تعريف النفس والروح ليس بالأمر الهيّن، إذ الكلام في حقيقتها سر من الأسرار التي لا تتحملها كل العقول، فهذه المسألة من معضلات المسائل لأن الكلام فيها يقع تارة في تعريف كل منهما على حدة، وتارة أخرى في الفرق بين حقيقتيهما تبعاً لمن قال باختلافهما مصداقاً، وتارة ثالثة في خصائص ووظائف كل منهما، وتارة رابعة في اختلاف التعريفات بحسب اختلاف المذاهب والاتجاهات والآراء .
فتعريف الروح والنفس فلسفياً يختلف عن تعريفهما عقائدياً (كلامياً) بل تتنوع التعريفات بحسب المدراس الفكرية المنشعبة عن علمي الكلام والفلسفة فللمشائين من الفلاسفة تعريف يغاير ما عند الاشراقيين، ولعلماء الكلام تعاريف متفاوته بحسب مبنى كل طائفة منهم إذ المعتزلة لهم تعريف و للأشاعرة تعريف وللإمامية تعريف وللإسماعيلية تعريف,فضلاً عن اختلاف الآراء في منشأ كل منهما (أعني النفس والروح) ومراتب النفس ومراتب الروح، وما يبطل منهما - كما في أنفس بعض البهائم - بمجرد الموت وما لا يبطل كنفوس بني آدم وما عليه مدار الثواب والعقاب من تلك المراتب.. وهلم جرا من المسائل المرتبطة بالموضوع ولنعم ما قال الشاعر:
قد حار في النفس جميع الورى = والفكر فيها قد غدا ضائعا
وبرهن الكل على ما أدعوا = وليس برهانهم قاطعا
من جهل الصنعة عجزاً فما = أجدره أن يجهل الصانعا.
ونحن من أجل الأختصار سوف نقتصر من التعريفات على تعريف لكل منهما واحد ونبحث بصورة مقتضية عن عوالمها والفرق بينهما ومراتب كل منهما إن وجدت وذلك في أثناء شرحنا للتعريفيين المشار (إليهما لكل من النفس والروح).
النفس عند الحكماء: كمال أول لجسم طبيعي آلي من جهة ما يتغذى وينمو أو يحس ويتحرك بالإرادة أو يعقل الكليات ويستنبط الآراء,وقد يعبر عن كل ذلك بلازم واحد وهو: من حيث أنه ذو حياة بالقوة. والمقصود بالكمال الأول: الصورة التي يحصل الجسم فيها حياً، إذ الكمال مجرداً عن قيد (الأول) جنس يتناول المحدود وغيره.
أما الكمال الثاني للجسم الطبيعي الآلي فيتناول جملة الصفات سوى ذلك كالشكل واللون وما أشبه.
وهي على أنواع: نفس نباتية وخاصيتها التغذية والنمو، ونفس حيوانية وخاصيتها الحس والحركة الإرادية، ونفس ناطقية وخاصيتها إدراك المعقولات، ونفس قدسية وخاصيتها أن تكون محلاً للفيوضات الربانية والأسرار الإلهية.
وهذا ما أشار إليه أمير المؤمنين(عليه السلام) حينما سأله الأعرابي عن النفس فقال(عليه السلام): ((أي الأنفس تسأل؟ فقال: يا مولاي هل النفس أنفس عديدة؟ فقال: نفس نامية نباتية، وحسية حيوانية، وناطقة قدسية، وإلهية كلية ملكوتية... الحديث..)).
ثم اعلم أن النفس من عالم الملكوت، إذ هي مجردة في ذاتها عن المادة وإن كانت متعلقة بها تعلق تدبير لأنها في حقيقتها صورة خاصيتها هي أن تفعل في المواد، ولولا ذلك لما ساغ للحيوان الحركة والإحساس...
