آخر 10 مشاركات
يا هوى (الكاتـب : - )           »          شعاع هارب (الكاتـب : - )           »          على الود..نلتقي (الكاتـب : - )           »          مساجلة النبع للخواطر (12) (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          إعتراف (الكاتـب : - )           »          يوميات فنجان قهوة (الكاتـب : - )           »          رحلة عمر (الكاتـب : - )           »          لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم (الكاتـب : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الأدب العربي والفكر النقدي > دراسات نقدية,قراءات,إضاءات, ورؤى أدبية > قراءات ,إضاءات,ودراسات نقدية

الملاحظات

الإهداءات
عصام احمد من فلسطين : الف الحمد لله على سلامتكم الاخت الفاضله منوبيه ودعواتنا لكم ان ترفلى دوما بثياب الصحة والعافيه ******** عصام احمد من فلسطين : اطيب الاوقات لكم ************ اتمنى ان يكون سبب غياب الغائبين خيرا ************ منوبية كامل الغضباني من من تونس : عميق الإمتنان ووفر العرفان لكم أستاذنا الخلوق عوض لجميل اهتمامكم وتعاطفكم ************متّعكم الله جميعا بموفزوالصّحة والعافية عوض بديوي من الوطن العربي الكبير : سلامات و شفاء عاجلا لمبدعتنا و أديبتنا أ**** منوبية كامل و طهور و مغفرة بإذن الله************محبتي و الود منوبية كامل الغضباني من من القلب إلى القلب : كلّ الإمتنان صديقتي ديزي الرّقيقة اللّطيفة لفيض نبلك وأحاسيسك نحوي في محنتي الصّحيّة التي تمرّ بسلام بفضل دعائكم ومؤازرتكم جميعا دوريس سمعان من ألف سلامة : حمدا لله على سلامتك أديبتنا المتألقة منوبية من القلب دعاء بتمام الشفاء وعودتك لأهلك وأحبابك بخير وسلامة

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 05-18-2013, 05:45 PM   رقم المشاركة : 1
أديب





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبدالله علي باسودان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي شعر ما قبل الإسلام، وليس الشعر الجاهلي

شعر ما قبل الإسلام، وليس الشعرالجاهلي.

