(ش) النوع الثاني: أحكام الوصل والفصل؛ فالأصل فصل الكلمة من الكلمة؛ لأن كل كلمة تدل على معنى غير معنى الكلمة الأخرى فكما أن المعنيين متميزان فكذلك اللفظ المعبر عنهما يكون، وكذلك الخط النائب عن اللفظ يكون متميزا بفصله عن غيره، وخرج عن ذلك ما كانا كشيء واحد فلا تفصل الكلمة من الكلمة وذلك أربعة أشياء:
الأول- المركب تركيب مزج كبعلبك بخلاف غيره من المركبات كغلام زيد وخمسة عشر وصباح مساء وبين بين وحيص بيص.
الثاني- أن تكون إحدى الكلمتين لا يبتدأ بها؛ لأن الفصل في الخط يدل على الفصل في اللفظ، فإذا كان لا يمكن فصله في اللفظ فكذلك ينبغي أن يكون في الخط، وذلك نحو الضمائر البارزة والمتصلة ونون التوكيد وعلامات التأنيث والتثنية والجمع وغير ذلك مما لا يمكن أن يبتدأ به.
الثالث- أن تكون إحدى الكلمتين لا يوقف عليها وذلك نحو باء الجر ولامه كافه وفاء العطف والجزاء ولام التأكيد فإن هذه الحروف لا يوقف عليها وخرج عن ذلك واو العطف ونحوها فإنها لا توصل لعدم قبولها للوصل.
الرابع- ما يذكر من الألفاظ فتوصل (ما) إذا كانت ملغاة نحو (مما خطيئاتهم) [نوح : 25] (أينما تكونوا) [النساء : 78] (فإما ترين) [مريم : 26] و (إنما) و (حيثما) و (كيفما) و (أما أنت منطلقا انطلقت) وإذا كانت كافة نحو (كما) و (ربما) و (إنما) و (كأنما) و (ليتما) و (لعلما) واستثنى ابن درستويه والزنجاني (ما) في (قلما) فقالا إنها تفصل وتوصل ب (كل) إن لم يعمل فيها ما قبلها وهي الظرفية نحو (كلما جئت أكرمتك) (كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا) [البقرة : 25] بخلاف التي يعمل فيها ما قبلها فإنها تكون حينئذ اسما مضافا إليه كل نحو (وَءَاتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ) [إبراهيم : 34]
2- "المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية" للشيخ نصر الهوريني، ص97
يقول الشيخ: ... ومن ثم لم يكن من أصولهم في الكلمة التي على حرف واحد –وضعا أو عارضا- أن تكتب مقطوعة عما يتصل بها قبل أو بعد. فإن لم يوجد ما يتصل بها ألحقت بها هاء السكت وجوبا.