أما الروح: فهي رقيقة أو لطيفة ربانية شأنها الحياة ومصدرها عالم الأمر قال تعالى: (( وَيَسأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِن أَمرِ رَبِّي )) , وقال بعض الحكماء هي من عالم الرقائق الذي هو برزخ بين الجبروت والملكوت، إذ أن عالم الجبروت هو عالم العقول المجردة عن المادة والصورة معاً وعالم الملكوت هو عالم الصور المجردة عن المادّة فقط،والروح أعلى تجريداً من النفس ودون تجريد العقل فهي برزخ بينهما.
وقد مثل لها بعض أهل المعرفة بالكهرباء السارية في الأجهزة الكهربائية.
فهي الحيوية السارية في أجزاء البدن، والموت يحصل بمفارقة الروح للبدن وليس كذلك النفس، فيمكن أن تغادر النفس البدن ـ كما في النوم والإغماء ـ ثم تعود إليه، أما الروح فلا تفارق الحيوان (وهو جنس الإنسان) إلاّ حين الموت، فإذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود مجاورة لأنها باقية غير فانية، أي أنها تعود إلى عالمها الذي منه أنزلت.
وقد خلط البعض بين النفس والروح وادّعى أنهما واحد، وزعم أن النفس تنشأ بنشوء البدن، وهي قبل البدن لا تشخص لها، ولكنها تبقى بعد موت البدن وتذهب إلى عالم البرزخ.
والروح إنما تكون قبل البدن وهي الحياة التي يهبها الله تعال لخلقه ثم تبطل بعد الموت.
والصواب ما أثبتناه، أما مصير النفوس بعد الموت إلى عالم البرزخ فمسلم، والسعادة والشقاء يكونان تبعاً لأعمالها في الدنيا، والشعور بالمشاعر والقوى يتضاعف حين تحررها من البدن، وهذا مصداق قوله تعالى: (( لَقَد كُنتَ فِي غَفلَةٍ مِن هَذَا فَكَشَفنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ اليَومَ حَدِيدٌ )) وهي تذهب إما إلى نار البرزخ أو إلى جنة البرزخ بحسب ما أنتهت إليه فعليتها وملكاتها، فإن للأعمال أكبر الأثر في حصول الفعليات والملكات النفسية، فالأعمال الصالحة توجب دخول جنة البرزخ حتى قيام القيامة الكبرى للحساب بين يدي رب الأرباب، والأعمال الطالحة توجب دخول النار حتى قيام القيامة الكبرى كذلك وهذه الجنة والنار دون جنة القيامة ونارها من حيث الرتبة.
الموضوع أعلاه منقول الا أني سأنشر هنا تفسير ماجاء من آيات في القرءان عن الروح والنفس على التوالي
تحيتي
التوقيع
[SIGPIC][/SIGPIC]
آخر تعديل شاكر السلمان يوم 09-19-2013 في 06:17 PM.
نعم ..فهناك جسد ونفس وروح ..وعندما ترتقي النفس تكون أقرب إلى الله عزوعلا
وعندما تنحدر لوتستجيب لغرائزالجسد تكون قد خابت ...
وكما جاء في سورة الشمس المباركة ( وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّـهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّـهَا (10)﴾
وفي القرآن الكريم وردت "نفس" بكلا المعنيين، بمعنى الروح، كقوله سبحانه في الآية (42) من سورة الزمر: (اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها...) وبمعنى الجسم، كقوله سبحانه في الآية (33) من سورة القصص: (قال ربّ إنّي قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون).
والأنسب هنا أن يكون معنى النفس هنا شاملاً للمعنيين لأن قدرة اللّه سبحانه تتجلى في الإثنين معاً.
ويلاحظ أن الآية ذكرت كلمة "نفس" نكرة وفي ذلك إشارة إلى ما في النفس من عظمة تفوق قدرة التصوّر وإلى ما يحيطها من إبهام، يجعلها موجوداً مجهولاً.
وهذا ما حدا ببعض العلماء المعاصرين أن يتحدث عن الإنسان في كتابه تحت عنوان: "الإنسان ذلك المجهول".