الجاهلية وصف ملازم للعرب ما قبل الإسلام، نقول العصر الجاهلي وشعراء الجاهلية وحكماء العرب في الجاهلية، والشعرالجاهلي، وهذه التسمية وإن كانت صحيحة في جانب إلا أن فيها من الظلم الكبير للعرب في ذلك العصر، فهي تجـرّد كل العرب في ذلك العصر عن كل فضيلة وخُلق وتصف المجتمع في ذلك العصر بأنه مجموعة من السلبيات والفوضى. وحتى ننصف العرب في ذلك العصر علينا أن نعـِّرف معنى كلمة الجاهلية.
كلمة الجاهلية ليست مشتقة من الجهل الذي هو ضد العلم ونقيضه، وإنما مشتقة من الجهل بمعنى السفه والغضب والنزق والحمِّية والطيش، ومما يؤكد ذلك المعنى قوله تعالى (قالوا أتتخذنا هزواً قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين)" البقرة 67 " وقوله تعالى (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)" الأعراف 199"
بهذا المعنى يكون وصف العرب بالجاهلية في مكانه. فقد كان العرب وثنيين، إلا قلة من بقايا أهل الكتاب، وكانت أخلاقهم قوامها الطيش والغضب والأخذ بالثأر واقتراف ما حرمه الله عز وجل من موبقات، إلا أنه من الإنصاف لا يصح هذا التعميم على كل المجتمع في ذلك العصر، حيث أن في كل مجتمع وفي كل عصر إيجابيات وسلبيات، فهناك في ذلك العصر من الحكماء والعقلاء والمصلحين ممن شهدت لهم أشعارهم وخطبهم ووصاياهم ومآثرهم بتمسكهم بالفضائل التي جاء ونادى بها الإسلام فيما بعد.
وأما الجهل الذي هو نقيض العلم، فقد كان العرب في عصر ما قبل الإسلام بعيدين عن هذا الوصف. ولقد كان أحمد حسن الزيات محقاً في قوله: ..." ولو ساغ لنا أن نحكم على العرب بمقتضى لغتهم وآدابهم لوجدنا لهم نفوساً كبيرة وأذهاناً بصيرة وحنكة خبيرة ومعارف واسعة، كوّنوا أكثرها من نتائج قرائحهم وثمار تجاربهم فإن لغتهم وهي صورة اجتماعهم لم تدع معنى من المعاني التي تتصل بالروح والفكر والجسم والجماعة والأرض والسماء وما بينهما إلا استوعبت أسماءه و رتبت أجزاءه ... ولعمري ما يكون التمدن اللغوي إلا بعد تمدن اجتماعي راق في حقيقته.
و يقول جرجي زيدان في بحثه عن العرب في ذلك العصر " لم يتصد أحد للبحث في آداب اللغة العربية قبل زمن التاريخ لقلة المواد المساعدة على ذلك ولاعتقاد أن العرب ـ حتى في الجاهلية الثانية ـ كانوا غارقين في الفوضى والجهالة، ولا عمل لهم إلا الغزو والنهب والحرب في بادية الحجاز والشام وفي نجد وفي غيرها من بلاد العرب، على أننا إذا نظرنا إلى لغتهم كما كانت في عصرالجاهلية نستدل على أن هذه الأمة كانت من أعرق الأمم في المدنية، لأنها من أرقى لغات العالم في أساليبها ومعانيها وتراكيبها .... واللغة مرآة عقول أصحابها ومستودع آدابهم ".
إن العرب في ذلك العصر كغيرهم من الأمم كانت لهم جوانب إيجابية وجوانب سلبية، فالجوانب الإيجابية كثيرة منها سعة الخيال وسرعة الخاطرة ودقة الإحساس كما أكسبتهم البيئة براعة في الأنساب والأخبار والأشعار. وكما مهروا في الفراسة والقيافة ووصف الأرض لكشف العي فيهم وطلب الهارب منهم. أما في الجانب الخلقي والتربوي فقد كان للعرب الحظ الأوفر، فأكثم بن صيفي كان من خيرة حكماء العرب وقضاتها وكان مثالاً في الرصافة والتعقل والحكمة ومما يروى عنه أنه سار إلى كسرى أنو شروان في وفد من العرب لإظهار فضل العرب وتفوقهم وكان الخطيب المفوّه فقال له كسرى: "لو لم يكن للعرب غيرك لكفى" فقال أكثم كلمته المشهورة: "رب قول أنفذ من صول".
والمتتبع لخطب أكثم بن صيفي يرى أنها تتصل بالمواعظ وتكثر فيها الحكم التي تصدر عن نفس راقية متأملة واعية لأحوال المجتمع كما تعالج شخصية الإنسان في ذلك المجتمع،
يتبع ….







  رد مع اقتباس
قديم 05-18-2013, 05:59 PM   رقم المشاركة : 2
أديب





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبدالله علي باسودان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: شعر ما قبل الإسلام، وليس الشعر الجاهلي

فمن وصاياه لرهطه :

