د. محمود طافش الشقيرات- ينشأ عن التربية الاجتماعية للطفل بعض العادات والتقاليد والمعتقدات الخطأ التي قد يترتب عليها بعض المشكلات الشخصية أو السلوكية؛ مثل ضعف الثقة بالنفس والخوف والقلق والتردد والنزوع إلى العدوان، والتي قد تؤثر سلبا على مستقبله وعلى المجتمع، لذلك ينصح علماء النفس بضرورة إعادة برمجة الدماغ فيما بات يعرف اليوم بالهندسة النفسية لتخليص نفس الإنسان من هذه المثبطات التي تحول بينه وبين قدرته على تحقيق أهدافه. فما المقصود بالهندسة النفسية ؟ وكيف السبيل لتوظيفها في تخليص الفرد من معاناته وزيادة تعلمه؟ الهندسة النفسية أو البرمجة اللغوية العصبية ( Neuro Linguistic Programming) كما يعرفها الدكتور سليم الكهالي : تقنية حديثة تهدف إلى إعادة برمجة العقل البشري بطريقة إيجابية، ومحاولة التخلص من البرمجة السلبية التي اكتسبها الإنسان في مراحل حياته المختلفة من خلال التنشئة الاجتماعية والعادات والتقاليد، بالإضافة إلى التفكير الذاتي السلبي.
تتطلب إعادة برمجة الذات أخذ حزمة من الأمور بعين الاعتبار ؛ مثل :
أ - عقد النية على إحداث التغيير الإيجابي بحزم؛ كأن يصمم الفرد على ترك عادة التدخين وعدم العودة إليه.
ب - العمل بدأب على تنفيذ الأعمال المحمودة، وعلى التحلي بالأخلاق السامية التي يتطلع إليها.
وتتم هذه العملية وفق الخطوات الآتية :
- التحدث مع الذات بصوت مسموع ؛ كأن يقول الفرد لنفسه : أنا مخطئ بعمل كذا..ومن الآن وصاعدا سألزم نفسي بعمل كذا..
-مراقبة كل ما يصدر عنه من أقوال أو أفعال، وتمحيصها قبل النطق بها، أو ممارستها.
- إعادة برمجة العقل الباطن ؛ بأن يغرس فيه حالة يحب أن يكون عليها ؛ كأن يقول الفرد لنفسه : أنا قادر على فعل كذا.. بدل أن يقول : لا أستطيع.
ويحدد إبراهيم الفقي خمسة شروط لنجاح عملية برمجة الذات هي :
1 - يجب أن تكون الرسالة واضحة.
2 - يجب أن تكون إيجابية مثل : أنا أستطيع الامتناع عن...
3 - يجب أن تدل على الوقت الحاضر ؛ كأن يقول الفرد لنفسه : أنا قوي.
4 - يجب أن يصاحب الرسالة الإحساس القوي بمضمونها لكي يقبلها العقل الباطن ويبرمجها.
5 - يجب أن تكرر الرسالة عدة مرات إلى أن تبرمج تماما.
فإذا تمت عملية برمجة الذات بنجاح فإنها ستساعد الفرد على :
1- التخلص من سلبياته المتمثلة في العادات الفاسدة والتقاليد البالية، والمعتقدات الخطأ وغير ذلك، وإحلال ممارسات إيجابية عوضا عنها ؛ وفي هذا المعنى يقول أحد علماء النفس : إننا نستطيع في كل لحظة أن نغير ماضينا ومستقبلنا، وذلك من خلال إعادة برمجة حاضرنا.
2- تحديد أهدافه بوضوح، والوصول إلى تحقيق هذه الأهداف بدرجة عالية من الجودة.
3- تقويم شخصيته ؛ بحيث يصبح واثقا بنفسه وبقدراته، منظما لوقته، وعازما على تحقيق الجودة الشاملة في كل ما يقوم به من أعمال، ومؤهلا للابتكار والإبداع، وقوي الإرادة عند اتخاذ القرار.
4- تنمي ثقة الفرد بنفسه.
5- تساعده في حل مشكلاته.
6- تحرره من المشاعر السلبية كالخوف القلق وغير ذلك.
7- تساعده على التخفيف من الآلام الجسدية.
8- تمكنه من التحكم بكمية الطعام الذي يتناوله.
9- تتيح له الفرصة ليحيا حياته سعيدا.
أما عن فوائدها في مجال التربية والتعليم ؛ فإن الهندسة النفسية تبحث في أفضل الإستراتيجيات التي من شأنها أن تساعد المتعلم على:
-سرعة التعلم والتذكر.
- تحليل الكلمات والجمل.
- إثارة القابلية للتعلم وللمذاكرة.
- زيادة فاعلية الوسائل المعينة والتقنيات التربوية.
- زيادة القدرة على توليد الأفكار.
- تنمية القدرة على الابتكار والإبداع.
- إحداث التغيير المرغوب في السلوك وفي طرائق التفكير من خلال مساعدة الفرد على التخلي عن العادات المذمومة وكافة أنماط التفكير الخرافي، وإحلال عادات محمود مكانها.
- كما أنها تعمل على تحسين أداء المعلمين والإداريين والمشرفين التربويين، مما يكون له الأثر الكبير في تحسين مخرجات العملية التعليمية التربوية.
ونظرا لكل هذه الفوائد الجليلة ؛ فإن الهندسة النفسية يجب أن تشمل جميع الجوانب المكونة لشخصية الفرد ؛ لإحداث تغيير مرغوب في سلوكه، وفي طرائق تفكيره.و لتنقيتها مما قد يشوبها من مفاسد وانحرافات سلوكية أثناء عمليات التنشئة الاجتماعية.