خوله مناصرة- أنا سمين. أنا نحيف جدا. سأكون سعيدا لو كنت أطول، أقصر، أجعد الشعر، أملس الشعر، أنفي .... كيف يشعر المراهق بمظهره البدني؟ وما مدى تقبله لهذا الجسد بسماته الجمالية وغير الجمالية؟ من المألوف سماع مثل هذه العبارات المفعمة بالأسى من المراهقين. واغلبهم قلقون عل أنفسهم ويصيبهم الهوس بشأن شكلهم الخارجي، وهذا أمر طبيعي. فالمراهق يمر بمرحلة يواجه فيها عددا كبيرا من التغيرات الجسمية. وكلما حدث تغير ما في جسمه، تتغير نظرته وتقبله له، ويجد الكثير من المراهقين صعوبة في التكيف، ويمكن أن يؤثر هذا على الثقة بالنفس.
من المتعارف عليه أن تقدير الذات والثقة بالنفس هو ما يحدد مدى افتخار المراهقون بأنفسهم، والإحساس بأنهم ذوي شأن، وكيف يشعرون تجاه أجسادهم. واحترام الذات أمر مهم لأن الشعور بالرضا عن النفس يؤثر على التصرفات. والشخص الذي يتحلى بالثقة بالنفس يكون صداقات ناجحة بسهولة، ويسيطر على سلوكه، ويتمكن من الاستمتاع بالحياة أكثر من الآخرين .
بالنسبة لكثير من الناس، ولا سيما في سن المراهقة المبكرة، يرتبط المظهر ارتباطا وثيقا باحترام الذات. لأن الطفل عندما يتحول من مرحلة الطفولة إلى المراهقة، يهتم أكثر من السابق بالطريقة التي يحب أن يراه بها الآخرون.
العوامل المؤثرة على الثقة بالنفس عند المراهقين عندما تبدأ مرحلة البلوغ يجد المراهقون صعوبة في تحقيق تقدير الذات لأن الجسم يمر عبر العديد من التغييرات. هذه التغييرات، بالإضافة إلى رغبتهم الطبيعية بالقبول من الآخرين، قد تدفعهم ليقارنوا أنفسهم بالآخرين. وقد يقارنوا أنفسهم مع أشخاص قريبين منهم ، أو مع الممثلين والمشاهير الذين يرونهم على شاشة التلفزيون والسينما أو على صفحات المجلات.
لكن من المستحيل أن نقارن أنفسنا بالآخرين، لأن التغيرات التي تأتي مع سن البلوغ تختلف من شخص لآخر. فالبعض يبدأ بالنمو في وقت مبكر، والبعض الآخر في وقت متأخر. والبعض يكتنزون قليلا لفترة مؤقتة للتحضير لطفرة في النمو، والبعض الآخر يمتلئ بشكل دائم، وآخرون يبقون نحيلين مهما أكلوا. كل هذا يتوقف على كيفية قيام الجينات ببرمجة أجسادنا لتعمل.
التغييرات التي تأتي مع سن البلوغ يمكن أن تؤثر على كيفية شعور كل من البنات والأولاد حول أنفسهم. فبعض الفتيات قد يشعرن بعدم الراحة أو الإحراج بسبب نضج أجسامهن.و قد يرغب البعض الآخر بأن ينمو بشكل أسرع. الفتيات يشعرن بضغط دائم للبقاء نحيفات، بينما يرغب الأولاد بامتلاك عضلات كبيرة بارزة.
النمو ليس فقط ما يؤثر على احترام الذات، فهناك الكثير من العوامل الأخرى مثل ما تنشره وسائل الإعلام من صور الفتيات النحيلات، والرجال ذوي العضلات الكبيرة.
والحياة الأسرية في بعض الأحيان يمكن أن تؤثر على ثقة المراهق بالنفس. فبعض الآباء يقومون بانتقاد أطفالهم ومظهرهم أكثر من الثناء عليهم. وقد يطلق البعض ألقابا مستوحاة من صفات المراهق الجسدية، حتى تصبح بديلا لاسمه مثل دبدوب، أو....، هذا النقد قد يقلل من قدرة الشخص على تطوير ثقته بنفسه.
