نذر أحد الرجال، إن رزقه الله بولد، أن لا يخرجه من البيت قبل أن يكتمل عمره خمسة عشر عاماً. وفعلاً، جاء يوم حملت امرأته ووضعت مولود ذكراً، ففرح به وظل يحوطه بعنايته ويحافظ على أن لا يخرج من البيت، فلما اكتمل السنوات التي حددها سمح له بالخروج.
حينما خرج الفتى رأى مجموعة من الناس في سفر وموكب، اعجبته، فذهب إليهم يسألهم فقالوا: ذاهبون إلى الحج. فأسرع إلى أمه يطلب إليها أن يشارك هؤلاء الناس سفرهم. عارضت الأم ذلك، وعرضته على الأب فعارض أيضاً، ولكن ابنها ما زال يلح عليهما حتى وافقا.
حطت القافلة في بعض المواقع للاستراحة، فاتفق إن كانت خيمة هذا الشاب قريبة من خيمة خضراء لابنة أحد الملوك، وكانت جميلة تعلق بها قلبه، وعند العودة من الحج أبصر الشاب هذه الفتاة تشير بإشارات ظلت غامضة بالنسبة إليه، رآها تغمز مرة بإحدى عينيها، ومرة بطرف كمها، وثالثة باصبعها إلى الأعلى ليظهر عليها الخاتم.
عاد إلى أهله فوجد أنهم قد خطبوا له فتاة من بين الأقارب، رفضها، وأصر على البحث عن الفتاة التي رآها في الحج، ولكن مقاومته لم تستطع أن تصمد لإصرار أبويه وأهله، في وجوه ممن خطبوها له على غير رغبة منه فيها.
لذلك جعل يضع بينه وبين زوجته، عند النوم، سيفاً، وحينما تكرر منه ذلك أخبرت زوجته أمها به. فأشارت عليها أن تسأله عن السبب، فسألته فأخبرها بقصة الفتاة التي تشغل ذهنه منذ أن ذهب للحج، وذكر لها الإشارات الغامضة فقالت له: غمزة العين هي الإشارة إلى بنات الملوك، وإشارة الأصبع التي بها الخاتم تعني أنها وحيدة أبويها، وأن مسكنهم بجوار صائغ، والإشارة بالكم معناها أنهم يسكنون أيضاً بجانب خياط (ترزي).
في الصباح خرج الشاب يبحث عن صاحبة هذه الأوصاف، فنال منه الجهد والتعب وهو يبحث حتى وصل إلى صائغ وخياط يشتغلان قريبين بعضهما من بعض، ففرح بذلك وشعر بتحقق آماله، فقرر أن يتقرب من الصائغ لتنشأ له سمعة من التعامل معه فلعل اسمه يعرف في هذا الحي وتكون الفتاة من بعض المتعرفين عليه، فطلب إلى الصائغ أن يصنع له خاتماً من الذهب، وبعد أن صاغه الصائغ قاسه على إصبعه ثم قال خذه لك هذا صغير على اصبعي، ثم طلب منه أن يصوغ خاتماً آخر. ثم أهداه إياه لأنه -في رأيه- أكبر من اصبعه، ثم طلب إليه أن يصنع له خاتماً ثالثاً، فحدد له الصائغ ساعة محددة ليأتي ويتسلمه.
تحدث الصائغ إلى زوجته في أمر هذا الشاب وأعطاها الخاتمين، فتحدثت زوجته مع الفتاة، وكانت تسكن قريبة منها، في الأمر نفسه، فأخذت الفتاة منها أحد الخاتمين، وطلبت إليها أن تريها هذا الشاب حينما يعود لتسلم الخاتم الثالث فوافقت.
حين مجيئه إلى الصائغ كانت الفتاة تقف بإحدى النوافذ فظهر البشر على وجهها بشكل واضح كما هو على وجهه، فلم تتمالك نفسها من أن تشير إليه بابريق من الزجاج ومزهرية ورد. لكنه لم يحصل من هذه الإشارات شيئاً.
عاد إلى زوجته فحكى لها ماحدث معه، فقالت له: إن إبريق الماء يرمز إلى نافورة الماء، والمزهرية ترمز إلى الحديقة، وكانت بالمدينة حديقة كبيرة جميلة يقصدها الأعيان والوجهاء.
