آخر 10 مشاركات
{ نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير} (الكاتـب : - )           »          على الود..نلتقي (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          شعاع هارب (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          ظننت نفسي عاقلا (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          دستور القبيلة (الكاتـب : - )           »          الشاعر كيان مستقل بذاته (الكاتـب : - )           »          تأمّل في مبنى مجزرة البلدية (الكاتـب : - )           »          صداقة .. (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          علي أي جنب تنام نواياك ! (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الإيمان > نبع الإيمان

الملاحظات

الإهداءات
مصطفى معروفي من النبع : الله يكرميك أخي وصديقي العزيز عوض بديوي ،وأنا ممتن لك بهذا الترحيب الجميل بي****لا هنت مولانا**** عوض بديوي من الوطن العربي الكبير : رحبوا معي بشاعرنا و مبدعنا أ**** مصطفى معروفي بعد غياب طال؛ فحيهلا و غلا************ نورتم الأماكن عواطف عبداللطيف من صباح الجمعة : آل النبع الكرام جمعة مباركة وصباحكم إيمان ورحمة

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 08-10-2010, 10:47 AM   رقم المشاركة : 1
نبعي





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :محمد سيد حسن غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي من أسماء الله الحسنى .. الأَحَد

من

أسماء الله الحسنى .. الأَحَد
لفضيلة الدكتور : محمد راتب النابلسي

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .



من أسماء الله الحسنى : ( الأَحَد ) :


أيها الإخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم ( الأحد ) .

1 ـ ورود اسم ( الأَحَد ) في القرآن الكريم والسنة النبوية :

هذا الاسم ورد في القرآن الكريم في سورة الإخلاص :

﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ * ﴾

( سورة الإخلاص )

وقد ورد أيضاً في السنة الشريفة الصحيحة ، فعن ابن ماجة ، أخرج ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول :

(( اللَّهمَّ إِني أسألُكَ بأني أَشْهَدُ أنَّكَ أنْتَ اللهُ ، لا إلهَ إلا أنتَ ، الأحَدُ الصَّمَدُ ، الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ ، ولم يكن له كُفُوا أحَدٌ ، فقال عليه الصلاة والسلام : والذي نفسي بيده لقد سأل اللهَ باسمه الأَعظَمِ ، الذي إِذا دُعِيَ به أجابَ ، وإِذَا سُئِلَ بِهِ أعْطَى )) .

( الأحَد ) اسم من أسماء الله الحسنى ، ورد في سورة الإخلاص في قوله تعالى :

﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ * ﴾

وورد أيضاً في السنة الشريفة الصحيحة .

وقفة متأنية مع اسم الله الأعظم :

ولكن لا بد من وقفة عند اسم الله الأعظم :

اختلف العلماء في اسم الله الأعظم ، فبعضهم قال : الرحمن ، وبعضهم قال : الله ، هذا الاختلاف يحسم بحقيقة رائعة ، وهي أن اسم الله الأعظم هو الاسم الذي أنت بحاجة إليه في ظرف معين ، فإذا كنت فقيراً فاسم الله الأعظم بالنسبة إليك هو اسم الغني ، وإذا كنت ضعيفاً فاسم الله الأعظم بالنسبة إليك هو اسم القادر ، وإذا كنت تائهاً فاسم الله الأعظم هو اسم الهادي ، وكل هذه الأسماء تدور مع الإنسان ، فتارةً التواب ، وتارةً المغني ، تارةً الرحيم ، تارةً القوي ، تارةً الناصر ، فكل حالة أنت فيها هناك اسم من أسماء الله الحسنى هو بالنسبة إليك اسم الله الأعظم .

والذي يلفت النظر أنه ورد في القرآن الكريم في آية هي أصل في هذه الدروس :

﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

( سورة الأعراف الآية : 180 )

إذا كنت مظلوماً فادعُ الله باسمه الناصر ، وإذا كنت مضطراً فادعُ الله باسمه المجيب ، وفي كل حال أنت فيه هناك اسم من أسماء الله الحسنى شفاء لك ، وحصن لك ، وأساس في حلّ مشكلتك .

المؤمن الصادقُ خاضع لله ، متواضع مع خَلق الله :

أيها الإخوة ، المؤمن الصادق يتعامل مع الله تعاملا يوميا ، يتعامل مع الله تعاملا ساعيًا ، المؤمن الصادق يناجي ربه ، يستعين به ، يستغفره ، يتوب إليه ، يتوكل عليه ، يعبر لربه عن محبته ، يا رب ، إني أحبك ، وأحب من يحبك ، فكيف أحببك إلى خلقي ؟

ورد في بعض الآثار القدسية :

(( ذكرهم بآلائي ، ونعمائي ، وبلائي )) .

[ ورد في الأثر ]
المؤمن الصادق له مناجاة مع الله ، المؤمن الصادق يمرغ جبهته في أعتاب الله ، المؤمن الصادق عزيز عزة لا توصف ، لكن أمام الله فهو في منتهى الذل ، في منتهى الانكسار ، في منتهى الخضوع .

