شرح ابن عقيل ألفية ابن مالك بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد
إن شرح ابن عقيل شرح رزقه الله تعالى قبولا واسعا وانتشارا باقيا لما تميز به، ولأهمية الألفية وأهمية الشرح أنشئ هذه النافذة التي تعنى بهما معا داعيا الله تعالى أن ينفع بها.
وسيقتصر جهدي على العناوين التي تبرز المعلومة موضوع الفقرة.
في انتظار الإخوة والأخوات!
رد: شرح ابن عقيل ألفية ابن مالك بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد
الكلام وما يتألف منه
كلامنا لفظ مفيد كاستقم ... واسم وفعل ثم حرف الكلم (1)
واحده كلمة والقول عم ... وكلمة بها كلام قد يؤم (2)
الكلام
الكلام المصطلح عليه عند النحاة عبارة عن اللفظ المفيد فائدة يحسن السكوت عليها؛ فاللفظ جنس يشمل الكلام والكلمة والكَلِم، ويشمل المهمل كـ "ديز"، والمستعمل كـ "عمرو". ومفيد أخرج المهمل. و"فائدة يحسن السكوت" عليها أخرج الكلمة، وبعض الكلم وهو ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر ولم يحسن السكوت عليه، نحو "إن قام زيد".
ولا يتركب الكلام إلا من اسمين نحو "زيد قائم"، أو من فعل واسم كـ" قام زيد"، وكقول المصنف: "استقم"؛ فإنه كلام مركب من فعل أمر وفاعل مستتر والتقدير استقم أنت، فاستغنى بالمثال عن أن يقول: "فائدة يحسن السكوت عليها"، فكأنه قال: "الكلام: هو اللفظ المفيد فائدة كفائدة استقم".
وإنما قال المصنف: كلامنا- ليعلم أن التعريف إنما هو للكلام في اصطلاح النحويين لا في اصطلاح اللغويين، وهو في اللغة اسم لكل ما يتكلم به مفيدا كان أو غير مفيد.
الكَلِم والكلمة
والكلم: اسم جنس واحده كلمة، وهي إما اسم وإما فعل وإما حرف؛ لأنها إن دلت على معنى في نفسها غير مقترنة بزمان فهي الاسم، وإن اقترنت بزمان فهي الفعل، وإن لم تدل على معنى في نفسها بل في غيرها فهي الحرف. والكلم: ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر كقولك: إن قام زيد. والكلمة: هي اللفظ الموضوع لمعنى مفرد، فقولنا: الموضوع لمعنى- أخرج المهمل كـ"ديز". وقولنا: مفرد- أخرج الكلام فإنه موضوع لمعنى غير مفرد.
القول
ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى أن القول يعم الجميع، والمراد أنه يقع على الكلام أنه قول، ويقع أيضا على الكلم والكلمة أنه قول، وزعم بعضهم أن الأصل استعماله في المفرد.
الكلمة=الكلام
ثم ذكر المصنف أن الكلمة قد يقصد بها الكلام كقولهم: لا إله إلا الله كلمة الإخلاص.
اجتماع الكلام والكَلِم
وقد يجتمع الكلام والكلم في الصدق، وقد ينفرد أحدهما فمثال اجتماعهما "قد قام زيد"؛ فإنه كلام لإفادته معنى يحسن السكوت عليه، وكَلِم؛ لأنه مركب من ثلاث كلمات. ومثال انفراد الكَلِم "إن قام زيد"، ومثال انفراد الكلام "زيد قائم".
رد: شرح ابن عقيل ألفية ابن مالك بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد
بالجر والتنوين والندا وأل ... ومسند للاسم تمييز حصل (3)
ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا البيت علامات الاسم.
فمنها الجر: وهو يشمل الجر بالحرف والإضافة والتبعية نحو "مررت بغلام زيد الفاضل" فالغلام مجرور بالحرف، وزيد مجرور بالإضافة، والفاضل مجرور بالتبعية. وهو أشمل من قول غيره: بحرف الجر؛ لأن هذا لا يتناول الجر بالإضافة ولا الجر بالتبعية.
ومنها التنوين: وهو على أربعة أقسام:
تنوين التمكين: وهو اللاحق للأسماء المعربة كزيد ورجل إلا جمع المؤنث السالم نحو مسلمات وإلا نحو جوار وغواش وسيأتي حكمهما.
وتنوين التنكير: وهو اللاحق للأسماء المبنية فرقا بين معرفتها ونكرتها نحو مررت بسيبويه وبسيبويه آخر.
وتنوين المقابلة وهو اللاحق لجمع المؤنث السالم نحو مسلمات فإنه في مقابلة النون في جمع المذكر السالم كمسلمين.
وتنوين العوض وهو على ثلاثة أقسام:
عوض عن جملة: وهو الذي يلحق "إذ" عوضا عن جملة تكون بعدها كقوله تعالى: {وأنْتُمْ حِينَئذٍ تَنْظُرُونَ} أي حين إذ بلغت الروح الحلقوم فحذف بلغت الروح الحلقوم وأتى بالتنوين عوضا عنه
وقسم يكون عوضا عن اسم وهو اللاحق لـ"كل" عوضا عما تضاف إليه نحو "كل قائم" أي كل إنسان قائم، فحذف إنسان وأتى بالتنوين عوضا عنه.
وقسم يكون عوضا عن حرف: وهو اللاحق لجوار وغواش ونحوهما رفعا وجرا نحو "هؤلاء جوارٍ، ومررت بجوارٍ" فحذفت الياء وأتي بالتنوين عوضا عنها.
وتنوين الترنم: وهو الذي يلحق القوافي المطلقة بحرف علة كقوله:
1- أقلى اللوم عاذل والعتابَنْ ... وقولي إن أصبت لقد أصابَنْ
فجيءبالتنوين بدلا من الألف لأجل الترنم.
وكقوله:
2- أزف الترحل غير أن ركابنا ... لما تزل برحالنا وكأن قَدِنْ
والتنوين الغالي: وأثبته الأخفش، وهو الذي يلحق القوافي المقيدة كقوله:
3 - وقاتم الأعماق خاوي المخترقْنْ
وظاهر كلام المصنف أن التنوين كله من خواص الاسم، وليس كذلك بل الذي يختص به الاسم إنما هو تنوين التمكين والتنكير والمقابلة والعوض، وأما تنوين الترنم والغالي فيكونان في الاسم والفعل والحرف.
ومن خواص الاسم: النداء نحو يا زيد، والألف واللام نحو الرجل، والإسناد إليه نحو زيد قائم.
فمعنى البيت حصل للاسم تمييز عن الفعل والحرف بالجر والتنوين والنداء والألف واللام والإسناد إليه أي الإخبار عنه.
واستعمل المصنف أل مكان الألف واللام وقد وقع ذلك في عبارة بعض المتقدمين وهو الخليل واستعمل المصنف مسند مكان الإسناد له.