هل يوجد مياه على سطح القمر؟

حينما نمعن النظر بعيوننا المجردة إلى القمر نرى مناطق داكنة وأخرى فاتحة وهي مناطق تبدو أوضح بالمنظار . وربما يحيك خيالنا عليها صوراً، فقد نتخيل وجها لشخص أو حيواناً أو شيئاً ما . لكن ، ما كل هذه إلا خيالات حبكتها مخيلاتنا ، وسببها تفاوت درجات اللون على سطح القمر فقد تخيل الأقدمون مع قلة أدواتهم الرصدية وبساطتها ، المناطق الداكنة كما لو كانت مسطحات مائية: بحاراً ومحيطات بل وبحيرات ، واتخذوا لها أسماء ، فهذا بحر الشدائد وذاك بحر الأمطار وهناك خليج قزح وذلك أكبرها محيط العواصف . في الواقع إن أصل هذه الأسماء يوناني وهي تدل على حالات الطقس والجو . واستمرتداول هذه التسميات حتى بعد أن اختراع التلسكوب والوصول للقمر لندرك أن هذه المناطق على القمر لا ماء عليها ، ومع ذلك فقد احتفظنا بالتسميات.
ولكن ما سبب اختلاف درجات اللون على سطح قمرنا – هذا الجرم الخامد؟ في الحقيقة منذ أن تكوّن القمر تعرّض ويتعرض لضربات نيزكية ، كما أنه في الأزمنة الغابرة ( قبل حوالى 4 مليارات من السنين) كان القمر يتعرض لضربات نيزكية أكثر وأقوى ، وكوّنت هذه الضربات فوهات على سطح القمر. ونتيجة الضربات النيزكية الكثيرة تدفقت حمم بركانية من جوف القمر مما أدى الى غمر المساحات المنخفضة فأصبحت داكنة ومستوية، وهي ما أطلق عليه (البحار القمرية). ثم مع مرور الزمن قلت الاصطدامات النيزكية. أما المرتفعات القمرية ذات التضاريس الأكثر ، فهي ذات لون أفتح.
ولكن ألا يوجد مياه على سطح القمر ؟
الواقع أن قمرنا جرم صخري فيه جبال ووديان وفوهات صدمية ، كما يوجد عليه مسطحات ملساء نسبيا مليئة بالمادة البركانية المتجمدة التي اندفعت من جوف القمر منذ أزمنة غابرة وتسمى هذه المسطحات الملساء البحار القمرية لكنها لا تحتوي على مياه ؛ فهل يعني هذا عدم وجود مياه نهائيا على سطح القمر ؟ الفوهات الصدمية على القمر كونتها النيازك والمذنبات التي كان يعج بها نظامنا الشمسي في الفترات الأولى من تكوينه ، وهذه المذنبات ما هي إلا كتل ضخمة من الجليد والأتربة والمعادن، منها ما صدم القمر فزودته بكميات قليلة من الماء.
إذن ،فقد كان هنالك ماء على القمر في وقت ما وبسبب أشعة الشمس التي تصل سطح القمر تبخر الماء وأفلت من جاذبية القمر الضعيفة .
فهل يعني هذا أن كل الجليد الذي أتت به المذنبات لسطح القمر قد اختفى بسبب أشعة الشمس؟
هل تصل أشعة الشمس إلى جميع أجزاء القمر ؟
إن القمر الذي يدور حول نفسه كل 27 يوماً ونصف اليوم يعرض جميع جهاته لأشعة الشمس ، ولكن إذا عرفنا أن محور دوران القمر حول نفسه يميل بزاوية مقدارها درجة ونصف عن الوضع العمودي ، فإننا نستنتج أن الفوهات الصدمية العميقة والتي تقع على قطبي القمر لا تصل أشعة الشمس إلى قيعانها فتبقى في ظل دائم . لذا فالمذنبات التي انتهى بها المطاف في إحدى الفوهات العميقة على أحد قطبي القمر، استقر الجليد المكوّن لها في قاع هذه الفوهات وبقي على حاله إلى أيامنا الحالية . إذن نعم هنالك ماء على شكل جليد على سطح القمر بالشروط التي ذكرناها.
وقد قامت مركبة كلمنتين التي أطلقتها وكالة ناسا بتصوير القطب الجنوبي للقمر وأظهرت الصور أن هناك حوالي 14000 كم مربع من سطح القمر في حالة ظل دائم وبينت دراسات متخصصة وجود جليد على سطح القمر وقد قدرت مساحة هذا الجليد بكيلومتر مكعب واحد. أما آخر التجارب فقد كشفت مؤخراً بالفعل عن هذا الجليد والذي تدفّق ماءً بفعل التفجير الذي تم إحداثه عن طريق المركبة الفضائية التي أرسلتها ناسا لهذا الغرض.
م.سامر أحمد الدربي
الجمعية الفلكية الأردنية