غياب موضوع الميزان الصرفي يمثل خللا منهجيا وعلميا في الصف الثاني الإعدادي
(1)
تدرس مسائل النحو والصرف معا من دون فصل في مراحل تعليم ما قبل الجامعي، وعندما نستعرض مباحث النحو نجدها غير مترابطة ترابط بعض مباحث الصرف.
كيف؟
إن النحو يتكون من المقدمات الثلاثة، ثم المرفوعات، ثم المنصوبات، ثم المجروات، ثم التوابع، ثم الأساليب. وهكذا نجدها موضوعات منفصلة لا يضر التقديم فيها والتأخير.
أما الصرف فلا.
كيف؟
إن الصرف يقوم على الميزان الصرفي والإعلال والإبدال.
هذا المبحثان هما أساس الصرف؛ لأنك تجدهما في كل مسائله؛ مما يجعلك تتصور أن بقية مسائل الصرف تطبيقات لهذين المبحثين.
وهذا ما لم ينتبه إليه مؤلفو كتاب اللغة العربية للصف الثاني الإعدادي للفصل الدراسي الآخر.
كيف؟
عندما نستعرض موضوعات ما أسموه "تدريبات لغوية" وهو ما يضم النحو والصرف معا نجد موضوعات الوحدة الثالثة والرابعة المخصص لها شهر إبريل تنحصر في موضوعين هما: المجرد والمزيد من الأفعال، والكشف في المعجم.
وهذان هما المبحثان الصرفيان الموجودان في الفصل الدراسي الثاني، بل في هذا العام الدراسي كله؛ فإن موضوعات هذا العام هي: الإعراب والبناء، والعطف، والنعت، والحال غير المفردة، وتمييز العدد، وتمييز كم بنوعيها.
هذه هي موضوعات هذا العام بفصليه معا.
فكيف يختار المؤلفون موضوع المجرد والمزيد وموضوع الكشف في المعجم من دون وجود تمهيد يتمثل في موضوع "الميزان الصرفي"؟
قد يقول قائل: يمكن أن يُعطى ذلك مقدمةً من دون تخصيص موضوع له.
وجواب ذلك القائل يسير: إن موضوع الميزان الصرفي ليس من السهولة حتى يكون جزءا من حصة، بل لا بد أن يكون موضوعا يستقل بحصة أو حصتين.
فكيف ترك المؤلفون ذلك؟ هل وجدوه شيئا فلسفيا، فقالوا: نشتغل بالتطبيق ونهمل أساسه الذي يؤدي إليه؟
لا أدري، لكنني أدري أن ترك الأساس المُفْهِم خطأ في العلم؛ لأن ترتيب كتب الصرف يبدأ بالميزان الصرفي، وخطأ منهجي؛ لأن هذا الموضوع هو مفتاح الموضوعين الصرفيين المختارين للصف الثاني؛ فإن مَنْ يفهم الميزان الصرفي
ويستوعبه يستطيع وزن الكلمة من مجرد رؤيتها وتحديد الأصل والزيادة التي هي موضوع المجرد والمزيد، ويستطيع تحديد مادة الكشف في المعجم أيضا.
(2)
فما الميزان الصرفي؟
إنه حروف ثلاثة اختارها العلماء موزعة على مجرى الجهاز النطقي لوزن الكلمات؛ فلكل أهل مهنة موازين ومعايير، وميزان الكلمة عند الصرفيين هو الميزان الصرفي المكون من " ف ع ل"؛ فما يناظرها من الكلمة يكون الأصل، وما عداها يكون المزيد.
لماذا كانت ثلاثة؟
لأن أكثر أبنية العرب ثلاثية. ولماذا كانت أكثر أبنية العرب ثلاثية؟
يقول ابن جني في المنصف: "فإن قال قائل: فلم كانت الثلاثية أكثر أبنية العرب- فالجواب إنما كثر تصريف ذوات
الثلاثة في كلامهم؛ لأنها أعدل الأصول، وهي أقل ما يكون عليه الكلم المتمكنة: حرف يبدا به، وحرف يحشى به، وحرف يوقف عليه".
فإن كانت الأصول أربعة، وهذه تكون في الأسماء والأفعال- فماذا نفعل؟ نكرر اللام، فيكون الميزان "فَ عْ لَ لَ".
فإن كانت الأصول خمسة، وهذه لا تكون إلا في الأسماء- فماذا نفعل؟ نكرر اللام مرتين، فيكون الميزان "ف ع ل ل ل" وتدغم اللامان الأوليان فيصير الميزان "فعلَّل".
وما صور الزيادة؟ للزيادة صورتان هما: تكرير حرف من الأصول، أو وجود حرف من حروف الزيادة المجموعة في "سألتمونيها" في الميزان.
(3)
ولنا أن نسأل: ما أهمية هذا الموضوع؟
يقول الشيخ خالد الأزهري صاحب في كتابه "شرح التصريح على التوضيح": وفائدة الوزن بيان أحوال أبنية الكلم في ثمانية أمور: الحركات والسكنات، والأصول والزوائد، والتقديم والتأخير، والحذف وعدمه".
ويقول ابن عصفور في "الممتع": فإن قيل: وما الفائدة في وزن الكلمة بالفعل- فالجواب أن المراد بذلك الإعلام بمعرفة الزائد من الأصلي على طريق الاختصار؛ ألا ترى أنك إذا وزنت "أحمد" بـ"أفعل" أغنى ذلك عن قولك: الهمزة من "أحمد" زائدة وسائر حروفه أصول، وكان أخصر منه؟
(4)
وعلى ذلك فإن واجب المعلمين أن يشرحوا "الميزان الصرفي" وإن لم تخصص نشرة المقرر الواردة من الوزارة زمنا له.
كان ومازال الميزان الصرفي درساً قائماً في مناهج الدراسة المتوسطة والثانوية في العراق....عندما يتم قراءته يشعر القارئ في متعة اللغة العربية وتنوع معارفها وجذورها السليمة ويتضح له مدارك أخرى مفيدة لعل أهم مافيها هو أن اللغة لها موسيقى وميزان وأسس وهذا بحد ذاته مفخرة لنا في لغتنا الجميلة ..
ولكن يبقى هذا الموضوع يحتاج لجداول ثابتة موحدة ومبسطة
بوركت دكتورنا العزيو
على ما بذلت من جهد في محلة
وإشاراتك قيمة الجميع بحاجة اليها
وكتابة للموضوع هنا ذو فائدة عامة
أنصح الجميع الوقوف هنا للفائدة
تحياتي وتقدير