ما معنى "كن فيكون"!
===========
لا يختلف اثنان فى مقدرة الله تعالى المطلقة فى إيجاد الشيئ فورا وفى لمح البصر . و(الشيئ) هنا يُقصد به شيئٌ مادى محسوس أو معنوى أو حادثٍ يحدث..إلخ . والله قادرٌ على أن يُوجد الشيئ على مهلٍ أو يوجده على التو فهنالك أمور ليس من الحكمة إحداثها على الفور إذ يستدعى إيجادها تأنيا وتريثا وتدرجا وتحققا حتى تكتمل على الوجه المطلوب وفى الصورة المثلى ، وذلك لمصلحة الشيئ نفسه ولمصلحة من سيستخدمه وينتفع به . كم استغرق خلق السموات والأرض؟ استغرق ستة أيام . ستة أيام من أيام الله . قد تكون ستة ألف سنة وقد تكون ستة مليون سنة أو حتى ستة بليون سنة . المهم فى الأمر أنه كان فى (الإمكان) إيجاد الكون فى لحظة ولكن ذلك لم يكن من (الحكمة) . اقتضت الحكمة حدوث أحداث خطيرة وعظيمة سبقت وصول السموات والأرض إلى صورتها النهائية التى نراها عليها . تكوّن النجوم والشموس والأقمار والمجرات ومدّها واتساعها بحيث يبعد بعضها السنين الضوئية عن بعض وضبط دورانها والجاذبية بينها . ومن الأيام الستة هنالك يومان استغرقهما بناء الأرض . إذن خلق الأرض استغرق ثلث زمن خلق الكون كله . ذلك لأن الأرض سيكون كوكبا حيا وليس مجرد صخور ومعادن يدور فى الفضاء . تأمل فى إعداد الأرض لتكون مهادا وفراشا ومسرحا لحياة بلايين الكائنات الحية من نباتٍ وحيوان . توفير الماء والغابات والأنهار والمحيطات وإرساء الجبال والتلال..إلخ وتكوّن الغازات التى ستملأ فضاء الأرض وتهيئة طبقة الأوزون التى ستحمى الأرض من أشعة الشمس الضارة..وتهيئة أمورٍ ضرورية لا حصر لها من تسخينٍ وتذويبٍ وصهرٍ وتبريدٍ حتى تتهيأ الأرض جيولوجيا للحياة؟ ثم إن الخالق هو صاحب الزمان والمكان والمتفرد ، ماذا يضيره لو استغرق يوما أو سنة أو مليون سنة فى خلق شيئ . هل سيسبقه أحد؟ هل سينفد زمنه؟ هو الأول فليس قبله شيئ وهو الآخر فليس بعده شيئ . أيهما أفضل للإنسان أن تلده أمه بعد شهرٍ من حمله أم خيرٌ له أن يمكث فى رحم أمه تسعة أشهر يتطور خلقا من بعد خلق ويمر بابتلاءاتٍ تقوّى بدنه وسمعه وبصره وتحمله لما سيلاقيه من مشقات الحياة؟
..وإلى حلقةٍ قادمة إن شاء الله
هو الخالق المدبر المصور..هو الله لااله الا هو..
ياأخي عقولنا محدوده لايمكنها ادراك شيء من الخلق والخالق فهذا أكبر من أن ندركه لكن الحمد لله أننا آمنا بالله وقدرته..
سلمت ودام مدادك
الحلقة الثانية
ويا قيس أمامنا أمثلة حية لـ"كن فيكون" الفورية لأن الضرورة اقتضت حدوثها في الحال . عندما كاد فرعون وجنوده يدركون موسى وأتباعه واعترض طريقهم البحر . والضرورة تقتضى عبور موسى ومن معه البحر في الحال . لا زمن هناك لإحضار مراكب . لا زمن لإنشاء جسر فوق اليم . "كن فيكون" الفورية ظهرت هنا بضرب موسى البحر بعصاه فانفلق كل فرق كالطود العظيم . ومثال آخر عندما طلب سيدنا سليمان عرش بلقيس من اليمن وهو في فلسطين وأراد من يحضره له فورا . حتى في عصرنا الحاضر ، عصر الطائرات النفاثة والصواريخ ، يستحيل ذلك . ولكن كان لا بد من "كن فيكون" الفورية فكان عرش بلقيس بلحمه وعظمه مستقرا عنده .
تبقى الحكمة مبهمة بالنسبة لنا في تعجيل أو تأجيل الخلق
ربما أيضا خلق السماوات والأرض في ستة أيام ليعلّم الإنسان الصبر والرويّة
(وكان الإنسان عجولا)
مطلب جميل يستحق التأمل
دمت رائعا كاتبنا المفكر سر الختم ميرغني
كلّ البيلسان