ثنائية (وشوشات فوق سماء ثامنة) ليلى آل حسين& علي التميمي

الاديبة الرائعة
ليلى آل حسين
هنا ، وشوشات فوق سماء ثامنة

رحتُ أتتبّعُ متوجّساً خُطى الغيمِ
لِأمدّ صواعَ إلهامي
لِأظفرَ باليسيرِ منْ أجنّةِ الطّهر
المتوارثةِ في أوردةِ دجلة
أحملُ إليكِ منْ شناشيلِ بغدادَ
عِتقَ المزاج
أقاسمكِ خبزَ مشاعري الأسمر
أجيءُ بدنانِ خمرِ لغةٍ
لم يتهجّدْ بها أحدٌ منْ قبل
أعصرُ تفّاحَ الأبجديات
لادهنَ حناجرَ العنادلِ في لغتي
وأمحوَ هرطقةَ المشاعر
لأفرغَ قلبي منْ حمولتهِ الشّعرية
وقصائدهُ المنزوعةِ الفم
أطلق منهُ سراحَ ببغاواتِ المساء
ألطّخُ صرحنا بـ حنّاءِ الخشوع
حينَ نسمعُ النداء
وشوشاتٍ فوقَ سماءٍ ثامنة

.
.
.

لمْ أعثرْ
في مستودعِ خواطري
عنْ حرفٍ يليقُ بهكذا بعثٍ
ومن خلاصةِ النّون
أجمعُ قطيعَ حروفي
أضعُ جرسَ بوحي .. برقبة الزمن
أستحلبُ أثداءَ المساءاتِ
لأقدّمَ قرابينَ النخيلِ
لامرأةٍ تتّخذُ أقصى ما في المدينةِ منْ عزلةٍ
تُنجبُ منْ ساقيها قصائدَ طهرٍ
وهبتْ صلصالَ قلبها لآلهةِ الحبّ
امرأةٌ تستفيقُ معها ألفُ زهرةٍ
تتثائبُ معها الفراشات الزكيّة
تُغرّدُ العادلُ الملوّنةُ مع همسِها
كـ معزوفةٍ جماعيّة
امرأةٌ خّسِرَ الوردُ تحدّيهِ معها
بموسوعةِ غينتش للرقّةِ واللطفِ
كأنها مسكوكةً من ذهبٍ
تعودُ لعقودٍ سحيقةٍ
تهامستْ على أصالتها الأناث
هي جوريّة ، ومن طزاجةِ انوثتها
تصنع عصافير أعشاش الوئام
فيها من العطفِ ما يحولُ دون احتراقي
وانا ، أبذلُ قُصارَى أشعاري
لولائم هذا المساء

الاديبة الرائعة
ليلى آل حسين
هنا ، وشوشات فوق سماء ثامنة

زجاجات طافحة بالوجع ،
لفافة تبغ تقتفي دخان مسافر من صدر
يحترف احتراقاته لآخر سكرة حرف،
وثمل تائه يتبع مساقط الخمر في حانات النسيان ،
يحن لسر الرشفة الأولى ،
يتمضمض بطيف مغموس بلذائذ خيال
أضاع دموعه بين القصائد،
وفرش الدروب بكروم شغف
تعربشت لسماء تتكئ على أعمدة القوافي ،
شاعر هو،
فكيف يحصي الكؤوس في غمرة ثمالته..!!
وأنا،
نشوة الخمر،
كلما استفاق متحسسا جذوة احتراقه
عدت لأسقي هزيل هذيانه في معاقل الألم وأسكره
/
/
/
مرهفة أول حروف الوشوشات
تومئ للبنفسج أن انبري لغسل الحزن برحيق دجلة
واقضم وجنة الفرح من سمرة أبجديات مختمرة المشاعر
هات بساطك يا علي
نلملم بتلات الابجديات
ونحلق فوق سماء ثامنة
نزرعها بساتين همس
ونغرس في غيماتها شتلات متورقة بحروف اسمينا
وننتظر ،
وحين تنبت العناقيد
ويتدلى القطاف على عشب شفاهنا
كعنب معتق بالأسرار
سنطلق سراح النبض في سفوح البوح
وفي عناق سماوي يروض شغب الانصات
توشوشني وأوشوشك
؛
الشاعر القدير علي التميمي ،
ها هو حرفك يوضب موائد اللقاء فوق سماء ثامنة
شكرا لأنك أنت ...
وليت حرفي يليق
تقديري