وهناك حقيقة تلفت النظر : كلما مرغت وجهك في أعتاب الله عز وجل رفعك الله ، وزادك عزاً وقوةً وحكمةً ، فبقدر ما تخضع له فيما بينك وبينه يرفع شأنك .

أنا لا أتصور أن في الأرض من آدم إلى يوم القيامة إنسانًا رفع الله ذكره كرسول الله عليه الصلاة والسلام ، وأتصور أيضاً أنه من إنسان خضع لله ، وكان عبداً ، وفي أعلى درجات القرب في سدرت المنتهى كرسول الله عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى :

﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ﴾

( سورة النجم )

الإنسان من شانه العبودية ، والله من شأنه الربوبية ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :

(( الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي ، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي ، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ )) .

[ أخرجه الترمذي وابن ماجه ]

الله عز وجل يغفر لك آلاف الذنوب :

(( يَا ابْنَ آدَمَ ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ، ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً )) .

[ الترمذي عن أنس ]
لكن ذرة واحدة من كبر تحجبك عن الله .

للتقريب : جاءك ضيوف كثر ، وما عندك شيء تقدمه لهم ، إلا كأس لبن أضفت خمسة أضعافه ماء ، وجعلته شراباً سائغاً ، الكأس من اللبن قبِل خمسة أضعافه ماء ، لكن لا يقبل قطرة نفط واحدة ، لأن هذه القطرة تفسده .

لذلك : " رُبَّ معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً " .

(( لو لم تذنبوا ، لخفت عليكم ما هو أكبر )) .

يا الله ! ما الذي هو أكبر من الذنب ؟ قال :

(( العجب )) .

[ الجامع الصغير بإسناد حسن عن أنس ]

فشأن العبد أن يتذلل لمولاه ، لكن المشكلة أن الذين شردوا عن الله يستكبرون على الله ، وهو يتذللون ، وينبطحون أمام عبد لئيم ، فإن لم تكن عبداً لله فأنت عبد لعبد لئيم ، والعبد اللئيم لا يرحم ، ولا يسترضى ، ولا يؤمَن جانبه ، فإن لم تكن عبداً لله فأنت عبد لعبد لئيم .

2 ـ بين اسم ( الأَحَد ) والواحد :

أيها الإخوة ، ( الأحد ) من مشتقات الواحد ، الواحد ( الأحد ) ، فالواحد مفتتح العدد ، أول عدد واحد ، أما ( الأحد ) فهذه للنفي ، ما جاء من أحد ، أما الواحد فللإثبات ، جاء واحد من القوم ، في الإثبات تستخدم لفظ ( واحد ) ، وفي النفي تستخدم لفظ ( أحد ) ، ما أطلّ علي أحد من الخلق ، ودعوت قوماً فجاءني منهم واحد ، الواحد لا شريك له ، لكن ( الأحد ) لا مثل له ، وهناك فرق بينهما ، الواحد من حيث الكم ، أما الأحد فمن حيث النوع ، فالواحد لا شريك له ، أما ( الأحد ) فلا مثل له .

لذلك قال تعالى :


﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾

( سورة مريم )

السمِيّ المشابه ، هل تعلم مشابها لله عز وجل ؟ كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك .

أما الأحدية فقالوا : هي الانفراد ونفي المثلية ، والانفراد لذاته ، وصفاته ، وأفعاله .

3 ـ من معاني ( الأحد ) :

من معاني ( الأحد ) أنه يحتاجه كل شيء في كل شيء ، وليس محتاجاً إلى شيء ، يحتاجه كل شيء في الكون في كل شيء ، وليس محتاجاً إلى شيء ، أحد صمد ، وجوده ذاتي ، أما الإنسان فعبد لله ، وجوده معتمد على إمداد الله له .

بين العبيد والعباد :

لذلك ورد في القرآن عبيد وعباد ، والفرق بينهما كبير ، العبيد جمع عبد القهر أما العباد جمع عبد الشكر ، فأيّ إنسان ولو كان ملحداً ، ولو كان كافراً ، ولو كان فاجراً هو عبد لله ، بمعنى أن حياته متوقفة على إمداد الله له ، لو توقف القلب فأملاكه بالمليارات تنتقل إلى غيره ، كان رجلاً فأصبح خبراً ، قال تعالى :


﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ﴾

( سورة المؤمنون الآية : 44 )

حتى العتاة ، الطغاة ، المستكبرون ، الملحدون ، الكافرون هم عبيد لله قهراً ، وكل مكانتك الاجتماعية مبنية على ذاكرتك ، وهناك حالات فقدِ الذاكرة ، كل مكانتك الاجتماعية مبنية على حركتك ، وأقل خثرة من الدم في أحد شرايين الدماغ تنتهي الحركة ، كل مكانتك الاجتماعية ، من عقلك ، والعقل قد يذهب فجأة .