فالروح كما الطاقة للإنسان والحيوان والنبات ...والجسد خرج من أديم فيرجع إليه
محبتي عمدتنا وبارك الله فيك وجعلك ذخراً وارفاً لنا بالعطاء والبركات
شكرا الرّاقي عمدتنا شاكر السّلمان عى هذا الطرح الرّصين الثّابت الجليل
ويذهب الغزالي إلى القول عن الروح فيقول:" بأنها البخار اللطيف الذي يصعد من منبع القلب، ويتصاعد إلى الدماغ بواسطة العروق. وإلى جميع البدن فيعمل فـي كل موضع كسـب مزاجه، واستعداده عملاً، وهـو مركب الحياة، فهذا البخار كالسراج، والحياة التي قامت به كالضوء، وكيفية تأثيره في البدن ككيفية تنوير السراج أجزاء البيت".
وقال الباقلاني: أن الروح عرض من الأعراض، وهو الحياة فقط وهو غير النفس.
وجاء بمعنى الروح مثل قوله سبحانه:
{ - يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق}... (سورة غافر: 15)
· وجاء بمعنى عناية الله وكفالته لعبادة المخلصين مثل قوله جلً شأنه:
{ -أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه}... (سورة المجادلة: 58)
سنتابع بكلّ اهتمام وشغف هذه الحلاقات...
بوركت عمدتنا ...فالموضوع يستأثر بالإهتمام...
نعم ..فهناك جسد ونفس وروح ..وعندما ترتقي النفس تكون أقرب إلى الله عزوعلا
وعندما تنحدر لوتستجيب لغرائزالجسد تكون قد خابت ...
وكما جاء في سورة الشمس المباركة ( وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّـهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّـهَا (10)﴾
وفي القرآن الكريم وردت "نفس" بكلا المعنيين، بمعنى الروح، كقوله سبحانه في الآية (42) من سورة الزمر: (اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها...) وبمعنى الجسم، كقوله سبحانه في الآية (33) من سورة القصص: (قال ربّ إنّي قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون).
والأنسب هنا أن يكون معنى النفس هنا شاملاً للمعنيين لأن قدرة اللّه سبحانه تتجلى في الإثنين معاً.
ويلاحظ أن الآية ذكرت كلمة "نفس" نكرة وفي ذلك إشارة إلى ما في النفس من عظمة تفوق قدرة التصوّر وإلى ما يحيطها من إبهام، يجعلها موجوداً مجهولاً.
وهذا ما حدا ببعض العلماء المعاصرين أن يتحدث عن الإنسان في كتابه تحت عنوان: "الإنسان ذلك المجهول".
فالروح كما الطاقة للإنسان والحيوان والنبات ...والجسد خرج من أديم فيرجع إليه
محبتي عمدتنا وبارك الله فيك وجعلك ذخراً وارفاً لنا بالعطاء والبركات
شكرا الرّاقي عمدتنا شاكر السّلمان عى هذا الطرح الرّصين الثّابت الجليل
ويذهب الغزالي إلى القول عن الروح فيقول:" بأنها البخار اللطيف الذي يصعد من منبع القلب، ويتصاعد إلى الدماغ بواسطة العروق. وإلى جميع البدن فيعمل فـي كل موضع كسـب مزاجه، واستعداده عملاً، وهـو مركب الحياة، فهذا البخار كالسراج، والحياة التي قامت به كالضوء، وكيفية تأثيره في البدن ككيفية تنوير السراج أجزاء البيت".
وقال الباقلاني: أن الروح عرض من الأعراض، وهو الحياة فقط وهو غير النفس.
وجاء بمعنى الروح مثل قوله سبحانه:
{ - يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق}... (سورة غافر: 15)
· وجاء بمعنى عناية الله وكفالته لعبادة المخلصين مثل قوله جلً شأنه:
{ -أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه}... (سورة المجادلة: 58)
سنتابع بكلّ اهتمام وشغف هذه الحلاقات...
بوركت عمدتنا ...فالموضوع يستأثر بالإهتمام...