ذهب الشاب إلى هذه الحديقة ليتقابل مع هذه الفتاة في مكان حددته له فمنعه الحارس من الدخول لأن ابنة الملك سوف تزور الحديقة بعد قليل، فجعل يقنع الحارس بأنه مريض ويحتاج إلى كان صحي هادىء يريح فيه جسمه وأعصابه، فلم يوافق الحارس إلا ببعض قطع النقود التي رماها في جيبه، حيث قال له: لا تطل المكوث داخل الحديقة.
أخذ الشاب يطوف ويطوف حتى انتهى إلى النافورة فجلس إليها، فسيطر عليه النعاس فنام، وحينما وصلت الفتاة إلى مكانها وجدته نائماً فلم توقظه واكتفت بأن وضعت بضع حصوات في جيبه وعادت من حيث أتت.
وجد في جيبه عدداً من الحصى حينما أفاق، فعجب لها من أين أتت إلى جيبه وخرج من الحديقة فقال له الحارس: قلت لك لا تطل المكوث في الحديقة. لئلا تراك ابنة الملك. وها قد أتت إلى الحديقة وخرجت منها فماذا لو رأتك فيها؟ فأدرك أنها هي التي وضعت الحجارة الصغيرة في جيبه.
عاد إلى زوجته وأخبرها بهذه الإشارة الجديدة فقالت له: إنها تريد أن تقول لك من خلال هذه الحصوات أنك لا زلت صغيراً على الحب، لا زلت طفلاً يلعب بالحصى مع الأطفال، وهذه هي الآن لعبة تناسبك أكثر من غيرها.
عاد إلى بيتها ثانية وجعل يحوم حوله، فرأته، فأشارت له بسبع حبات من الرمان مشققات وسبع غير مشققات. لم يفهم مغزى هذه الإشارة كما لم يفهم ما سبقها من إشارات. قالت له زوجته في البيت، إنها تقول له: اذهب إلى قصرها وستجد فيه سبعة أبواب وعليك أن تقفل كل باب تفتحه بعد أن تدخل.
أسرع إلى قصرها واجتاز الباب الأول وظل يخترق الأبواب دون أن يغلقها مما لحقه من الفرح وانشغال الذهن، وأخيراً وصل إلى غرفتها فألقاها تجلس على سريرها، فسرت به سروراً بالغاً، واستغرقهما الحديث في أول لقاء صريح ولم يفطنا إلى مرور ساعات الليل وهي تنقضي، وما زالا في سهر وسمر حتى غلبهما النعاس ولم يعلما متى أخلدا إلى النوم، ولم يطفئا الضوء الذي كان يضيء عليه الغرفة.
لفت الضوء المشتعل إلى ساعة متأخرة من الليل انتباه الحراس فنظر إلى غرفة ابنة الملك فوجدوها نائمة وعندها شاب غريب، أذهلهما المنظر، ثم حملا الشابين وأدخلوهما السجن، وأوصلا الخبر إلى الملك، فلم يصدق ما يسمع، حيث أصر أن يتأكد بنفسه مما يقولون. فأتى إلى السجن،
أما الشابان فحينما استيقظا وجدا نفسيهما في السجن، طلب الشاب من بعض الناس الذين رآهم أن يقولوا لزوجته «يا قطان قطنك احترق» ففهمت زوجته ما يريد فأحضرت صردين من الحلوى وأسرعت بهما إلى السجن، منعها الحراس من الدخول لأن الملك على وشك زيارة السجن، فقالت لهم: لقد نذرت أن أوزع هذين الصدرين من الحلوى على المساجين، وهذا نذراً للمحابيس، وبما أنكم موظفون في السجن فإني أعطيكم هذا الصدر، واسمحوا لي أن أدخل لأوزع الصدر الآخر إلى من بداخل السجن.
ألهت الحلوى حراس السجن فاجتازت البوابة إلى حيث زوجها، فألبسته ثيابها ولبست ثيابه، وأعطته الحلوى وقالت له اخرج فوراً من السجن.
غادر الشاب السجن ولم يفرق الحراس بين الداخل إليه والخارج منه.
وصل الملك إلى السجن وطلب أن يرى بسرعة الشاب الذي ينام عند ابنته فحينما تحقق منه أمر أن يساق الاثنان إلى ساحة الإعدام، فجعلت زوجة الشاب تصرخ وتولول وتقول: هكذا تقابلون ضيوفكم. لأفضحنكم بين الناس جميعاً، ثم كشفت عن نفسها فتحقق الملك أنها امرأة لا شاب كما قد كان يحسب، فاعتذر لها الملك عما بدا منه من تسرع، ثم رجاها أن تخبره بقصتها.