فلذلك أي إنسان مهما كان قوياً ، ومهما كان متجبراً فهو عبد لله قهراً ، هذه عبودية القهر ، لكن المؤمن حينما عرف الله ، وأحبه ، وأقبل عليه ، وأطاعه ، وتقرب إليه فهذا عبد لله أيضاً من نوع آخر ، هذا عبد الشكر ، لذلك عبد القهر تجمع على عبيد .

﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾

( سورة فصلت )

بينما عبد الشكر تجمع على عباد .

﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾

( سورة الإسراء الآية : 65 )

فرق كبير بين عبيد وعباد .

أيها الإخوة الكرام ، ( الأحد ) الفرد ، الذي يحتاجه كل شيء في كل شيء ، وليس محتاجاً إلى شيء ، ويستحيل أن تحيط به .

﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾

( سورة البقرة الآية : 255 )

علم ما كان ، وعلم ما يكون ، وعلم ما سيكون ، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون .

النفي المجمَل والإثبات المفصَّل في أسماء الله وصفاته :


أيها الإخوة ، من خصائص أسماء الله الحسنى أن الصفات الفضلى لله عز وجل أثبتتها النصوص الصحيحة من الكتاب والسنة ، لكن هناك خصيصة دقيقة ، النفي المجمل والإثبات المفصل .

يمكن أن تمدح إنسانا ، وأن تقول : هذا ليس لئيماً ، ولا بخيلاً ، ولا مجرماً ، أعوذ بالله ، هذا مدح ، من كمال الأدب مع الله عز وجل أن تنفي عنه النقص إجمالاً ، ومن كمال الأدب مع الله عز وجل أن تثبت كماله تفصيلاً ، هو رحيم ، ودود ، غني ، لطيف ، من كمال الأدب مع الله أن تنفي عنه النقص إجمالاً ، ومن كمال الأدب مع الله أن تثبت صفاته الفضلى تفصيلاً ، بعضهم قال في قوله تعالى :


﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ﴾

( سورة الأنعام الآية : 115 )

﴿ كَلِمَةُ رَبِّكَ ﴾

هي القرآن الكريم ، والقرآن الكريم بين دفتيه كل ما في القرآن الكريم لا يزيد على شيئين ، أمر وخبر ، فالله أمرَك أو أخبرَك ، فأمره عدل ، وخبره صدق ، ما بين دفتي كتاب الله أمرٌ وخبرٌ ، أمره عدل ، وإخباره صدق ، هذا معنى قوله تعالى : ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ﴾ .

بعضهم قال : القرآن حمّال أوجه ، يعني : يا عبادي منكم الصدق ومني العدل ، تتفاوتون عندي بصدقكم ، الصدق له معانٍ عميقة جداً ، المعنى الساذج البسيط الذي يتبادر إلى ذهن كل الناس أن الإنسان إذا حدثك فهو صادق ، هذا المعنى صحيح ، لكن هناك صدق الأقوال ، وهناك صدق الأفعال ، أن تأتي أفعالك وفق أقولك .

مَن هم الأنبياء ؟ الذين ما رأى الناس مسافة إطلاقاً بين أقوالهم وأفعالهم ، مَن هم المنافقون ؟ الذين رأى الناس بوناً شاسعاً بين أقالهم وأفعالهم .

فيا عبادي منكم الصدق ، ومني العدل .

أو :

﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ﴾

هذا تمهيد ، بعضهم قال : لا ، ما بين دفتي القرآن وصف للواحد الديان ، وأمر وخبر ، فسورة الإخلاص تعريف بالله ، فهي ثلث القرآن ، هذه السورة تعدّ عند بعض العلماء ثلث القرآن الكريم .

معرفة الله والطريق إليها :

أيها الإخوة ، السبب أن أصل الدين معرفة الله عز وجل ، هذه كلمة للإمام علي رضي الله عنه : أصل الدين معرفته ، وشرف العلم من شرف المعلوم ، فمن الممكن أن تكتب دراسة مطولة على قصيدة الإلياذة لهوميروس ، قصيدة قيلت في عصور قديمة جداً ، وكلها ضلالات وآلهة وشرك ، فإذا درس الإنسان هذه القصيدة دراسة مفصلة ، وإنسان درس أسماء الله الحسنى ، فشرف العلم من شرف المعلوم ، وفضل العلم بالله على العلم بخلقه كفضل الله على خلقه ، فكلما ارتفع مضمون العلم ارتفع المتعلم ، وكلما ارتفع موضوع العلم ارتفع المتكلم .

لكن أيها الإخوة ، طرقُ معرفة الله عز وجل ثلاث ، يمكن أن نعرفه من آياته الكونية من الكون ، خلقه ، ويمكن أن نعرفه من آياته التكوينية أفعاله ، ويمكن أن نعرفه من كلامه قرآنه ، آياته الكونية عن طريق التفكر ، وآياته التكوينية عن طريق النظر ، وآياته القرآنية عن طريق التدبر .

آياته الكونية عن طريق التفكر :

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ .

( سورة آل عمران )

أما آياته التكوينية أفعاله :


﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾

( سورة الأنعام )

مستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر ، مستحيل وألف ألف ألْف مستحيل أن تعصيه وتربح ، مستحيل وألف أَلف ألف مستحيل أن تقبل عليه وتُذل ، ومستحيل وألف ألف أَلف مستحيل أن تُعرض عنه وتعز ، سبحانك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت .

أما آياته القرآنية :

﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾

( سورة محمد )

إذاً : هناك طرق ثلاثة لمعرفة الله : خلقه عن طريق التفكر ، وأفعاله عن طريق النظر ، وقرآنه عن طريق التدبر .

العلمُ بخَلق الله والعلمُ بأمر الله والعلمُ بالله :

أما العلوم فتقسم إلى أقسام ثلاثة علم بخلقه ، هذا اختصاص الجامعات في الأرض ، علم الفلك ، الفيزياء ، الكيمياء ، الرياضيات ، علم الذرة ، علم النفس ، علم الاجتماع ، علم النفس التربوي ، الجغرافيا ، التاريخ ، علم بخلقه ، والعلم بخلقه أصل في صلاح الدنيا .

والمسلمون إذا أهملوا اختصاصاً هم في أمس الحاجة إليه ، وتفوق بالاختصاص عدوهم ، أثموا جميعاً ، وعلم بأمره ، هذا اختصاصات كليات الشريعة في العالم الإسلامي افعل ولا تفعل ، الحلال ، والحرام ، والقرض ، والوكالة ، والحوالة ، والكفالة ، أحكام الزواج ، أحكام الطلاق هذا علم بأمره .

النقطة الدقيقة : أن العلم بخلقه ، وأن العلم بأمره يحتاجان إلى مدارسة ، كلمة مدارسة تعني أستاذا ، طالبا ، كتابا ، محاضرة ، مراجعة ، حفظا ، تلخيصا ، امتحانا ، شهادة ، هذه مدارسة ، فالعلم بخلقه يحتاج إلى مدارسة ، والعلم بأمره يحتاج إلى مدارسة ، لكن نتائج العلم بخلقه ، ونتائج العلم بأمره هذه المعلومات تستقر في الدماغ ، قد يكون الإنسان أمهر طبيب في الأرض ، وهو لئيم لؤماً لا يوصف ، قد يكون بأعلى اختصاص ، ويسلك سلوكاً لا يرضي .

فالعلم بأمره وبخلقه معلومات دقيقة جداً تحتاج إلى ذاكرة ، إلى متابعة ، إلى دراسة ، إلى انتباه ... والنتيجة معلومات تستقر في الدماغ ، ولا علاقة لها بالسلوك .



العلم بالله وثمراته في الإنسان :

إن العلم به يحتاج إلى مجاهدة ، قال بعض علماء القلوب : جاهد تشاهد ، العلم به يحتاج إلى ضبط الجوارح ، ضبط اللسان ، ضبط الدخل ، ضبط الإنفاق ، ضبط البيت ، يحتاج إلى بذل ، إلى عطاء ، إلى خضوع لله عز وجل ، إلى عمل صالح ، إلى تضحية ، إلى إنجاز للوعد ، تحقيق للعهد ، يحتاج إلى أخلاق ، من ثمار العلم به أن الله يلقي في قلبك الآمن ، والأمن أثمن نعمة على الإطلاق .


﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾

( سورة الأنعام )

والله أيها الإخوة ، في قلب المؤمن أمنٌ لو وُزِّع على أهل بلد لكفاهم .

ومن ثمار معرفة الله عز وجل الرضى ، السكينة تسعد بها ولو فقدتَ كل شيء ، وتشقى بفقدها ، ولو ملكت كل شيء ، الحكمة ، السكينة ، الرضى ، الرحمة ، النور يقذف في قلبك ، ترى الحق حقاً والباطل باطلاً .

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾

( سورة الحديد الآية : 28 )

من ثمار العلم به : أن العقل يهتدي ، وأن النفس لا تشقى .

﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾

( سورة طه )

لا يضل عقله ، ولا تشقى نفسه ، من ثمار معرفة الله عز وجل : أنه لا خوف على هذا المؤمن ، ولا هو يحزن ، هاتان الكلمتان غطتا الماضي ، والحاضر ، والمستقبل .

﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾

( سورة البقرة )

لا يضلك عقلك ، ولا تشقى نفسك ، ولا تندم على ما فات ، ولا تخشى مما هو آت ، كل الخير ، كل السعادة ، كل الرضى ، كل السلامة ، كل الذكاء في معرفة الله ، وطاعته :

﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

1 – بين ( الأحد ) والواحد :

أيها الإخوة الكرام ، لا زلنا في اسم ( الأحد ) ، وقد بينت في اللقاء السابق أن الواحد الذي لا شريك له ، والذي لا ند له ، ولا مثيل له ، ولا مشابه له .

لا يغيب عن بالكم أن الأعداد على نوعين ، أعداد كمية ، وأعداد نوعية ، فقد تقول : التقيت بأربعة طلاب ، هذا عدد كمي ، وقد تقول : هذا الطالب ترتيبه في النجاح الرابع ، الرابع نوعي ، الأربعة كمي .

