من أين أبدأ قصتي
و الفجر غاب
و الديك يعلن ُ أننا
كنَّا الغياب
من أين أبدأ قصتي
فالطير في رحم السماءِ
يئن من فرط الجوى
و يعودُ عند الليل
و القلب أنكوى
رفقاً فإني قد تعبت ُ
من البكاءْ
و أبي يفتش ُ عن رجوعٍ
كي يبادلنا العطاءْ
لك وردة و قصيدة
يا سيد الكلماتْ
لك من دمي أنشودةٌ
نزفت بكل الكبرياءْ
ماذا سيحدثُ عندما ألقاكْ
فحروف شعري لم تعُد تنساكْ
صوتي أنا قد بُح
من صوتي .. و صار نداكْ
أتنفس الجرح الذي قد
باعني للوقتِ
للصمت الغريبِ
ألستَ تهدينا لبوح العاشقينْ؟
إني هرمتُ
فكل شيءٍ
بعد فقدك أسودٌ
حتى الأسامي
لم أعدْ أزهو بها
حتى القصائدُ غادرتني
ثم قالت ما جرى !!
يا سيد الكلماتْ
قل لي بربكَ :
كيف يمكن ان أبادلك السلامَ
وكيف يمكن أن أعود إلى الغناء
_________________
يا أيها الوطن المطارد
في الخفاء
لا زلت لي
لا تبتئس فدمي يسيل
على ضفاف الأغنيات
و يدي تعانق ما تبقى
من رفات
الآن أفترش الهوية
دولة ً
فأعود جزءاً من بلاد ٍ
لم تعد ...
و أكون فجراً يستمد ضيائه
من طفلة غزلت على كراسها
معنى البلد
يا أيها الوطن الرضيع
كم من حليب ٍ أستسغت
من العرب ؟؟
أم انَّ صدر العُرب جف
من العطب
يا ليت لي صدراً
لتشرب من دمي
كل الغصب
يا أيها الوطن المطارد
بالحديد و باللهب
لا لا تمت
فلك الحياة ُ بأسرها
و لي الزغب
لا تخجلي يا أمتي
من أمتي فغداً يعود
الكبرياء لقطتي
و غداً نعاود للطرب
يا أيها الوطن المطارد
في الصباح و في المساء
أفرغ جيابك جيداً
من كل شيء
و أترك نعالك خارجاً
لا صوت لك
لا شيء لك
حتى ترابك
ليس لك
بل ليس لي
يا أيها الوطن المطارد
في الشوارع و الزقاق
لا تختبئ خوفا ً علي
فأنا تضيق ُ بي َ البلاد
و أنا يؤجلني المساء
لغصة ٍ ألهو بها
فتزيدني ألما ً
فأزيدها بيتا ً وحيدا ً
يا أيها الوطن المطارد
لا تفتش عن رجوعٍ للغناء
كل عام ٍ يا بلاد الغرباءْ
و الهوى فيكم يصلي
ركعة ً ملءَ السماءْ
كل عام ٍ و حقول اللوزِ حبلى بالدماء
بعد هذا الليل ليل ٌ
قارص ٌ يدعى وطنْ
عبر هذا الليل حلم ٌ
آخرٌ يدعى وطنْ
فلتناموا واقفينْ
كاليراعْ
و لتناموا ساجدينْ
خلف هذا السور خوفاً
و لتعودوا مثقلينْ
بالشتاء ْ
كل عام ٍ يا بلاد الغرباءْ
و النساءْ
تغزلُ الألحانَ للأغصانِ فجراً
من بقايا الأغنيات الدافئة
يحصدون الصبرَ حتى
يُشبِعوا منه الصغارَ الماكثينْ
قبل أن تجتاحَ غزةْ
طلعة ٌ للغاصبينْ
................
فنم ْ يا صغيري فإن البلاد
تحاول أن تستريح قليلاً
من العابثينْ
فنم ْ يا صغيري فإن البلاد
تحاول ضمَّ الترابَ بكلتي يديها
و كل ُّ المدينة تعلم ُ
أنَّا نشدُّ الرحالَ
لذاك الحجرْ
و نقرأ عند الأذان قصائدَ من فجرنا المستترْ
فنم ْ يا صغيري ..