فقالت له: لقد وصلت إلى ابنتك لأخطبها إلى أخي، ولم أكن أستطيع أن أصل إليها بغير هذه الطريقة، وأخذنا السهر والليل فنمت بجانبها، ماذا في ذلك من جريمة تستحق أن نساق من أجلها إلى السجن، إنني سوف أفضحكم في جميع أقطار الدنيا.
هدأ الملك من روعها ثم ذكر لها أنه موافق على فكرة زواج ابنته من «أخيها» لقاء ما أخطأوا في معاملتها، ثم عاقب الحراس الذين أخبروه أن شاباً ينام عند ابنته.
تزوج الشاب العاشق من معشوقته صاحبة الإشارات والألغاز، تزوج من ابنة الملك وعاشا معاً حياة سعيدة.
فتعجب أصدقاؤه !!!!؟
وسألوه
ماحملك على مافعلت؟
لماذا رميت فردة الحذاء الأخرى؟
فقال غاندي الحكيم
أحببت للفقير الذي يجد الحذاء أن يجد فردتين فيستطيع الإنتفاع بهما
فلو وجد فردة واحدة فلن تفيده
ولن أستفيد أنــا منها أيضا
نريـد أن نعلم انفسنا من هذا الدرس
أنــه إذا فاتنــا شيء فقد يذهب إلى غيرنــا ويحمل له السعادة
فــلـنــفــرح لـفـرحــه ولا نــحــزن على مــافــاتــنــا
فهل يعيد الحزن ما فــات؟
كم هو جميل أن نحول المحن التي تعترض حياتنا إلى منح وعطاء
وننظر إلى الجزء الممتلئ من الكأس
أعز أصدقاء جنكيز خان كان صقره !
الصقر الذي يلازم ذراعه .. فيخرج به ويهده على فريسته ليطعم منها ويعطيه ما يكفيه .. صقر جنكيز خان كان مثالاً للصديق الصادق .. حتى وإن كان صامتاً ..
خرج جنكيز خان يوماً في الخلاء لوحده ولم يكن معه إلا صديقه الصقر .. انقطع بهم المسير وعطشوا .. أراد جنكيز أن يشرب الماء ووجد ينبوعاً في أسفل جبل .. ملأ كوبه وحينما أراد شرب الماء جاء الصقر وانقض على الكوب ليسكبه !
حاول مرة أخرى .. ولكن الصقر مع اقتراب الكوب من فم جنكيز خان يقترب ويضرب الكوب بجناحه فيطير الكوب وينسكب الماء !
تكررت الحالة للمرة الثالثة .. استشاط غضباً منه جنكيز خان وأخرج سيفه .. وحينما اقترب الصقر ليسكب الماء ضربه ضربة واحدة
فقطع رأسه ووقع الصقر صريعاً ..
أحس بالألم لحظة أن وقوع السيف على رأس صاحبه .. وتقطع قلبه لما رأى الصقر يسيل دمه ..
وقف للحظة .. وصعد فوق الينبوع .. ليرى بركة كبيرة يخرج من بين ثنايا صخرها منبع الينبوع وفيها حيةٌ كبيرة ميتة وقد ملأت البركة بالسم !
أدرك جنكيز خان كيف أن صاحبه كان يريد منفعته .. لكنه لم يدرك ذلك إلا بعد أن سبق السيف عذل نفسه ..
أخذ صاحبه .. ولفه في خرقه .. وعاد جنكيز خان لحرسه وسلطته .. وفي يده الصاحب بعد أن فارق الدنيا ..
أمر حرسه بصنع صقر من ذهب .. تمثالاً لصديقه وينقش على جناحيه :
" صديقُك يبقى صديقَك ولو فعل ما لا يعجبك "
وفي الجناح الآخر :
" كل فعل سببه الغضب عاقبته الإخفاق
يحكى أن أحد التجار أرسل ابنه لكي يتعلم سر السعادة لدى أحكم رجل في العالم ..
مشي الفتى أربعين يوما حتى وصل إلى قصر جميل علي قمة جبل ..
وفيه يسكن الحكيم الذي يسعى إليه ..
وعندما وصل وجد في قصر الحكيم جمعاً كبيرا من الناس ..
انتظر الشاب ساعتين لحين دوره ...
أنصت الحكيم بانتباه إلى الشاب ثم قال له : الوقت لا يتسع الآن وطلب منه أن يقوم بجولة داخل القصر ويعود لمقابلته بعد ساعتين ...