يا بني تميم لا يفوتكم وعظي وإن فاتكم الدهر بنفسي إن بين حيزومي وصدري لكلاماً لا أجد له مواقع إلا أسماعكم ولا مقاراً إلا قلوبكم فتلّقوه بأسماع مصغية وقلوب واعية تحمدوا مغبته. الهوى يقظان والعقل راقد، والشهوات مطلقة والحزم معقول، والنفس مهملة والرويِّة مقيدة ومن جهة التواني ترك الرويِّة يتلف الحزم، ولن يعدم المشاور مرشداً والمستبد برأيه موقوف على مداحض الزلل ومن سمع سُمِع ومصارع الرجال تحت بروق الطمع ولو اعتبرت مواقع المحن ما وجدت إلا في مقاتل الكرام وعلى الاعتبار طريق الرشاد ومن سلك الجدد أمن العثار ولن يعدم الحسود أن يتعب قلبه ويشغل فكره ويورث غيظه ولا تجاوز مضرته نفسه.
يا بني تميم الصبر على جرع الحلم أعذب من جني ثمر الندامة ومن جعل عرضه دون ماله استهدف للذم، وكلم اللسان أنكى من كلم السنان والكلمة مرهونة مالم تنجم من الفم فإذا نجمت مزجت، فهي أسد مجـَّرب أو نار تلهب، ورأي الناصح اللبيب دليل، ونفاذ الرأي في الحرب أجدى من الطعن والضرب ."
ونعجب عندما نسمع عمرو بن كلثوم من زعماء تغلب ومن كبار شعراء وحكما ء ذلك العصر يوصي بنيه إلى مجموعة من الفضائل التي دلنا عليها نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام فيقول في وصيته
"يا بني إني قد بلغتُ من العمر مالم يبلغ أحد من آبائي وأجدادي ولابد من أمر مقتبل، وإن ينزل بي ما نزل بالآباء والأجداد والأمهات والأولاد فاحفظوا عني ما أوصيكم به :
"إني والله ما عيّرت رجلاً قط أمراً إلا عُيّر بي مثله، إن حقاً فحقاً وإن باطلاً فباطلاً، ومن سبّ سُبّ فكفوا عن الشتم فإنه أسلم لأعراضكم، وصلوا أرحامكم تعمر داركم، وأكرموا جاركم يحسن ثناؤكم، وزوجوا بنات العم بأولاد العم فإن تعديتم بهن إلى الغرباء فلا تألوا بهن الأكفاء وابعدوا بيت النساء من بيوت الرجال فإنه أغض للبصر وأعف للذكر، ومتى كانت المعاينة واللقاء ففي ذلك داء من الأدواء، ولا خير فيمن لا يغار لغيره كما يغار لنفسه، وقلَ من انتهك حرمة لغيره إلا انتهكت حرمته، وامنعوا القريب من ظلم الغريب فإنك تذل على قريبك، ولا يحل بك ذل غريبك، وإذا تنازعتم في الدماء فلا يكن حقكم للقاء، فرب رجل خير من ألف، وود خير من خلف، وإذا حُدثتم فعوا، وإذا حدثتم فأوجزوا فإن مع الإكثار يكون الإهذار، وموت عاجل خير من ضني آجل، وما بكيت من زمان إلا دهاني بعده زمان، وربما شجاني من لم يكن أمره عناني، ما عجبت من أحدوثة إلا رأيت بعدها أعجوبة، واعلموا أن أشجع القوم العطوف، خيرالموت تحت ظلال السيوف، ولا خير فيمن لا رويـَّة له عند الغضب ولا فيما إذا عوتب لم يعتب، ومن الناس من لا يُرجى خيره ولا يخاف شره فبكؤه خير من درَه وعقوقه خير من بره، ولا تبرحوا في حبكم فإنه من أبرح في حب آل ذلك إلى قبيح بغض، قد زراني إنسان وزرته فانقلب الدهر بنا فبرته واعلموا أن الحكم سليم، وأن السيف كليم إني لم أمت ولكن هرمتُ ودخلتني ذلة فسكتُ وضعف قلبي فأهترت سلمكم ربكم وحياكم."
ومن الثابت أن مؤرخي ورواة الشعر قديماً وحديثاً اعتادوا على أن يوسموا الشعر العربي قبل الإسلام بالشعر الجاهلي واستُعمل هذا في مؤلفاتنا ومناهجنا الدراسية إلى يومنا هذا. وفي تصورنا أن هذة التسمية لا تليق بالشعر العربي قبل الإسلام أن يوسم بالجهل، ذلك لأنه يمتاز عن غيره من الشعر الذي قيل بعد الإسلام إلى يومنا هذا، ولأنه يعبّر عن مكارم الأخلاق والشهامة والمروءة والشرف والشجاعة والفروسية والوفاء بالعهد في ذلك العصرعند العرب كما أسلفنا سابقاً، وكذلك اللغة العربية السليمة النقية التي يعتز بها كل عربي فهي تعتبر من أرقى اللغات
يتبع....






