لنا رياحين الهوا مدينةٌ=نستنشق القباب فيها والثرَى
عاصمةٌ من مهدِها ولم تزل=إن أقبل الدَّهرُ لها أو أدبرَا
حاضرةٌ قد أبهرت زمانها=وأشرقت لعهدنا فانبهرَا
حسناء مالت ترتوي لنهرها=قبلها منتشيا واستكثرَا
شعت تباشير الهوى في أهلها=فعانقوا النخل وضمُّوا الأنهرا
بغداد يا حبيبة غازلها=ثملٌ وزاهدٌ و كثرٌ في الورى
ينتسب العلم لها هوية=مذ ولدَ الحرف و رَصَ الأسطرا
وترفعُ البنيانَ عن سكونِها=جدرانها تحنو وتدنو المعشَرا
وطيرها اصطفَّ على أكتافها=ليعتلي سلطانها المُعَمَرا
ويسهرُ التاريخُ في قصورِها=ويشربُ الخمر على أن يسهرَا
إن تخْفِها الغيوم عن لذّاتنا=ثرنا الى رجائها أن تمطرا
تزورها الشمس على ميعادِها=تسومها الود لتخلي القمرا
لها الرياحُ و الأغاني والندى=أصداؤها إن سكتت لن تذكرا
بغداد حبي ما حيت بصيرتي=عذراءُ أمصارٍ ومرجٍ وقرى
ما يصنع الوسنانُ في أحيائِك=يرى صبا أنثى وطيفًا أشقرا
سأنشدُ الأشعارَ فيكِ مغرما =ما أنشدَ العصفورُ غصنًا أخضرا