على بركة الله أستأنف الحلقة القبل الأخيرة من ثنائيات نبعنا
وموعدي اليوم مع
القدير علي التميمي
و
أيقونة الحرف لينا الخليل
في ثنائية قلوب من زمن آخر
فالعنوان الذي اختاره المبدعان لثنائيتهما قلوب من زمن آخر يهب المتلقي تعريفا دقيقا ودون باقي الأوصاف والمعاني للقوب الآتية من زمن آخروهو في تقديري على جانب هام في تحديد التّفرّد والتّميّز والإختلاف في مثل هذه الثّنائيات ...
وتعالوا لنرى ما استهلّ به المتألّق على التميمي هذا السّجال
سـ أعد لك متكأ , وحرفين
ونمارق مصفوفة من الزنبق
وسرر مرفوعة , كـ جنائن بابل
وزرابي مبثوثة لـ يستريح النبض
وأطوف حول خاصرة انثى
كـ العرجون القديم
عندليب
يقامر بـ ريشته الأخيرة
وحمامة
تقذف في اليم قش النبض
فـ تورق الضفة
بعيدا عن جندرمة عصر أجدب
نهرول نحو زمن لم يحن ان يفقس بعد
ღ ღ
ربما سـ أكون الهدهد الـ يسرق عرشك
ويجرك نحو قناديل هدايته
أو سـ تكونين تلك الحمامة
التي بنت أعشاشها
في كهف وحدتي
فمن الواضح أنّ علي التّميمي لا يريد منذ البدء الإنخراط في مسالك لغويّة مألوفة يكرّر فيها السّائد
فرحلته مع الحبيبة المفترضة تنطلق وتتعالى الى ما وراء السّماء الى الاعالي من أجل إيجاد متكئ تتموقع فيه وهو لهذا قد استعار من كتاب الله عزّ وجلّ معاني
ونمارق مصفوفة
وسرر مرفوعة ,
وزرابي مبثوثة
حتى كأنّ المرأة عنده ليست مرأة عادية فهو يتعالى بصورتها عن المتداول ليبوئها مرتبة في منتهى السّموّ فالقلوب هنا من زمن آخر...
باية جذّابة مغرية
خطيرة هذه الكتابة التي تضاهي عروش الجنّة فهي تشكّل الضّياء وتعلن عن عالم ابداع وخلق غير مسبوق
فبين عندليب ويمامة وهدهد وملكة تجرّ وتقتلع من عرشها نواصل الإبحار في هذا السّجال الرّائع
لينا الخليل
تُهدى من جمالك..تُهدى
كرشة عطِر على ثوب روح ..
أو وردة قُطفت دون مناسبة ..
من جمالك َ توصف بالهبةِ الإلهية ,
أو لعبة حظ تسرُّ لبائس ٍبالرقم السري.
لم يبق من الأشياء الجميلة سوى نصفها..
والجمال لا يرضى بالبترِ
ها هنا في موطن الروح اكتمل نِصاب الرغبة
لا ترف عين الجوع ..
ولا تنهمك الحوّاس بعدِّ الخيبات..
فمن جمالك ما زالت السماء تُمطر وما زال الماء يحن لركوب غيمة اهتدت من ضلال الريح..
أي كون هذا الذي يحملك على أكتاف الدهشة !
يُدللك على صدر دمي
ويُبقيك شمساً في حضرة الليل الكثيف!
لظِلّك رائحة الحياة ولظلّي ملمسها
فـ في هذا المدار لم يحدث أي شيء ..سوانا ..
فالمتأمّل في ردّ لينا الخليل يلاحظ المستوى الرّفيع والعالي جدّا لأدراكها وقدرتها على التّلقي والتفاعل مع محاورة التميمي لها وهو ادراك وتقبّل من درجة عالية وممتازة وقد ترجمته الصّور التّعبيرية المذهلة في التراكيب التالية..رشّة عطر...هبّة إلاهية...الرقم السرّي...في موطن الروح اكتمل نصاب الرّغبة...وغيرها من حشد لغويّ شكّل أرقى المعاني
ويعلن القلب إتّساعه ليدوّن حضوره ويوزّع دقّاته تأهبّا للآتي ....وما أروع أن عبّرت لينا عن هذا بقولها
فـ في هذا المدار لم يحدث أي شيء ..سوانا ..
