(1)
هناك ظن خاطئ يسود في عرف المعلمين.
ما هو؟
هو أن دفتر إعداد الدروس خاص بالموجه وإدارة المدرسة والمتابعين وزائري وزارة التربية والتعليم، وأن السبورة خاصة بالطالب؛ لذا فهم ينظمون الدفتر على وفق ذلك.
وهذا أراه خاطئا.
لماذا؟
لأن دفتر الإعداد للمعلم وما فيه سيخرج للمعلم نفسه ولطلابه.
لكن لأي معلم؟
ليس للمعلم الذي يظن ألا جديد ما دام قد علّم المقرر مرة سابقة أو أكثر في سنة سابقة أو أكثر، وليس للمعلم الذي يجعل أحد تلاميذه أو طلابه ينقل له التحضير من دفتر العام الماضي في دفتر هذا العام، وليس للمعلم الذي لا يرى فرقا بين المعلومة التي يقولها أول مرة والمعلومة التي يعيدها، و ... إلخ.
لماذا "لا" لهؤلاء؟
لأنهم لا يحبون عملهم، ولأنهم لا يملكون طاقة لغوية تجعل التجديد ديدنهم، ولأنهم لا يملكون الحماسة العلمية اللغوية، ولأنهم لا يملكون رؤية لغوية ولا رسالة، و... إلخ.
وهؤلاء يكتفون بالبنود المعروفة الشائعة الوجود في التحضير من أهداف وتهيئة ووسيلة، وما يلائم درس النحو من أمثلة وتحليل وقاعدة، وما يلائم درس القراءة من الفِكَر والمفردات، وما يلائم درس النصوص مما يشارك القراءة فيما سبق ويزيد عليه مواطن الجمال البلاغية، ثم التقويم ثم الواجب.
لماذا يفعلون ذلك؟
يظنون أن ما سبق يحتوي كل القيم والفِكَر الأساسية التي تحتوي على القضايا التي ينبغي شغل الطلاب والتلاميذ بها.
(2)
هل هذا الظن صحيح؟
لا.
لماذا؟
لأن هناك قيما علمية ولغوية ينبغي أن ينص عليها المعلم ويبرزها له ولزوراه من الإدارة المدرسية والمتابعين و... إلخ، وهذا الإبراز يجعله يحرص على إيصاله إلى الطلاب والتلاميذ.
ما هي؟
إنها إبراز علوم اللغة، وإبراز أهميتها.
كيف؟
علم الأصوات: ينشغل بتحقق مخرج الأصوات وصفاتها؛ لذا لا بد أن ينص على هذا الغرض وينفذه حال قراءة الطلاب والتلاميذ، ولا يجعل الخطأ الصوتي يمر من دون تعليق.
علم النحو: ينشغل بالحرف الأخير وضبطه ويبين سبب هذا الضبط، وهذا يوجب على المعلم أن يحرص على أن يضبط الطلاب والتلاميذ قراءتهم، وقد يبين لهم السبب المؤثر وقد لا يبين حسب وقته المتاح.
علم النقد اللغوي: ينشغل ببيان الصحيح من الخطأ، ويضع اللفظ العربي بديلا عن اللفظ الأجنبي الذي شاع، ويرفع مستوى اللغة العامية ويحاول تفصيحها. وينبغي أن يبرز المعلم كل ذلك لطلابه وتلاميذه، ويثري معجمهم بكل ذلك.
علم النقد الأدبي: ينشغل ببيان تحقق الخاصية الأدبية في العمل الأدبي سواء أكان مقالا أم قصة أم شعرا.
(4)
هكذا ينبغي إبراز هذه العلوم وأهميتها المرجوة في الحصة في دفتر المعلم؛ ليثبت انتباهه وحرصه على إيصاله إلى المتعلمين.
فهل يفعل المعلمون؟ وهل لا يتعنت الموجهون في مسألة الإبقاء على الصورة المعهودة من دفتر إعداد المعلم ولا يقبلون الجديد؟
أدعو الله أن يحقق ذلك؛ لأن دفتر إعداد دروس اللغة العربية هو عقل المعمل اللغوي!