لذلك الله واحد لا شريك له ، لكن الله أحد أي لا ند له ، ولا شبيه له ، ولا مماثل له .

2 – الكون يشهد أن الله ( الأحد ) الفرد الصمد :

أيها الإخوة ، هذا الكون العظيم ، كلمة كون عبر عنها القرآن الكريم بالسماوات والأرض ، والكون أو السماوات والأرض ما سوى الله ، في هذا الكون حقيقية واحدة ، أحدية هي الله ، الحق كل ما يؤكد وجود الله ، ووحدانيته ، وكماله ، هو الحق ، والحق كل عمل تتقرب به إلى هذه الحقيقة الوحيدة الأحدية ، اعتقادًا : كل ما يؤكد وجود الله ووحدانيته ، وكماله هو الحق ، وسلوكاً كل عمل يقرب إليه هو الحق ، هذا كلام شمولي ، وأما الباطل فكل ما يغفل هذه الحقيقة العظمى الأحدية أن الله موجود ، وأن الله واحد ، وأن الله كامل ، فهو الباطل ، أي توجه إلى غير الله ، أيّ تشريع صادر عن غير منهج الله ، أي تقييم لعمل بعيد عن منهج الله ، أي شيء يبتعد عن الله ، فهو الباطل ، بل أي عمل يبعدك عن الله أو يجعل حجاباً بينك وبين الله فهو باطل ، هذا كلام شمولي .

الله عز وجل أحد ، واحد أحد ، فرد صمد ، لم يلد ، ولم يولد ، هو الحقيقة الأحدية ، ولا شيء سواه ، ما سواه خاضع له ، فأيّ فكر ، أيّ كتاب ، أي تأليف ، أية قصة أي عمل ، أي طرح ، أي تفسير ، أي تعليق يؤكد وجود الله ، ويؤكد وحدانيته ، ويؤكد كماله فهو الحق ، وأي إغفال ، أو إبعاد عن هذه الحقيقة فهو الباطل ، وأي عمل يقرّب إليه فهو السلوك الحق ، وأي عمل يحجب عنه فهو السلوك الباطل ، هذا تعريف جامع مانع للحق والباطل .

الخير كله في اتباع منهج الواحد الأحد :

كلُّ عمل ، أو كل تصور ينطلق من منهج الله فهو الخير ، وكل عمل ، أو كل تصور يناقض منهج الله عز وجل فهو الشر ، وإذا بدا على شبكية العين أنه ممتع ، أو أنه نافع ، لكن في المآل يعد هذا شراً .

إذاً : الخير ما جاء به وحي السماء ، وما ناقضه فهو شر ، وإن بدا للناس ممتعاً أو مريحاً ، أو يعد كسباً لهم .

الجمال الحقيقي كل ما اشتق من الله عز وجل ، من تصور ، أو من موقف ، أو من عمل فهو الجمال الحق ، وهناك جمال الأخلاق ، وجمال التواضع ، وجمال الوفاء ، وجمال الرحمة ، فأيّ سلوك ، وأيّ تصور لم يؤخذ من منهج الله عز وجل ، بل أيّ سلوك تفلت من منهج الله فهو القبح بعينه ، هذه الحقيقة الأحدية هي ميزان الحق ، والخير ، والجمال .

الحق والباطل واللعب :

ولكن لا بد من وقفة متأنية : ما هو الحق ؟ الحقيقة أن الحق لابس خلق السماوات والأرض ، فكل شيء خلقه الله عز وجل هو حق ، كيف ؟ الآية الكريمة :

﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ﴾

( سورة التغابن الآية : 3 )

قال علماء التفسير : لابس الحق ، فالحق مشى مع كل شيء خلقه الله ، ولابس خلق السماوات والأرض .

أيها الإخوة ، ما تعريف الحق ؟ أحياناً الله عز وجل وصف آيات القرآن الكريم بأنها مثاني ، قال بعض العلماء : إن كل آية تنثني على أختها فتفسرها .

مثلاً : الله عز وجل قال :

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ﴾

( سورة ص الآية : 27 )

الآية الثانية :


﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ﴾

ما هو الحق ؟ نقيض الباطل ، ما هو الباطل ؟ الشيء الزائل ، فأي شيء باقٍ على الدوام إلى أبد الآبدين هو الحق ، وأي شيء زائل هو الباطل ، وقد قال الله عز وجل :



﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ﴾

( سورة الإسراء )

وزهوق على وزن فعول ، وفعول من صيغ المبالغة ، وإذا بالغنا في الشيء فالمبالغة تتجه إلى الكم والنوع ، يعني أكبر باطل بالمئة السنة الماضية ، الباطل الذي شغل نصف العالم الشرقي ، والذي رفع شعار : ( لا إله ) ، ألم ينتهِ ؟


﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ﴾

هذا الباطل عنده من القنابل النووية ما يدمر به القارات الخمس خمس مرات ، ومع ذلك :


﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ﴾

يعني مليون نوع من الباطل زاهق ، وأكبر باطل زاهق ، فصيغة المبالغة تنصب على الكم أو النوع .