  رد مع اقتباس
قديم 05-18-2013, 06:19 PM   رقم المشاركة : 3
عضو هيئة الاشراف
 
الصورة الرمزية منوبية كامل الغضباني





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :منوبية كامل الغضباني غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: شعر ما قبل الإسلام، وليس الشعر الجاهلي

متابعة لهذه الأطروحة الأكادميّة القيّمة .....
ولي تعقيب بعد انهاء حلقاتها ...
شكرا أستاذنا الجليل باسودان













التوقيع

لِنَذْهَبَ كما نَحْنُ:

سيِّدةً حُرَّةً

وصديقاً وفيّاً’

لنذهبْ معاً في طريقَيْنِ مُخْتَلِفَيْن

لنذهَبْ كما نحنُ مُتَّحِدَيْن

ومُنْفَصِلَيْن’

ولا شيءَ يُوجِعُنا
درويش

  رد مع اقتباس
قديم 05-18-2013, 06:41 PM   رقم المشاركة : 4
أديب





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبدالله علي باسودان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: شعر ما قبل الإسلام، وليس الشعر الجاهلي

قلما نجد مثيلها في أمة من الأمم في ذلك الزمن. كما أنه أرسى لنا بناء القصيدة وأوزانها وقواعد اللغة العربية وبلاغتها. إنه تاريخنا يجب علينا أن نعتزبه، فليس من الوفاء أن نوصمه بالجهل.
إن هذا الشعرفي ذلك العصر مرجعنا في مختلف قضايانا الشعريه والأدبية واللغوية، وهو ديوان العرب في تلك الحقبة من الزمن، وكذلك مرجعنا في تفسير كثير من معاني كلمات القرآن الكريم، فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما لما سئُل عن معنى الأية الكريمة:
"يوم يكشف عن ساق ويُدعون إلى السجود فلا يستطيعون" (القلم 42)
قال: إذا خفي عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر فإنه ديوان العرب أما سمعتم قول الراجز:
صـــبراً عنا ق إنه شـر بــاق
قد سن لي قومك ضرب الأعناق
وقــامـة الحرب بنا على ســاق
وفي التفسير: كشف الساق يراد به الشدة في البلاء، وقد كانوا إذا ابتلوا بشدة كشفواعن الساق.
وعن محمد بن سلاَّم الجمحي صاحب طبقات فحول الشعراء قال: "ما عُرض لابن الخطاب أمر إلا واستشهد فيه بالشعر."وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال " أفضل صناعات الرجل الأبيات من الشعر يقدمها في حاجته، يستعطف بها قلب الكريم، ويستميل فؤاد اللئيم"
وقال أيضاً " الشعر جزل من كلام العرب تسكن به ثائرتهم، ويطفأ غيظهم ويبلغ بها القوم في ناديهم، ويعطى به السائل" .
وقال أبوهلال العسكري:"لا تعرف أنساب العرب وتواريخها وأيامها ووقائعها إلا من جملةأشعارها، فالشعر ديوان العرب وخزانة حكمتها ومستنبط آدابها ومستودع علومها."

إذا لم نعرف هؤلاء الشعراء الذين كانوا قبلنا لما عرفنا مثل هذا الشعر الراقي في معناه لغة ً وأدباً، وحكماً وأمثالاً، لذلك ليس من الإنصاف والوفاء أن نوسم هذا الشعرالعظيم الذي حفظ لنا تاريخنا في ذلك الزمن بالجهل، وإذا كان في نظر البعض أن هذه التسمية تليق به فلماذا نتعلم الطيش والنزق ونكتبه في كتبنا وندرسه لطلابنا في مدارسنا وجامعاتنا. وإذا كان لابد لنا من هذا النعت فهل ننعت الكرم في ذلك العصر ونقول الكرم الجاهلي والوفاء بالعهد الوفاء الجاهلي وما شابه ذلك من الشجاعة والمروءة والأمانة. وقد قرأتُ لأحد الكتاب قوله "لابد لنا أن نستمر على هذه التسمية فقد اقتدى عليها آباؤنا السلف والخلف" ، فنقول فهل يا ترى نكون مثل ما قال الأولون "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون."
يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " كان الشعر علم قوم ولم يكن لهم علم أصح منه "

