قراءة في قصيدة أربعينيّة الدّم للشاعر جودت الأنصاري
أربعينية الدم
أمن رمد دموعك , ام بكاء ؟,,,,,,أم الاجفان أذبلها :جفاء؟
ام الاحوال جدّ بها جديد ؟,,,,,,,,,, فليلى لا يلذّ لها : لقاء
جفتك,فبات قلبك في عزاء ,,, ,, كغصن الورد اذبله شتاء
وما بالي أراك تغض طرفا ؟,,,,, لدى التذكار يخنقك البكاء
وتبعد عن مرابعها بصمت ,,,,,,, وكم يحلو لخافقك البقاء
*********************
فلا تعجب اذا ما حلّ كرب ,,,,, وباعك وازدراك الاصدقاء
فقل :صبرا فقلب الحر: بئر ,,,,,,,,,, عميق لا تجففه دلاء
وللايام مدّ بعد جزر ,,,,,,,,,,,, وللدنيا عجائب, وابتلاء
تمر عليك عارضة هواها ,,,,,,, ودعواها غرور وافتراء
وما ان تدلي دلوك في التمني,, جفاك الصبر وانقطع الرجاء
الم تصل الطغاة لمبتغاها؟ ,,,,, وعاشت في الترجي انبياء
فلا يحزنك ان زفّت لوغد ,,,,,,,,, فطالبها ,ونابذها سواء
وللشعراء انشاد ,وصمت ,,,,,,,, فلا يغريك مدح او هجاء
هي الدنيا تلذّ لعاشقيها ,,,,,,,,,,, فليس بها لاحرار بقاء
*******************
حسين والحوادث داميات ,,,, ووجه الارض غطّته الدماء
بصحراء تقطّع ساكنوها ,,,,,, فصارت ارض كرّ بل بلاء
وقد نسي التراحم والترجّي ,,, ولو ملكت, اذن منع الهواء
وساد الامر للجهال فيها ,,,,,,,,,, فلا الف يفيد بها وباء
وحكم السيف صادر كل رأي ,,,, بساحتها وقد وقع البلاء
ألا من مبلغ عنها عليا ,,,,,,,,,, بان القوم حمّ بهم قضاء
على آل النبي قست قلوب ,,,,, وبالاحقاد شبّ بها ضراء
بنات المصطفى اخذت سبايا,,,,,, فهل يحلو لدنيانا بقاء
وهل ترجو من الاوغاد عدلا,,,,, فلا جفن يرفّ ولا دعاء
اذا كان الكبار جنوا ذنوبا ,,,, فما فعل اليتامى والنساء؟
تساق على الرمال بلا حماة ,,,,,برمضاء وقد عزّ السقاء
على فقد الاباة لها عويل ,,,,, فلا تعجب اذا بكت السماء
********************
ولا تقسو عليّ فبعض دمعي ,,,,,, لما اذنبت هاطله وقاء
الى سبط النبيّ اذا مشينا ,,,,,,, كيوم الحشر يبعثنا نداء
ومامنع الجموع دخان موت ,,,, فقد نذرت لمصرعه فداء
وكم شحذت بمنحرنا سيوف ,,, , ولكن الوفاء هو الوفاء
فلا كلّت حناجرنا بهزج ,,,,,,,, , ويدفعنا لغايتنا اقتداء
ألا من ناصر, والارض قفر ,,, وقد بعد الاحبة والرجاء
سنمشي رغم قسوتها حفاتا ,,,,وعند الله يحتسب الجزاء
الا المودة في القربى
يستهلّ الشّاعر قصيدته بأبيات في العتاب تشرّع لمثوله في محراب الذّات وأصقاعها فيشكل إخبار عن زمن الشّعر ...وقد اعتمد الشّعراء هذا المنحى في جلّ أغراض القصيدة.
فالشّاعرحين يرشّح الكلام في مستهلّ قصيدته نحو الأعمق في أربعينيّة الدّم في شكل حشود من معجم لغويّ تشترك مع المناسبة في البكاء والدموع والجفاء والعزاء...فإنّه ينفتح منذ بدء القصيدة على الوجع ويتوغّل فيما خفي في ذاته ....