كُنتُ أفتشُ في فهارسِ الليلِ
عن زجاجاتٍ لمْ يحنِ احْتِساؤها
حتّى تصرخَ معدتي
بصرخةٍ عريضةٍ ' كفى '
لأحملَ وسادتي وأنامَ خارجَ نطاقِ الصحوِ
وأتركُ ديدانَ الهذيانِ المتجرثمةَ
تأكلُ في أمّ رأسي
كي أطلع على قوافٍ محجّبةٍ
لا يمسُّها الا ثملٌ مثلي ،
لا يمكن إدانته
علّي أجيدُ فنَّ الإلقاءِ
الممزوجِ بأبخرةِ السّكرِ
و نفثالين السجائر
وكلُّ ذلكَ الإفراط
كي تكونَ وشوشتي
تليقُ بنمْبرِ هذهِ السماءِ
كي أكونَ مُلائماً للملاحةِ
بعدَ رفعِ مرساة رحلتنا
إيذاناً للإبحارِ
أدوّنُ وشوشاتي
وأدسُها بما فَرِغَ من قواريرِ الثمالة
وأرمي بها في شاطئ سمائنا
تتلقفه أناملكِ المريميّة
تقرأها بعينينِ مشتاقتينِ
وقلب قلق
وروح كـ روح ليلـى

ثمل لا يمكن ادانته
يرتجل حزنه
يحتسي نخب وجدانه
ليباغتني قبيل مطلع الفجر
بقصائد مبللة بنحيب عينيه،
في حديثها نكهة السكر
وفي صمتها غصة متخثرة
تستجدي الانكفاء على كتفي،
وتستثير أنيني الآيل للصهيل
،
يا سيد الوشوشات
يا بحة وجع ملتهبة الصراخ
عرش السماء حزين
فائر بحنجرة تنخر بزئيرها جوارحي
كيف أمسح الحزن عن زفرة الوتر
وسوط هذيانك يجلد دمي
كيف أنادي عليك
والغصة تلتحف الصمت في حلق الضلوع
مراسم احتسائك تربك صحوي
تغرز سنابل السرد خوفا في شفاهي
وأجدني لا أجيد معك سوى الوشوشة
؛

تعال يا علي نتقاسم حزنك كقطعة حلوى
تقضم الحب من بياض يدي
وأرتشف حزنك من نشيج الرحيق
تعال نغتسل من خطيئة الذكريات بمطر النسيان
نسخر من الهموم
ونلوح للشجن
تعال لنعتلي سلم السماء
نقطف الأحلام من أقاصي الغيوم
ننسج من دفء العناق فستانا أبيضا
ومن لهفة التمني قميص فرح

على متنِ براقٍ مذهّبٍ
تمتطيهِ ارواحنا
برحلةٍ نحو أعشاشِ السّماء
لا توقفنا أنواءُ الحزنِ
ولا مناخاتٌ قاسيةٌ أخرى
لنْ أشدَّ لِجامَ حرفي
سأزيدُ منْ سُرعةِ دورتي الدموية
ليتدفّقَ الشعرُ
في عروقِ الفجرِ
أسكبُ المزيدَ من حروفي
السّريعةِ الإشتعالِ
فوقَ أوراقِ اللّغة
لينبعثَ من رمادِ الحكاياتِ
دوقٌ وأميرةٌ
يوشوشانِ بلغةٍ هيروغليفية
ولهجةٍ أقاصي الحاراتِ
يشطبانِ ديونَ الحزنِ
من قوائمِ مقتبلِ العمرِ
نحملُ على أكتافِ القصائد
جثمانَ حلمٍ تحنّطَ بالهيلِ والمسكِ
نذهبُ به بنزهةٍ
في مزارعِ الغيمِ
المليئةِ بألغامِ العصورِ البربريّة
وقلوبنـا كمنطادٍ
يتأملُ الصعودَ الى سماءٍ
خاليةٍ مما دوّنتهُ خربشاتِ الزمن
وثكناتِ الأحداث

