كما أكدّنا في أكثر من د راسة عن الشعر، كان شعراً عربياً أو غير عربي، قديماً أوحديثاً أن هناك ما يشبه الإتفاق عليه بين الشعراء والنقاد خاصة الشعراء الحدبثين غيرالشعراء التقليدين على أن للشعر لغة خاصة يه تمتاز بسمات دلالية تختلف كثيراً عن لغة النثر، حيث أن لغة الشعر هي في الواقع لغة النفس أي ما يصدرعن النفس بما يحيط بها من توتر ومعاناة وقلق وتمزق وتفاؤل وتشاؤم وأنفعال تحيط بعوالم الشاعر
وقد عبر عن ذلك سان جون بيرس بقوله أن الشاعر ابن الدهشة التي تنبثق من أعماق النفس. حين أن لغة النثركما عبر عنها الكثيرون من دارسي ونقاد الشعر بأنها لغة العقل، أي لغة المنطق والأفكار والدراسات، وما شابه ذلك، وسيان بين لغة العقل ولغة والنفس. وتأكيداً لما نطرحه في هذا البحث نقول أن الشعر والنثر هما جناحا الأدب، ومن المستحيل أن توضع الجناحان في موضع واحد، إذ لابد أن يكون كل جناح في موضع مستقل عن الموضع الأخر لذلك نضرب مثلا بإحدى القصائد التقليدية للشاعر العراقي معروف الرصافي الذي يقول فيها :
لاخير في وطنٍِ يكون السيف عند جبانه والمال عند بخيله
والرأي عند طريده والعلم عند غريبه والحكم عند دخيله
وقد أستبد قليله بكثيره ظلماً وذل كثيره لقليله
نرى التساؤل في هذا البيت منعدماً كلياً من أي قرب نفسي، حيث أن النفس لا تتلقى أي معادلة منطقية، أو فكرية . وأي استفادة جنيناها من كل هذه الأبيات غير الحكم الممجوة البدائية والمعادلة المنطقية الخطابية التي بمقدور أي خطيب وأي إنسان عادي أن يقولها. هذه المعادلات المنطقية والفكرية يتلقاها العقل، حيث إنها من اختصاص العقل. ، العقل وحده هو الذي يتفاعل معها.
لاخير في وطنٍ يكون السيف عند جبانه والمال عند بخيله
والرأي عند طريده والعلم عند غريبه والحكم عند دخيله
وقد أستبد قليله بكثيره ظلماً وذل كثيره لقليله
.
أشعر أنّ هناك لبس ما في الفكرة فما ذكرت أعلاه شعر خالص سليم من كلّ نواحيه
ولا حاجة لوضع الجناحين في موضع واحد، إذ لا يمكن للشعر أن يحلّق إلا بتعاونهما معا!
ولا ضير من أن يخلع الشعر عوامله النفسيه أحياناً لتحقيق غاية سامية أو إيصال رسالة مرجوّة
مطلب جميل يستحق الوقوف عنده
شكرا تليق أخي الأديب المبدع عبد الله علي باسودان
مودّة بيضاء