سلوتُ قصيدتي الأخيرة على عتبات أضغاثِ أيامي المبعثرة اضطراباً ووهناً عابقاً بتأرجحٍ مملٍّ قتيم!
**
أوقاتي أنتِ..
لم أعهدني عارفاً بدلقِ أعماقي على مسامعِ الورقِ ببساطةٍ وعفويةٍ ما!
كما لم أعهدني مثابراً إيرادَ ما يعتريني من أحياسيسَ بقدرةٍ تعبيريَّةٍ متداولةٍ هكذا بمنتهى السَّلاسة..
لماذا يا تُرى أجدُني متاحاً لضجيجِ الصمتِ غالباً؟
يدوِّي في خلجات نفسي صداهُ، مشبعاً باحتمالاتِ شجارِ محارف لغةٍ ما، وقعت فريسةَ تعابيري المضنية .
**
القراءاتُ التي تتقنيها بماورائيَّتكِ البعيدةِ المدى، تنمُّ عن إحساسٍ غامرٍ ممتلئٍ بي أبعد من حدود الملء!
تنمُّ عن تماهيكِ تبعثُري، برغمِ انطوائيَّتي العتيدةِ التي أقدسُ مراميها، تراميزَ تتفاعلُ ووجودي هذه الأرض.. بين البشر.. مع الناس!
عدمُ الفهمِ العابر أحياناً، والتَّوهمِ الذي تضفيهِ على ذهنكِ أساليبي الملتويةَ، أمرٌ طبيعيٌّ جداً..
عندما أصل مرحلةً لا تفهمني فيها معانيَّ وغاياتي، تتوهُ طرقُ تعبيري عن مكنونِ ذاك المضمون المرادِ طرحهُ، فأتوهُ.. وتتوهينَ معي عني!
**
الربيعُ هذا العام شديدُ الغلظة!
أشعر أن تحولاتٍ ما تضفي تغيُّراً مؤثراً على هيئاتِ الفصول..
لكأنِّي وحدي أشعرها من بين الأناسي هنا -كما لمست في حوارٍ مع بعض الأصدقاء ، قالوا أن الجوَّ طبيعي وأنني شديد الحساسيَّة!-
أ أنا من تتغايرُ إحداثيات شعورهِ وأحاسيسه مع مكوناتِ الكون المحيط بي؟
حدَّ أنِّي ألقيت باللومِ على معطياتِ الطبيعةِ الأمِّ، وطرق تعبيرها عن شجونها وألمها من أفاعيل بني آدم فيها وبها!؟
**
احتمالاتٌ أخرى تحومُ خيالي المقيَّدَ بسلاسلِ السَّأمِ والوجوم..
أجدني فيها مَصَلَتْ أحبارُ دواتي، وترسَّب مدادُ يقيني بجدوى الكتابةِ قاعَ التَّفكُّرِ العقيم..
وما طفا منه متكاسلَ الأثر، كادَ لا يمنحُ هويَّتي أيَّةَ ملامحَ فوق السطور..!
**
أخبرتكِ في أولى رسائلي، أنني أخشى الإيقاعَ بي في مدلهماتِ العمقِ الآسنِ الملامحِ والمريبات!
ولو تجاوزتُ مراراً ومراراً مراحلَ انغماسٍ عظيمٍ من بُهمٍ وعتمٍ ضللتُني في مغزاه..
على كل حال..
هناك ما أتوقهُ وأتمنى حدوثهُ في داخلي، ولستُ أدركُ ماهيَّتهُ أو طريقةَ بلوغي إيَّاهُ روحاً وجسدا..
لا أعلمهُ حقاً، من حيثُ ضللتُ عن أسماتِ يقيني بعودي إليَّ..
كسنونو هاجرَ من حيث لا يدري إلى حيث لا يعي!
تتقاذفهُ دواماتٌ هوائيَّةٌ هوجاء.. -أو لعلَّها دنيويَّةٌ كما خيلَ لي!-
**
أحبك..
لقاء.....