وليلى لا يلذّ لها لقاء
جفتك,فبات قلبك في عزاء ,,, ,, كغصن الورد اذبله شتاء
وما بالي أراك تغض طرفا ؟,,,,, لدى التذكار يخنقك البكاء
وتبعد عن مرابعها بصمت ,,,,,,, وكم يحلو لخافقك البقاء
ليفلت فيما بعد من عقاله لينغرس في رحاب الأربعينية الدّاميّة ضاربا بجذور الكلام في تلاوين الوجع والخيبة والإنكسار
ليتوغل عميقا في زمن كثرت كروبه ومقالبه...
فلا تعجب اذا ما حلّ كرب ,,,,, وباعك وازدراك الاصدقاء
فقل :صبرا فقلب الحر: بئر ,,,,,,,,,, عميق لا تجففه دلاء
وللايام مدّ بعد جزر ,,,,,,,,,,,, وللدنيا عجائب, وابتلاء
تمر عليك عارضة هواها ,,,,,,, ودعواها غرور وافتراء
وتنداح العبارات في فضاء المقطع لتتحوّل الى مسلمات لا يستوجب الإستغراب منها تفضي لبعضها بعض .
وكأني به يرفض الإستسلام لمدّ وجزر الحياة وعجائب الدّنيا فتجيئ نبرته على نحو صارم ...وكأنّه التّلاقي بتاريخه الذأتي الذي لا يعبأ بما يحبط وبما يقلق وبما يوهن
فقلب الحرّ بئر...عميق لا تجففه دلاء
فالكلام يضرب بعنفه وعنفوانه واقعا لا ينشغل بغدر الزّمن والأصحاب....
ثم يتوغّل باقتدار مذهل لينفذ الى دواخل اللّحظة بتفاصيلهافتجيئ التراكيب مكثّفة ...
وما ان تدلي دلوك في التمني,, جفاك الصبر وانقطع الرجاء
الم تصل الطغاة لمبتغاها؟ ,,,,, وعاشت في الترجي انبياء
فلا يحزنك ان زفّت لوغد ,,,,,,,,, فطالبها ,ونابذها سواء
وللشعراء انشاد ,وصمت ,,,,,,,, فلا يغريك مدح او هجاء
هي الدنيا تلذّ لعاشقيها ,,,,,,,,,,, فليس بها لاحرار بقاء
فتتشابك اللّحظة برديفها وبضدّها
فالتّمني يقابله انقطاع رجاء وجفوة الصّبر
وفي استحضار لأساطير وقصص الأنبياء لمحا واشارة...
ليسعد طغاة وينالوا مبتغاهم ويعيشوا أنبياء على التّرجي ..
ويواصل استحضار أكثر من مثال ومظهرتأكيدا على مفارقات هذا الزمن وما ينهض عليه من وجع واغتراب وتغريب للذأت
ويظلّ يدير اللّغة وفق ما يقتضيه الواقع ...ليعلن أنّ الدّنيا بلذائذها ليس للأحرار فيها بقاء...
