ياحادي العيس
في الليلِ هُمْ أنجُمٌ كانوا و قد أفلوا
يا حاديَ العِيسِ، هَلْ بانَتْ لهمْ سُبُلُ ؟
...
بَيْنَ الأشقـّاءِ قدْ تاهَتْ قوافلـُنا،
ما عادَ في الدارِ ليْ مأوىً فما العَمَلُ ؟
...
بينَ الدويلاتِ دَعْني أقتفي أثرًا
يا حاديَ العيس، هل يومًا لهم أصِلُ ؟
...
يا حاديَ العيس، إنَّ الوجْدَ يُتعِبُني
مُذ غادرَ الأهلُ مِنْ بغدادَ و ارتحلوا
...
نشتاقُهُمْ ؛ و الجَوَى يُضني مواجِعَنا
بالله قُلْ ليْ، فهَلْ في وصْلِهم أمَلُ ؟
...
يا حاديَ العيس، لا عينٌ لنا غَمَضَتْ
مُذ فارقونا، و قد ضاقتْ بِنا الحِيَلُ
...
يا حاديَ العيس، هلْ يومًا بنا شُغفوا ؟
هلْ مثلنا منْ جَوَىً دمْعًا لنا هَمَلوا ؟
...
أوصِلْ سلامي و خبِّرْ أهلَنا خبرًا
أرفِقْ بهمْ، قلْ لهُمْ عَمَّنْ هُنا قـُتِلوا
...
مثل الأسُوْدِ الضواري بالوغى زأروا
فآستشهدوا يومَ ما هانوا و ما هزلوا
...
يا ساريَ الليل، مَهْلاً ؛ كيْ أودِّعَهُم
ما عادَ في العَينِ ليْ دمْعٌ و لا هَطلُ
...
كانتْ لنا في ربوع العزِّ منقبَة ٌ
ما عادَ في الدار ليْ أهْلٌ و لا إبِلُ
...
تلكَ البيوتُ التي كانوا بها نُزُلاً
كانتْ صروحًا؛ همى بعدَ النوى الطللُ
...
أحدّثُ النفسَ عن صبري و أسألُها
هلْ مثلَ صَبريْ بزَهْوٍ يصبرُ الجمَلُ ؟
...
يا حاديَ العيس، بلـّغْ مَنْ بهِمْ وَلـَه ٌ
بالصَّبْر ندعو لهم، للهِ نبتهلُ
...
قلْ للغوالي إذا ما صابَهُم شجَنٌ
إنّا على العَهْدِ؛ ما خُنّا, و نمْتثلُ
...
عهدًا عليَّ إذا عادَ الأحبَّةُ ليْ
بالجَمْر -لو شاءَ ليْ أهْلي- سأكتحِلُ
...