وقد يواجه البعض تعليقات سلبية أو مضايقات مؤذية حول الطريقة التي يظهرون بها من زملاء الصف وأبناء الحي. وأحيانا يكون مصدر هذه التعليقات التعصب العرقي أو الإثني. وعلى الرغم من أن هذه التعليقات غالبا ما تأتي نتيجة الإهمال، فإنها أحيانا يمكن أن تؤثر على الشخص المستهدف واحترامه لذاته
تعزيز تقدير الذات والثقة بالنفس إذا كان لديك صورة إيجابية عن مظهرك، فستقبل نفسك كما هي. وهذا موقف صحي يسمح لك باستكشاف جوانب النمو الأخرى، مثل تطوير الصداقات الجيدة ، والاستقلالية عن الوالدين والاعتماد على النفس، وتحدي الذات جسديا وعقليا. فتطوير هذه الأجزاء من النفس يمكن أن يساعد على تعزيز احترام الذات.
فالشخص الذي يؤمن بنفسه يتمكن من إدراك الأخطاء والتعلم منها واستعادة التوازن في حالات الإصابة بالإحباط أو خيبة الأمل وهذه المهارة تسمى بالمرونة.
إن المواقف الايجابية والمتفائلة يمكن أن تساعد الناس على تطوير احترام للذات وعدم جلد النفس بقسوة، قل لنفسك: لا بد أن أستمر في التقدم وتحقيق نجاحات بدلا من أنا فاشل عندما ترتكب خطأ، أو عدم لوم الآخرين عندما لا تسير الأمور كما هو متوقع.
معرفة هدفك في الحياة، وما يجعلك سعيدا، وكيفية تحقق أهدافك يمكن أن يساعدك على الشعور بأنك قادر، قوي، ومتحكم بحياتك. والموقف الإيجابي وإتباع أسلوب حياة صحي (مثل الأكل الصحي وممارسة الرياضة) هي تركيبة رائعة لبناء الثقة بالنفس.
يعتقد بعض الناس أنهم في حاجة إلى تغيير مظهرهم أو تصرفاتهم حتى يشعروا بالرضا عن أنفسهم. ولكن في الواقع كل ما عليك القيام به هو تغيير الطريقة التي تنظر بها إلى مظهرك وكيف تنظر إلى نفسك.
وأول ما يجب أن تفعله هو الاعتراف بأن جسمك ملك لك، بغض النظر عن الشكل والحجم واللون، وإذا كنت قلقا للغاية على وزنك أو حجمك، استشر طبيبك للتحقق من كونك بصحة جيدة وأن وضعك طبيعي. لكن يجب أن تؤمن بأن هذا شأنك وحدك ولا يعني أحدا غيرك، وفي نهاية المطاف، يجب أن تتقبل نفسك كما هي.
ثم يجب تحديد الجوانب في مظهرك التي يمكنك تغييرها بطريقة واقعية والتي لا يمكنك تغييرها. فالجميع (حتى أكثر المشاهير الذين يبدون مثاليين) لديهم أشياء لا يستطيعون تغييرها ويحتاجون إلى قبولها مثل: الطول، أو مقاس الحذاء...الخ وإذا كانت هناك أشياء تريد تغييرها (مثل الوزن واللياقة البدنية)، فيمكن القيام بذلك عن طريق صنع الأهداف لنفسك. فعلى سبيل المثال، إذا كنت ترغب في الحصول على اللياقة، فضع خطة لممارسة الرياضة كل يوم، وتناول الأطعمة المغذية. ثم تابع الالتزام بهذا المسار لتحقق التقدم والوصول إلى هدفك. إن مواجهة التحديات التي حددتها لنفسك طريقة متميزة لتعزيز احترام الذات عند سماع التعليقات السلبية تأتي من داخل نفسك، عليك التوقف عن فعل ذلك فورا. وحاول بناء احترامك لذاتك بإطراء نفسك يوميا بذكر صفاتك الإيجابية فهذا سيمنحك البهجة. وفي كل ليلة ضع قائمة بأشياء منحتك البهجة خلال اليوم، كصوت مطربك المفضل، أو الطريقة التي ضحك بها الآخرون على نكتة رويتها، أو الابتسامة التي ارتسمت على شفاه أحد أفراد أسرتك نتيجة لتصرف لطيف منك. فمن خلال التركيز على الأشياء الجيدة الذي تقوم بها والجوانب الإيجابية في حياتك، يمكنك تغيير شعورك تجاه نفسك.
