الدنيا المفقودة!
=========
كما أن قارة الأمريكتين هى "الدنيا الجديدة" فإن للبشرية "دنيا مفقودة" . فالإنسان إنما كان آخر الكائنات الحية التى طرأت على كوكب الأرض . فقد سبقته بملايين السنين حيوانات وطيور وأسماك شرسة للغاية وعملاقة ، لها من القوة ما يكاد يعادل قوة القاطرات والشاحنات والبلدوزرات فى عالم اليوم . عاشت تلك الكائنات الضخمة فى عصرٍ كان ما زال فيه كوكب الأرض يمر بمراحل التكون النهائى . ونجد فى القرآن الكريم "ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام وما مسنا من لغوب" ونفهم من هذه الآية أن خلق السموات والأرض لم يكن بالأمر اليسير بمفهوم العقل البشرى . بل تطلّب انصهارا وتذويبا ودمجا للمعادن والغازات وتبريدا يستغرق آلاف السنين..إلخ..إلخ . ومع كل هذه العمليات الفيزيائية والكيميائية الكونية المعقدة والتى تتطلب حسابات فلكية دقيقة فإن الخالق لم يُصب بأى إعياءٍ أو نصب . ومن حكمة البارئ ورحمته على الإنسان أن الإنسان لم يظهر على الأرض فى تلك المراحل المضطربة التى عاشت فيها تلك الكائنات العملاقة . فالأرض لم تكن قد استوت بعد ، وكانت ما تزال تجتاحها الزلازل العظيمة والانفجارات البركانية الهائلة . وكل تلك الحوادث المدمرة لم تكن عبثا ، بل هى كانت ضرورية لتهيئة الأرض وتثبيت طبقاتها وتوزيع معادنها وسوائلها وغازاتها...وأنهارها وبحيراتها وسهولها وإرساء جبالها الشوامخ أن تميد بالبشر...ونجد كل ذلك فى الآية الكريمة: "وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواءً للسائلين ". أى تم توزيع ثروات الأرض ومعادنها ونفطها وغازها الطبيعي وتربتها المنتجة للمحاصيل وكل أرزاقها المخبوءة فى البر والبحر لكل البشر من عهد آدم إلى أن تقوم الساعة !