يتولد النقد بانطباع يتركه النص بالنفس، وينتهي بحكم..
إذ هو دراسة وتقييم، ابتداءً من السؤال عن المعنى، ومروراً بالتعبير، وكيفية التعبير.. أي التفسير والتحليل والتقييم، بعد تناول الشكل والمضمون.
وهذا يحتاج إلى كم معلوماتي، وثقافة واسعة، قد لايحتاجها المبدع في اختصاصه..
ومن اشتراطات الناقد الإلمام باللغة وعلم النفس وعلم الإجتماع والاستطيقيا واللغة وإنشاء الجملة وكم هائل من المعلومات العامة وبعض المعاف، وكل أسس واشتراطات الجنس المنقود.
أما التذوق، فهو وسيلة للإدراك، ويبقى عنصر شخصي.. إذ هو ليس وسيلة للمعرفة، ولا تنقله إلى العموم إلا مَلَكَة المعرفة.
ويبقى الأديب الفاحص الرصين.. ناقداً قبل نشوء النقد، لأنه أول من ينقد عمله، ويؤشر محاسنه، ويعَدِّل مساوئه.
وكما لايخفى على الجميع أن المناهج النقدية العربية هي نفسية واجتماعية وفنية، تليها الإنطباعية والأخلاقية..
وتبقى المذاهب الغربية المؤسِسة هي الكلاسيكية والرومانتيكية والواقعية والرمزية.. ومانتج عنها، وما تلاها من أساليب.
لكن النقد الآن هو منفلت نوعاما عن هذه الربقة، ولا يخضع لقوانين ثابتة، وإنما يتناول زوايا النص، والكامن بين ثناياه، ويشتغل على فلسفة النص وأبعاده الجمالية وصوره المبتكرة.. لا على قانون الوحدت أو النسق أو النظام الثابت.
ويبقى مفهوم النقد - حسب اعتقادي - مرهون بمعناه القاموسي إذ انه يميز بين الدراهم، ويفرز الزائف منها، وبذا فهو يستهدف النص كاشفاً نبراته وخصائصه من أوجه شتى..
كمغزى الصورة، والإيحاءات، والمَجاز، والتراكيب الفنية.. إضافة إلى دلالة الصوت والإيقاع.
والأسئلة التي يطرحها النقاد هي واحدة، وإن تعددت الأساليب.. لكن سر اختلافها يكمن باختلاف فلسفة الناقد، وثقافته، وباهتمامه بجوانب معينة في النص..
كأن يهتم بالبناء أكثر من المضمون، أو العكس أو كليهما.
فهناك نقاد ينطلقون من فكرة أن العمل الفني هو صورة لِمُنْشِئه، وهذا ما اعتمده المنهج النفسي.
وهناك من يعتقد أن العمل الأدبي أو الفني هو صورة للواقع المُعاش من قِبَل الأديب أو الفنان، ومن هنا قام المنهج الإجتماعي.
ويرى آخرون أن النص وجوداً مستقلاً عن الأديب المُنْشئ، وعن مجتمعه، وهنا قام المنهج الفني.
أما المناهج الغربية فلها أسسها، ولا مجال للدخول بحيثياتها الآن، بقدر ما يسمح لي أن أقول
أن الناقد الناجح هو من يزاوج ما يمكن مزاوجته والاشتغال عليه، بعيداً عن التوعير الاصطلاحي، وأن يبتعد عن الشخصنة، والعدائية..
بل ينظر إلى العمل على أنه جهد استثنائي، ويؤشر إخفاقاته بلطف، بعد أن يُشبع الجانب المضيئ من العمل.. قراءةً وتأويلاً.
وعليه أن يتناوله تناولاً نفسياً واجتماعياً ومنهجياً، بعد التأكد من امتلاك الناص لأدواته كاللغة والصورة والأسلوب وكيفية التعبير عن أفكاره وعواطفه أي القالب الذي تُفرغ فيه المادة.
وعلى أدعياء النقد أو المتفيقهين وساديي التفكير عدم الولوج هذا العالم خشية عليهم من مطب كبير.
آخر تعديل تواتيت نصرالدين يوم 06-13-2021 في 01:41 PM.
(يتولد النقد بانطباع يتركه النص بالنفس، وينتهي بحكم..)
وهكذا ينبغي أن يكون النقد نابعا من النص ومسلماته لاتخاذ القرار الحكيم
بموضوعية . فالناقد مثله مثل المؤرخ يجب أن يتسم بناءه النقدي بالموضوعية
بعيدا عن المجاملة والعصبية والتطرف الفكري
التوقيع
لا يكفي أن تكون في النور لكي ترى بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه
(يتولد النقد بانطباع يتركه النص بالنفس، وينتهي بحكم..)
وهكذا ينبغي أن يكون النقد نابعا من النص ومسلماته لاتخاذ القرار الحكيم
بموضوعية . فالناقد مثله مثل المؤرخ يجب أن يتسم بناءه النقدي بالموضوعية
بعيدا عن المجاملة والعصبية والتطرف الفكري
طبعاً لا يغيب عن معرفياتكم أيها الفاضل أن الكلمة شرف، والحرص على كلمة الآخر مسؤولية كبرى.
لذا على الناقد أن يكون موضوعياً، وأميناً بغض النظر عن الشخصنة.
ممتن لكرم مرورك سيدي.
كل التحايا مبدعنا القدير أ.عمر مصلح
طالما كانت الموضوعية هي الأساس الذي يجب أن يعليه الاديب
الأديب الذي يتعرض للنقد كناقد وقارئ ومتذوق بالدرجة الأولى
أيا كانت مناهج النقد التي يتبعها والأدوات التي يقوم باستخدامها
كل الشكر والتقدير شاعرنا الراقي ومبدعنا القدير
لهذا الإثراء القيم
مودتي وكل التقدير
عايده
سلّمك ربي وعافاك د. أسعد الموقر
مما لا يخفى على حضرتكم، أن الإنطباع هو أبسط أنواع النقد إذ لا يحده قانون معين، وهذا النوع من النقد متوافر عند أي شخص مهما كان وعيه ومهما كانت محمدودية ثقافته او اختصاصه العملي، ولذلك أطلق عليه النقد التأثري.
وهو طبعاً مرتبط بالانحدار الطبقي والبيئي والثقافي.. الخ.
اما بالنسبة لما أوردناه في موضوعنا، وكما لا يخفى على طاقة علمية وأدبية مثلكم، هو بمثابة تحديد الإتجاه ومداخله، كي يتبع الراغب بكتابة النقد اسسه واشتراطاته.
لكني ، ومع الأسف أجد من يلج جانب النقد وهو لا يميز بين العرض والتحليل، ولا يميز بين الحدث والتأويل، ولا يؤشر المناطق المضيئة وفق ميزان أو قياس، فنجده قد أصدر حكما، ونفخ بالمنقود نفخاً حتى أوهمه بأهمية لا يستحقها.
ولي شواهد وأمثلة على ذلك كثيرة.
فأرجو ان يكون ردي هذا بمثابة رسالة يفهمها أدعياء النقد، وأن يضعوا آراءهم في خانة الإنطباع لا كما يدعون بأنها ورقة نقدية أو دراسة.
وعليهم مراجعة النقود إن كانت معيارية أو سياقية أو جمالية، او حداثوية كالبنيوية والتفكيكية والسيميائية والتداولية، ولا نقول مابعد الحداثة لانه سيعقد الموضوع أكثر.
عموماً أعتذر عن الإطالة وشكراً لحسن المتابعة.
تحياتي واحترامي.