وليزداد التّميمي تأكّدا ورسوخا في هذا المدار فإّنه يفاتجئ لينا بترديد اسمها وقد طفح الشّوق لولوج عالمه الشّعريّ المشهود له بالإبداع ليزداد انسيابا وانهمارا ولعلّه من الإستدراك بمكان أن يعلن للينا وعيه وادراكه التّام بشعريّة تنزّل الخلق والإبتكار منزلة مخصوصة تليق بمن يساجل
اذ يقول
فـ لمثل سموك يا لينا
سـ أمرّن فاه كلماتي
وأهندم حرفي
وأؤدب نزق الخرق مني
وأخبئ فرحتي
كـ أرنب ٍ في قبعة ساحر بلجيكي
أمرّن .أؤدّب نزق الخرق منّي ...أهندم....أخبّئ ....
فلاحظوا معي وعي التميمي باحساسات وجودية رشيقة تنزل المرأة المحاورة والمساجلة منزلة تليق
فقد بلغ هذا الوعي الرّفيع فيه درجة اعلان ذهنية الإرتباك في قوله
يختنق الكلام
, وتهتز كفّاي كثيرا
ورئتاي أكثر
ونجد في النّص تدليلات على هذا الوعي والأدراك والنّص يعدّ دوما تمطيطا في مستوى الحقول الدلالية التي تستنطقه..
وتسترسل أيقونة الحرف لينا في رسم نغماتها تعمّر الكلام بجماليّة التّناسب والتّناغم لتغدو بحضورها في هذا السّجال الرّائع حلما وخيالا وقلبا أكثر منه جسدا
فقد حفلت ردودها برقّة الاحساس وعذوبة الحرف وطفولة الشّعور وهنا عيّنة تؤكّد هذا
سآتيك بخصلاتٍ من ليل الهوى
وبأحاديث النجمات ..تلك التي لا يعرف لغتها سوى حواسنا ..
حتى إذا ما ناحت أطفال شوقي استفاقت على زغاريد اللقاء..
في يدي أمنية
وفي يدك أمل
والوسائد محشوة بالأحلام
فتعال نغزل مما ملكت أيدينا ..نهر وشجرة
وتبلغ مدركات التميمي التّوغل والإبحارفيطفو الكلام اليها على أمواج الشّوق فيذيب لها من نرجس اللّغةرحيقا ويبدي اقتدارا مذهلا في شعريّة الخطاب فيكون النّمط نمطا موازيا لقلوب من زمن آخر ...فتأملّوا انسياباته في هذه المقتطفات
يا طزاجة الزنابق
وليونة أغصانِ الرمان
يـ امرأةٌ , تعصرُ أعنابَ الحرف
وتسكرني
))))))))
أجلس على رصيف شوقي
ورائحة الحنين تفوح من قلبي
))))))))))
وأنا أجوب أسوار زمن آخر
علني أجد باب لقاء
يهبني بعض تأمل
بـ مقدار قبلة , أو إحتضان
وبين خصب أمل ولهفة تدوّن لينا كلام مساجلها بذاكرة من زمن آخر تستحضر فيه جنيّة العشق وخارج الزّمن يتسرّب دفء الكلام منها محقّقة تفرّده كهنا في هذه المقتطفات
تحيطني كلماتك كزنار حرير
خاطته أنامل جنية أذابها العشق
أحتمي بظلِّ ما لم تقله
وأرتوي من نبع لهفة مخنوقة في صدر الحروف .
)))))))
وأنا أستمع لمعزوفة سوناتا
سأجلس على حروف عنوان حكاياتنا العريض
وأتقدم لفصولها وأنا مكاني
ليبلغ افتتانها ذروته فتتجرّد من كلّ عوائق النّفس الى بعدها الذّاتي كاشفة عن توقها وتوهج مشاعرها لتتجلى مواجدها واضحة هنا
فيحتلني الصمت
وأهذيك بحمى
أن اغفُ على صدر كلماتي
وأشعل لليلنا وجع ناي و قُبلتين ..
===
في دائرة الحب لا يوجد زوايا نركن إليها كلما استبد بنا الشوق
فأحمر الشفاه وياقة اللهفة لا يمران بلا أثر ..