وأضاف الحكيم وهو يقدم للفتى ملعقة صغيرة فيها نقطتين من الزيت :
امسك بهذه الملعقة في يدك طوال جولتك وحاذر أن ينسكب منها الزيت.
أخذ الفتى يصعد سلالم القصر ويهبط مثبتاً عينيه على الملعقة ..
ثم رجع لمقابلة الحكيم الذي سأله : هل رأيت السجاد الفارسي في غرفة الطعام ؟ ..
هل رأيت الحديقة الجميلة ؟ ..
وهل استوقفتك المجلدات الجميلة في مكتبتي ؟ ..
إرتبك الفتى واعترف له بأنه لم ير شيئا فقد كان همه الأول ألا يسكب نقطتي الزيت من الملعقة ..
فقال الحكيم : ارجع وتعرف على معالم القصر .. فلا يمكنك أن تعتمد على شخص لا يعرف البيت الذي يسكن فيه ..
عاد الفتى يتجول في القصر منتبها إلي الروائع الفنية المعلقة على الجدران ..
شاهد الحديقة والزهور الجميلة ..
وعندما رجع إلي الحكيم قص عليه بالتفصيل ما رأى ..
فسأله الحكيم : ولكن أين قطرتي الزيت اللتان عهدت بهما إليك ؟ ..
نظر الفتى إلى الملعقة فلاحظ أنهما انسكبتا
فقال له الحكيم تلك هي النصيحة التي أستطيع أن أسديها إليك
سر السعادة هو أن ترى روائع الدنيا وتستمتع بها دون تسكب أبدا قطرتي الزيت.
فهم الفتى مغزى القصة
فالسعادة هي حاصل ضرب التوازن بين الأشياء
وقطرتا الزيت هما الستر والصحة ..
فهما التوليفة الناجحة ضد التعاسة.
جاء في حكم و قصص الصين القديمة إن ملكا أراد أن يكافئ أحد مواطنيه فقال له : امتلك من الأرض كل المساحات التي تستطيع أن تقطعها سيرا على قدميك ..
فرح الرجل وشرع يزرع الأرض مسرعا ومهرولا في جنون ...
سار مسافة طويلة فتعب وفكر أن يعود للملك ليمنحه المساحة التي قطعها ولكنه غير رأيه وقرر مواصلة السير ليحصل علي المزيد ...
سار مسافات أطول وأطول وفكر في أن يعود للملك مكتفيا بما وصل إليه .. لكنه تردد مرة أخرى وقرر مواصلة السير ليحصل علي المزيد والمزيد ..
ظل الرجل يسير ويسير ولم يعد أبداً .. فقد ضل طريقه وضاع في الحياة ..
ويقال إنه وقع صريعا من جراء الإنهاك الشديد .. لم يمتلك شيئا ولم يشعر بالاكتفاء والسعادة.. لأنه لم يعرف حد الكــفاية أو القناعة
الطموح مصيدة ..
تتصور إنك تصطاده ..
فإذا بك أنت الصيد الثمين ..
لاتصدق ؟! .. إليك هذه القصة
ذهب صديقان لإصطياد الأسماك
فاصطاد أحدهما سمكة كبيرة فوضعها في حقيبته ونهض لينصرف ..
فسأله الآخر : إلي أين تذهب ؟! ..
فأجابه: إلي البيت لقد اصطدت سمكة كبيرة جدا تكفيني ..
فرد الثاني : انتظر لتصطاد المزيد من الأسماك الكبيرة مثلي ..
فسأله: ولماذا أفعل ذلك ؟! ..
فرد الثاني.. عندما تصطاد أكثر من سمكة يمكنك أن تبيعها..
فسأله: ولماذا أفعل هذا ؟ ..
قال له كي تحصل علي المزيد من المال ..
فسأله الأول: ولماذا أفعل ذلك ؟ ..
فرد الثاني: يمكنك أن تدخره وتزيد من رصيدك في البنك ..
فسأله : ولماذا أفعل ذلك ؟ ..
فرد الثاني: لكي تصبح ثريا ..
فسأله: وماذا سأفعل بالثراء؟!
فرد الثاني تستطيع في يوم من الأيام عندما تكبر أن تستمتع بوقتك مع أولادك وزوجتك
فقال له الأول: هذا هو بالضبط ما أفعله الآن ولا أريد تأجيله حتى أكبر ويضيع العمر ..
رجل عاقل .. أليس كذلك !!