فلذلك :

﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ﴾

تعريف الحق :


﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ﴾


فالحق نقيض الباطل ، والباطل هو الشيء الزائل ، إذاً : الحق هو الباقي ، فكم من مذهب وضعي ظهر في الأرض ؟ كم من إيديولوجيات مِن صنع الإنسان ظهرت ، ثم انتهت ، بل ثم أصبحت في الوحل ؟ لأنها باطلة ، أما هذا الدين العظيم ، مع أن العالم كله في قاراته الخمس يحاربه ، بل إن حرباً عالمية ثالثة أُعلنت على هذا الدين وهو شامخ كالطود ، وهو يزداد نمواً ، بل هو الدين الأول نمواً .

هذا الذي دعا بعض العلماء الغربيين الذين هداهم الله إلى الإسلام ، وقد زاروا جالية إسلامية في بريطانيا ، وزارنا عالم كبير في دمشق ، وذكرت له هذا القول ، فقال : أنا سمعت هذا القول من فمه ، وقاله أمامي ، قال : أنا لا أصدق أن يستطيع العالم الإسلامي اللحاق بالغرب على الأقل في المدى المنظور ، لاتساع الهوة بينهما ، ولكنني مؤمن أشد الإيمان أن العالم كله سيركع أمام أقدام المسلمين ، لا لأنهم أقوياء ، ولكن لأن خلاص العالم في الإسلام ، بشرط أن يحسنوا فهم دينهم ، وأن يحسنوا تطبيقه ، وأن يحسنوا عرضه على الطرف الآخر .

هناك معنى آخر : الله عز وجل قال :

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴾

( سورة الأنبياء )

ما هو اللعب ؟ هو العبث ، عمل بلا هدف ، كاثنين جلسا ليلعبا النرد إلى الساعة الثالثة ليلا ، ماذا ينتج عن هذا ؟ عمل بلا هدف ، تضييع للوقت ، بتعبير آخر قتل للوقت ، أما لو قرأت كتابا ، لو التحقت بجامعة ، وقرأت الكتاب المقرر ، وفيه امتحان ، ونجحت أخذت شهادة ، الشهادة فيها تعيين ، والتعيين فيه دخل ، الدخل معه زواج ، الزواج معه بيت ، وعمل ، أي أثر مستقبلي ، هذا الباطل تضييع للوقت .

بالمناسبة أيها الإخوة ، الإنسان وقت ، الإنسان بضعة أيام ، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه ، وما من يوم ينشق فجره ، إلا وينادي : يا ابن آدم ! أنا خلق جديد ، وعلى عملك شهيد ، فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة .

إذاً : الحق نقيض الباطل ، والباطل الشيء الزائل ، الحق إذاً الشيء الثابت والباقي والدائم .

الحق نقيض اللعب ، واللعب هو العبث ، والعبث عمل بلا أثر مستقبلي .

من صفات اللعب : لما يشتري الأب سيارة صغيرة لابنه ، ويمضي وقتاً طويلاً في تحريكها فوق أثاث البيت ، يرافق هذا التحريك صوت منه يدل على صعوبة الطريق ، هذه السيارة الصغيرة تملأ عالمه كله ، فلو أخذتها منه يكاد يموت من البكاء ، حينما يصبح طبيباً ، ويُذكر بأعماله ألا يضحك على نفسه ؟

من صفات اللعب أنك إذا تجاوزته رأيته صغيراً ، هذا لعب ، وقت ضائع ، عمل لا طائل منه ، عمل لا هدف له ، عمل لا جدوى منه .

فلذلك ورد في بعض الأحاديث :

(( إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ، ويكره سفسافها ودنيها )) .

[ أخرجه الطبراني عن حسين بن علي ]

قال تعالى :

﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ﴾

( سورة النجم )

هناك إنسان في الأفق الأعلى ، و إنسان في الأفق الأدنى ، إنسان تشغله معالي الأمور ، وإنسان يعيش في سفسافها ودنيها ، فلذلك الحق هو الشيء الثابت والهادف ، ليس باطلاً فهو ثابت ، وليس عبثاً فهو هادف .

الإنسان أين بطولته ؟ أين ذكاءه ؟ أين عقله ؟ في أن يربط نفسه مع الحق ، فإذا ربط نفسه مع الحق فله مستقبل في الدنيا والآخرة ، أما إذا ربط نفسه مع الباطل ، ما دام هذا الباطل قائماً ينعم به ، فإذا أزيح الباطل انتهى معه ، فكل الذكاء ، وكل البطولة ، وكل النجاح ، وكل الفلاح ، وكل التوفيق ، أن تربط نفسك مع الحق الأزلي الأبدي ، الثابت الباقي في الدنيا والآخرة .

هؤلاء الذين وقفوا مع النبي الكريم في محنته ، في أقسى أيام الدعوة ، أين هم الآن ؟ في أعلى عليين ، أسماءهم في لوحة الشرف ، وهؤلاء الذين انضموا للباطل القوي الغني ، قريش بقدرتها ، وغناها ، وأسلحتها ، وحقدها ، وفتكها ، أين هم الآن ؟ في مزبلة التاريخ .