هناك في ذلك العصر مكارم أخلاق ووفاء بالعهد و شهامة وشجاعة كما سجلها لنا التاريخ وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق". ومما يروى عنه صلى الله عليه وسلم أن سفانة بنت حاتم الطائي وقد وقعت في الأسر في إحدى الغزوات وعندما عرفتّه بأبيها أنه كان كريماًً في ذلك العصر قال لها يا جارية هذه صفات المؤمن حقاً لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه، فقال لأصحابه خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق والله يحب مكارم الأخلاق.
ومن أهمية اللغة العربية في ذلك العصر أن القرآن الكريم لم ينزل بلغة قريش وحدها وإنما نزل بلغة أكثر القبائل العربية ليتحداهم بما لديهم من قوة البلاغة في اللغة و الخطابة والشعر وبأن يأتوا بآية من مثله،
وكلامنا هذا بصدد الشعر واللغة العربية ومكارم الأخلاق في ذلك العصر شعراً كان أم خطابة أم نثراً وليس بصدد الديانات والحكم بغير ما شرعه الله ورسوله والتقاليد الوثنية السائدة في ذلك العصر. ونؤكد ذلك بما قاله سيد قطب – رحمه الله – في كتابه في ظلال القرآن " فالجاهلية كما يصفها الله و يحدد قرآنه هي حكم البشر للبشر لأنها هي عبودية البشر للبشر والخروج من عبودية الله ورفض ألوهية الله والاعتراف في مقابل هذا الرفض بالوهية البشر وبالعبودية لهم من دون الله.
ويتابع قوله: إن الجاهلية ليست فترة من الزمان ولكنها وضع من الأوضاع هذا الوضع يوجد بالأمس، ويوجد اليوم، ويوجد غداً، فيأخذ صفة الجاهلية المقابلة للإسلام، مناقضة للإسلام....فالعبودية لغير الله جرّتهم الى كل الضلالات السابقة وتحكيم الأهواء والعادات والتقاليد، وهي بناءً على ذلك تعني مفهوم الضلالات والسفه والطيش وتحكيم العادات والتقاليد بعيداً عن منهج الله في السياسة والاقتصاد والعقائد والحياة الاجتماعية .. وعدم تحكيم شرع الله."
ويقول الدكتور شوقي ضيف في كتابه: تاريخ الأدب العربي: "... وقد أخذت (يعني كلمة الجاهلية) تطلق على العصر القريب من الإسلام أو بعبارة أدق على العصر السابق له مباشرة وكل ما فيه من وثنية وأخلاق قوامها الحمية والأخذ بالثأرواقتراف ماحرمه الدين الحنيف من موبقات."

إذن لم يكن العرب بتلك السلبية التي تتبادر إلى الذهن بمجرد ذكر الجاهلية ويظهر ذلك جلياً في خطب أكثم بن صيفي وعمرو بن كلثوم، وعامر بن الضراب وغيرهم، وفي كثير من أشعار شعراء تلك الحقبة من الزمن حيث تؤكد هذه الخطب وهذه الأشعار بأن للعرب نفوساً كبيرة وأذهاناً بصيرة وحنكة خبيرة ومعارف واسعة أكثرها من نتاج قرائحهم وثمار تجاربهم كما تشهد هذه الآراء والحكم على عمق نظرتهم السياسية والاجتماعية والإنسانية.
إننا عندما نقرأ كثيراً من شعر ذلك العصر نجد فيه من الوصف للشهامة و المروءة والأمانة والعفة ومكارم الأخلاق والوفاء بالعهد بالإضافة الى الحكمة والشجاعة وقوة بلاغة وإتقان اللغة العربية مما نعتز به أكثر مما نجده في كثير من أشعارنا وفي مؤلفاتنا في هذه الأيام والأمثلة على ذلك كثيرة لا حصر لها. فمن الأشعار التي تُعبِّر عن مظاهر الإيمان والأخلاق الحميدة التي أمرنا بها الإسلام قول عمرو بن كلثوم في إحدى قصائده:

فلا العزِّى أدين ولا ابنتيها
ولا صنمي بني طسم أديرُ

أربّاً واحد اً أم ألف رب
أدين إذا تقسمت الأمـور

ولكن أعـبد الرحمن ربي
ليغفر ذنبي الرب الغفور

فتقوى الله ربكم احفظوها
متى ما تحفظوها لا تبورا

ويقول أوس بن حُجر:

وباللأت والعزى ومن دان دينها
وبالله إن الله منهن أكبرُ

ويقول ورقة بن نوفل:
بدينـك ربـاً ليس رباً كمثله
وتركك جنات الجمال كما هيا

وإدراكك الدين الذي قد طلبته
ولم تــك توحــيد ربك ساهيا

أدين لرب يستجيب ولا أرى
أدين لم لا يسمع الدهر داعيا

أقول إذا صليت في كل بيعة
تباركت قد أكثر باسمك داعيا

ويقول النابغة الذبياني:

ولما وقاها الله ضربة فأسه
وللـبّر عـين لا تغمَّض ناظره

فقال تعالي نجعل الله بيننا
على ما لنا أو تنجزي ليَ آخره

فقالت معاذ الله أفـعل إنـني
رأيتك مسحورا يمينك فاجره

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لوفد غطفان الذين قدموا عليه من الذي يقول:

حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ً
وليس وراء الله للمرء مذهبُ

قالوا: نابغة بني ذبيان، فقال لهم:

فمن قائل هذه الأبيات:

أتيتك عارياً خلقاً ثيابي
على وجلٍ تظن بي الظنونُ

فألفيت الأمانة لم تخنـها
كذلك كان نوحٌ لا يخونُ

قالوا: هو النابغة، قال: هو أشعر شعرائكم.

وقال لبيد بن ربيعة العامري:

ألا كل شىء ما خلا الله باطل
وكل نعيم لا محالة زائلُ

وكل امرىء يوماً سيعلم سعيه
إذا كشفت عند الإله الخصائل

وقال أيضاً:
ما عاتب المرءَ الكريم كنفسه
والمرءُ يصلحه الجليس الصالح

وقال عدي بن زيد العبادي:

كفى واعظاً للمرء أيام دهـره
تروح به الواعظات و تغتذي

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
فكـلُ قرين بالمقارن يقــتدي

فإن كان ذا شرٍ فجــانبه سرعةً
وإن كان ذا خير ٍ فقاربه تهــتدي

إذا ما رأيت الشر ينعت أهـله
و قام جناة الشر بالشر فأقــعد

وكذلك نرى عنترة يعطينا دروساً أخلاقية تربوية في الشجاعة والعفة والمروءة، نرى من خلالها شخصية المعلم المربي، فيقول:

أغشى فتاة الحي عند حلـيـلـها
وإذا غزا في الحرب لا أغشاها

وأغض طرفي ما بدت لي جارتي
حتى يواري جـارتي مأواها

إني أمـرؤ سمح الخلـيقة ماجدٌ
لا أتبع النفس اللجـوج هواها

ويقول:

أبصرتُ ثمُّ هويتُ ثم كتمتُ ما ألقى
ولم يعلم بذاك مـناجـي

فوصلتُ ثم قدرتُ ثم عففتُ
من شرفٍ تناهى بي إلى الانصاج

ويقول أيضاً:

لئن أك أسوداً فالمسك لوني
وما لسواد جلـدي من دواءٍ

ولكنْ تبعـد الفحشا ء عـنـي
كبعد الأرض عن جو السماء

ويقول الشنفرى هذه الأبيات الرائعة التي تنم عن منتهى العفة واحترام المرأة لا كما ينا دي به شعراء المرأة هذه الأيام:

