(1)
في مقال سابق معنون بـ"تدريس القصة سماعا يجني على الجانب الأدبي في تعليمها" تحدثت عن صعوبة متابعة بعض خصائص البناء الفني في تعليم القصص إذا لم يكن الكتاب حاضرا بين أيدي المتعلمين.
لكنني بعد التجربة وجدت أنه يمكن تدارك نسبة كبيرة من ذلك لو اهتم المعلم تداركا يكاد يجعل غياب الكتاب غير مؤثر.
كيف؟
تكون الحصة الأولى في القصة حديثا عن فن القصة ومعناه وأركانه وصوره وأنواعه، وحكاية بعض الحواديت من التراث الشعبي المحفوظ لدى هؤلاء المتعلمين، وتطبيق ما تعلموه من فن القصة عليه. ثم صنع قصص قصيرة جدا من المواقف التعليمية التي تحدث في الفصل ويكونون غير منتهبين إلى أنها تصلح نماذج قصص تطبيقا ثانيا يؤكد ما سبق تناوله في تفسير الحواديت، ثم بيان الفرق بين الحدوتة القصصية والقصة.
وبعد كل هذا تكون الأذهان قد تهيأت والنفوس قد استقبلت الأساس التكويني، وإن لم يطمئن المعلم إلى رسوخ ذلك في نفوسهم وعقولهم فليخصص حصة ثانية لذلك قبل أن يبدأ تناول القصة المقررة.
وبعد أن يتيقن من رسوخ الفن القصصي وخصائصه في نفوسهم وعقولهم تأتي الحصص التالية تحلل القصة المدروسة.
كيف؟
يكتب المعلم في سؤال التهيئة ما يجعل المتلقين يستحضرون ما قيل في حصة التهيئة الأولى، ثم يهيئهم تهيئة لحظية للولوج إلى عالم قصتهم وأحداثها، ثم يكتب فِكَر الجزء المختار مراعيا كون هذه الفِكَر ناقلة الجزء المختار نقلا أمينا يجعلهم يتخيلون الأحداث وأركان البناء الفني كما لو كانت القصة حاضرة بين أيديهم يقرءونها.
كيف؟
تكون الفِكَر نامية نمو الأحداث، ومعيار ذلك أنه لو جُمعت سطورها لكوَّنت قصة قصيرة ملخصِّة للجزء المختار تلخيصا يحمل شخصية الجزء المدروس حملا مطابقا.
وبعد أن يحكي في أداءٍ قصصيٍّ الأحداث ملخصَّة اعتمادا على الفِكَر المرئية للمتعلمين يبدأ التطبيق على ما درسوه عن فن القصة.
كيف؟
يسألهم: ما أركان القصة الموجودة في هذا الجزء؟ فإن قالوا: الشخصية- سألهم عن نوع الشخصية ومهمتها. ثم يسألهم عن الأحداث، ثم يسألهم عن الشخصية المؤثرة في تطوير الحدث، ثم يسألهم عن حبكة ترتيب الأحداث. ثم يفتح خيالهم بسؤالهم عن توقعاتهم عما سيأتي لاحقا من الأحداث.
(2)
ثم يعيش مع اللغة الفنية ويبين خصائصها الفنية، ويركز في الحوار والسرد، ويبين وظائفهما.
وبعد أن يتيقن من تحصيلهم الذائقة الأدبية بتحليلهم الجزء المختار في أثناء جوابهم عن أسئلته يبدأ في تنمية مهارة التحدث لديهم.
كيف؟
يمهلهم زمنا يطلب منهم في أثنائه أن يستعدوا لقص الجزء المختار في صورة قصة قصيرة لا تتعدى دقيقتين، وبعد إنهاء المهلة يبدأ في الاستماع إليهم.
وبعد أن يتيقن من استيعابهم يكلفهم بما ينمي مهارة الكتابة لديهم.
كيف؟
يطلب منهم واجبا منزليا مفاده كتابة القصص التي تحدثوا بها عن الجزء المختار في كشكول الإنشاء.
(3)
بهذا، وبتطبيق هذا في كل حصة لن يشعر المتعلمون بفرقٍ لغياب الكتاب؛ فبصرهم سيُشغل كشغل آذانهم. وسيزداد فهمهم القصة نتيجة هذا الأسلوب الأدبي الذي ينمي من لديه موهبة أدبية، ويعطي الآخرين فهما للاختبارات.