كان لأحد الملوك وزير حكيم وكان الملك يقربه منه ويصطحبه معه في كل مكان.
وكان كلما أصاب الملك ما يكدره قال له الوزير "لعله خيراً" فيهدأ الملك.
وفي إحدى المرات قُطع إصبع الملك فقال الوزير "لعله خيراً"
فغضب الملك غضباً شديداً وقال ما الخير في ذلك؟!
وأمر بحبس الوزير.
فقال الوزير الحكيم "لعله خيراً"
ومكث الوزير فترة طويلة في السجن.
وفي يوم خرج الملك للصيد وابتعد عن الحراس ليتعقب فريسته، فمر على قوم يعبدون
صنم فقبضوا عليه ليقدموه قرباناً للصنم ولكنهم تركوه بعد أن اكتشفوا أن قربانهم
إصبعه مقطوع..
فانطلق الملك فرحاً بعد أن أنقذه الله من الذبح تحت قدم تمثال لا ينفع ولا يضر
وأول ما أمر به فور وصوله القصر أن أمر الحراس أن يأتوا بوزيره من السجن واعتذر
له عما صنعه معه وقال أنه أدرك الآن الخير في قطع إصبعه، وحمد الله تعالى على
ذلك.
ولكنه سأله عندما أمرت بسجنك قلت "لعله خيراً" فما الخير في ذلك؟
فأجابه الوزير أنه لو لم يسجنه.. لَصاحَبَهُ فى الصيد فكان سيُقدم قرباناً
بدلاً من الملك... فكان في صنع الله كل الخير
في هذه القصة ألطف رسالة لكل مبتلى كي يطمئن قلبه ويرضى بقضاء الله عز وجل ويكن
على يقين أن في هذا الابتلاء الخير له في الدنيا والآخرة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(( ما يصيب المؤمن من وصب، ولا نصب، ولا سقم، ولا حزن، حتى الهم يهمه، إلا كفر به من سيئاته ))
صحيح مسلم المسند الصحيح
في صباح الثالث والعشرين من أغسطس سنة 1938 فوجئ البغداديون بخبر نشرته جريدة العراق البغدادية بشكل اعلان يقول:
(ان القمر سيخسف فوق بغداد كليا، بتمام القرص، ليلة الثلاثاء 8 تشرين الثاني سنة 1938 وسيكون الخسوف ببرج الثور، بمنزلة الدبران، والطالع درجة 15 من برج السنبلة 'التوقيع ملا جاسم بن محمد'.
وهذا الشخص الذي اقام بغداد ولم يقعدها طوال اسابيع هو (بغدادي) من المثقفين المتنورين انذاك. لكن عامة العراقيين تشك دائما في اقوال هؤلاء وفلسفتهم، خصوصا اذا استخدموا العلوم في تبيان الحقائق وتفسير الظواهر الطبيعية، فهم ـ حسب راي الاغلبية ـ عبارة عن افندية يتحرشون بمعتقدات الناس ويجب ابعادهم عن بغداد!
وهذا الشخص المدعو ملا جاسم بن محمد طراز مختلف عن الملالي. فهو يهوى علم الفلك ويتابع حركة النجوم. وجاء اعلان ملا جاسم بن محمد ليثير جدلا في معظم احياء بغداد واصبح حديث مقاهيها. فخسوف القمر في المعتقد الشعبي يعني أن القمر ستبتلعه 'الحوتة' وعلى الجميع اعلان النفير العام على هذه 'الحوتة' المنحوسة المتورطة بتشويه جمال القمر في حياة الناس.
بات البغداديون خائفين من كارثة ستقع بعد شهرين وخمسة عشر يوما من تأريخ نشر هذا الاعلان من شخص لايعرفه الكثيرون، وقد يكون شخصا مشاغبا مثيرا للفتنة. واذا صح الخسوف فهذا يعني أن 'الحوتة المنحوتة المنحوسة' موجودة في بغداد وفي سماء بغداد وأنها تتربص بقمر بغداد لكي تبتلعه فيحل الظلام في سماء العالمين!
