1- "أثر القراءات القرآنية في الصناعة المعجمية تاج العروس نموذجا" الدكتور عبد الرازق بن حمودة القادوسي
• (غَسَاقٌ): لفظة تركية، معناها بلسانهم: البارد المنتن. وردت في قوله تعالى: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} (8).
وقد تعددت فيها القراءة، وذكرها كثير من العلماء فيما عربته العرب.
يقول أبو منصور الجواليقي:" "الغَسَّاقُ" البارد المنتن بلسان الترك". وكذلك يذكر الألوسي عن الواسطي أن الغَسَّاقَ هو البَارِدُ الْمُنْتَنُ بلسانِ التُّرْكِ أي أن الكلمة غير عربية، ولكنه يعلق على هذا القول فيقول: "والحق أنه عربي". ويذكر أبو منصور الأزهري في معانيه أن هذا اللفظ"أصله فارسي تكلمت به العرب فأعربته".
ويذكر السيوطي في "الإتقان" وفي "المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب الغَسَّاقَ، فيقول: "غَسَّاقُ: قال الْجَوَالِيقِيُّ وغيرُهُ: هو البَارِدُ الْمُنْتَنُ بلسان التُّرْكِ. ونقله الكَرْمَانِيُّ عن النَّقَّاشِ. وقال ابن جَرِيرٍ: ... الغَسَّاقُ: الْمُنْتَنُ. وهو بالطَّحَاوِيَّةِ".
يتناول الزبيدي معنى الغَسَّاق من خلال القراءة الواردة في الآية السابقة فيقول:"الغَسَاقُ كسَحَاب وشَدَّاد: ما يغسَقُ من جُلودِ أهلِ النارِ من الصَّديد والقَيْح أي: يَسيل ويَقْطُر. وقيل: من غُسالَتِهم. وقيلَ: من دُموعِهم. وفي التّنزيل: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} قرأَه أبو عَمْرو بالتّخْفيف، وقرأَه الكِسائيُّ بالتّشْديد. ثقّلها يَحْيَى بن وَثّاب وعامّة أصحاب عبد الله، وخفّفَها النّاسُ بعد. واخْتار أبو حاتمٍ التّخفيفَ. وقرأَ حفْصٌ، وحَمْزَة، والكِسائي: "وَغَسَّاقٌ" بالتّشديد، ومِثلُه في (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ) - {إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا}. وقرأ الباقون: "غَسَاقاً" خَفيفاً في السّورَتيْن. ورُوِي عن ابنِ عبّاس وابنِ مسْعودٍ أنّهما قرآ بالتّشديدِ وفسّراه بالزمْهَريرِ. وقيل: إذا شدّدتَ السّينَ فالمُراد به ما يقْطُرُ من الصّديدِ، وإذا خفّفْتَ فهو البارِدُ الشّديدُ البَرْدِ الذي يُحرِقُ من بَرْدِه كإحْراقِ الحَميم. وقال اللّيثُ: الغَساقُ: المُنْتِنُ ودَلّ على ذلك قولُ النّبي صلى الله عليه وسلم: "لَوْ أَنَّ دَلْوًا مِنْ غَسَّاقٍ يُهَرَاقُ فِي الدُّنْيَا لَأَنْتَنَ أَهْلَ الدُّنْيَا". [التاج: غسق].
ويُسْتَخْلَصُ من كلام الزبيدي أن في معنى "الغَسَّاق" وجهين:
الأول: أنه مشتق من غَسَقَ الجرح يَغْسِقُ أي يسيل ويقطر، ومعناه: ما استقذر من عصارة أهل النار.
الثاني: أنه بالتخفيف اسم موضوع للزمهرير، أو لِلْمُنْتَنِ. وهذا الوجه يتطابق مع من قال بأنها تركية تعني بلسانهم البارد المنتن. ولكن الزبيدي لم يشر إلى كونها معربة مع اشتهارها في كتب الغريب.
2- "المدخل إلى البحث اللغوي" د.محمد السيد علي بلاسي
بعد أن عرض الدكتور البلاسي للآراء كما وردت آنفا، وزاد عليها بعض المعاصرين قال ص61-62 بتصرف: تطبيق مناهج علم اللغة التاريخي والمقارن أثبت أنها عربية أصيلة وليست تركية لما يأتي:
1- خلو المعاجم التركية من هذه الكلمة.
2- لم تكن هناك علاقة وصلة بين العربية والتركية أثناء وقبل نزول القرآن، فكيف يتأتى التأثير والتأثر بين اللغتين.
3- ورود مادة "غ س ق" بجميع تصريفاتها في اللسان العربي.