إن تدني احترام الذات ومشاكل المظهر هي مشاكل يصعب التعامل معها لوحدك. وقد يصاب بعض المراهقين بالاكتئاب، ويفقدون الاهتمام بممارسة الأنشطة أو الأصدقاء، و قد يحاولون إيذاء أنفسهم، أو اللجوء إلى الخمر أو تعاطي المخدرات، أو الهوس بإجراء العمليات التجميلية التي قد تشكل خطرا على حياة المراهق.
وإذا كنت تشعر بهذه الطريقة، فإن التحدث مع أحد الوالدين، أو أحد معلميك، أو المرشد التربوي، أو صديق من الكبار أو أي شخص موضع ثقة يدعمك ويساعدك على تفهم مظهرك بمنظور ايجابي ويعطيك ردود فعل إيجابية حول مظهرك ومهاراتك وقدراتك ويكون له أثر ايجابي على حياتك.
ولمساعدة المراهقين ليشعروا بالأمان والرضى عن النفس ننصح الاباء بما يلي:
1. أن يكونوا نموذجا لسلوك الأبناء، وذلك بارتداء الملابس المناسبة والمريحة والعمل على التخلص من نظرتهم السلبية تجاه أجسامهم وإعطاء انطباع بعدم الرضى عما هم عليه، وسوف يستفيد الأبناء من هذا الانطباع.
2. تخلصوا من الميزان في بيتكم. ولا تسمحوا لأرقام الميزان بتحديد مشاعركم تجاه أنفسكم. وعلموا أبنائكم أن المواصفات الجسدية ليست هي ما يحدد قيمة الإنسان بل الذكاء، والتفكير، وخفة الروح.
3. ساعدوا أبناؤكم على إيجاد نمط مناسب لمواصفاتهم الجسدية. فلا أحد يبدو جيدا في كل شيء. وتعاملوا بذكاء مع رغباتهم في ارتداء الصرعات والملابس غير المناسبة، فعملية التسوق ليست مسألة بسيطة بل تحتاج إلى اهتمام وتوجيه.
4. فتح حوار هادئ والتحدث عن مواصفات المرأة الجميلة وهل يجب أن تكون دائما نحيفة ولكن ضعيفة الصحة ومعرضة للأمراض. وعن الذكور الذين يمتلكون العضلات المنتفخة وتأثير المنشطات على صحتهم.
5. مناقشة إتباع نظام غذائي. فإذا جرب ابنك معظم الحميات وفشل في تحقيق نتائج، فلماذا يبدأ بحمية جديدة، علمي ابنك المراهق عن الأساس الجيني للوزن، وناقشي المفهوم لتوضيح وجهة نظرك.
6. تجنبي المعارك بسبب الطعام. ولا تحددي مقدار الوجبة، أو تمنعي أنواعا من الطعام. ولكن ساعدي المراهق على معرفة أسس التغذية الصحية بحيث يعرف ما يحتاجه جسمه للبقاء بصحة جيدة.
7. تأكدي أن أبناءك يدركون أن الطعام هو أحد متع الحياة، وبأن إشباع الجوع ليس شيئا يخجلون منه.
8. شجعي ابنك المراهق على حب جسده وتقبله. عانقيه من وقت لآخر. وكوني دافئة معه، فمثلا اعرضي عليه تدليك عنقه أو ظهره بعد يوم شاق في المدرسة أو التمرين الرياضي.
9. لا تعلقي على وزن المراهق. وبدلا من ذلك علقي على مشروعه المتميز في المدرسة أو على العمل الدؤوب الذي قام به بتنظيف غرفته.
فلا يمكن للمراهق أن يثق بنفسه ولديه صورة غير مرضية عن جسده.
10. لا تفتحي مجالا لأفراد العائلة أو الأصدقاء بالتعليق على وزن المراهق أو صفاته الجسدية. وساندي وادعمي ابنك المراهق.