وقل ْ للكروم التي غازلتك بليلةِ عيدٍ
بأنك تعرف ُ أنَّ الحجارةْ
تعيش ُ على حفنة ٍ من أمل ْ
و أنك منذ اقترفت الحياةَ
تلوك الكرامة خبزاً
قبيلَ السفر
فنم ْ يا صغيري
فإن الحدود التي قد رأتنا
نغلفُ أسماءَنا كالهدايا
تناست بأنّا هدايا السماءِ
لهذي الجموعْ ..
ومنذ اعتناق المعاول
كنَّا نؤرخ ُ بعض الهتاف لوقت الرجوعْ
فنم ْ يا صغيري
فتلك الشقوق التي في الجدارِ .. تخيط الجدارْ
و تزرع ُ عند اقتراب الثواني قناديل غار ْ
و صوت الرياح التي لا ترانا
نشدُّ الضلوع علينا
كمعطف صوف ٍ رخيص ْ
أصرت بأن نستريح من الوقت والغرباءْ
وقم ْ يا صغيري .. فإني وددتُ
النهاية أن تنتهي عند آخر حرفٍ
لدينا فقم ْ يا صغيري ...
فإني شعرتُ
بأنَّ المسافة بيني و بينك
تبدو طويلةْ ...
و أني سألثم
وجهك عند اعتمار الهدوءِ
غريبٍ عن الراحلينْ كشالٍ
فقم ْ يا صغيري ..
فما زلت ُ عطشى لضمِّك نحوي
فقم ْ يا صغيري .. فإن البلاد تحاول ُ
أن تستفيق إليكْ
............. ..
كل عام ٍ يا بلاد الغرباءْ
و حدود الجرح أقسى من تضاريس الشتاءْ
ما بال ذاكرة النجوم تبددت
و استسلمت لمشيئة النسيان
فانزاح قلبي بعدما صار الهوى
متلعثماً في حضرة السَّجان
السجن في بحر الظنون علامةٌ
أن الجنون ضريبة الاحزان
الآن أُمسي و الرحيل يشدني
نحو العيون بغير ما استئذان
فأضم بعضي باحثاً عن وردةٍ
فالشوك أدمى أرجل العميان
ما عدتُ أخشى من عيون قصيدتي
رغم الحضور بوجهها المزدان
فعيونها حللٌ تباع و تشترى
أما النجوم فدرة الأكوان
و حديث ليلى ما استقر بخافقي
فالطير مزهوٌ على الأغصان
أوراق شعري لم تعد محجوزةً
لعشيقةٍ ثمُلت على أشجاني
فالعشق تاريخٌ يؤرخ نفسة
دون اللجوء لعصمة الرهبان
ويخوض حرباً قد شممنا ريحها
ممزوجةٌ بقوافل العصيان
اليوم ينبلج النهار مسائلاً
عن حلوةٍ تجتاح كل كياني
و تبعثر الأفكار دون توقفٍ
فأتوه في اسمي و في عنواني
و أعود أرسم ضحكةً منسيةً
عادت لتنشلني من الحرمان
يا نجمةً و العين ترقب ضوئها
هلَا دنوت بثغرك الفتّان
لأخيط من شهد اللقاء قصائداً
تحتلني بالرغم من أحزاني
وسد أيها الوجع إهداء إلى روح معلمي عبد الرسول معله
للموت شكل آخرٌ
يا والدي
فهو انزياحٌ للمدى المفتوح
و هو اتقادُ الليل في صمت
الكتاب
وهو الطريقُ إلى النجاة من الزُناة
فالعشق في وطني يعيش بمفرده
وكأن شيئاً غامضاً يقتات ملح الأمنيات
للموت أرض قد سباها الأولياء
والطين يعلم جيداً أن الملاذ
من الغواني لم يكن محض افتراء
الموت يجلس قرب من منعوا
الزنابق أن تمر من الحدود
ويقرأ القرآن و الانجيل
في ظل المساء
و يعود يمسح دمعه
كي لا يموت
للموت شكل آخر
يا والدي
فقد يمر على الطريق
بلا صِحاب
وقد يغالي في مطاردة
الغياب
جفف دموعك سيدي
فلقد هرمت من التفرد
بالعذاب
يا موت ما ذنب هذا الوجه
كي يغدو حزيناً مثلنا
فلستَ تحفلُ بالغياب
و لستَ تدري أن عمرك الماضي
سيأتي قبل عام
ربما .....
تبدو وسيماً سيدي
في ثوبك العاجي
لو ترفق بنفسك ساعة
إني أراك تعيش عمرا
في السراب