أيها الإخوة ، هذا كلام دقيق ، الله عز وجل واحد أحد ، فرد صمد ، الحقيقة الإلهية حقيقة أحدية ، وأيّ تصور ، وأيّ فكر ، وأيّ طرح يؤكد وجود الله ووحدانيته وكماله فهو الحق ، وأي سلوك يقرب إليه فهو الحق ، وأي إغفال لهذه الحقيقة الأحدية فهو الباطل ، وأي سلوك يبعد عنها فهو الباطل ، من هنا كانت البطولة أن تكون مع الحق ، وأن تكون مع الشيء الثابت .

يروى أن أحد خصوم أبي حنيفة النعمان التقى به عند جعفر المنصور ، أراد هذا الخصم أن يوقع أبا حنيفة في حرج كبير ، قال له : إذا أمرني الخليفة ـ هو في حضرة الخليفة ـ أن أقتل إنساناً ، أأقتله أم أتريث ؟ فلعله مظلوم ؟ فسأله : هل الخليفة على الحق أم على الباطل ؟ قال له : على الحق ، قال له : كن مع الحق ، سؤال محرج جداً في حضرة الخليفة ، وكان شديداً قاسياً جداً ، فسأله أبي حنيفة : الخليفة على الحق أم على الباطل ؟ لا يتجرأ أن يقول : على الباطل ، قال له : على الحق ، قال له : كن مع الحق ، فلما خرج قال : أراد أن يقيدني فربطته .

إخواننا الكرام ، مرة ثانية النجاح كل النجاح ، الفلاح كل الفلاح ، الفوز كل الفوز التفوق كل التفوق ، البطولة كل البطولة ، أن تكون مع الحق ، مع الثابت ، أن تكون مع الله ، سبحانك إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت .

كل متاع الدنيا إلى مللٍ وفناء :

عندنا حقيقة دقيقة جداً في هذا الدرس ، لأنك مخلوق لمعرفة الله ، لأنك مخلوق لجنة عرضها السماوات والأرض ، أنت في أصل التصميم لا نهائي ، فلا شيء يملؤك إلا الله ، وقد تختار وظيفة ، بعد أن تصل إليها تمل منها ، تختار المال بعد أن تحوزه تمل منه ، قد تختار المرأة ، الشيء الأول الذي يمتعك بعد حين تمله ، كل شيء ما سوى الله يمل ، وكل شيء ما سوى الله يخبو لمعانه ، وكل شيء ما سوى الله لا يمكن أن يمدك بسعادة مستمرة ، بل متناقصة ، هكذا شاءت حكمة الله .
هؤلاء الذين بلغوا كل أهدافهم المادية ، يعيشون بحالة ملل ، وسقم ، لأن نفسه مصممة بأن تعرف الله .

بشكل أو بآخر حينما تختار هدفاً أرضياً ، وأنت مصمم لمعرفة الله ، هذا الهدف ما دام بعيداً عنك لعلك تحلم به ، فإذا وصلت إليه انتهى ، هذه مشكلة الناجحين في الحياة .

لذلك هناك جسر بين قارتين ، يعد ثاني جسر في العالم ، في أثناء افتتاحه افتتحه رئيس الجمهورية ، وإلى جانبه المهندس من بلد يعد أحد خمسة مهندسين في العالم ، بعد أن قص الشريط الحريري ألقى بنفسه في البحر ، فنزل ميت ، فذهبوا إلى غرفته في الفندق فرأوا ورقة كتب عليها : ذقتُ كل شيء في الحياة ، فلم أجد لها طعماً ، فأردت أن أذوق طعم الموت .

ليس ثمة أصعب من إنسان يعيش بلا هدف ، إن ربطت نفسك مع الحق فأنت مع الله ، أنت مع الباقي ، الأزلي ، الأبدي ، الذي كل شيء بيده ، وإن لم تصل لهذه الحقيقة فقد تستمتع بالمال أحياناً ، بالمرأة أحياناً ، بقصر ، ببيت ، بمركز ، بمنصب ، هذه الأشياء بعد أن تصل إليها تفقد لمعانها ، ويخبو بريقها ، وتشعر أنها أصغر بكثير بما كنت تتوقع .


﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾

( سورة الكهف )

مستحيل وألف ألف أَلف مستحيل أن تسعد بغير الله ، والدليل :

﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

( سورة الرعد )

هناك فراغ في النفس لا يملؤه المال ، لا يملؤه المنصب ، لا تملؤه الزوجة الجميلة ، لا يملؤه إلا معرفة الله .

أنت في أصل التصميم مصمم لمعرفة الله ، فأي شيء ما سوى الله صغير جداً أمامك ، قبل أن تصل إليه تتوقع أنه سيسعدك ، لكن بعد أن تصل إليه تكتشف الحقيقة المرة ؛ أنه ليس بشيء .

