تكدَّس الكثير منِّي مذ رحلتِ هناكَ، في أماكنَ بتُّ من سُخريتي أطلق عليها الأقباءَ!!!
أقباء عزلة..أقباء غربة.. أقباء رحلة مضنية لمَّا ينتهي ضناها إلا بك.
في تلك الأقباءِ المتعرجة التواءً ارتابت له نفسي! تخيلي..
عرَّش عوسجٌ جدرانها، حتى تماهت أغصانهُ الغضةُ أشجار ترقبٍ بريبة لا متناهية الارتياب.!
إيه...
على كل حال، لن أغرَق فيَّ هكذا من أولى رسائلي بعد غياب أطلتهُ بصلافة شعوري قاصداً متعمِّداً،
لأدعكِ -وكما عادتك- تسحبيني من إحداثيات ذاتي إهراقاً حارَّ الانسيابِ والأسلوب..
مع علمي، أنني سأخسر جولات كبتي وصمتي كلها أمامَ عينيكِ الملائكيتين!
عدا أنني.. إن ناديتُ باسمكِ بيني وبيني تكوَّرَ التوقُ بين روحي وقلبي، كإعصارٍ عصف بآلامهِ المبرِّحةِ كيانَ آدميَّتي عالمهم هذا!
إذ لطالما نظروني بعينٍ مشدوهةِ المرائي.. وما علموا أنكِ في الضميرِ تقبعين ، وفي جدران الشرايين حُفرَ نبضكِ حياةً تعتريني...
الى لقاء؟
سأنتظركَ إذن تحت ظلال ذكرياتنا ، وبين ركام ماتراكم من أوراقنا وكلماتنا المبعثرة
لم يكن بيدي حين ارتدتْ كلماتي برقعَ الخجل ، فقد عودتني القبيلة أنّ البوح هو إسفار عن مفاتني لكن بطريقة أخرى
لم يكن بيدي حين سكنتُ ال (أقباء) ، فقد علمتني سماء البلاد أن أمطار الدّم قابلة للهطول في كل لحظة
لم يكن بيدي الرّحيل فهو موشومٌ على خطوط كفّي
أستاذ البير رسالتك مدهشة استفزت مني الكلمات فألف وفقك الله
تحية لك
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
لماذا تتراءي كل حينٍ أمام مخيِّلتي الممسوسةِ بشبحكِ المَهيب؟!
ألا.. إن كنتِ آثرتِ إرهاقَ قلبي بتتبُّعِ إيحاءاتكِ عبر المدى البعيدِ،
فاستوصي بخفقاتهِ خيراً.. وأريحيها وهلةً من شجنٍ أرعنَ مخيفٍ أحاطَها في بُعدك!
أستعبدتِ الأفقَ كيما تؤطري رؤايَ إن جالت فيهِ بحثاً عن انفراجةٍ لا تحويكِ بوسعِها؟!
أم أركزتِ في بؤرة الأثير تماوُجاً سرى بإرهاصاتي نحو مكمنكِ القابعِ ماوراء المسافاتِ
المضنيةِ السحيقة!؟
..
يا لله.. وللكتابة..
أمقتُها حين تصطدم بجدرانٍ صلدةٍ تفصل عوالم الكائناتِ، دون نفاذيةٍ تُذكرُ!
إلا من جانبٍ يتيمٍ يقتلهُ الواقعُ مراراً ومرارا..
أكرهها كلما حاصرني إصرارها نعيَ حروفي على ورقٍ أمردَ خلا من أصداءٍ ترتجى،
إلا ما تناثر من أضغاثِ همساتٍ مبعثرةٍ، تلملمها ظنوني على شفةِ أملٍ واهٍ مقيت..!
..
في غمرِ هذا الرحيلِ نحو شواردِ المحالِ.. نحو أنوارِ أطيافكِ الليلكيةِ..
نحو هباءِ منايَ في ارتطام أثقالِ همومي بحنا صدركِ الدافىء بارقةً من أملٍ زائف!
أكتب.. بلى.. أكتب فقط!
أبني مزيداً من سراديبِ المعنى والتفافاتِ المبنى، وألهياتُ وحيكِ العاتي تؤزُّني..