ترددت في الرّد على رسائلك النازفة المتخنة بتراكمات السهاد وظلمة الوجد
ترددت و أنت تحترق شوقا إلى لقاء مكلوم نزف حد الثمالة
ما عساني أقول والالم بعثر أوراقي وكسّر مرايا حب دفين تحت أنقاض الزمن
وراح يشجو أغان حزينة على أوتار قثارة قديمة
اسكب غضبك على دفاتري ،ارم حقدك على أرصفة الطريق
لكنك دع للربيع رقته وجماله فالغلظة ليست من شيمه
فأنا منه أستمد بسمتي ونوري
إلى لقاء
ترددت في الرّد على رسائلك النازفة المتخنة بتراكمات السهاد وظلمة الوجد
ترددت و أنت تحترق شوقا إلى لقاء مكلوم نزف حد الثمالة
ما عساني أقول والالم بعثر أوراقي وكسّر مرايا حب دفين تحت أنقاض الزمن
وراح يشجو أغان حزينة على أوتار قثارة قديمة
اسكب غضبك على دفاتري ،ارم حقدك على أرصفة الطريق
لكنك دع للربيع رقته وجماله فالغلظة ليست من شيمه
فأنا منه أستمد بسمتي ونوري
إلى لقاء
***********************
**
*
أهلا بمقدمكم الثر والغني أختي الأديبة ليلى
لكم سرني تواجدكم هنا يرفل بالأناقة والتماهي بعيدا حيثيات البوح
أشكركم مددا أيتها الذواقة
ربما دلَّ الربيع بماهيته هنا على رموز ماورائية أينعت في يقين الكاتب إسقاطات أخرى..
والله أعلم
سلمتم أيتها النور
مودي والاحترام
كوني بالقرب دائما
تغريبٌ هذا العمر دونكِ..
متوسِّدٌ جمر الانتظارِ الحارقِ على وسادة الأيام القائظة ينيخُ راحتهَ المزعومةَ على أمل التقاء.
الرسائل التي لا تصلكِ -غالبا- ترتدُّ إليَّ معصوبةَ المُنى!
وكأنَّها تمارس ومهجتي لعبة الاختباءِ العريقةِ في مدلهماتِ الحذر والشجون!
وكأنَّها تمارسني إهراقاً مسَّتهُ بصلافتِها شؤونٌ بشريَّةٌ ما، هي شؤوني بكلِّ تأكيد..
**
أخبرَني السُّنونو في سماءِ الشَّآمِ أنَّكِ في عالمكِ البعيدِ حزينةٌ وتتوقينَ ضمي صدركِ الحاني..
أخبرتهُ حين توجَّسَ اقترابي من عشِّهِ الدافئ الململمِ، في زاويةٍ من زوايا سطح البيت القديمِ..
أنَّني الأشدُّ اشتياقاً ولوعةً لآتيكِ على جنحهِ الرقيق..
وليت الرحيلَ إليكِ يكون بهذه الرقَّةِ والبراءةِ المنقطعةِ عن الدنيا بأسرها..
**
الأنغام المنبعثة أصداءَ ريبةٍ من مداعبتي مفاتيح البيانو العتيق، تنمُّ عن شجنٍ بادٍ لعُمي القلوبِ حتى!
صحيحٌ أنَّني نسيتُ معظمَ ما كنتُ أعرفهُ عن ممارسةِ التماهي تعمُّقاً وسلالمِ النوتات -ربما-
إلا أنَّهُ من المؤكَّدِ، أنَّ صعودي ونزولي درجاتِها الموسيقيَّةِ، آلَ إيهاماً براحةٍ ما! تتوخَّاها روحي المرهقةُ مزاولة الحياة..
**
لا فائدة ترجى من إرهاق المداد حرفاً تلو حرفٍ فاغراً فاهُ..
صادٍ لا ترقأ عطشهُ قريرةٌ على سطرٍ ممسوسٍ بالريبةِ وعذاب الرؤى!
لعلَّهُ آن أوانُ اتِّخاذِ الصمتِ درعاً يصدُّ آفاتِ انتظار الرَّحيلِ على صلادتِها..
قبيلَ الاستغراقِ عزلةً ماجنةَ الحيثِ..