أحياناً في البدايات يكون المال كل شيء ، وفي منتصف الحياة المال شيء ، أما على فراش الموت المال ليس بشيء ، لهذا مرة عليه الصلاة والسلام قال :

(( صاحب هذا القبر ، إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم )) .

[ ورد في الأثر ]

خاتمة :

إذاً : معنى أن الله ( الأَحَد ) يعني حقيقة أحدية ، وأيّ شيء يؤكد وجوده وكماله ، ووحدانيته فهو الحق ، وأي سلوك يقرب إليه فهو الحق ، وأي تصور يغفل ذاته العلية فهو باطل ، وأي حركة تبعدك عنه فهي الباطل ، فلذلك كن مع الحق ، ولا تخشَ أحداً ، كن مع الحق فالمستقبل لك ، كن مع الحق فخطك البياني في صعود مستمر .


﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾

( سورة فصلت )


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ












آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 08-10-2010 في 12:32 PM.
  رد مع اقتباس
قديم 09-02-2010, 02:26 PM   رقم المشاركة : 2
أديبة
 
الصورة الرمزية شروق العوفير





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :شروق العوفير غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 سَوْط القَدَرْ
0 ليتني...
0 فوضى إحساس

قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من أسماء الله الحسنى .. الأَحَد

يقول تعالى

(هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ
الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ )


الوحدانية هي اول صفات الالوهية وهي سر الله في خلقه واياته الكونية


شكرا لك اخي حسن على هذا الدرس للاستاذ الجليل راتب النابلسي


تحياتي







  رد مع اقتباس
قديم 09-27-2010, 04:45 AM   رقم المشاركة : 3
روح النبع
 
الصورة الرمزية عواطف عبداللطيف





  النقاط : 100
  المستوى :
  الحالة : عواطف عبداللطيف متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من أسماء الله الحسنى .. الأَحَد

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة













التوقيع

  رد مع اقتباس
قديم 09-27-2010, 01:11 PM   رقم المشاركة : 4
عضو مجلس إدارة النبع
 
الصورة الرمزية شاكر السلمان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :شاكر السلمان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من أسماء الله الحسنى .. الأَحَد

بارك ربي بك وجزاك عنا خير الجزاء

وجعلها لك يو الدين في ميزان الحسنات












التوقيع

[SIGPIC][/SIGPIC]

  رد مع اقتباس
قديم 09-29-2010, 12:10 AM   رقم المشاركة : 5
نبعي





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :محمد سيد حسن غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: من أسماء الله الحسنى .. الأَحَد

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شروق العوفير نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
   يقول تعالى

(هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ
الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ )


الوحدانية هي اول صفات الالوهية وهي سر الله في خلقه واياته الكونية


شكرا لك اخي حسن على هذا الدرس للاستاذ الجليل راتب النابلسي


تحياتي

الأخت شروق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك على التفضل إلى هنا
جزاك الله خير الجزاء
تقديري






  رد مع اقتباس
قديم 12-21-2010, 10:09 PM   رقم المشاركة : 6
شاعر
 
الصورة الرمزية الوليد دويكات





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :الوليد دويكات غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 الحديث السابق
0 أزاهير تفوح
0 نشيد الحالمين

قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من أسماء الله الحسنى .. الأَحَد

بارك الله فيك

سبحان الواحد الأحد






  رد مع اقتباس
قديم 12-27-2010, 11:53 PM   رقم المشاركة : 7
نبعي





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :محمد سيد حسن غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: من أسماء الله الحسنى .. الأَحَد

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عواطف عبداللطيف نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


نبع العواطف الأخت عواطف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكراً لك على التفضل والقراءة
دمت سالمة منعمة






  رد مع اقتباس
قديم 12-27-2010, 11:59 PM   رقم المشاركة : 8
نبعي





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :محمد سيد حسن غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: من أسماء الله الحسنى .. الأَحَد

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شاكر السلمان نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  
بارك ربي بك وجزاك عنا خير الجزاء

وجعلها لك يو الدين في ميزان الحسنات

أستاذ شاكر السلمان
أحييك بتحية الاسلام
أسأل الله تعالى أن يمن علينا برحمة ومغفرة من عنده إنه قريب مجيب الدعاء
شكراً لك أستاذي لأنك كنت هنا
لك مني التقدير والاحترام / محمد






  رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الاسماء الحسنى وجدان عبدالعزيز نبع الإيمان 5 10-28-2012 10:01 PM
الاجتهاد في معرفة أسماء الله الحسنى .. محمد راتب النابلسي محمد سيد حسن نبع الإيمان 6 05-13-2012 12:02 AM
حين يخذلك صديق !! /بقلم أسماء محمد مصطفى أسماء محمد مصطفى المقال 10 08-07-2011 01:18 AM
أسماء الله الحسنى لها طاقة شفائية سحر سليمان نبع الإيمان 3 01-09-2010 11:04 AM
أول الطريق الى الحرام / بقلم : أسماء محمد مصطفى أسماء محمد مصطفى المرأة 3 12-25-2009 09:50 PM


الساعة الآن 07:33 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::