.. مرهقا من العمل الشاق في مزرعته، جلس على الأرض وسط الإسطبل، أخذ يفكر في ثقل الديون التي حطمت ظهره،
فكر كثيرا كثيرا حتى اسودّت الرؤية،وأخذت ملامحه شيئا فشيئا تتغير.
نظر إلى زاوية الحظيرة متذكرا بأنه قد خبأ زجاجة المشروب خوف أن تجدها زوجته،فمسعود كان قد وعد زوجته مسعودة بالإقلاع عن الشرب.
أخرج زجاجة المشروب من تحت القش ، مما أزعج دجاجاته، جلس بين حماره والدجاجتين، صب أول كأس له.. كان حماره ينظر إليه كما الدجاج، وكان ذلك الفار المختبئ يسترق النظر، يشاهد الجميع بصمت؛ تناول مسعود كأسه الأول كاملا، وسكب الكأس الثاني،وفي منتصفه شعر بالنعاس قليلا.. ما جعله يغفو، وأخذ يشخر عاليا، تاركا زجاجته نصف ممتلئة.
كان الحمار يتضور عطشا، اقترب بحذر من زجاجة سيده مسعود، وأخذ يلعقها، أعجبه المذاق، تناولها بفمه رافعا رأسه لأعلى، وبدأ ينهل وينهل وأخذ المشروب يتساقط من فمه على الأرض حتى فرغت.
برك الحمار من شدة الثمالة، وأخذ ينظر حوله في تعجب!؛
خرج الفأر من جحره متجها صوب سيده، لاعقا ما تبقى من المشروب وبعد مرور بعض الوقت شعر وكأنه أسد ضخم..
نظر إلى الحمار فوجده فأرا، ونظر الحمار إلى الفأر فوجده أسدا جائعا.
ارتعب الحمار ، وقال له : أرجوك أيها الأسد فأنا لا أقوى على الهروب!أرجوك، لا تأكلني!.
نظر الفأر إلى الحمار نظرة الأسد الجائع،
قال له: أنا أسد الغابة وأنا جائع جدا!
قفز الفأر على ظهر الحمار، صاح الحمار مرتعشا ورفس الحمار فأره،
حلّق الفأر عاليا..
استيقظ مسعود على صيحة الحمار.
صرخ مسعود مذعورا في وجه الحمار: لماذا تصرخ أيها الحمار الغبي..!!
أجاب الحمار سيده : أنت الغبي والحمار!
فُزِع مسعود كيف يتكلم الحمار، وأخذ يضرب وجهه بكفيه،
ويتساءل: هل ما أراه وأسمعه حقيقة أم أني شربت كل الزجاجة!!
قال مسعود للحمار: ماذا قلت؟
أجاب الحمار:
أنت الحمار وأنا سيدك!
فغر مسعود فاه، وتجمّد مكانه.
أخذ مسعود يهدأ، وتأكد أنه كامل الوعي،
وعندما تأكّد قفز بعصاه نحو الحمار،
تعارك الحمار مع مسعود، عراكا طويلا، لدرجة أن مسعود تلطخ بالدماء.
سقط الحمار على الأرض وأخذ مسعود يضرب الحمار بعصاه على رأسه..،
جلس مسعود فوق الحمار، استل سكينه الحاد، وهم بذبحه..
استيقظ الحمار.. ناهقا بصوته القبيح: أرجوك يا سيدي، فأنا الحمار فأنا الحمار!