القارىء و الكاتب : من يقرأ لمن؟
توقفت بعد قراءة المقال عند النقاط التالية :
ان نشوب الصراع بين الكاتب والقارئ هو رهينة لانعدام عنصرالإجماع
الغائب في كل تقييم انساني التفاعل الذي تنتجه العلاقة المبنية على
الفائدة المتبادلة بينهم وهي التي تتحكم في نوعية الخطاب إذا كان
سيؤسس للإنسجام والتوافق وهذا غالبا مايكون صعبا ،
وخاصة اذا لم يستطيع الكاتب ايصال الفكرة المراد ايصالها للمتلقي ،
واتجهت الى مسار آخرحينها على الكاتب البحث على السبل الكفيلة
لايصال مايريد، وهي في نفس الوقت رغم صعوبتها لكنها ممكنة إذا
حاول الكاتب ان يعرض فكرته التي يريد ايصالها للمتلقي من خلال
نظرته للنص بعين القارئ وليس ان يكتب لنفسه فقط ،لأنه إن لم يرتكز
على ذلك لن يحقق ما يرده من كتاباته إلا إذا كان هو الكاتب...
والمتلقي... والناقد...
وإذا انتبه الكاتب لما يقوم به بعد ما ينتهي من الكتابة لاي نص يطرح
فيها فكرة معينة،يكون مقتنعا بها،لكنه عندما يقرؤها بعين القارئ
سرعان ما يبدأ بتغير بعض الجمل او حذف بعضها او حتى تغير بعض
الكلمات بأخرى لتسهل على القارئ فهم الفكرة الاساسية في النص
التي هي ثابتة للكاتب لم تتغير لمجرد تغيرها على المتصفح او الورق
صحيح ان الكاتب احيانا يكون اول ناقد لنصه ولكن متى ؟؟
هذا رهينة الفكرة التي يطرحها لأن ما يؤمن به الكاتب و مقتنع به
ليس بالضرورة ما يؤمن به القارئ ويمثل قناعاته ،ورأي ان الكاتب
لا يستطيع ان يكون ناقد محايدا ،ربما يكون نقده محصورا في حدود
معينة لا تكفي لاعتباره انه حيادي تام وخاصة في القضايا الاستراتيجية
التي لا تتحمل طرحها من خلال نظرة القارئ مثلا ، بل نجد الكاتب
يطرح فكرته ويصر على رايه . وحتى لو قرأ نصه مئات المرات
سيحافظ على كل مافيه لان الافكار التي في النص نابعة عن قناعاته
(فكيف سيكون ناقداً محايداً) ،
لذلك الانسجام بين الكاتب والقارئ مرتهن بين الطرفين فإما ان يخلق
حوارناجح او لا حينها تظهروتتضح فعالية المتلقي ومدى وضوح الفكرة
التي طرحها الكاتب و الثوابت التي يتقيد بها الكاتب عموما و ( دون
اي املاءات) ، بل تفرضها الخصوصية الثقافية لكل مجتمع ،
وبما ان المتلقي هو من المجتمع يجب على الكاتب مراعاة في
كتاباته حركة البيئة الثقافية دائما وهي متغيرة ، مع احتفاظه لحق
الاختلاف واستخدام بعض الجرأة في طرح الافكار حين تكون
ضرورية ولكن على ان لا تكون هدفا وسلوكا بحد ذاتها ،
فعلا إن (الثوابت لا تختلف عن المبادىء) وهي مد وجزر تخضع
للتسيس وان محاولات التغير نحو الافضل ترتكز على عوامل ثقافية
ومعرفية ، بعيدة عن اي احتكاك مع السلطة ، ودون التراجع عن طرح
الافكار التي يرددها الكاتب ،والوصول الى هدفه الذي يريده
ولعل الامثلة التي اوردتها من التاريخ الادبي العالمي وسلطت عليها
الضوء كانت فعلا نقطة انطلاق لقراءات عميقة من الواقع ومهدت
لما حدث في ما بعد، ومقارنتها بالكتابات العربية حقيقة لا بد من
إظهار ضعفها فقد تقوقعت في قالب معين ومحدود فابتعدت عن اي
انجاز يذكر ،بل ارتكزت عموما على المعاناة العاطفية التي تتلاشى
امام التطور العلمي والتكنولوجي
دكتور موضوع قيم ومفيد جدا ..فالكتّاب في رأي هما نوعان:
فمنهم من اتخذ الكتابة مهنة , ومنهم من يمارسها هواية . إلا أن
كلا النوعين يسعيان لنيل رضى القارىء.
والقارىء يسعى وراء الكتاب الجيد و المفيد , لذلك نجده يتنقل بين
المكتبات بحثاً عن ما يرضي ذوقه, فهو لا يقبل أن يدفع نقوده ثمناً
لبضاعة مزجاة حتى ولو كان الكاتب مشهورا فالقارئ بذلك يحدد
بوصلة الكاتب لذلك نجد يشعر بالسعادة عندما ينْفذ كتابه في السوق
ليس لمردوده المادي فحسب بل لانه يعتبر ذلك مؤشر على نجاح كتابه
ويكون ذلك بعد وقت يكون طويلا نسبيا وربما يصل الى سنوات ،
والآن بعد الانفجار المعرفي وطغيان التكنولوجية في عالمنا ، تماشى
الكاتب مع ذلك فأصبحت الكتابة متيسرة للجميع وتضاعف عدد
الكتاب كثيرا واصبح الكاتب ينشر على المواقع الالكترونية ،مما
ساهم أيضا بمضاعفة عدد القراء دون ان يتكلف الطرفين،واستطاع
الكاتب ان يعرف مدى نجاحه من خلال عدد القراء ومن خلال التعليقات
المؤيدة لفكرته وطرحه وهنالك طبعا ما يعارض او ينتقد وكل هذافي
وقت قصير نسبيا
لذلك السؤال الذي سيبقى مطروحا: من يصنع الآخر في وقتنا الحالي ؟؟
الكاتب ام القارئ ؟؟ وماهو المقايس التي علينا أن نتبعها للوصول
للنتيجة المثلى ؟
مقال يطرح إشكالية مهمة وواقعية بطريقة عملية ونظرة بعيدة وفق
الكاتب من خلالها لإيصالها إلينا ..
لكن سأترك هذه الفقرة لك كي توضحها لنا أكثر :
يبدو لي أن المنحى الوجودي الانعزالي الذي تخلى عنه الغرب منذ أكثر
من قرنين من الزمان ينفجر تدريجيا في المشهد الأدبي العربي - المشرق
تحديدا - ، و هذه علامة عجز فارقة مع تقديري واحترامي
مودتي المخلصة
سفــانة