مقوم هام من مقومات الحياة وضرورة من ضروراتها لا تستقيم الحياة البشرية بدونه ولا يمكن للنوع الإنساني أن يستمر على هذه الأرض لولاه وهو من العناصر التي أكدت عليها الأديان والقيم والمعتقدات على مر الأزمان منذ أن خلق الله سبحانه ادم إلى اليوم والى أن تقوم الساعة ... انه الغذاء والطعام والقوت الذي لا غنى عنه لكائن حي وقد أكد الخالق العزيز على أهمية الطعام واعتبرها من النعم العظيمة من خلال امتنانه على قريش بهذه النعمة، قال تعالى: }فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ{ (قريش:4).
تبرز أهميته في انه أداة الحياة وترياقها ولكن المهم به هو أن يكون الحصول علية ميسورا سهلا مقدرا لكل المخلوقات من خيرات الطبيعة التي أودعها الله بها ومن مواردها التي لا تنضب، وبمعنى آخر أن يكون الإنسان آمنا في غذائه لا ينازعه علية احد ولا يحول دونه احد ولا يضطهد من اجل الحصول علية ولا تنتهك كرامته ولا ينتقص من حياته الحرة الكريمة لأجله، لذا برز في الحياة الإنسانية وفي إطار منظومة الأمن الشامل التي ركز عليها الإسلام الحنيف ما يسمى بمفهوم الأمن الغذائي، وللأمن الغذائي تعريفات عديدة في الفكر الإنساني حيث ميز الدارسون بين مفهوم الأمن الغذائي المطلق والنسبي فقالوا في المطلق انه :» قدرة الدولة على إنتاج الغذاء داخل أرضها بما يعادل أو يفوق حاجتها المحلية أو الطلب الداخلي فيها « ، أما الأمن الغذائي النسبي فعرفوه بأنه :» قدرة الدولة على توفير السلع والمواد الغذائية كلياً أو جزئياً لشعبها ومواطنيها « وبناء على هذه التعريفات ركز الإسلام على استقلالية الأمة وقدرتها الخاصة على إنتاج طعامها من خيراتها وذلك حفاظا عليها من الوقوع فريسة الابتزاز في طعامها لأنها أن وقعت في الفخ أصبحت ألعوبة بيد من يملك مقومات الإنتاج وعناصره وقد أكد الإسلام على الإنتاج وتوفير الحاجيات من خلال استغلال الثروات والخيرات الموجودة برا وبحرا عن طريق بذل الجهد وتعبئة الطاقات والموارد البشرية والمالية وتبرز أهمية هذا الدور في عالم مادي اختلت فيه الموازين وبلغت درجة من الاحتكار أدت إلى موت البشر من الجوع على مرأى ومسمع من أقطاب الحضارة المتمدنة في القرن العشرين والحادي والعشرين جهارا نهارا، ومن مظاهر اختلال الموازين بين دول العالم في الانتفاع بثروات الأرض وخيراتها ما تشير إليه الأرقام، إذ أنها تشير إلى أن 20% من سكان العالم يتصرفون في 80% من ثرواته، في حين يتقاسم 80% من سكان العالم 20% فقط من ثرواته، وإن مثل هذا الاختلال يعود إلى أسباب عدة، منها: قصور وتراجع السياسات المتبعة فيما يسمى بالدول النامية أو العالم الثالث ونقص قدرته على تحقيق نهضة اقتصادية حقيقية، إضافة إلى الهيمنة السياسية الدولية على مقدرات وخيرات الشعوب والتي تسعى جاهده لإبقاء هذه الدول في حالة من التبعية الاقتصادية لها تمكّنها من الحفاظ على تفوقها وارتباط الآخر بها. إن أهم مرتكز من مرتكزات الأمن الغذائي هو تحقيق الاكتفاء الذاتي ولو جزئيا على الأقل في المواد الأساسية والضرورية، لكي يستطيع الشعب أن يحافظ على استقلال إرادته وكرامته ، وفي الإسلام حوافز كثيرة ومقومات عديدة تدفع الأمة الإسلامية إلى الاستقلال بغذائها عن الآخرين وأرضنا العربية والإسلامية تمتلئ بالخيرات والثروات التي تمكننا من الاستقلال وتحقيق أمننا الغذائي الخاص بنا بعيدا عن الهيمنة والتبعية الأجنبية.