تأملات رمضانية
=========
من القرآن ما نفهمه بلا شارح ومنه ما نفهمه بواسطة الفقهاء . ومنه ما لا نفهمه لأنه لا يعلم تأويله إلا الله . ومن هذا الأخير آيات الجنة التى وُعد المتقون . ولنبدأ بالآية "فلا تعلم نفسٌ ما أُخفى لهم من قرة أعين" . وهى آية صريحة فى حجب أحوال الجنة عن عقولنا . قبل أن اسأل عن الجنة ينبغى أن اسأل نفسى: ومالك وما للجنة؟ ولماذا تسأل عن مكانٍ قد لا تكون من أهله؟ من السخف أن تستفسر عن أوصاف بيتٍ ليس لك . بيتٍ لن تراه ولن تمر حتى بشارعه؟ إذن بدلا عن السؤال عن الجنة اسأل نفسك: هل أنت من أهل الجنة؟ لتكون من أهل الجنة يجب أن تكون مؤمنا بالله . فإن كنت مرتابا فى الله وأنه موجد الكون وأن الساعة آتية وأنه سيحيى الموتى فلا تتعِب نفسك بالسؤال عن شيئٍ لا يخصك . وإن كنت مؤمنا بالله حق إيمانه فلا بد أن تكون من الفطنة والوعى بأن من أحياك بعد أن صرت ترابا لقادرٌ على كل شيئ . وبعد هذا ستكف عن الأسئلة الساذجة التى يستغلها الملحدون لتشكيك الناس فى البعث والدار الآخرة . وستعرف أن القدرة المطلقة لله ستبعث الناس فى هيئةٍ وواقعٍ غير هيئة وواقع الدنيا . وقانونٍ وطبيعةٍ غير قانون وطبيعة الدنيا . وعالمٍ لا يمت بصلة للعالم الذى ألفناه فى الدنيا..إلخ إلخ . إننا لم نألف عالما ليس فيه موت أو حتى شيخوخة فكيف نسأل عن الجنة؟ مجرد التواجد فى مكانٍ ليس فيه موت أو مرض أو وجعٌ أو ضجرٌ أو حَزَنٌ أو كآبةٌ أو كرْبٌ أو عَوَزٌ أو قلقٌ أو محنة....أو أى شيئ يسوء الإنسان ، يكفى بأن نكون فى جنة .