وفي حركة تجتاح الكلام ينطلق في التّقدّم الى حادثة تاريخيّةمحدّدة يفتحها من الدّاخل بمهارة في بدء هذا المقطع
حسين والحوادث داميات ,,,, ووجه الارض غطّته الدماء
بصحراء تقطّع ساكنوها ,,,,,, فصارت ارض كرّ بل بلاء
وقد نسي التراحم والترجّي ,,, ولو ملكت, اذن منع الهواء
وساد الامر للجهال فيها ,,,,,,,,,, فلا الف يفيد بها وباء
وحكم السيف صادر كل رأي ,,,, بساحتها وقد وقع البلاء
ألا من مبلغ عنها عليا ,,,,,,,,,, بان القوم حمّ بهم قضاء
على آل النبي قست قلوب ,,,,, وبالاحقاد شبّ بها ضراء
بنات المصطفى اخذت سبايا,,,,,, فهل يحلو لدنيانا بقاء
وهل ترجو من الاوغاد عدلا,,,,, فلا جفن يرفّ ولا دعاء
اذا كان الكبار جنوا ذنوبا ,,,, فما فعل اليتامى والنساء؟
تساق على الرمال بلا حماة ,,,,,برمضاء وقد عزّ السقاء
على فقد الاباة لها عويل ,,,,, فلا تعجب اذا بكت السماء
فاللغة تضج هنا موسومة بطابع هذياني مصدره الواقعة ...ويتبدّى انسرابه الى معجم لفظيّ يرتسم بحجم الوجع على رحاب وأديم نصّه الشّعريّ
فيوحي الكلام ويحيل على الواقعة كأنّها ماثلة في الحين ..فتوقظ احساس المتلقي ووعيه على هول الفاجعة والحادثة فيتعرّى الرّعب في هذه الأبيات ليبدو المشهد غارقا في الدّم والدّمويّة
حسين والحوادث داميات ,,,, ووجه الارض غطّته الدماء
بصحراء تقطّع ساكنوها ,,,,,, فصارت ارض كرّ بل بلاء
وقد نسي التراحم والترجّي ,,, ولو ملكت, اذن منع الهواء
وساد الامر للجهال فيها ,,,,,,,,,, فلا الف يفيد بها وباء
وحكم السيف صادر كل رأي ,,,, بساحتها وقد وقع البلاء
انّها اطلالة على مدارات رعب التي تشرّعها العقائد والموروث والطّقوس في ذكرى اغتيال الحسين...
فيحضر المشهد عن طريق اللّغة والتّراكيب المنتقاة بدقّة...وجه الأرض غطّته الدّماء...نسي التّراحم....وساد الجهل..فلا يفيد ألف ولاباء
وهي صور تطفح بالخيبة والتّأسي والمرارة وتحيل الى حالة كمون مطلق في الفاجعة وأساها وسياقاتها وما علق بها...
وفي نهاية القصيدة أربعينية الدّم يرتاد شاعرنا نوعا من التّحوّل ليتوغّل في مدار الحادثة وطقوسها...وكأنّه يعجز عن كل محاولات صدّ في وجه الموروث
ومن أربعينية دم ومن رعبها ينهض الشّعر ليبلغ تيه هدير ه فيعلن ...ويدفع بالحدث الى ألق وتالّق
ولا تقسو عليّ فبعض دمعي ,,,,,, لما اذنبت هاطله وقاء
الى سبط النبيّ اذا مشينا ,,,,,,, كيوم الحشر يبعثنا نداء
ومامنع الجموع دخان موت ,,,, فقد نذرت لمصرعه فداء
وكم شحذت بمنحرنا سيوف ,,, , ولكن الوفاء هو الوفاء
فلا كلّت حناجرنا بهزج ,,,,,,,, , ويدفعنا لغايتنا اقتداء
ألا من ناصر, والارض قفر ,,, وقد بعد الاحبة والرجاء
سنمشي رغم قسوتها حفاتا ,,,,وعند الله يحتسب الجزاء
الا المودة في القربى
ففي هذا المقطع الأخير يمتلك الشاعر قدرة فائقة ليعلن استسلامه لسطوة وقدرة هذه الحادثة على وجدانه حتى لا يجد نفسه ملقى خارج المألوف..فتطفو على نصّه الشّعريّ صورة الوفاء للوفاء...وتسمع أصداء متجاوبة تقوى بها النّفس والأنا الشّاعرة...
القدير أخي جودت
لغتك وشعريتك في هذه القصيدة الرائعة ضرب من أرقى ضروب الإبداع...
تمكّنت باقتدار كبير وبليغ النّفاذ الى دواخل واقعة عاتية ....والإخبار عنها ...
ويمكن أعتبارها من القصائد الأصيلة التي تبقى عنوانا لأزمنة الشّعر البديعة...
تقديري سيدي الكريم .....والجفن قد أبكته واقعة كرّ بل بلاء...
