يا إخواننا لا تقيسوا عالم "الدار الآخرة" بمقاييس الدنيا . من يفعل ذلك يكون قد ارتكب خطأً كبيرا . إن الدنيا مبنية على أساس الزمن . أى أنها محكومة بالزمن . بمعنى أن الزمن يمضى بلا توقف ويغير الحال الذى عليه أى شيئ . صحيح أن بعض الكائنات يمضى عليها زمنٌ طويل جدا لتتغير . ولكن ذلك لا يغير القاعدة العامة وهى أن كل كائن فى الدنيا عرضة لإحداث الزمن تغييرا عليه . ولنفهم ذلك أكثر فقط ننظر إلى بعض النجوم ليلا ونسمع من علماء الفلك بأنها ليس لها وجود . لقد انتهى عمرها منذ أمدٍ بعيد ونحن فى انتظار غيابها عن نظرنا فى وقتٍ لاحق . إذن يا خواننا حتى النجوم لها أعمار . ونحن ، البشر ، نحكم على الأحداث بطول الزمن الذى نعيشه فى هذه الدنيا . وأوضح مثال على تغير الأشياء وعدم دوام حالها لحظةً واحدة هو مرور اليوم . فالشمس تشرق فى الصباح ولا يزال موضعها فى السماء يتغير حتى تغرب وهى لا تزال تتغير حتى تشرق مرة أخرى . فإذا مر يومٌ فذلك يعنى اقتراب كل كائن من الفناء بمقدار يوم . الملك فى قصره والفقير فى كوخه . يصور لنا أحد الفلاسفة حركة التغير التى تطرأ علينا قائلا " إذا خاض الإنسان نهرا فهو يخطو فى النهر خطوة خطوة وفى كل خطوة لا هو ولا النهر على نفس الحال كما كانا فى الخطوة السابقة " .
إن ما يجعل أكثر الناس لا يؤمنون بالدار الآخرة هو اعتقادهم بأنه لا نظام فى الكون غير نظام الزمن الدنيوى . والآية القرآنية تقول "سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى ينبين لهم أنه الحق.. " . ومع تقدم التلسكوبات والأجهزة العلمية والمركبات الفضائية بدأ يتضح بأن نظام الزمن الذى نحس به هو قانونٌ للمجموعة الشمسية فقط . ماذا يعنى ذلك ؟ يعنى أنه نظامٌ خاصٌ بمجموعتنا الشمسية فقط ولا علاقة للمجرات الخارجية به . ومما يدل على ذلك أنه لا يُعقل من الناحية العملية أن تفوق سرعة كائنٍ ما سرعة الضوء . وقد رأى العلماء بأن هذه الحقيقة العلمية تنطبق فى المجموعة الشمسية . ولكنها غير سارية فى المجرات الخارجية البعيدة عنا . ومن هنا نفهم أن زمننا الدنيوى ما هو إلا زمنٌ وُضع خصيصا للدنيا لضبط مجريات الأحداث فيها لتسير على نمطٍ معين . وأن هنالك أزمانا أخرى فى الأكوان الخارجية لا نعلم أطوالها ولا ماهيتها ولا أسرارها .. ولا أى شيئٍ عنها .
هو الله القدير المقتدر يسيّر الكون فتستقيم الحياة للكائنات فيها فسبحانه تعالى ....
نحمده ونشكره ....فله وحده الملك والبقاء ...
شكرا لهذه المعطيات القيّمة التي كلّما توغلنا فيها تيقنا من قدرة الخالق وعظمته...
وأن هنالك أزمانا أخرى فى الأكوان الخارجية لا نعلم أطوالها ولا ماهيتها ولا أسرارها .. ولا أى شيئٍ عنها .
صدقت أيها القدير.. لكن هناك سؤال يدور في ذهني دائما
هل ستنكشف أمامنا هذه الأسرار بعد الموت
أم سيبقى علمها غيبيا غامضا حتى بعد مغادرتنا الحياة الدنيا
مطلب جميل جدا وجدير بالتفكّر
كلّ الشكر والبيلسان