ريح الجنة، فتقدم فقاتل حتى قُتل، فنـزلت فيه هذه الآية: ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ).
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الله بن بكير، قال: ثنا حميد، قال: زعم أنس بن مالك قال: غاب أنس بن النضر، عن قتال يوم بدر، فقال: غبت عن قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين، لئن أشهدني الله قتالا ليرينّ الله ما أصنع؛ فلما كان يوم أُحُد، انكشف المسلمون، فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء المشركون، وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني المسلمين، فمشى بسيفه، فلقيه سعد بن معاذ، فقال: أي سعد، إني لأجد ريح الجنة دون أحد، فقال سعد: يا رسول الله، فما استطعت أن أصنع ما صنع، قال أنس بن مالك: فوجدناه بين القتلى، به بضع وثمانون جراحة، بين ضربة بسيف، وطعنة برمح، ورمية بسهم، فما عرفناه حتى عرفته أخته ببنانه، قال أنس: فكنا نتحدّث أن هذه الآية ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ ) نـزلت فيه، وفي أصحابه.
حدثنا سوار بن عبد الله، قال: ثنا المعتمر، قال: سمعت حميدا يحدّث، عن أنس بن مالك، أن أنس بن النضر: غاب عن قتال بدر، ثم ذكر نحوه.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا طلحة بن يحيى، عن موسى وعيسى بن طلحة عن طلحة أن أعرابيا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وكانوا لا يجرءون على مسألته، فقالوا للأعرابي: سله (مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) من هو؟ فسأله، فأعرض عنه، ثم سأله، فأعرض عنه، ثم دخلت من باب المسجد وعليّ ثياب خُضر؛ فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أيْنَ السَّائِل عَمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ؟" قال الأعرابيّ: أنا يا رسول الله قال: " هَذَا مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ".
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عبد الحميد الحِمَّاني، عن إسحاق بن يحيى الطَّلْحِي، عن موسى بن طلحة، قال: قام معاوية بن أبي سفيان، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " طَلْحَةُ مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ".
حدثني محمد بن عمرو بن تمام الكلبي، قال: ثنا سليمان بن أيوب، قال: ثني أبي، عن إسحاق، عن يحيى بن طلحة، عن عمه موسى بن طلحة، عن أبيه طلحة قال: لما قدمنا من أُحُد وصرنا بالمدينة، صعد النبيّ صلى الله عليه وسلم المنبر، فخطب الناس &; 20-241 &; وعزّاهم، وأخبرهم بما لهم فيه من الأجر، ثم قرأ: (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ...) الآية، قال: فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، من هؤلاء؟ فالتفت وعليّ ثوبان أخضران، فقال: " أيُّها السَّائِلُ هَذَا مِنْهُمْ".
وقوله: (وَما بَدَّلًوا تَبْديلا) : وما غيروا العهد الذي عاقدوا ربهم تغييرا، كما غيره المعوّقون القائلون لإخوانهم: هلمّ إلينا، والقائلون: إن بيوتنا عورة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَما بَدَّلُوا تَبْديلا) يقول: ما شكُّوا وما تردّدوا في دينهم، ولا استبدلوا به غيره.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَما بَدَّلُوا تَبْديلا) : لم يغيروا دينهم كما غير المنافقون.
------------------------
الهوامش:
(1) هذا عجز بيت لذي الرمة وصدره * عيشـة فـر الحـارثيون بعدمـا *
وهوبر: اسم رجل، أراد ابن هوبر (اللسان: هبر). وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن، عند قوله تعالى: (فمنهم من قضى نحبه): أي نذره الذي كان. والنحب أيضًا النفس: أي الموت. قال ذو الرمة: "قضى نحبه ..." أي نفسه، وإنما هو أيضًا يزيد بن هوبر، ا هـ . وفي الديوان (طبعة كمبردج سنة 1919 ص 235) أراد يزيد بن هوبر، وهو رجل من بني الحارث بن كعب.