هذي وريقاتُكِ أنتِ، وعليها أضعني بين خيارين ولا ثالث لهما:
إما أن أصمت إلى أبد الآبدين، وحتى ماوراء لقائنا المزعومِ في مرايا نفسي..
أو أن أهرق تيك النفسَ كل حين على أوهامِ تشبثي بشبحك المهيب.. وهذا ما أراني أفعله
مسلوب الإرادة.. مأسور المَلكاتِ.. متشرِّدَ المضامين..
الى لقاء؟
سأنتظركَ إذن تحت ظلال ذكرياتنا ، وبين ركام ماتراكم من أوراقنا وكلماتنا المبعثرة
لم يكن بيدي حين ارتدتْ كلماتي برقعَ الخجل ، فقد عودتني القبيلة أنّ البوح هو إسفار عن مفاتني لكن بطريقة أخرى
لم يكن بيدي حين سكنتُ ال (أقباء) ، فقد علمتني سماء البلاد أن أمطار الدّم قابلة للهطول في كل لحظة
لم يكن بيدي الرّحيل فهو موشومٌ على خطوط كفّي
أستاذ البير رسالتك مدهشة استفزت مني الكلمات فألف وفقك الله
تحية لك
********************
**
*
" إيه...
يا تُرى.. عندما تقبعُ رؤانا أبعد من حدود المجرةِ إيذاناً برحيلٍ آزف حينه،
هل نتمسكُ بوجودنا أهدابَ الأفقِ وهلةً، تُرتشفُ خلالها ملامُحنا مِن قِبل مَن نحب؟
أم أنَّ ماء الرحيلِ الأزرقِ أرخى في مآقينا عُمْهاً شزرت عبرهُ بصيرتُنا مساراتِ المشاعرِ..
فما عدنا نلمحُ تلوُّعهم حالَ اقتفائنا سدرةَ الغيابِ مسيرةَ السماواتِ والأرضين؟؟!
..
لماذا نخطُّ الحرف إذن، ملتاعاً ممسوساً مأفونَ الالتواء مُشرعَ المجُونِ
محفوفاً بآلاف عِللِ الثُّكلِ والألم..
ألا .. لو دفنَّاهُ مقابر الأعماقِ .. وكتبنا على شاهدة رمسهِ :
هنا يقبع حرفُ الشعور الشهيدُ ملحمةَ الذكرى، كان زاهياً ذاتَ مكانٍ في رؤى الأحبةِ المغادرين.
أليس هذا أفضل وأولى وأحلى وأجدر!!؟
ضُمِّي هذه السطورَ إلى رسالتي الواهية ما قبل الأخيرة..
تلك وصيتي إن ما اقترفتُ نعمة السكونِ إبانَ الصمتِ المحيطِ بجنوني حال اقترافي كتابة هذي الرسائل..
البحث هنا.. عن كلمة تليق بهذا المهرجان العاطفي
يشبه كثيرا البحث عن إبرة في أكوام القش
وجدت هنا أشواقا تقفز من مكان لمكان ومن حديث لحديث
وتذيّل كل كلمة بأمل منتهي الصلاحية
ترى هل تحنّ الأقدار على رغبات الرعيّة يوما
وما الحياة الدنيا كي تنصفنا..؟
ألهمتني كلاما كثيرا رائعا لا يقوى على الخروج
في طرح.. بلغ أسمى غايات الروعة والجمال
سأتابع... إن كان في الذهول بقيّة
البحث هنا.. عن كلمة تليق بهذا المهرجان العاطفي
يشبه كثيرا البحث عن إبرة في أكوام القش
وجدت هنا أشواقا تقفز من مكان لمكان ومن حديث لحديث
وتذيّل كل كلمة بأمل منتهي الصلاحية
ترى هل تحنّ الأقدار على رغبات الرعيّة يوما
وما الحياة الدنيا كي تنصفنا..؟
ألهمتني كلاما كثيرا رائعا لا يقوى على الخروج
في طرح.. بلغ أسمى غايات الروعة والجمال
سأتابع... إن كان في الذهول بقيّة
**************************
**
*
لماذا.. وكيف.. ومتى.. وإلامَ سأبقى مصلوبَ المعاني على خشبةِ أفولِ المُنى أروقةَ الأملِ!؟
أعطني سبباً من هناك، من أرضكِ الغنية بخصبِ القريرةِ أتعلَّقُ بحنايا عطفهِ على واقعي اللئيمِ دونكْ...
