نشأت ليلى منذ صغرها مع ابن عمها توبة بن الحمير. والمشهور عنها أنها عشقت توبة وعشقها. وكان يوصف بالشجاعة ومكارم الأخلاق والفصاحة. وكان اللقاء عند الكبر عندما كانت ليلى من النساء اللواتي ينتظرن الغزاة، وكان توبة مع الغزاة فرأى ليلى وافتتن بها. وهكذا توطدت علاقة حب عذري. ولكن رفض والد ليلى كان عائقاً في زواجهما.
كانت ليلى على علاقة وثيقة بالحجاج بن يوسف وبالأمويين عامة . ويذكر ذات يوم أنها دخلت على الحجاج، فاستؤذن لليلى فقال الحجاج من ليلى ؟ قيل الأخيلية صاحبة توبة . فقال: ادخلوها. فدخلت امرأة طويلة دعجاء العينين، حسنة المشية، حسنة الثغر. وعند دخولها سلمت فرد عليها الحجاج ورحب بها. وبعد جلوسها سألها عن سبب مجيئها فقالت للسلام على الأمير والقضاء لحقه والتعرض لمعروفه. ثم قال لها وكيف خلفت قومك؟ قالت تركتهم في حال خصب وأمن ودعة. أما الخصب ففي الأموال والكلأ، وأما الأمن فقد أمنه الله عز وجل، وأما الدعة فقد خامرهم من خوفك ما أصلح بينهم. ثم قالت: ألا أنشدك؟ فقال: إذا شئت، فقالت:
أحــجاج لا يفـلل سلاحك إنما المنـايا بكـف الله حيث تراها
إذا هبـط الحجاج أرضاً مريضة تتبـع أقصـى دائـها فشفـاها
شفاها من الداء العضال الذي بها غـلام إذا هـز القنـا سقـاها
سقاها دمــاء المارقين وعلـها إذا جمحت يوماً وخفيـف أذاها
إذا سمـع الحجـاج صوت كتيبة أعـد لها قبـل النـزول قراها
بعد انتهائها قال الحجاج: لله ما أشعرها. وأمر لها بخمسمائة درهم، وخمسة أثواب وخمسة جِمال. وبعد مسيرها أقبل الحجاج على مجلسه وقال: أتدرون من هذه؟ قالوا:لا والله ما رأينا امرأة أفصح وأبلغ ولا أحسن إنشاداً . قال: هذه ليلى صاحبة توبة. ولم يكن الحجاج يظهر بشاشته ولا سماحته في الخلق إلا في اليوم الذي دخلت عليه ليلى الأخيلية.
إن أغلب القدماء أشادوا بأن ليلى الأخيلية شاعرة فاقت أكثر الفحول من الشعراء، وشهدوا لها بالفصاحة والإبداع. ومن الذين أعجبوا بشعرها الفرزدق حتى أنه فضل ليلى على نفسه، وأبو نواس الذي حفظ العديد من قصائدها، وأبو تمام الذي ضرب بشعرها المثل، وأبو العلاء المعري الذي وصف شعرها بأنه حسن ظاهره.
تتسم العطفة في شعرها بالهدوء والاستسلام للقدر على شيء من التفلسف والتأمل في الوجود. ويتبين من شعرها تأثير البيئة الأموية التي عادت فيها العصبيات القبلية إلى الظهور، وتفاخر الشعراء بقبائلهم كقول الأخيلية:
نحن الأخايل لا يزال غلامنا حتى يدب على العصا، مشهوراً
تبـكي الرماح إذا فقدن أكفنا جزعاً، وتعرفنا الرفاق بحـوراً
ويلاحظ التأنق اللفظي في شعر الأخيلية. وهذا التأنق يأتي بعيداً عن التكلف والتعقيد. ومن أساليب التأنق اللفظي يلاحظ في شعرها الطباق، وهناك غموض خفيف وبساطة قريبة من عالم الشعر والخيال. ومن سمات شعر الأخيلية التكرار اللفظي. وهذا التكرار مستحسن لدى الأخيلية وغايته تأكيد المعنى والإكثار من الألفاظ المتشابهة.