عودأ على بدءٍ أتلمَّسُ شبحهُ يحومُ حول أفكاري بدبيبٍ جزيل..
الدنيا التي تفصلني عن راحتي، لا تألُ خبثاً توظِّفهُ في افتتانِ صبري.. وعليه؛
سأغمض خفقاتِ قلبي عن رؤية المساربِ جميعها..
وسأترك للدِّماءِ شعوائيَّةَ الدفقِ في شرايينِ أفكاري بمنتهى العبثيَّةِ والمجون!
لاشيءَ يستحقُ التَّأمُّلَ فيه بعد..
إلا أنتِ
فاهُ الرَّسائلِ موبوءٌ بألفِ صمتٍ وشجون..
ما أكتبُ لكِ.. بم أبوحُ، وكلِّي مقتولٌ مذبوحٌ على حدود أنصالِ الرؤى والهراءات..!؟
جُننتُ ربما! وآليتُ توريةَ لواعجي النفسيَّةِ الخطيرةِ، قبيلَ أن تفضحَ كُنهي ونوباتِ صرعِ أعماقي..
تلك التَّحرُّكاتُ التكتونيَّةُ الهائلة العنفِ في خبايا دهاليزِ نفسي..
بزلازلها المدمِّرةِ الشعواء..! ما تضعني أمام حالةٍ من هذيانٍ سقيمٍ أخرس..
لاهو إن نطقَ أبانَ حالةَ الألم المستديمِ التَّوجُّعِ في عمري..
ولا هو إن تسقَّمَ صامتاً، أراحَ من أنينٍ خفيٍّ لمزَ أغشيةَ خلايا دماغي واكزاً إيَّاها بصلافةٍ متبجِّحةٍ سافرة!
**
على كلِّ حال..
العبثُ بالحروفِ، ما عاد يجدي أرقَ الخفقِ في دلاهمِ الواقعِ البهيم..
لعلَّ الصمتَ ارتكاساً على شفةٍ ووجومٍ، أولى من تَلَهٍّ أخفقَ بمراوحتهِ علاجَ سرطانِ المشاعرِ الخبيث..
لا سيَّما أنَّ مستَطبَّاتِ الرُّوحِ الخاصَّةِ، ما عادت تستضيفُ الحالاتِ الميؤوسِ منها.. كحال حبيبكِ هذا! ولله الأمر..
**
وتسأليني عن أحوالي؟!
أنا بخير بك.. أحيا بك وأموت عليك.. هذا باختصار مبينٍ محدَّدِ الجهات الثلاثِ..
في داخل هذا المثلَّثِ بأضلاعهِ الحياتيَّةِ المترقِّبة، أركنُ زواياهُ متشاغلاً ما بينَ أملٍ مريبٍ..
ونزقٍ عصيبٍ، ومنًى تتَّخذُ الأريحيَّةَ لها إساداً من همومٍ متشعِّبةِ المضامين.. ولات ارتياح!
في إطارٍ من خيالاتٍ مجنَّحةٍ محترقةِ الأرياشِ!.. وعجباً كيف تحلِّقُ في فضاءاتِ الأفكارِ أخيلتي المريضة!
**
السِّياحةُ ما بينَ جزرِ عُقدي الشُّعوريَّةِ الباطنةِ الملامحِ، شائكٌ وشهيٌّ في آن!
الشُّوكُ في مكابدةِ آهاتِ التَّحسُّرِ ربَّما.. ووخزها العميقِ في سويداءِ القلبِ المتعبِ أصلا..
والاشتهاءُ في التَّميُّزِ المتأصِّلِ في بنيةِ الطِّباعِ الألبيريَّةِ هنا! وهذا بحدِّ ذاتهِ مرضٌ آخرُ ولو كانَ حميداً في أوقات..!
**
سأكفُّ الآن عن سيبِ جنوني.. لترقأ فكرتي أسبابَ اشتياقها بوحكِ لك..
وبما أنَّكِ أنثايَ الأرقى والأرق، سأتصبرُ مجدَّداً حالماً بالقريرةِ وعداً ضمنهُ الإلهُ في ملكوتِ رحماتهِ للصابرين..
ولو بعد حين.