أشهد أن السماواتِ والأرضَ وما بينهما آياتٌ تدلُّ عليك ، وشواهدُ تشهدُ بما إليه دعوتَ . كلُّ ما يؤدى عنك الحجةَ ويشهدُ لكَ بالربوبية ، موسومٌ بآثار نعمتك ومعالمِ تدبيرك . علوتَ بها عن خلقك . فأوصلتَ إلى القلوب من معرفتك ما آنسَها من وحشة الفكر ، وكفاها رجمَ الاحتجاج ، فهي مع معرفتِها بك ، وولهها إليك ، شاهدةٌ بأنك لا تأخذك الأوهامُ ، ولا تدركُك العقولُ ولا الأبصارُ . أعوذ بك أن أشيرَ بقلبٍ أو لسانٍ أو يدٍ إلى غيرِك ، لا إلهَ إلا أنت ، واحدا أحدا ، فردا صمدا ، ونحن لك مسلمون
من علاماتِ المأمونِ على دينِ اللهِ بعدَ الإقرارِ والعملِ ، الحزمُ في أمرِهِ ، والصدقُ في قولِهِ ، والعدلُ في حكمِِه ، والشفقةُ على رعيّتِهِ ، لا تخرجُهُ القدرةُ إلى خـَرْقٍ، ولا اللينُ إلى ضـَعْفٍ ، ولا تمنعُهُ العزةُ من كَرَمِ عَفوٍ ، ولا يدعوهُ العفوُ إلى إضاعةِ حَقٍّ ، ولا يدخِلُهُ الإعطاءُ في سَرَفٍ ، ولا يتخطـّى به القصْدُ إلى بُخلٍ ، ولا تأخذُهُ نِعمُ اللهِ ببَطرٍ
ما لي أرى الناسَ إذا قـُرِّبَ إليهم الطعامُ ليلاً تكلـّفوا إنارةَ المصابيحِ ليُبْصروا ما يُدخلون بُطونـَهُم ، ولا يهتمّون بغِذاءِ النفسِ بأنْ يُنيروا مَصابيحَ ألبابـِهم بالعلم ليسلموا من لواحقِ الجَهالةِ والذنوبِ في اعتقاداتِهم وأعمالِهم