قام شقاوات محلات قنبر علي والمهدية والفضل والدهانة والشواكه بتشكيل فرق بحث عن هذا المثقف المدعو 'ملا جاسم بن محمد' الذي جاء بخبرخسوف القمر وكيف ياترى علم قبل وقوع الخسوف بشهرين ونصف الشهر؟! رغم أن العلم عند الله؟
لكن المدعو ملا جاسم بن محمد اختفى من بغداد كلها وكأنه صعد الى المجرات لكي لاتطاله 'راشديات ودفرات' شقاوات بغداد. ولكي لايقدم لمحكمة علنية تسأله: كيف عرفت بخسوف القمر والعلم عند الله؟
(انقسم البغدادين بين مؤيد لتوقعات الملا جاسم وبين مكذب ورافض لها، ولم يبق من الموعد سوى اسبوع):
ابو حساني صاحب مقهى: هذا من وين جاب لنا هذي البلوة، احنا ناقصين؟!النوبة تجي الحوتة تبلع القمر؟
اسماعيل أفندي: أي حوتة أبو حساني؟ أي حوتة؟ انت أتصدق هذي الخرافات؟
ظاهرة خسوف القمر ظاهرة كونية حين يكون نجم من النجوم بين القمر والشمس
فينحجب النور عن القمر وهذي الحالة يسمونها الخسوف؟
ملا صقر (محتجا): من وين جبت هالكلام عيوني اسماعيل افندي؟؟ أي نجوم؟. أي نور؟. بعدين أنتم المثقفين ليش دائما تتحرشون بمعتقدات الناس وتحرضون الناس على التمرد على دينهم؟!
ابو حساني: يعني شنو فهمنا ياملا صقر؟ هذا المدعو ملا جاسم على صح أم على غلط؟
الملا صقر: طبعا على غلط.. هذا متجاوز على قدرة الخالق. الله سبحانه وتعالى يخسف القمر حتى يثبت لبني آدم بأن الله سبحانه وتعالى قادر على كل شي.
الحاج نعمان: ونعم بالله ملا، ونعم بالله، بس أريدك أتجاوبني هذا الاعلان مال ملا جاسم بن محمد، صحيح؟ أكيد؟ راح ينخسف القمر لو ماراح ينخسف؟؟
الملا صقر: ماراح ينخسف، موكلمن يعلن بالجريدة احنا أنصدقه. هذي امورعلمها عند الله سبحانه وتعالى، وهذا اللي يدعي بأنه فلكي شخص ماعنده شغل وعمل وأحسن له يروح يكفر عن ذنوبه ويصلي ويتوب.
ابو حساني (جزعا) من يقول لك مايصلي ياملا ؟ يمكن يصلي ويعرف ربه، بس الله منطيه العلم احسن مني ومنك!. (ملا صقر يسكت على مضض).
وفي الساعة الثامنة والدقيقة الثالثة من ليلة الثامن من تشرين الثاني عام 1938 أنخسف القمر وراحت 'الحوتة' - كما يعتقد البغداديون - تبتلعه في بطنها تدريجيا امام انظار الناس كما توقع الملا جاسم!
وسخطت بغداد تلك الليلة، وضجت محلاتها وسطوح دورها بمعزوفة موسيقية متضاربة يسمع صداها القادمون على بعد عشرة اميال، أما الألآت العازفة فهي عبارة عن (التنكات والجفاجير والمغارف والقدور النحاسية والصواني والقروانات والطبول)!
والكل يعزف من فوق سطوح المنازل وهم يراقبون القمر المسكين يختفي تدريجيا في بطن الحوتة، وعيونهم شاخصة اليه وهم يرددون اغنيتهم الشعبية التي يهددون بها هذه الحوتة المنحوسة بالويل والثبور:
ياحوته يامنحوتة
هدي قمرنا العالي
هذا قمرنا انريده
هو علينا غالي
وأن كان متهدينه
أندق لج بصينية
(طاق طيق، طاق طيق طاق طيق)
وتهدر اصوات الجفاجير والمغارف والملاعق والقروانات والصحون، لعل الحوتة تخاف من هذه السيمفونية البغدادية فتترك القمر وتهرب.
ياقريب الفرج!!
وفي كل دربونة أو رأس عقد (زقاق) وقف ابو طبل يضرب بطبله. ووراءه وحوله جوقة من الصبيان وبأيدي بعضهم الفوانيس ، يتصايحون و'الحوتة' لاتسمعهم ولاتأبه لصياحهم، أما العجائز في تلك الليلة المشؤومة التي ابتلعت فيها الحوتة قمر بغداد, فقد اجتمعن فوق السطوح رافعات الأيدي بالدعاء وبصوت واحد:
ياقريب الفرج!!
ياعالي بلا درج!!
قمرنا طايح أبشدة
نطلب منك الفرج!