لن أسهب بالحديث عن طاقاتِ الأضاليا التي ضممتُها هديةً أخفيتها عنكِ ..
أخفيتها!!؟.. اه.. يا لسخريتي الحميمةِ التي بتُّ أتغنَّجُ بمكوثِها ملامح وجهي.. كلما مرَّ بي بعدكْ.
كلما التأمت جراحُ شعوري، فنكأها حنيني إليكِ بأشواكِ الحقيقة المرَّةِ تنهشُ تلفانَ صبري..
فأسكِتُ أنينهُ بابتسامة صفراء قاحلة!
..
بالحديثِ عن كلماتٍ أخشى أن تصلك.. ألا تجرحك بمهولِ وقعها المؤلم؛
كؤوس الأضاليا باتت هشيماً ذرته رياحُ الوقت الراكد.. الراكد ما بيني وبين وصولي مرافئكِ الخصبة بأسباب وجودي!
وعلى هذا، نصبت لك في وجداني صنماً من لقاء،
عبدَتْهُ غطرستي وتمرُّدي وتعالِي ذاتي أحزان الفقدِ بإخلاصٍ عظيم!
وتقرَّبتْ جلالَهُ أضغاثُ صلواتِ خفقي وهذيانُ مشاعري عالمكِ الجميل..
الجميل.. في كل شيء إلا في كينونة الجمال بحد ذاته..!
إذ ما فائدة الجمال إن لم تصبغ قزحيَّتُهُ رماديَّةَ رؤانا ومعتقداتنا؟
و...
الليلُ ألقاكِ على شفيرِ حروفي ياسمينةً بلديةً هواها دمشقيُّ النسماتِ
وعطرها.. ممسوسٌ بعبقِ الذكرياتِ المتوثِّبةِ أفكاري أبدا..!
يا مغناجة.. ما تريدينِ هذه الأمسية؟!
تراهنين على إرهاقِ خيالي فضاءاتِ الانغماس أغواركِ البعيدةِ،
فيخيِّمُ ظلُّكِ على مرائي انطباعكِ في داخلي..!
المهم، أنكِ لن تدعيني أخلد لقريرةٍ ما دون حضوركِ محفلَ توهُّمي لها..
يا لك من مشاكسة..
..
ألا من خاتمةٍ تمُنِّينَ على أحاسيسي اقتفاءَ راحَتِها، مرةً في هذا العمرِ عَبركْ؟!
ولكن؛ هل كنت أقبل هذه الراحة ..تُراني؟!
هل كنت ماجنَ الأحاسيسِ على مدى عمري إزاء كل ما تعلَّقَ بك وحيه!؟
أم أنني أحتالُ عليَّ دائماً.. أدَّعي تعبي وإرهاقي.. وكلِّي ميتٌ لولا شبحكِ الذي يتملَّكني؟!...
..
تعالي.. ابقي هنا ما بين روحي ونفسي، وتلفَّعي خفقات قلبي
انهمري في خلايا دمي.. وارصفي جدران شراييني بهفيف كيانكِ..
تعالي .. إنني أحياكِ وُجودا، وماكان قالبي البشري إلا مرحلة مؤقتة،
فصلتني الأقدار بها عنك.. !
ألا.. لو لم يخلق الله نعمة الخيالِ.. ما كان مصيري في هذه الدنيا دونك؟؟!
تعالي وارقئي انعزاليَّتي عوالمَ الموجوداتِ بعالمكِ المحلق آفاق السماوات..
ولا تأبهي ما اعتراني من تشوُّهاتٍ دنيويةٍ وكزت شعوري كل حين..
فالياسمينُ لا يتعطَّرُ بأريجهِ الدمشقيِّ الأثيرِ إلا كرماكِ...