(2) البيت لجرير بن عطية بن الخطفي (أبو عبيدة، مجاز القرآن، الورقة 174 - ب) و (اللسان: نحب) قال: وجعله جرير بن الخطفي: الخطر العظيم، قال "بطخفة ..." البيت، أي خطر عظيم. وطخفة، بفتح الطاء، وكسرها: جبل أحمر طويل في ديار بني تميم. كانت به وقعة بين بني يربوع، وقابوس بن النعمان، وكان النعمان قد بعث إليهم جيشًا، وأمر عليه ابنه قابوس وأخاه حسان، فهزمتهم بنو يربوع بطخفة، وأسروهما حتى منوا عليهما، فذلك الذي أراد جرير (انظر معجم ما ستعجم للبكري طخفة).
(3) البيت للفرزدق (ديوانه طبعة الصاوي بالقاهرة ص 759) والتنحيب هنا مصدر نحب، بشد الحاء أي صاح أو نادى بشدة. وأصل التنحيب: الدأب على الشيء، والإكباب عليه لا يفارقه (اللسان: نحب). وجعله المؤلف بمعنى الخطار، ولعله يريد المخاطرة بالنفس.
(4) الذي في الدر المنثور بدله: وآخرون ما بدلوا تبديلا.
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { معنى قوله تعالى وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جميعا }
__________________________________________________ ____________
{ { وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جميعا }
يقول السائل مامعنى قوله تعالى (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) وهل إذا تسبب شخص بموت شخص آخر ثم تسبب بإحياء شخص آخر كانت مثل هذه الكفارة لتلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: معنى قوله تعالى (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) أي من كان سببا في رفع قتل الظلم عن شخص مظلوم كان كمن أحيا الناس جميعا ومن قتلها بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا هذا ما كتبه الله على بني إسرائيل كما قال تعالى (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) ومن قتل نفسا بغير حق ثم أحيا نفسا أخرى غير مستحقة للقتل فإن الثانية لا تكون كفارة للأولى من حيث ما يجب في كفارة القتل أما من جهة الثواب فأمره إلى الله عز وجل.
والله تعالى أعلم
ــــــــــــــــــــــــــــ
ملخص مجموعة من التفاسير...
ثم قال : ( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترني أنا أقل منك مالا وولدا ) هذا تحضيض وحث على ذلك ، أي : هلا إذا أعجبتك حين دخلتها ونظرت إليها حمدت الله على ما أنعم به عليك ، وأعطاك من المال والولد ما لم يعطه غيرك ، وقلت : ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) ؛ ولهذا قال بعض السلف : من أعجبه شيء من حاله أو ماله أو ولده أو ماله ، فليقل : ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) وهذا مأخوذ من هذه الآية الكريمة . وقد روي فيه حديث مرفوع أخرجه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده :
حدثنا جراح بن مخلد ، حدثنا عمر بن يونس ، حدثنا عيسى بن عون ، حدثنا عبد الملك بن زرارة ، عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أنعم الله على عبد نعمة من أهل أو مال أو ولد ، فيقول : ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) فيرى فيه آفة دون الموت " . وكان يتأول هذه الآية : ( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) .
قال الحافظ أبو الفتح الأزدي : عيسى بن عون ، عن عبد الملك بن زرارة ، عن أنس : لا يصح حديثه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة وحجاج ، حدثني شعبة ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبيد مولى أبي رهم ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ لا قوة إلا بالله " . تفرد به أحمد
وقد ثبت في الصحيح عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله "
وقال الإمام أحمد : حدثنا بكر بن عيسى ، حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون قال : قال أبو هريرة : قال لي نبي الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا هريرة ، أدلك على كنز من كنوز الجنة تحت العرش ؟ " . قال : قلت : نعم ، فداك أبي وأمي . قال : " أن تقول : لا قوة إلا بالله " قال أبو بلج : وأحسب أنه قال : " فإن الله يقول : أسلم عبدي واستسلم " . قال : فقلت لعمرو - قال أبو بلج : قال عمرو : قلت لأبي هريرة : لا حول ولا قوة إلا بالله ؟ فقال : لا إنها في سورة الكهف : ( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) *
.................................................. .....................