على أكتاف القصيدة حلم مثقل بالرماد
خذله فجر تصحرت كفاه
وخريف عقيم لا ينبئ بالإرتواء
كل ذاك التبر في محراب الحكايا
والطيب المتضوع في محافل الأوردة
غواية عنابي
ومخلوط نبيذك
غنج خلخالي
وعبق قميصك
جموح مشاعري
ووقار عشقك
ذراه الحزن
وشيعته مواكب الخواء
من شوه وجه أحلامك بأظافر الشفق
وقتل أطفال شوقي على ضفاف الورق
من أخمد ثورة العشق حول خاصرتي
وأطلق حمائم صدرك من أعشاش أغرقها الودق
قل للنواقيس أن تقرع أجراسها سعارا تقترف النسيان ترصدا
وتعال نقيم قداس الهوى بخورا وعبقا
نطهر أرواحنا الثكلى بماء الفرات ورحيق الحبق
نقدم للنسيان قربان وصل وصحائف نذور
نفك أزرار العتمة ونشرع
لعصافير النبض سرائر الاغصان
نسكب الهوى في دنان القمر
ونفك ضفائر النجوم
نكشف عن ساق المساء
ونغمر القصائد بوشوشة تشاغب الضلوع
نقارع الأنفاس،
وندلق الحرف بلسما في لب وريد موجوع
نغسل وجه الماضي برضاب الهمس،
ونسرج بمهجة القلب قناديل شوق وشموع

با فراديسَ البنفسج
جئتكِ حاملاً جريرةَ الشعرِ
وخطايا الثمالةِ
وكراريسَ الماضي
أحشّدُ في دمي قوافلَ الامنيات
جئتُ لِأُعسكرَ على مقربةٍ من أحلامكِ
أصنعُ لي من قشِّ الحروفِ عرشاً
ارسمُ خارطةَ الأيامِ
ابحثُ في مقتبلِ العمرِ عن سلوى
أغرسُ في سواقي الأملِ
شتائلَ الفرح
علّها تأتي أكُلها حينَ مواسم
أرددُ في عَرَضِ المتاهاتِ
مفرداتِ الإستسقاء
غيرَ أنّ لا حظّ لي
في سحائبِ الإياب
دعينـي
اتوضّأ من واحةِ نبضكِ المترعة
أهيئُ انخابَ المساء
وأعدُّ تخومَ اللقاءاتِ
في ديارِ السماوات

كظبية تقوس ظهرها
حول خرير نبضك ارتشافا
يتدفق شوقك في دمائي،
يروي بسلسبيل اللهفة يباس أروقتي،
ينثر الدفء معشوشبا بين أضلعي،
ويطلق بتلات صبابتي
شتائل خضراء في حدائق عينيك
؛
يا سيد الربيع
تعال نغتسل برضاب الشمس
من برد ذكرياتنا،
ندس في أديم السماء
تفاصيل أحلامنا العذرية
بملامح مزنة تستنطق مياسم عشق يتأرجح
بين راح أصابعك واختمار خاصرتي،
نهندم لقاء تجنح بالانتظار عمرا
بثوب يلائم عطرك وقرطي
نمد حبائل وصل لجوارح
أدمنت فاكهة جوعك وشراب عطشي
تعال والثم بفاه حنينك ثغر حرماني
ودعني ألتئم بصوتك المتهور كطفل
يبعثر الفرح في عمري

أخرجُ من عباءةِ الليلِ
من سباتٍ الأنا
أبحثُ عنّي المقطوع ،
من أسلافي الفَرِحين
الزمن يا ليلى .. حطابٌ أثيم
هاتي مشرطَ أناملكِ
لِأُزيلَ ورمَ الذّكريات
أقرأ على وجلي ، آيةَ الكأسِ
وتراتيلَ التبغِ
أسدّد أجرةَ نزيلٍ
في أوتيل الحزن الأحمر ، وأرحل
تاركاً كلّ ما يضعُ أصفادَ إبقائي
في مثلثِ اليأسِ
لا يخوت لي
يا معبراً يتوسّدهُ ضبابُ الأيامِ
كيفَ لرجلٍ مثلي
فقأتْ عينيه أصابعُ الوحدة
أن يجتازَ محنةَ طريقهِ دونَ يديكِ
دعيني أجتبيكِ
أمينةً على سرِّ الهوى
كي تعانقَ أحلامي ، مدرجَ أمنياتكِ
وتكون رحلةً ممتعةً
حيثُ الشمسِ الّتي لا يغلفها قطنُ الصمتِ
ولا تُسرقُ منها محاصيل الدفء
حيثُ أنتِ
تنثرين على هامتي
من طزاجةِ الزنابقِ أجملها
تُلقينَ بي في جبّ قلبكِ
حيثُ لا ناصرَ لي
من غرامكِ الجميل