لِقَدْ أَعْجَبَتْنِي لا سُقُوطاً قِناعُها
إذا مامَشَتْ ولا بِذاتِ تلفتِ

تبِيتُ بُعَيْدَ النَّومِ تُهْدي غُبُوقَها
لجارا تها إذا الهد ية قلـت

كأ ن لها في الأرضِ نَسْياَ تَقُصَّهُ
على أمِّهـا وإ ن تُكلمك تبْلُتِ

أُميمَةُ لا يُخْزي نثاها حَليْلَها
إذا ذُكرالنِّسوانُ عفََّّتْْ وجَلَّتِ

تبيتُ بمنجا ة عن اللوم بيتها
إذا ما بيوت بالملامة حلت

إذا هو أمسى آب قرة عينه
فآب السعيد لم يسل أين ظلت

فدّقَّت وجَلَّت واسبكرَّت وأُكْمِلت
فلَوْ جُنَّ إنْسانٌ من الحُسْنِ جنّت

إن هذا الشعر الرائع العفيف بعيد كل البعد عن معنى كلمة " الجاهلية "

و نعجب عند ما نرى امرئ القيس في ذلك العصر يأتي في شعره من أحوال أهل الجنة
وما فيها من نعيم مخلّد فيقول في إحدى قصائده:

الأعم صباحاُ أيها الطلل البالى
وهل يعمن من كان في العصر الخالي

وهل يعـمن إلا ســعـيد ٌ مخــلدٌ
قليل الهموم ما يبيت بأوجال

ويقول:

الله أنجح ما طلبت به
والبر خير حقيبة الرجل

ويقول الأعشى:

فلا تحسبنّي كافراً لك نِعمةً
على شاهدي ، يا شاهد الله فأشهد

ويقول عروة بن الورد العبسى، أمير الصعاليك في ذلك العصر يخاطب رجلاً ثريا بخيلاً فخر عليه بماله وضخامة جسده:
إني امرؤ عافي إنائي شركة
وأنت امرؤ عافي إناؤك واحـدُ

أقسِّم جسمي في جسوم كثيرة
و أحسو قراح الماء والماء بارد

أتهزأُ مني أن سمنتَ و أن ترى
بجسمي مسَّ الحق والحق جاهد

عن عبدالملك بن مروان قال من أجل هذه الأبيات: ما سرّني أن أحداً من العرب ممن ولدني. لم يلدني إلا عروة بن الورد لقوله هذه الأبيات.
انتهى.






  رد مع اقتباس
قديم 05-18-2013, 07:37 PM   رقم المشاركة : 5
عضو هيئة الاشراف
 
الصورة الرمزية منوبية كامل الغضباني





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :منوبية كامل الغضباني غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: شعر ما قبل الإسلام، وليس الشعر الجاهلي

باسودان
ليت الجميع يمرّ هنا على هذه الأطروحة العالية القيّمة ....
المؤسف أن بعض الأجيال انقطعت عن تلك الحقبة التاريخية ،
ولويت أعناقها إلى المعاصرة ، دون تأصيل يخبرهم بإبداع العرب في تلك المرحلة المهمة جدا ..
خصوصا والدعوات من المغرضين تترى في تهميش الذات العربية آنذاك ..
فكم تربينا با سودان على هذه الأشعار الجميلة الثريّة المعاني العالية اللّغة خصوصا قصائد الهذليين ، مثل المنتخل ، وصخر الغي ، وابي صخر ، وابي ذؤيب ، في وصفهم للأشيا حياة مختلفة ..
وإذا مررنا بالتجارب الشعرية للصعاليك ، وقدرتهم العالية في التعبير بالشعر عن عوالمهم فأنّنا نغرق في ثراء هذه الأشعارالجاهلية التي ترعرعت في بوادي نجد والحجاز وما اليهما من شمالي الجزيرة العربية
فالشعر الجاهلي باسودان كانت البادية مدرسته التي نشأ فيها الشعراء النّابهون
كشعراء من أصل يمني كامرئ القيس الكندي وحاتم الطائي او من اصل عدناني كالمهلهلوطرفة والأعشى والنابغة وزهير ولبيد
فقد كانت البادية مهبط الوحي الشّعري ترهف الحسّ وتذكيهوللشعر فيها مقام رفيع
كما كانت اغراضه وليدة حياة الشاعر والأحوال الطبيعية والإجتماعية وكان اشهر هذه الأغراض الغزل والمدح والهجاء والرّثاء والفخر والزهد والحكمةوهو في اكثره بداهة وفطرة
وله كما تفضلت قيمة تاريخية عظيمة فهو وثيقة من أهم الوثائق لتلك الحقبة
فشكرا باسودان على مجهوداتك القيّمة الجليلة وتبارك الله على سعة معلوماتك ودقّتها وكم أفخر بانضمامك الى أسرة النّبع