=====
فيما يوغل التميمي في مسالك كتابة لا ينفرط عقدها على امتداد السّجال ...متوهّجة كروحه كقلب من زمن آخر تتفرّد فيه طقوس العشق والحبّ الموسوم بالحياء والخشية
لم أقصد فتنتك ِ
ولا حتى أغراء أنفاسك نحو عنقي
ولم أمتطي شهوتي
على أديم تضاريسك
فقط , ركضت خلف أحلامي بـ قلبي الضعيف
أحلامي التي خلتها جنة
)))))))))))
لتنقلب كلّ الموازين والمفاهيم والأعراف هنا في هذا المقطع الأكثر عنفا وعنفوانا وقوّة
تعالي
نرحل لـ صولات غواية
لا يستقيم لها راهب
ولا يخشع لها قسّيس
ولا يعرف ترتيلها شماس
يا هُبل عشقي
سـ أفاوض القدر
وفي اقاصى دمي حلم
تخثر مسيره
ولعلّ ما يمكن أن اختم به هذه التّهويمة في قلوب من زمن آخر بين التميمي ولينا الخليل هذا الذي أذهل وأسكر منهما المتلقي
التميمي
أيّتها القابعة بين رمشي
تسبحين في أجاج عيني طيفا جميلا
تطوفين حول زوايا زهدي و تقواي
ما زلت عاكفا , استسقيك
أتلو صلاة اليباس
لـ حقول ملغمة بك
اللينا
.
كيف لليلِ عينيك أن يؤجج شمسا في قلبي
ويشعل على أصابعي عشرة أقمار متساوية ..
على وتر العتمة أُشيّعُ حواسي إلى مثوى أنفاسك
فأضيع في ممر نايات همسك
كسرب حب تهاوى في وادي سحِر عميق
تحزم الشهقات حقائبها
التميمي
لقد كان قلمك هنا مفاوضا بأمتياز لشعور العميق لقلب من زمن آخر ...فقد قبست من الزّمن الآخر ما جعل السّجال متوهّجا مخترقا حسّا رومانسيّا غير مسبوق
اللينا الغالية
كنت هنا الدّهشة لقلب من زمن آخر فقد رحل بنا حرفك الى مدن الحب التي تبشّر بتباريح وجد من صنف آخر
تقبّلا تقديري ومحبّتي وانبهاري بما تبادلتما من مباهج اللّغة
والى اللّقاء في آخر ثنائيّة أرق الياسمين بين المبدعين
عبد الكريم سمعون
وسومتي الغالية
سميّة اليعقوبي
القديرة دعد كامل
ما كنتُ أرانا بهذه الروعة قبل تنقلك على السطور ومعناها
هنا ألقيتِ ضوءا آخر على الزمن الآخر وجدلتِ بقرائتك شمس المعنى
لم استفق من روعتك بعد ..وأنتِ تمرين في خفايا النفس تلهبي حس القلم من جديد
قراءة جديرة بالتوقف والإنحناء المطوّل
وجهد تستحقين عليه مواسم عطر ترافق مسيرتك الأدبية السامقة
القديرة دعد كامل
ما كنتُ أرانا بهذه الروعة قبل تنقلك على السطور ومعناها
هنا ألقيتِ ضوءا آخر على الزمن الآخر وجدلتِ بقرائتك شمس المعنى
لم استفق من روعتك بعد ..وأنتِ تمرين في خفايا النفس تلهبي حس القلم من جديد
قراءة جديرة بالتوقف والإنحناء المطوّل
وجهد تستحقين عليه مواسم عطر ترافق مسيرتك الأدبية السامقة
كم نحن أجمل في حضورك
من الروح شكرا ..
محبتي الخالصة
الغالية لينا الخليل
هي ذا قلوبنا يا لينا تخفق بما فيها فيستبق الطلل السّحريّ جمالها وتراتيلها ..
صدقيني يا لينا أنّي مررت على هذه الثّنائيات المتألّقة فترامى الجمال والبهاء يمسح وجوم القلب
رائعة أنت يا لينا ورقيقة فقد حلّقت بالحرف بما تماهت به الأحاسيس عابقة بذكرياتها
فقد فجّرت طاقة ابداع هنا أمطرت عطرها في أقاصي وتجاويف القلب
محبّتي وشكرا لرقيق أحاسيسك نحوي
السلام عليكم ,
الفاضلة دعد كامل
إرتشافك ِ للسجال وتحليله
أعطاه رونقا وجمالا مجسّما
وكأني بك ِ,
أضفتِ توابلَ البهاء
لـ يكون بـ هذه النكهة
شكرا لك من القلب
ومودة كبيرة
تحيتي لك
التوقيع
قد يُبتلى المـرءُ في شيءٍ يفارقـهُ
فكنتَ بلوايَ في شوقي وفي قلقي