فائدة في قول المرء (ما شاء الله لا قوة إلا بالله) **
الإجابة: قال النبي صلى الله عليه وسلم "إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة فٍان العين حق "[صححه الألباني في " الكلم الطيب " ( 243 )]
بعض الناس إذا أعجبه شيء قال " ما شاء الله لا قوة إلا بالله " ! ويستدلون لذلك بالآية من سورة الكهف وبحديث.
أما الآية وهي قوله تعالى {ولولا إذ دخلتَ جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله} : فلا تصلح للاستدلال؛ إذ لا علاقة للحسد بالموضوع، وإنما أهلك الله جنتيه بسبب كفره وطغيانه.
وأما الحديث: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من رأى شيئاً فأعجبه فقال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله : لم تصبه العين". والحديث ضعيف جدًّا!
قال الهيثمي: رواه البزار من رواية أبي بكر الهذلي، وهو ضعيف جدًا. "مجمع الزوائد " ( 5 / 21 ) .
والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* تفسير ابن كثير
** من موقع طريق الإسلام نقلا عن موقع الإسلام سؤال وجواب
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
عن أبي العباس سهل بن سعدالساعدي رضي الله عنه قال :
جاء رجلٌ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال :
يا رسولَ الله دُلَّني على عمل إذا عملته أحبني الله ، وأحبني الناس ، فقال :
ازهدْ في الدنيا يحبك الله ، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس)
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني
فعلى العبد أن يكون إذا أصيب بمصيبة في دنياه أرغب في ثواب ذلك مما ذهب منه في الدنيا أن يبقى له
وأن يحقر من شأن الدنيا والتحذير منها
وأن تنال محبة الله له في الزهد في الدنيا إلا ما فرض عليه فيها من طاعة وإيمان وعمارة وسعي حلال
وعليه أن يعلم أن محبة الناس بالقلوب المتآلفة على ذلك تأتي بالزهد له بالزهد فيما في أيديهم منها
وصلى الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
(( ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ )) الأنبياء (87)...
﴿سُبْحَانَكَ﴾: أصله من التسبيح: وهو تنزيه اللَّه تعالى، أي إبعاد اللَّه تعالى عن كل سوء ونقص، المتضمِّن لكل كمال.
((الظلم: وضع الشيء في غير موضعه المختصّ به، إمّا بنقصان، أو بزيادة، وإمّا بعدول في وقته أو مكانه، وهو ثلاثة أنواع:
الأول: ظلم بين الإنسان وبين اللَّه تعالى، وأعظمه: الكفر، والشرك، والنفاق.
والثاني: ظلم بينه وبين الناس.
والثالث: ظلم بينه وبين نفسه)).
هذه الدعوة من الدعوات العظيمة المباركة في كتاب ربنا جل شأنه دعاء يونس عليه السلام الذي بعثه جلَّ في عُلاه إلى أهل (نينوى) من أرض موصل في العراق، وقد قصّ لنا كتاب اللَّه تعالى في عدّة مواضع عنهم كما في هذه السورة، وفي سورة (الصّافّات)، وفي سورة (ن) دلالة على أهميتها لما فيها من الحكم، والفوائد الجليلة في مصالح الدين والدنيا والآخرة، وقد ذكرت لنا التفاسير:
أن اللَّه تبارك وتعالى أرسله إلى قومه، فدعاهم إلى اللَّه تعالى بالإيمان به، فأبوا عليه، ولم يؤمنوا، وتمادوا في كفرهم فوعدهم بالعذاب بعد ثلاث، ثم خرج من بين أظهرهم مغاضباً لهم قبل أن يأمره اللَّه تعالى، فظنّ أن اللَّه تعالى لن يقضي عليه عقوبة ولا بلاء، فلمّا تحقّقوا من ذلك، وعلموا أنّ النبيَّ لا يكذب خرجوا إلى الصحراء بأطفالهم وأنعامهم ومواشيهم... ثمّ تضرّعوا إلى اللَّه تعالى وجأروا إليه... فرفع اللَّه عنهم العذاب، قال سبحانه: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾.