وعلى ضفاف دجلة (من أمسناية باب المعظم الى أمسناية سبع ابكار بهذا الصوب) و(من أمسناية الجعيفر الى أمسناية الكرادة بذاك الصوب) وقفت النسوة المرضعات والزوجات الحبالى والزوجات (المجبوسات، اللي مايحبلن ويجيبن) والخائفات من أن يتزوج عليهن أزواجهن، وقفن صفوفا على ضفاف دجلة التي راح القمر يغيب عنها شيئا فشيئا، بعضهن يمسك بخيوط قصيرة تتدلى منها كرات من طين، والبعض الآخر يمسك خيوطا تتدلى منها خرزتان بيضاويتان من(خرز در نجف ـ الخرز اللي تطرد العين)، والجميع يعتقدون أنه حينما يصبح القمر في بطن الحوتة يتحول لون الخرز الى اللون الأزرق الغامق، وهي في هذه الحالة تنفع الجنين في الرحم، والرضيع في المهد، وتقي من شر 'الجبسة'!!.
أما الطفل الجنين والرضيع في تلك الليلة فيجب ان يسير به 'البلم' في الشط مع أمه مسافة (سبع جساريات) واذا لم يكن هنالك جسر مطروح على جساريات في بغداد فإن على الأمهات أن يعمدن الى غسل مالديهن من ذهب (قلادة او سوار أو حجل) في الماء ورش الماء على رأس الطفل.
وبالطبع لم يكن في بغداد أنذاك غير جسرين وعدة 'جسارات'، والناس ضائعونفي الخرافات، ولهذا (بلعت الحوتة القمر)! وأبتلعت معه (ملا جاسم بن محمد) وبقي الناس في تلك الليلة المشؤومة يعزفون بالقدور والصواني والجفاجير والقروانات لعل الحوتة 'تهد' القمر وتهرب منهم, واشتد صياحهم وعلت اصوات موسيقى القدور والصواني اكثر فأكثر!
الحوتة زاعت القمر!!
وبعد ثلاث ساعات ونصف الساعة، وحوالي الساعة الحادية عشرة وعشرين دقيقة في تلك الليلة ، طلع القمر من جديد، فتصايح البغداديون من فوق السطوح وأعالي المنائر والفوانيس واللمبات والشموع بايديهم:
زاعته الحوتة!!.. الحوتة زاعت القمر!! خافت وزاعته!
وعلت الهلاهل. وتبادل البعض التهاني من فوق السطوح، لأن الحوتة داخت و'انسطرت' من شدة أصوات القدور والجفاجير والصواني، فزاعت أي (تقيأت)
القمر وهربت خائفة من فزعة البغداديين.
وتنفست بغداد الصعداء، وتداعى الشعراء في المقاهي ينشدون مايمكن انشاده في ذم الحوتة و'اللي جاب الحوتة'. وفي صباح يوم الثلاثاء صدرت احدى الصحف وفي صفحتها الأولى قصيدة لشاعر العراق الشعبي ملا عبود الكرخي ينوه فيها بما فعلته 'الحوتة المنحوتة' ويغمز فيها الى 'الحوتة البريطانية' التي
ابتلعت العراق آنذاك عام 1916م.
وفي مقهى (عرب) في باب المعظم تحدث عرب (وهو صاحب المقهى وشخصية بغدادية شهيرة بادعاء البطولات التي تضفي على شخصيته المهابة وهي عبارة عن قصص مختلقة من صنع خياله قال للجالسين متباهيا:
'بأنه لولا هو ولولا خوف الحوتة منه لما 'زاعت' القمر وهربت، فلقد صعدإليها في ليلة البارحة بعد ان تمكن من صعود منارة جامع الامام الأعظم وقفز نحوها، وحالما رأته زاعت القمر وهربت'.
أما كيف وقع القمر في 'حلق الحوتة' فقد شاعت انذاك نظريتان:
الأولى: روج لها أهالي محلة (قنبر علي) فقالوا: 'ان القمر كان جاي لمحبوبته يريد يلتقي وياها، لكنه خطية تاه وظل طريقه في الجول والصحراء وبين الجبال، وكانت الملعونة الحوتة خاتلتله أهناك فكمشته وبلعته'.
الثانية: فقد تحدث بها في بادئ الأمر أهل محلة الفضل فقالوا:'إن الحاجة عمشة أم ستوري (مو رناووي)شاهدت القمر في تلك الليلة جاي يشرب ماي من الشط، خطية عطشان، واول ما دنج على الشط حتى ياخذله قمع ماي شافته الحوتة وجرته لها وبلعته، وقامت الحاجة عمشة أتصيح لكن محد سمعها لأن بذيج الليلة نص بغداد سكارى شاربين عرق هبهب'.