التوقيع

لِنَذْهَبَ كما نَحْنُ:

سيِّدةً حُرَّةً

وصديقاً وفيّاً’

لنذهبْ معاً في طريقَيْنِ مُخْتَلِفَيْن

لنذهَبْ كما نحنُ مُتَّحِدَيْن

ومُنْفَصِلَيْن’

ولا شيءَ يُوجِعُنا
درويش

  رد مع اقتباس
قديم 05-18-2013, 10:07 PM   رقم المشاركة : 6
أديب





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبدالله علي باسودان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: شعر ما قبل الإسلام، وليس الشعر الجاهلي

شكراً أديبتنا الغالية دعد كامل على تعقيبك الرائع.
سأعود حول هذا الموضوع.







  رد مع اقتباس
قديم 05-19-2013, 06:13 AM   رقم المشاركة : 7
أديب





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبدالله علي باسودان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: شعر ما قبل الإسلام، وليس الشعر الجاهلي

شكراً أديبتنا القديرة دعد كامل.

إضافة إلى ما قاله الشعراء من الإيمانيات والحكم الرائعة فإن للشعر والشعراء عند العرب قبل الإسلام منزلة عظيمة ، ومكانة رفيعة خاصة عند القبيلة . فكان إذا نبغ شاعرٌ تحتفل به قبيلته، وتدق له طبول الفرح وتتباهى به عند القبائل الأخرى، فنبوغ الشاعر عند القبيلة أعظم درجة من الخطيب المفوَّه ، ويكاد يكون أعظم درجة من رئيسها وفارسها وذلك أنه يمجٍّد قبيلته ويرفع من قيمتها عند أعدائها وعند القبائل الأخرى ويحط من قيمة أعدائها، فهوالمنافح والمدافع عنها وهو الذي يسجِّل لها تاريخ مفاخرها و أمجادها ويباهي بمآثرها و يعظم من شأنها ويهِّول على أعدائها.
يقول الجاحظ "كانت العرب تحتال في تخليدها بإن تعتمد على الشعر الموزون والكلام المقفى، وكان ذلك هو ديوانها، وعلى أن الشعر يفيد فضيلة البيان.".
ومن أهمية الشاعر عند القبيلة أن أعداءها يتوددون إلى قبيلته مخافة من هجائه، وكان البيت الواحد من الشعر يرفع من شان القبيلة و يحط من منزلتها ، فالهجاء مفعوله أمض من السيف وافتك من النبال، حيث كانت القبائل في ذلك العصر تحارب أعداءها بالشعر قبل السيف. يقول الجاحظ "وهل أهلك عَنَزة وجَرماً وعُكلا وسَلول وباهلة وغنياً إلا الهجاء.







  رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
" وصف النبي صلى الله عليه وسلم هكذا وليس كما صوروه " سنا ياسر نبع الإيمان 12 09-15-2012 05:55 PM
الجزم بـ"لن" .. لمن يشتغل بكتب التراث وليس للمنشئ فريد البيدق قسم النحو والاعراب ومرفوعات ومجرورات ومنصوبات والصرف 4 07-30-2012 10:59 PM
الشاعر الجاهلي البرعاط بن مكثمة الحنفري عبد القادر الحسيني الأدب الساخر 2 12-04-2011 02:04 AM
عزَّةٌ وأنَفَة للشاعر الجاهلي السَّمَوأَل محمد عبدالله اختيارات متنوعة من الفنون الأدبية وأدب الحضارات القديمة 2 08-25-2010 01:52 AM
شعراء العصر الجاهلي فاطمة الفلاحي اختيارات متنوعة من الفنون الأدبية وأدب الحضارات القديمة 5 02-16-2010 11:12 PM


الساعة الآن 05:21 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::