وأما يونس عليه السلام فإنه ذهب فركب مع القوم في السفينة، فلججت بهم، وخافوا أن يغرقوا، فاقترعوا على رجل يلقونه من بينهم...فوقعت القرعة على يونس، فأبوا أن يُلقوه، ثم أعادوها ثلاث مرات فوقعت عليه، قال تعالى: ﴿فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾، فألقى بنفسه في البحر، فأرسل اللَّه تعالى من البحر حوتاً عظيماً، فالتقم يونس، وأوحى اللَّه جلَّ شأنه ألاَّ يأكله، بل يبتلعه ليكون بطنه له سجناً.
فلما صار عليه السلام في بطن الحوت ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ﴾: ((قال ابن مسعود رضى الله عنه : ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل))‘ فاستغاث بربه السميع العليم الذي لا تخفى عليه خافية في السماء والأرض، مهما دقّت وخفت، فأنجاه اللَّه تعالى كما هي سنته مع الموحدين المخلصين الداعين .
ففي القصة من الحِكَمِ والمنافع التي تستدعي ذكرها أن قوله: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾: تضمن هذا الدعاء من كمال التوحيد والعبودية في ثلاثة مطالب عظيمة :
1 – إثبات كمال الألوهية واختصاصها باللَّه عز وجل ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ﴾ .
2 – إثبات كمال التنزيه للَّه تعالى عن كل نقصٍ، وعيبٍ ، وسوء المتضمن لكماله تعالى من كل الوجوه: ﴿سُبْحَانَكَ﴾ .
3 – الاعتراف بالذنب والخطأ المتضمن لطلب المغفرة، المستلزم لكمال العبادة من الخضوع، والذل للَّه تعالى: ﴿إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ .
فتضمّن هذا الدعاء المبارك أنواع التوحيد الثلاثة:
توحيد الألوهية المتضمِّن لتوحيد الربوبية في قوله تعالى: ( لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ).
- وتوحيد الأسماء والصفات في قوله: ((سُبْحَانَكَ)) فهذه أنواع التوحيد التي عليها الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.
وكذلك تضمّن هذا الدعاء الجليل صدق العبودية للَّه تعالى ربّ العالمين من كل الوجوه؛ ((فإن التوحيد والتنزيه يتضمّنان إثبات كل كمال للَّه تعالى ربّ العالمين، وسلب كلّ نقصٍ، وعيبٍ، وتمثيلٍ عنه، والاعتراف بالظلم يتضمّن إيمان العبد بالشرع، والثواب، والعقاب، ويوجب انكساره، ورجوعه إلى اللَّه تعالى، واستقالته عثرته، والاعتراف بعبوديته، وافتقاره إلى ربّه عز وجل فها هنا أربعة أمور قد وقع التوسل بها: التوحيد, والتنزيه، والعبودية، والاعتراف.
وكأنّ لسان حاله يقول: أي يا ربّ أنت الواحد المنفرد بالألوهية، المنزّه عن كل نقصٍ وعيبٍ، ومن ذلك أن ما وقع لي ليس بظلم منك، فأنت الكامل في أسمائك، وصفاتك، المنزّه عن كل سوء، فإني ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي بتعريضي للهلاك، فتضمّن هذا الإقرار: طلب الغفران منه جلّ وعلا، والتجاوز عنه، وإنقاذه ممّا هو فيه من الكرب، والشدة، بألطف الكلمات، وفي هذا الدعاء من دقائق الأدب، وحسن الطلب، ما يوجب استجابته منها:
ذكر ظلمه لنفسه، وسلك نفسه مسلك الظالمين لأنفسهم، ولم يطلب من اللَّه بصيغة الطلب الصريح أن يغفر له ذنبه؛ لاستشعاره أنه مسيء ظالم، وهو الذي أدخل الضر على نفسه، وأنه تعالى لم يظلمه، فتضمّن الطلب على ألطف وجه.
فكأنه يقول: إن تعذبني فبعدلك، و إن تغفر لي فبرحمتك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر : https://kalemtayeb.com/safahat/item/3065