تعقب نصوصنا وخواطرنا وكتاباتنا ردّود تعكس تفاعلنا وتناغمنا وتواصلنا.....
وقد نعتبر ردودنا أصواتا خفيّة لا تبرز ولا تتموقع موقع النّص والفعل الكتابي المعقّب عليه ...
وقد يتبادر للذّهن انّ الرّد الذي نعقّب به لا تسعفه أقداره في البروز ولا في المرورالا من صاحب النّص ا لذي يتلذّذ بتفاصيله وما ورد فيه
فتختفي معالمه وعناصره الجماليّة واستعدادات صاحبه الذّهنيّة عن غير صاحب النّص ولا تدركه الأبصار ولا الذّائقة...
والحقّ أنّ الرّدود لا يمكن استجلاء قيمتها بدقّة الا بتنزيلها في المحيط الذي انبثقت منه وأعني بذلك النّص الأصلي الذي بمجرّد نشره يصبح في عهدة قارئ وناقد ومتعقّب
والرّد ليس الاّ مشابكة أو لنقل اشتباكا مع منجز ابداعي وهو المقياس الحقيقي لنجاح النّص وما يكتب ...
والرّد يساعد على توسيع آفاق مستويات الكتابة وتعميق أبعادها وتسمح بتطارح وجهات النّظر المختلفة ...
والرّد يسمح باعادة تأويل النّص الأصلي والتمحّص والتّمعن فيما وراءه ....
والرّد يعتبر أهمّ من النّص ذاته ...
والرّد يعكس أثر النّص في المتلقي وما يحققّه من متعة في القارئ ...
وقد يعسر أن أعدّد مزايا الرّدود في هذه الصّفحة ...
ولعلّ ما أثار فيّ رغبة الكتابة عن أهميّة الرّدود هي بعض الرّدود الجميلة العميقة التي تفوّقت على نصوص أو خواطر أو ومضات قصيرة كتبتها هنا ....
وأذكر الأخ الكريم أحمد العابر الذي كثيرا ما يتمطّط الردّ عنده الى نصّ مكتمل الكيان....فأعود لحلبة النّقاش الفكري معه
وكذلك عبد النّاصر طاووس الذي يملك قدرة ابداعية على بعثرة بعض خواطري لتجيئ بثوب جديد كثيرا ما يذهلني .....
وكذلك الكريم عبد الكريم سمعون الذي أهداني اليوم ردّا على ومضة قصصيّة بعنوان [بالونة الهواء]ومنحني ردّا عميقا متأنيّا استوحاه من جانب طفوليّ طغى على الخاطرة وهذا هو ردّه أورده هنا كانموذج للرّدود التي تتفوّق على النّصوص ذاتها....فتمتدّ منها مفاصل النّص لتطرح اشكاليات فكرية أدبية تبقى هي الغاية القصوى من كتاباتنا هنا
ردّ عبد الكريم سمعون
سيدتي الغالية .. هي النفوس البريئة الطيبة _كنفسك_ والتي تسعى للمثالية والسلوك النقي يؤلمها ما يحدث من سلوكيات وممارسات خاطئة ومؤذية في المجتمع وما أكثرها ..
فتتوق للعفوية والبراءة كرصد حركة طفل
أو عشق نبتة
أو شجرة
أو أي شيء من عفوي من الطبيعة التي لم تستطع يد التهجين والتدجين البشرية ..
من المساس بها فتسعد للحظات بهذه اللحظات التي تشبهها أصلا وتنتمي لها ..
وتستعين بها لتحمّل مرار باقي الأحداث المؤلمة ..
يقول أحد الكتّاب الأوروبيين:
لأن نكتب نحتاج للبراءة ..
وهذه حقيقة ولكنني أحب دوما قول هذه العبارة بشكل معكوس شكليا متوافق معنويا ..
لأننا أبرياء نكتب ..
فالكتابة والفنون والموسيقة ماهي إلا نتاج آلام البراءة والشعور بالرفض لأخطاء البشر والتوق للمثالية الأخلاقية ..
وأعود لأقول : بأن العناصر المتجانسة من حيث الماهية تبحث عن بعضها لتتلاقى وتسعى حثيثة للإقتراب مما يجانس ماهيتها ..
وبراءتنا لا تجد لها ملاذا إلا بعفوية الأطفال والطبيعة الفطرية والعفوية .. من هنا يأتي عشقنا لكل ما هو طبيعي وفطري وعفوي وعبثي بالمفهوم المناقض للمقولب والمحسن ..والمصنّع ..
لشخصك الكريم ألف تحية بيضاء وأرجو أن لا أكون قد أثقلت بطول حديثي ..
فلنعتن أكثر بالرّدود ولنمنحها حيزا من عطائنا واهتمامنا ....فبالرّدود وعبر الرّدود نتواصل ونبني جسور التّقارب ووشائج المحبّة ...
والرّدود هي نصوص مشحونة من ذواتنا وأبعادنا وخلفياتنا الفكرية’وهي موقف واع لمتطلبات تعاملنا وتواصلنا ....
دمتم بمحبّة أهل نبعنا الدّافق..وتحيّة كبيرة لصديقتنا لينا الخليل التي تعتني بأبهج الرّدود وتدرجها في قسم خاصّ بها مررت عليه فراق لي كثيرا .