نظريتان فى هذه الدنيا يواجهها الإنسان . عليه أن يحدد إحداها . إما أنّ ما جاء به الرسل صدقٌ أو أنه كذب . وهل توجد منطقةٌ وسطى بين الصدق والكذب؟ أن يكون كذبا يعنى أن الرسل ربما كانوا يلعبون . ربما أصابت عقولهم لوثةٌ فكانوا يروْن أشباحا يظنونها وحيا ، وربما كانوا مصلحين اجتماعيين أرادوا المدينة الفاضلة لشعوبهم أو كانوا فلاسفة اجتماعيين أو كان فيهم حب الزعامة..أو..أو..إلخ . وهذه النظرية هى ما يظن أغلب أهل الأرض حاليا بأنها صحيحة ، وأن هذه الدنيا لم تكن لها بداية ولن تكون لها نهاية وأن الفرد بشرا كان أو حيوانا أو نباتا يقضى عمره فيها ثم يفنى ويصير ترابا وهكذا تمضى الحياة وستمضى إلى الأبد . ولا تأبه الطبيعة فى استمرارية الجنس البشرى على الأرض ، فما الإنسان إلا نوعٌ من أنواع الحيوانات فإن انقرض فستستمر الأنواع الأخرى وكأن شيئا لم يكن . وليس فقط غالبية البشر هم من لهم هذه القناعة ، بل علماؤهم وفلاسفتهم وأساتذة جامعاتهم..إلخ هم من يتزعمونها . أما الأقلية فى العالم فرأيهم يختلف ونظرتهم إلى الوجود تقوم على أن هنالك حياتين لا حياةً واحدة . الحياة الأولى كدٌ وشقاءٌ وتمهيدٌ واختبارٌ ومراقبةٌ لنا وتقييمٌ لأعمالنا..تليها مستقبلا حياةٌ أخرى يُبعث فيها الإنسان فى صورةٍ من الصور ويوضع فى منزلةٍ تساوى الحصيلة الإجمالية لما كان يعمل طيلة حياته الأولى من خيرٍ أو شر .
************
الجزء الثانى
=========
على أن الحياة الثانية ليست مجرد ميزانٍ لأعمال الحياة الأولى وانتهت القصة . إن هنالك أمرا جوهريا يسبق كل شيئ ، ويسبق حتى الميزان . ألا وهى ما يسمى بالأيديولجية أو ، إن شئت ، الفكر . وهو ما تقييم عقلك للنظريتين؟: هل هى حياة واحدة أم حياتان؟ وبعبارة أخرى: هل للكون ربٌّ سيبعثنا فى الدار الآخرة؟ أم أن الكون يقوم بنفسه وهو أبدى والحياة واحدة للإنسان يفنى بعدها ويصير ترابا وانتهى الأمر . وبعبارة ثالثة: هل صدق المرسلون أم كذبوا؟ هذا هو الفكر الذى يبنيه عقل الإنسان وقلبه . وهو الأساس فى تقييم الإنسان . وفيه يتساوى الإنسان العادى والفيلسوف . ففى رأس كل إنسان عقلٌ يميز الصحيح من الخطأ ، ويدعم عقلَه قلبُه فيكون لديه ما يُملى عليه العقل وما تُرشد إليه الأخلاق . فلسنا بحاجةٍ إلى الفلاسفة ليفيدونا بأن الكون طبيعةٌ صماء لا إله فيها ، فلكل إنسان عقلٌ وقلبٌ يهديانه إلى الحقيقة . هذا هو الفكر . وهو بالنسبة للمسلمين دُعامة الأمر وأول الأركان الخمسة ولا يقوم الدين إلا به .
*************
الجزء الثالث
=========
نخلص إلى القول بأن (الأيديولوجية) أو فلسفتك فى الوجود هى المحكّ فى تقييم منزلتك فى الحياة الثانية . وفلسفتك فى وجودك فى الدنيا تُحدد طريقة حياتك . فإن حكمت بأنها حياة واحدة يكون دأبك المتع الحسية تنهل منها . وإن كانت فلسفتك أنها حياتان صار دأبك العمل للحياة الثانية والتزود بفعل الخير ليؤهلك لمنزلة عالية .
تماما كما تفضّلت أيها القدير
وعلى نياتكم ترزقون
أستغرب حقا كيف يعيش من لديه نظرية تكذيب الرسل
وأن لا حياة أخرى بعد الموت
ترى كيف يستمر مثل هؤلاء في خضم هكذا أفكار
غالبا ما تكون حياتهم بلا هدف تؤول للانتحار!
مطلب جدير بالتأمل
شكرا تليق
تماما كما تفضّلت أيها القدير
وعلى نياتكم ترزقون
أستغرب حقا كيف يعيش من لديه نظرية تكذيب الرسل
وأن لا حياة أخرى بعد الموت
ترى كيف يستمر مثل هؤلاء في خضم هكذا أفكار
غالبا ما تكون حياتهم بلا هدف تؤول للانتحار!
مطلب جدير بالتأمل
شكرا تليق
**************************************
الجدير بالذكر أن كل من ذُكروا في هذا المقال تمّت الإشارة إليهم في القرآن . "وقالوا ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر.." ، "أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجعٌ بعيد" ..إلخ إلخ