نبذة عن العقــــــاد
============
لقد قال ابن رشيق عن المتنبى شاعر العربية العظيم إنه رجلٌ (ملأ الدنيا وشغل الناس) . وما نحسب في إطلاق هذا القول اليوم على العقاد غلوا ولا تزيدا ، لا في مجال الشعر العربى بالذات ، ولكن فى كل مجال له اتصال بقضايا الفكرالإنسانى .
فالعقاد فى تاريخ هذه الأمة "معلمة" عربية ضافية ، لم ينقطع يوما فى حياته الزاخرة عن اعمال ذهنه تطلعا إلى المعرفة ، وتأملا فى رحاب الكون وتقصيا لأسرار النفس . وحياة الذهن عند العقاد متعددة الجوانب: فهو شاعر وناقد وصحفى وقاص ، وهو كاتب سياسى ، ومترجم سير ، ومؤرخ مذاهب ، وناظر فى الجمال .
وليس من قصدنا ولا يقع فى طاقتنا أن نلم بسيرة هذا العبقرى ، ولا أن نقف عند أثره الضخم فى هذه المجالات كلها فتلك مهمةٌ ليست باليسيرة . وإنما قصدنا هنا أن نتناول أبرز جوانبه عندنا : الشعر والفلسفة .
شاعرٌ وفيلسوف
ولقد كان العقاد يرى فى المتنبى شاعرا من شعراء العرب العظام ، لأنه استوفى مزايا الشاعر العظيم : "فقد جمع فى نفسه قدرة فائقة نادرة على رسم صورة كاملة للطبيعة وإنشاء مذهب خاص فى الحياة" . وإذا جاز لنا اليوم أن نطبق على العقاد المقياس الذى وضعه هو للشاعر العظيم قلنا : إن فقيدنا الكبير كان شاعرا فيلسوفا . "كان شاعرا تتجلى فى شعره صورة كاملة للطبيعة بجمالها وجلالها وعلانيتها وأسرارها وكان فيلسوفا يستخلص من مجموعة كلامه فلسفة للحياة ومذهب فى حقائقها وفروضها ، أيا كان هذا المذهب ، وأيا كانت الغاية الملحوظة فيه " .