رد: قراءة في قصيدة أربعينيّة الدّم للشاعر جودت الأنصاري
ما هذا الاختيار يا دعد؟
الاستاذ جودت من الشعراء الذين يروق لي حرفهم و أحسه صادقا
لست أدري كيف أشكرك
كم أنت ذوّاقة للحرف الاصيل
أمّا هذه القصيدة فهي لوحة من الجمال الروحي تنفذ إلى الاعماق رغم ما تحمله من أحزان ودموع
يا رب ينقشع الضباب عن كلّ حائر
رد: قراءة في قصيدة أربعينيّة الدّم للشاعر جودت الأنصاري
للرائعة دعد
انت الشاعرة وليس الشويعر جودت الانصاري
اين انا من هذا الكم الكبير من الاحساس وهذا العمق من التحليل
وي كانك انت من وقف في كربلاء يصور الطقوس
الله الله
ما احوجني الى احساسك المرهف هذا لاكون شاعرا بحق
تهيل ترابها فوق النواصي ,,,,, بساحتها ويمنعك الحياء
سيدتي
نظمت القصيدة في العام الماضي وانا في طريقي الى مرقد الحسين عليه السلام
كانت المشاعر ملتهبة وانا وسط ذلك الطوفان البشري ,, اردد ابياتها مع نفسي اتصفح وجوه الناس كالماخوذ ,,, ضاع الكثير من ابياتها فانا كثير النسيان لكنني بدات استذكارها في الليل بعد ان حصلت على قلم وورقة,, لم انم ليلتها صدقيني حتى تذكرت ما امكنني مع اذان الفجر في الفندق
في الصباح لم اصدق انها لي والله
القيتها في جمع من الناس يومها ,, كنت انتظر في كل لحظة ان يقول لي احد المتجمهرين انها للشاعر الفلاني لكنهم كانوا يطلبون ان اكرر مرة بعد اخرى بعض ابياتها ,,,ولم يسمعها احد الا وبكى
كان جوها مشحونا بالعواطف
لكنني لم اتمكن ان احتوي كل ما يدور ولا ازال اشعر بالعجز والخجل من تلكم الجموع
فقد وجدتني عاجز عن التصوير ,, وخصوصا في جزئها الاخير
فقد سقط المئات من الزائرين يومها بعشرات الانفجارات الارهابيه في طريق بغداد كربلاء
ولم استطع ان اربط بينهم وبين من جاؤوا لتابينه بطريقة موفقة فانا خجل منهم
اشكرك ايتها الاديبة الرائعة دعد
فقد اعطيت للنص بعدا وعمقا لم اكن احلم به يوما
كبييييييير احترامي لقلمك سيدتي
رد: قراءة في قصيدة أربعينيّة الدّم للشاعر جودت الأنصاري
القدير جودت الانصاري
دعني وأنا أقرأ ردّك اقول أنّ هذه التّفاصيل التي ذكرتها حول قصيدتك و ملابسات نظمها تؤكّدأنّ موهبة الشّعر لديك هي شحنة انفعال تبدعها في لحظة خلق خارقة للعادة وفوق العادة ....وأنّ الشّعر لديك يولد من رحم مكانه وزّمانه وأهله....
وأنّك يا سيدي جودت الأنصاري من الذين يمرّ طعم الشّعر عندهم بطعم الزّمن ....
فيلج الواقع والحدث متمرّدا وأنّك من الذين يؤمنون أنّ القصيدة فرع من النّضال الفكريّ المواكب لعصره الملتحم بمحيطه المتفاعل مع المكان والزّمان...
وأنا من نالها شرف الوقوف عند الحقل الدلالي في قصيدة عصماء أبكت وأسالت دموع الرّجال ...وهي جديرة بأن تصنّف تصنيفا تاريخيّا في مدوّنة الشّعر ومتونه....
تقديري أيّها القدير
رد: قراءة في قصيدة أربعينيّة الدّم للشاعر جودت الأنصاري
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليلى بن صافي
ما هذا الاختيار يا دعد؟
الاستاذ جودت من الشعراء الذين يروق لي حرفهم و أحسه صادقا
لست أدري كيف أشكرك
كم أنت ذوّاقة للحرف الاصيل
أمّا هذه القصيدة فهي لوحة من الجمال الروحي تنفذ إلى الاعماق رغم ما تحمله من أحزان ودموع
يا رب ينقشع الضباب عن كلّ حائر
أخيّتي ليلى بن صافي
يؤازرني حرفك دوما ...
فكيف يستقيم شكرك يا ليلى الحبيبة ....
دمت ولا أعدمناك يا ليلى ..