أما أهل محلة 'باب الأغا' فهم على خلاف مذهبي مع المحلات المجاورة. لهذا فسروا الأسباب برواية أخرى تقول: 'إن القمر كان بالأساس في تلك الليلة 'اعور' وأنه في تلك الليلة أيضا لم يكن حاملا 'عظم الهدهد' لكي يحميه كعادته من الشر، لهذا حينما خرج للطريق لم ير 'الحوتة' التي كانت تتربص به من جهة عينه 'العورة' فمسكته وابتلعته'.
ومرت تلك الليلة بسلام، وبأقاويل وحكايات كثيرة استمرت ثلاثة اشهر. ولكن ظل البغداديون كما كانوا دائما على أهبة الاستعداد بقدورهم وجفاجيرهم وصحونهم وصوانيهم وقنادرهم ومكاويرهم للطرق عليها من فوق السطوح ليخيفوا الحوتة التي تبتلع القمر بين حين وآخر. وهم يرددون (ياحوتة يامنحوتة..هدي قمرنا العالي..... وأن كان متهدينة.. أندق لج ابصينية... طاق طيق طاق
طيق, طيق طاق)
يحكى انه فى قديم الزمان وفى واحة صغيرة تقع وسط صحراء شاسعة .....
كان يعيش مزارع طاعن فى السن فى كوخ بسيط محاط ببعض النخيل .
وفى يوم من الايام كان المزارع العجوز يعمل فى الارض لتحضيرها وليبذر البذور .....
ومر به تاجر كان يعيش فى واحة مجاورة ....وتوقف ليسقى الجمال ويريحها...
ورأى ان العجوز قلب الرمال ويستعد لاكمال العمل ......فقال له ...كيف حالك ايها الشيخ وماهذا المجهود الذى تفعله فى عمرك هذا وفى هذا الحر القاتل ...اترك الفأس يارجل ...وارتاح.....ماذا تزرع؟؟؟؟
اجاب الشيخ......ازرع البلح ...ازرع نخيل.
اغمض التاجر عينيه ....وقال بتأنى .....بلح؟؟؟؟؟
هل جننت يارجل ....هل ارتفاع درجه الحرارة اثر على عقلك؟؟؟
بلح؟؟؟؟ نخل؟؟؟؟؟
قل لى يارجل....كم عمرك؟؟؟؟
اجاب الشيخ....لست ادرى ....70....او....80....لا أعرف؟وما اهمية ذلك؟؟؟؟
قال له لان هذه البذور تحتاج حوالى 50 عام حتى تكبر وتكون نخيل ثم تعطى ثمرات ...اليس صحيحا؟؟؟وهل ستعيش انت كل هذه السنوات ...ياليتك تعيش ...ولكن هذا هو المستحيل.اترك هذا يارجل..
اجاب الشيخ ....اسمع ياسيدى الفاضل ....انا اعرف ذلك ....انا تربيت واكلت بلحا من نخل زرعه غيرى ...واعرف انى لن اعيش حتى ااكل من ثمرات هذه النخلات ...ولكن حتى لو كان زرعى هو مجرد تعبير عن امتنانى وتقديرى ومحاولتى اكمال مشوار بدأه غيرى ....فهذا يكفينى .
قال التاجر ....لقد اعطيتنى ياسيدى درسا لن انساه ....واسمح لى ان اعطيك هذه العملات الذهبية تقديرا لك .
اجاب الشيخ .....شكرا ياسيدى ....انت كنت على وشك اقناعى ان ما أفعله ليس له معنى .....وشوف النتيجه؟؟؟ لم اكمل وضع البذور ولن اقول لك ....لم احصد شىء .....حتى دفع لى اجر ....وهو اعطائى هذه العملات الذهبيه ...
قال التاجر ...انك تدهشنى ياسيدى ...اليك بعض العملات زيادة لك .
اجاب الشيخ ....واحيانا ايضا يحدث هذا .....
زرعت حتى لا أحصد.....وقبل ان اتم بذر البذور ....حصدت مرتين.
وقال التاجر .....صه يارجل ...
ستظل تتحدث وتتصرف وتعلمنى ...وامنحك من نقودى ...وتعلمنى ...وتنتهى نقودى ....ولاتنتهى معرفتك